icon
التغطية الحية

لم تعد لدى بشار الأسد أية حلول للأزمة التي تعصف بسوريا

2020.06.22 | 22:04 دمشق

1591782979.jpg
تلفزيون سوريا - ترجمة وتحرير ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

قالت مجلة الإيكونوميست البريطانية في مقال لها حول الأزمات الأخيرة التي تعصف بنظام الأسد، إنه حتى من كانوا في السابق موالين انقلبوا على الديكتاتور، لكنه لن يرحل بسهولة.

فبالرغم من معاناتها طوال تسع سنوات من حرب أهلية قضى خلالها الآلاف، يمكن القول بأن سوريا عادت إلى النقطة التي بدأت منها بشكل أو بآخر، فقد أخذ متظاهرون في جنوب شرق البلاد يهتفون بشعارات مناهضة للنظام، تلك الشعارات ذاتها التي دفعت النظام نحو شن حرب على الشعب السوري ومنها: "الله سوريا حرية وبس"، وقد هتف هؤلاء بهذا الشعار الذي يضم هذا الثالوث بعدما أسقطوا منه اسم ديكتاتور سوريا بشار الأسد. وقد جهد مراسل يعمل لدى التلفزيون الرسمي -قام بتغطية مسيرة مضادة لذلك الحراك إلا أن قلة قليلة شاركت فيه- في إيجاد من يقبل بمدح الأسد من بين الواقفين، إذ ما يزال معظم السوريين يشتكون من الفقر والفساد والظلم على المستوى الاجتماعي، حيث يقول أحد الأساتذة المحاضرين في جامعة دمشق: "إن المظالم التي أشعلت فتيل الانتفاضة أصبحت اليوم أكثر وضوحاً ".

إذ بمساعدة إيران وروسيا، وعبر قصف وقتل الشعب بواسطة الغازات الكيماوية، كاد بشار أن ينتصر في تلك الحرب، إلا أن إدلب بقيت المعقل الأخير للمعارضة في سوريا، وأصبح النظام اليوم يواجه تحديات جديدة لم يستطع أن يحلها بالقوة، فقد تسبب انهيار العملة السورية في دفع المزيد من السوريين نحو الفقر، كما أن حزمة جديدة من العقوبات الأميركية لا بد أن تجعل الوضع أسوأ مما هو عليه. وهكذا ظهر معارضون حتى بين صفوف الأسد نفسه، بيد أن الأسد لم يقدم أي حل للأزمة الآخذة بالتردي.

فعندما ورث الأسد الرئاسة عن أبيه منذ عقدين من الزمان، كان معظم سكان سوريا من ذوي دخل متوسط، أما اليوم فقد أصبح أكثر من 80% من سكانها فقراء، ويعتقد بأن الناتج القومي الإجمالي خلال العام الماضي أصبح يعادل ثلث الناتج القومي الإجمالي قبل الحرب، ولا بد له أن ينخفض بحدة هذا العام، ويعزى أحد أسباب ذلك إلى حالة الإغلاق التي فرضت للحد من انتشار كوفيد-19، وكذلك إلى الوضع المتردي في الجارة لبنان، التي تعتبر أكبر سوق للعملات الأجنبية وأكبر مورد للدولار بالنسبة لسوريا، غير أن الأزمة المالية في لبنان دمرت وضع ذلك السوق، فقد أصبح الدولار عملة نادرة في كلا البلدين، كما هبطت قيمة العملة السورية لمستوى قياسي، فالدولار الذي كان يعادل 50 ليرة سورية تقريباً قبل الحرب، أصبح يعادل حوالي ثلاثة آلاف ليرة سورية في السوق السوداء اليوم، ولهذا عمد الثوار في إدلب مؤخراً إلى اعتماد الليرة التركية لتحل محل الليرة السورية في تلك المنطقة.

ثم إن قيمة رواتب الدولة هبطت إلى حد كبير، وترافق ذلك مع غلاء فاحش في الأسعار، والنتيجة برأي الأمم المتحدة هي زيادة في عدد الناس الذين لم يعودوا قادرين على تحمل نفقات شراء المواد الغذائية، إذ حتى أحد نجوم كرة القدم المحليين نشر صورة لنفسه في الشارع برفقة كل ممتلكاته. أما الصيدليات فقد نفدت منها الأدوية وذلك لعدم وجود ما يكفي من المال بين يدي المنتجين لدفع تكاليف استيراد المواد من الخارج. في حين سارعت المحال والمقاهي التي عادت لتفتح أبوابها بعد فترة الإغلاق إلى إغلاق أبوابها على الفور مجدداً لعدم وجود زبائن.

وفي سعيها لدعم مدخراتها من السيولة بالعملة الصعبة، زادت الحكومة الطين بلة، حيث أمرت المصارف بالكف عن منح القروض، وعطلت ماكينات سحب الأموال لديها، مع تحديد مبالغ السحب. وهكذا أصبح الناس ينتظرون على أبواب المصارف في طوابير على أمل استعادة أكبر قدر ممكن من مدخراتهم قبل أن تهبط العملة مجدداً.

وبما أن الأسد يفتقر إلى إجابة على التساؤلات حول ما يجري، تماماً كما يفتقر إلى السيولة النقدية، لذا بدأ بنهب مؤيديه الأثرياء، حيث أذعن له كثيرون منهم، باستثناء رامي مخلوف ابن خال الأسد، الذي يعتبر الرجل الأفحش ثراء في سوريا، والذي شرع في شهر أيار الماضي بنشر فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي أخذ يشتكي من خلالها من قمع النظام وقيامه بالحجز على أمواله، إلا أن الأسد قام مع مطلع هذا الشهر بالحجز على شركة سيريتل التي تعتبر أكبر مزود لخدمة شبكة الخليوي في البلاد، لينتزعها بذلك من يدي ابن خاله مخلوف.

وهكذا أدار من كانوا مؤيدين في السابق ظهرهم للنظام، إذ قامت مظاهرات ضمن أوساط الطائفة العلوية والتي ينحدر الأسد منها، وذلك في عموم المنطقة الساحلية بالبلاد. أما الدروز فقد نزلوا إلى الشوارع في السويداء، وحول ذلك يعلق الصحفي السوري إبراهيم حميدي بالقول: "مشكلة النظام تكمن في مواليه وليست في معارضيه". إلا أن العنف انتشر في مناطق مثل درعا التي بدأت منها الانتفاضة، والتي اعتقد الأسد أنه أخمدها.

يذكر أن الأسد قام في الحادي عشر من شهر حزيران الجاري بإقالة رئيس وزرائه عماد خميس، إذ أصبح الرئيس يعتمد حالياً على دائرة مصغرة من المقربين، إلا أن مشكلاته ما برحت تزداد وتتفاقم. ففي السابع عشر من شهر حزيران الجاري، قامت أميركا بتطبيق حزمة عقوبات جديدة وصارمة على سوريا، بموجب ما يعرف باسم قانون قيصر (الذي حمل اسم المصور العسكري السوري السابق الذي قام بتهريب صور من ماتوا تحت التعذيب من سوريا)، وتستهدف تلك العقوبات أي شخصية أو شركة أو مؤسسة سواء -أكانت سورية أو أجنبية- تمارس أي نشاط تجاري مع النظام أو تقوم بدعمه، أي أن الشبكة التي يرميها هذا القانون لتطوق الداعمين تمتد على نطاق واسع لذا من المتوقع أن يقوم هذا القانون بردع ومنع المستثمرين والشركات التي تأمل بالمشاركة في إعادة إعمار سوريا.

لا شك أن الأسد ضعيف، إلا أنه من غير المرجح أن يبرح مكانه، وبالرغم من أن شعبه قد استنزف وأنهك، إلا أن الملايين يعتمدون عليه في منح الإذن والسماح بتسليم المساعدات الغذائية التي تقدمها الأمم المتحدة. كما أن أربعة عقود من العقوبات قد علمت النظام كيف يتأقلم مع الضغوطات ويعيد توجيه الملامة والمسؤولية في ذلك إلى طرف آخر، وهكذا اتهم النظام الغرب بشن حرب اقتصادية على سوريا، بعدما فشل في إزاحة الأسد عبر تسليح الثوار. كما انتقد أميركا بشدة وذلك بسبب تسليمها لمنطقة سورية تحتوي على حقول نفط وتمثل السلة الغذائية للبلاد للكرد. ثم إن النظام عاد بسبب العقوبات إلى طرقات التهريب القديمة، التي يمر معظمها عبر لبنان، كما عمد إلى إنشاء طرق تهريب جديدة. والأهم من كل هذا أن روسيا وإيران تواصلان دعمهما للديكتاتور، لأن كلاً منهما ما يزال يأمل بأن يحصّل عوائد ما استثمره في تلك البلاد.

للإطلاع على المادة الأصلية من المصدر إضغط هنا