icon
التغطية الحية

لمنحهم "تأشيرات إنسانية".. السجن لمسؤول بلجيكي طلب رشى من سوريين

2022.07.20 | 13:53 دمشق

ميليكان كوكام
ميليكان كوكام
تلفزيون سوريا - أحمد محمود
+A
حجم الخط
-A

حكمت محكمة بلجيكية قبل أيام على مسؤول بلجيكي سابق بالسجن خمس سنوات والغرامة المالية بتهمة الفساد ومنح سوريين مسيحيين "تأشيرات إنسانية" مقابل مبالغ مالية ضخمة، وذلك بعد أكثر من عامين على فتح السلطات البلجيكية تحقيقاً حول حصول أحد عناصر النظام المتهمين بارتكاب "جرائم حرب" على إحدى تلك "التأشيرات الإنسانية" عبر "وسيط آخر".

وفي التفاصيل، حكمت محكمة استئناف مدينة أنتويرب على ميليكان كوكام (العضو السابق بحزب التحالف الفلمنكي الجديد)، عضو مجلس مدينة ميشلين، بالسجن خمس سنوات بتهمة "تهريب البشر" و"الفساد"، بحسب وسائل الإعلام البلجيكية التي ذكرت أنه سيتم تخفيض مدة عقوبة السجن ثلاث أعوام بعد أن كانت ثمانية أعوام بناء على حكم "المحكمة الابتدائية".

"تأشيرة إنسانية" مقابل المال

ووفقاً لصحيفة "نيوز بلاد" البلجيكية فإن كوكام وضع حين كان تحت سلطة وزير الدولة السابق للجوء والهجرة، ثيو فرانكين (حزب التحالف الفلمنكي الجديد)، قوائم باللاجئين المسيحيين من سوريا الذين كانوا مؤهلين للحصول على تأشيرة إنسانية، لكنهم دفعوا مبالغ ضخمة تصل إلى 10000 يورو لكل شخص مقابل ذلك.

وبدأ الحصول على التأشيرة الإنسانية في عام 2017 حين أعلن وزير الدولة لشؤون اللجوء والهجرة آنذاك ثيو فرانكين (الذي استقال لاحقاً) خلال الاحتفال بعيد الفصح للمجتمع الآشوري في ميكلين، أن أفراد الأسرة من سوريا يمكنهم القدوم إلى بلجيكا تحت غطاء تأشيرة إنسانية في إطار "لم الشمل" للاجئين السوريين في بلجيكا.

وكان الوزير البلجيكي قد عين زميله في الحزب مليكان كوكام كـ"مسؤول اتصال" داخل المجتمع الآشوري في مدينة ميكلين.

وكان كوكام يضع قوائم بالأشخاص المؤهلين للحصول على مثل هذه التأشيرة. 

وقال مكتب المدعي العام البلجيكي إنه ثبت أن كوكام أساء استغلال منصبه المؤثر في المجتمع الآشوري لفرض مبالغ باهظة على من أراد أن يكون في تلك القوائم.

وتتراوح المبالغ ما بين 2150 و10000 يورو، رغم أن إجراءات التقديم والكلفة الإدارية البالغة 350 يورو كانت "مجانية" تماماً.

وتوصل مليكان كوكام في النهاية إلى قائمة تضم 293 مرشحاً، من بينهم 246 حصلوا في النهاية على "تأشيرة إنسانية" من قبل إدارة الهجرة. 

ميليكان كوكام
ميليكان كوكام

عنصر من قوات النظام حصل على "تأشيرة إنسانية"

من بين هؤلاء الأشخاص البالغ عددهم 246 شخصاً، هناك حوالي 96 لم يتقدموا أبداً بطلبات لجوء في بلجيكا رغم أن هذا أحد شروط "التأشيرة الإنسانية".

وبحسب ما ذكرت وسائل إعلام بلجيكية، كانت تلك التأشيرة صالحة فقط داخل بلجيكا ولا تسمح للاجئين بالسفر إلى دول أوروبية أخرى لكن العديد من القادمين بتلك التأشيرات اختفوا من بلجيكا وقدم بعضهم لجوءا في دول أوروبية أخرى كهولندا وألمانيا.

وفي عام 2019، ذكرت صحيفة "آخر الأخبار" البلجيكية أن 1502 لاجئ من سوريا دخلوا بلجيكا بـ"تأشيرات إنسانية"، مشيرة إلى هناك تحقيق يجري حول أحد أولئك السوريين القادمين بتلك التأشيرة لأنه كان يتبع لنظام الأسد ومتهم بارتكاب "جرائم حرب" ونقلت الصحيفة عن مصادر قولها أنه لم يكن على قائمة كوكام بل كان على قائمة الكاهن السوري توماس ديبو حبابي.

"نفي" رغم تورط كل العائلة

وأكد مليكان كوكام في المحاكمة أنه "بريء" وأن مزاعم الادعاء "باطلة"، وقال "لم أحتل أبداً على أي شخص، ولم أأخذ نقوداً أو ابتز أحداً (..) كل ما يقال هنا مبني على الغيرة والحسابات السياسية (..) إنهم يصنعون فيلا من بعوضة".

ووفقاً للنيابة العامة البلجيكية، كانت عائلة كوكام بكاملها متورطة في الاحتيال، حيث كان الابن البالغ من العمر 23 عاماً وزوجته بيرسن ياراميس (41 عاماً) يعرفان جيداً ما كان يجري وكانا أيضاً مشاركين بشكل نشط في أعمال والدهما.

على سبيل المثال، كان الابن يقوم بترتيب الأمور الإدارية وتذكير العائلات أيضاً بالمدفوعات وعثر المحققون في خزنة زوجته بيرسن على سلاح وذخيرة بالإضافة إلى أكثر من 390 ألف يورو نقداً.

ادعى كوكام في وقت لاحق أنه حصل على ذلك المال من حفلات الأعراس داخل المجتمع الآشوري التي كان ينظمها.

وكانت النيابة العامة قد طالبت بالسجن عشر سنوات إضافة إلى غرامة 1.9 مليون يورو بحق مليكان كوكام. 

حكم "مخفف"

لكن الحُكم كان حكماً مخففاً مقارنة بالحكم الابتدائي الصادر في كانون الثاني من العام الماضي، وحصرت المحكمة جرائم تهريب الأشخاص في الأشخاص الستة الذين أمكن التعرف إليهم بهوياتهم الكاملة.

وتم تخفيض عقوبة السجن من ثماني سنوات إلى خمس سنوات، وانخفضت الغرامة بشكل كبير من نحو 700 ألف يورو إلى 48 ألف يورو.

وحكم على نجل كوكام بالسجن لمدة عامين وغرامة قدرها 48 ألف يورو، في حين حكم على زوجته بيرسن ياراميس بالسجن لمدة عامين وغرامة قدرها 32 ألف يورو.

 كما طالبت النيابة العامة بالقبض الفوري على كوكام لأن المدعي العام كان يرى أن هناك خطر العودة إلى الإجرام، ومع ذلك، لم يعتبر القاضي هذا الإجراء ضرورياً ورفض طلب النيابة العامة.

كما لن يسمح للرجل بممارسة حقوقه السياسية والمدنية لمدة 10 سنوات، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام بلجيكية. 

وتم منح غرامات "تهريب البشر" لضحايا كومام بتهم "الفساد السلبي" التي ستظل قائمة.  

وعلق كوكام على الحكم في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وكتب "من العدل أن تعترف بصفتك قاضياً، أنه لا يوجد 326 شخصاً، كما ادعى المدعي العام، بل تم تصنيف 6 أشخاص فقط كضحايا لتهريب البشر"، مشيراً إلى "أن الغرامة كانت 1.9 مليون يورو وتم تخفيضها لاحقاً إلى 700000 يورو والآن إلى 48000 يورو".

وأضاف "لماذا إذا 5 سنوات أخرى في السجن والمصادرة الكاملة لأموالنا (490 ألف يورو)؟ أين العدل والإنصاف؟".

وبدا محاميه والتر دامن راضياً إلى حد ما عن الحكم، وقال "لقد انتقلنا من 8 سنوات إلى 5 سنوات ومن 96 ادعاء بتهريب البشر إلى 6  (..) آمل ألا يُنظر إلى موكلي على أنه مهرّب البشر الذي يقوم بشكل منهجي ومنظم بإساءة معاملة الناس.. كنت آمل فقط أن يتم تأجيل جزء من العقوبة".

ووصل على مدار العشرة الأعوام من عمر الحرب في سوريا عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين إلى بلجيكا وحصل بعضهم على الجنسية في حين ينتظر البقية الحصول عليها.