icon
التغطية الحية

مؤشرات على تصدّع الحلف الإيراني الروسي في سوريا

2019.01.22 | 11:01 دمشق

الرئيس الروسي مع نظيره الإيراني (إنترنت)
فراس فحام - تلفيزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

حملت الضربات الإسرائيلية في الواحد و العشرين من الشهر الحالي ضد مواقع "فيلق القدس" في دمشق وريفها مضامين ورسائل مختلفة عن سابقاتها، على اعتبار أنها جاءت بعد أيام فقط من انتهاء سلسلة لقاءات عقدها مسؤولون روس وإسرائيليون بهدف تنسيق العمليات العسكرية في سوريا.

 

ضربات إسرائيلية منسقة مع روسيا

في العاشر من شهر كانون الأول الفائت أعلن ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي "بينامين نتنياهو" عن إجراء محادثات وصفها بـ "الناجعة" مع الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين".

وأعلن الجيش الإسرائيلي بشكل رسمي في السابع عشر من الشهر الحالي ( كانون الثاني) عن توصل مسؤولين عسكريين إسرائيليين وروس إلى اتفاق يقضي بمواصلة تنسيق الأعمال العسكرية بسوريا، كما أشار الجيش إلى أن ذلك أتى بعد لقاءات تشاورية عديدة تتوجت بالوصول إلى هذا التفاهم.

وشن الطيران الإسرائيلي فجر يوم الإثنين الماضي غارات جوية موسعة طالت مواقع تابعة للحرس الثوري الإيراني في منطقة جبل المانع بالكسوة، ومحيط مطار دمشق الدولي والبحوث العلمية في جماريا، ومواقع للفرقة الرابعة المقربة من إيران في مطار المزة.

وشملت الغارات مستودعات أسلحة تابعة لـ "فيلق القدس" بالقرب من المطار الدولي، بالإضافة إلى معسكرات لتدريب القوات الإيرانية في الكسوة.

وأكد "جوناثان كورنيكوس" الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أنه جرى استخدام خط الاتصال الساخن مع موسكو خلال الغارات التي تم تنفيذها على المواقع الإيرانية.

وأضاف:" آلية منع وقوع الحوادث العرضية في سوريا يلتزم بها الطرفان الإسرائيلي والروسي، وهي قيد الاستخدام حالياً، وكانت مشغلة بشكل روتيني ليلة الغارات".

وسجلت منظومتا "S300" و "S400" الروسيتان للدفاع الجوي غيابا تاما عن المواجهة التي حصلت قبل يوم في الأجواء السورية، الأمر الذي يعني بطريقة أو بأخرى نأي روسي بالنفس عن الدفاع عن القوات الإيرانية طالما أن الهجمات الإسرائيلية لم تعرض القوات الروسية أو قواعدها للخطر.

 

تحركات روسية لتحجيم القوات الإيرانية

اندلعت غربي حماة مواجهات مسلحة الأسبوع الماضي بين "الفيلق الخامس" و "الفرقة الثامنة" ومجموعات محسوبة على "سهيل الحسن" وهي تشكيلات تتلقى أوامرها من روسيا من جهة، وميليشيات مرتبطة بالفرقة الرابعة المقربة من إيران من جهة أخرى.

وأكدت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا أن الاشتباكات تركزت في منطقة سهل الغاب وتحديداً: بلدة الحرة – بلدة الكريم – بلدة قبر فضة وبالقرب من مدينة السقيلبية، مشيرةً إلى أنها سلسلة ضمن المحاولات الروسية المستمرة لتقويض سيطرة الفرقة الرابعة قرب المعبر الواصل بين مناطق سيطرة الفصائل العسكرية وسيطرة قوات النظام السوري، والتي تكثفت بعد التوصل إلى اتفاق "سوتشي" بين روسيا وتركيا.

وفي نهاية شهر كانون الأول الفائت أعفت قاعدة "حميميم" الروسية اللواء "زيد الصالح" قائد الفيلق الخامس من منصبه، وأوفدته بصحبة مجموعات من الفيلق إلى محافظة دير الزور بمهمة خاصة من أجل مواجهة تمدد النفوذ الإيراني في شمال شرق سوريا، وذلك بعد أن أطلق حزب الله حملة تجنيد واسعة في ريف المحافظة نتج عنها ضم قرابة 800 شاب من أبناء العشائر مقابل رواتب تتراوح بين 150 و 300 دولار أميركي.

وأشرف "الصالح" المقرب من موسكو بنفسه على عملية توقيف بعض وجهاء العشائر المتعاونين مع إيران وأبرزهم: صبحي الزايد ونواف البشير، حيث ما تزال المعلومات متضاربة حول مصير الأخير وتتراوح بين فرض إقامة جبرية عليه، أو احتجازه بالفرع رقم 40 التابع لأمن الدولة في دمشق والذي يشرف عليه اللواء حافظ مخلوف أحد الضباط المرتبطين بروسيا.

ويعتبر "البشير" زعيم عشيرة البكارة بالمنطقة من أبرز الوجوه العشائرية المتحالفة مع إيران، وينسب لـ "لواء الباقر" الذي تموله جمعية "جهاد البناء" الإيرانية.

واتخذت روسيا أول خطوة فعلية تتعلق بإنشاء كيان جديد في درعا هدفه دعم "الفيلق الخامس" بمنع تمدد الميليشيات الإيرانية جنوب سوريا وبالأخص حزب الله.

وعلم موقع تلفزيون سوريا من مصادر أهلية بمحافظة درعا أن "جهاد أبو زريق" القائد العسكري السابق في جيش الثورة وصل قبل عدة أيام إلى المحافظة بتنسيق مع روسيا لتشكيل "كيان سني" مرتبط مباشرة بقاعدة حميميم.

وكان شهر تشرين الثاني شهد مفاوضات بين الأردن وموسكو في العاصمة عمان لإنشاء الكيان بهدف الوقوف بوجه تمدد حزب الله الذي وصل نفوذه إلى معبر نصيب، وعلى إثرها غادر القياديان "إياد القايد" قائد جيش الثورة السابق و "براء النابلسي" قائد فرقة المعتز بالله الأراضي التركية باتجاه الأردن للمشاركة في التشكيل الجديد.

وتمارس حالياً القوات الروسية ضغوطات كبيرة على فرع أمن الدولة في محافظة درعا بسبب تسهيله عمل "حزب الله" و "لواء الإمام الحسين" العراقي بالمنطقة وتحركاتهم لتجنيد الشبان و إلحاقهم بمعسكرات خاصة، حيث ترغب موسكو في تسليم الملف الأمني بالمنطقة بشكل كامل لفرع الأمن العسكري المقرب منها.

 

شركاء موسكو في السلم غير شركائها في الحرب

إن هدوء صوت المعارك في سوريا وانحسارها يعزز من فرص تصدعات التحالف الإيراني – الروسي، على اعتبار أن موسكو تحتاج إلى شركاء في السلم غير شركائها في الحرب.

فبالرغم من الدور الحاسم الذي لعبته الميليشيات الإيرانية في دعم عمليات روسيا العسكرية على الأرض منذ عام 2015، فهي قد تصبح عبئاً ثقيلاً على موسكو خلال فترة البحث عن تسويات وتفاهمات دولية متعلقة بسوريا، وأثناء محاولة الوفاء بتعهداتها أمام تل أبيب وأنقرة وحتى أميركا بما يتعلق بالالتزام في تحجيم النفوذ الإيراني.

وبالإضافة إلى عوامل التنافس على ثروات سوريا والتسابق على الوصول إلى شواطئ البحر المتوسط التي ظهر أثرها في محطات عديدة بين موسكو وطهران خلال الأعوام الماضية، فقد تشهد الفترات المقبلة انحيازاً أكبر من روسيا لصالح إسرائيل على حساب إيران، وذلك لأن موسكو مهتمة ومنفتحة على التفاهم والتعاون مع تل أبيب أمنياً وإقتصادياً في منطقة الحوض الشرقي للبحر المتوسط التي تحتوي ثروة نفطية وغازية هائلة، ولتل أبيب بطبيعة الحال ثقل كبير وتأثير بارز فيها.

ويبدو أن روسيا لا تمانع أيضاً في إقصاء إيران وقطع طريقها البري إلى بيروت عن طريق البادية السورية، مقابل الحصول على ضوء أخضر أميركي في ملء فراغ محدد بمنطقة شرق الفرات في حال انسحاب واشنطن، وقد ظهر ذلك جلياً عندما دفعت موسكو بقوات من الفيلق الخامس وميليشيات سهيل الحسن إلى دير الزور عقب إعلان "ترامب" عن رغبته بالانسحاب من الأراضي السورية كرسالة تطمين مفادها أن روسيا قادرة على منع التمدد الإيراني في ظل الانسحاب الأميركي، الأمر الذي من شأنه أن يزعزع الثقة باستمرار بين موسكو وطهران حتى وإن تم احتواء التناقضات الحالية.