انضم مجموعة من المتطوعين الغربيين الذين ينحدرون من جنسيات مختلفة؛ فرنسية، وإيطالية، وبريطانية، إلى "وحدات حماية الشعب"، وذلك إما تعاطفا مع أيديولوجية، أو للمشاركة في محاربة تنظيم "الدولة". وقد عبر هؤلاء المتطوعون عن رفضهم التام لمغادرة مدينة عفرين المحاصرة.
منذ سبعة أسابيع تقريبا، انطلقت عملية عفرين العسكرية بقيادة الجيش التركي المدعوم من فصائل المعارضة المسلحة. وقد تمكنت هذه القوات من محاصرة المنطقة من الشرق والغرب.
في المقابل، أعلنت "وحدات حماية الشعب" استعدادهم لخوض حرب طويلة الأمد في المناطق الحضرية، حيث تقاتل إلى جانبهم مجموعة صغيرة من المتطوعين الوافدين من دول غربية. وقد أعرب بعضهم عن عزمهم على البقاء في عفرين على الرغم من اشتداد الحصار. في هذا الصدد، أورد أحد المتطوعين البريطانيين في صفوف الوحدات الكردية، جيمي جانسون، أنه "بغض النظر عما قد يحدث، سأبقى هنا حتى النهاية مع زملائي الذين قرروا عدم التخلي عن أصدقائهم الأكراد". وقد التحق جانسون بقوات أكراد سوريا لقتال تنظيم الدولة، وشارك في مختلف المعارك دفاعا عن جيب عفرين الواقع شمال غرب البلاد.
وأضاف المتطوع البريطاني، قائلا: "كنت سأغادر سوريا بعد سقوط مدينة الرقة، ولكنني عدلت عن قراري فيما بعد وفضلت البقاء. ومع انطلاق الهجوم التركي، قررت مواصلة القتال. في الحقيقة، لا علاقة لهذه المعركة بالمواجهات التي خُضناها ضد تنظيم الدولة، نظرا لأننا متأخرون عسكريا مقارنة بتركيا، رغم قدرة الأكراد على المقاومة".
كانت "وحدات حماية الشعب" التي تدافع عن عفرين تشكل العنصر الأهم والأنجع في خضم الحرب ضد تنظيم "الدولة" غرب سوريا، في حين كانت تقاتل إلى جانب التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن. في المقابل، تعد مواجهة أنقرة مختلفة عن المعارك السابقة، إذ تعتبر تركيا قوة كبرى ضمن حلف شمال الأطلسي، فضلا عن أنها صنفت "حزب الاتحاد الديمقراطي" وحزب العمال الكردستاني، ضمن قائمة الجماعات الإرهابية. ولهذا السبب، لا يمكن "لوحدات حماية الشعب" جناح "PYD" العسكري في عفرين أن تعول على دعم شركائهم الغربيين.
في سياق متصل، أسس المتطوعون الأجانب الذين التحقوا بخطوط الدفاع عن عفرين، وحدة مندمجة تحت لواء القوات الكردية تحت مسمى "القوات المعادية للفاشية في عفرين". وقد رفض هؤلاء المتطوعون الكشف عن العدد الحقيقي للمقاتلين المنتمين إلى هذه الوحدة. وفي صفحتهم على موقع فيسبوك، قدّم عناصر القوات المعادية للفاشية في عفرين أنفسهم على أنهم "جماعة مسلحة تتألف من ثوار يساريين هدفهم الدفاع عن عفرين وشعبها ضد غزو الدولة التركية وحلفائها ".
وداخل المناطق الواقعة شمال البلاد التي يفرض الأكراد سيطرتهم عليها، تعمل "وحدات حماية الشعب" على تقديم نفسها كنموذج سياسي قائم على مبدأ الإدارة الذاتية، وتعزيز المساواة بين النساء والرجال، وترسيخ التعايش السلمي بين مختلف الطوائف العرقية والدينية.
في هذا الشأن، أوضح جيمي جانسون، أنه كان من بين المتطوعين الذين قرروا المكوث في سوريا بعد سقوط الرقة، والذين يصنفون على اعتبارهم مقاتلين متأثرين بأفكار الحركات الأوروبية.
في حقيقة الأمر، لقي العديد من المتطوعين الأجانب حتفهم منذ انطلاق العملية العسكرية التركية، إذ أعلن رسميا عن مقتل ثلاثة مقاتلين أجانب في ساحة المعركة. ولعل من أبرزهم الناشط الفرنسي في الأممية البروليتارية، أوليفيه لو كلانش، المعروف في ساحة الحرب باسم "كندال بريزيه"، الذي قتل في العاشر من شباط/ فبراير إثر ضربة جوية تركية. وقد قاتل أوليفيه لو كلانش على عدة جبهات خلال المعركة ضد تنظيم الدولة، كما انضم للمشروع السياسي لـ "وحدات حماية الشعب" وحلفائهم في سوريا.
ومن المثير للاهتمام أن ناشطين في اليسار التركي التحقوا أيضا بصفوف المتطوعين الدوليين المتمركزين في عفرين حاليا. وبالنسبة لهؤلاء المتطوعين الأتراك، يعكس موقفهم المناهض لمعركة عفرين مدى معارضتهم للحكومة التركية.
وفي هذا السياق، أفاد المتطوع التركي، ديفريم بوتان، أن "القوات الكردية عرضت علي حرية الاختيار، إما القتال ضد قوات بلادي (تركيا) أو الانسحاب. ولكنني وافقت على البقاء نظرا لأنه ومن وجهة نظري، يتشارك تنظيم الدولة وتركيا الأيديولوجية ذاتها".