icon
التغطية الحية

لماذا نشرت فرنسا قواتها العسكرية في الأراضي السورية؟

2018.05.02 | 22:05 دمشق

القوات الفرنسية في سوريا (وكالة الأناضول)
دويتشه فيرتشافتس ناخريشتن - ترجمة وتحرير موقع تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

أعلنت فرنسا بوضوح أنها تبني قاعدة عسكرية تابعة لها في سوريا. ويشير ذلك إلى أن التحالف الغربي لم يعد يرغب في توجيه ضربة للتحالف السوري الروسي.

وأكد موقع "ديبكا فايل" الاستخباراتي الإسرائيلي أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أعلن أن القوات الفرنسية الخاصة بصدد القيام بعملية عسكرية في شمال سوريا. وتؤكد بعض المصادر أن الفرنسيين نقلوا مجموعة من الطائرات والمروحيات الحربية إلى قاعدة عسكرية أمريكية في شمال سوريا، ومن المفترض أن تقوم هذه الطائرات والمروحيات بدوريات استطلاعية في المنطقة.

من الواضح أن هذا التحالف الغربي يرغب في الاستمرار في المشاركة في الحرب السورية، حيث بات هدف القوات الفرنسية واضحا، ألا وهو "دعم القوات الأمريكية الموجودة في سوريا". وأكد وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، أمام لجنة الشؤون العسكرية في الكونغرس الأمريكي أن الفرنسيين دعمونا خلال الأسبوعين الماضيين في سوريا بعد أن أرسلوا قواتهم الخاصة إلى هناك.

وبينما رفضت الحكومة الفرنسية الإفصاح عن هذه المعلومات، أكدها رئيس البنتاغون. يوم الثلاثاء الماضي، وقال ماكرون خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأمريكي، دونالد ترامب، في واشنطن: "لقد قررنا تعزيز وجودنا في التحالف". وبالفعل، كانت فرنسا إحدى أقوى الدول المشاركة في التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة".

وحسب ما أكدته وكالة "فرانس برس" للأنباء، يوجد نحو ألفي جندي أمريكي في شمال سوريا، لدعم مقاتلي وحدات حماية الشعب في عملياتهم العسكرية. وفي وقت لاحق، أكد ماتيس أن الولايات المتحدة ليس لديها نية للانسحاب من سوريا. عموما، شاركت فرنسا منذ البداية في التحالف الغربي لمحاربة تنظيم "الدولة" في سوريا والعراق، ولعبت القوات الفرنسية دورا بارزا في السيطرة على مدينة الموصل العراقية من بين براثن تنظيم "الدولة".

أماكن تواجد القوات الفرنسية وعددها

ذكرت وكالة "الأناضول" التركية أن القوات الفرنسية انتقلت قبل أيام من مدينة نينوى العراقية إلى محافظة الحسكة السورية، وقد تمركزت القوات في مدينة رميلان في محافظة الحسكة، التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب. علاوة على ذلك، توجد قاعدة عسكرية أمريكية في هذه المدينة. وفي الوقت الحالي، تتمركز القوات الفرنسية في خمسة قواعد عسكرية في شمال سوريا، تقع جميعها في مواقع تسيطر عليها وحدات حماية الشعب.

ويذكر أن هذه القواعد العسكرية تقع في مدن الرقة وعين عيسى وعين العرب وصرين وخراب عشق. وبحسب وكالة الأنباء التركية، فإن 70 بالمائة من القوات الفرنسية، التي جاءت ضمن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة، تتمركز حاليا في مصنع "لافارج" الفرنسي للإسمنت، الواقع في قرية خراب عشق في مدينة عين العرب (كوباني). ومن المرجح أن تنفذ هذه القوات عمليات عسكرية مشتركة مع وحدات حماية الشعب.

مؤخرا، تم دمج القاعدة العسكرية الفرنسية في مصنع لافارج للإسمنت والقاعدة الجوية الأمريكية في قرية خراب عشق. وتدار هذه القاعدة حاليا بواسطة مجموعة من العسكريين الأمريكيين، الذين يعملون تحت مظلة التحالف الدولي، في الوقت الذي يتمركز فيه عدد كبير من القوات الفرنسية هناك. في الأثناء، تتعاون نحو 30 قوة عسكرية فرنسية أخرى مع وحدات حماية الشعب في مدينة الرقة.

إلى جانب القوات الخاصة الفرنسية، يوجد كذلك فوج المظليين الأول التابع لمشاة البحرية الفرنسية، وكذلك "فرقة المظليين  العاشرة" الفرنسية. وبحسب ما ذكره كريس مان وأليكساندر ستيلويل والرائد مايك مكيني ومايك ريان في كتابهم "موسوعة القوات الخاصة في العالم: الأساليب، التاريخ، الاستراتيجية، والأسلحة"، فإن فوج المظليين الأول لمشاة البحرية يضم نحو 865 جندي فرنسي، بينما تتألف فرقة المظليين العاشرة من 125 جندي. وبذلك، يكون عدد كل الجنود الفرنسيين في سوريا نحو 1110 جندي.

فرنسا تدعم وحدات حماية الشعب

في الحقيقة، تدعم القوات الفرنسية الأكراد في مواجهة تركيا. لكن، ليس من الواضح حتى الآن إذا ما كانت هناك مواجهة قريبة بين الحليفين الكبيرين في حلف الناتو. وعلى عكس ما أعلنه دونالد ترمب عن الانسحاب من سوريا، وسّعت الولايات المتحدة من قواعدها العسكرية في الأراضي السورية ولم تقلل منها. فهل يعد ما فعله الرئيس الأمريكي مجرد مراوغة سياسية؟

من جهة أخرى، قد تشكّل دول الناتو الثلاث، تركيا وفرنسا والولايات المتحدة، تحالفا من أجل ممارسة ضغط أكبر على روسيا. وفي الوقت ذاته، لا يمكن استبعاد وجود خلافات بينهم.

يوم الخميس الموافق لتاريخ 29 آذار/ مارس، استقبل الرئيس الفرنسي ماكرون، وفدا من قوات سوريا الديمقراطية في قصر الإليزيه بباريس. وخلال الاجتماع، أعلن ماكرون بوضوح عن موقفه تجاه قوات سوريا الديمقراطية، حيث أكد الرئيس الفرنسي على دعم فرنسا لهم، وخاصة فيما يتعلق بالحفاظ على استقرار المنطقة الآمنة في شمال شرق سوريا، بما في ذلك أيضا مدينة منبج.

في وقت سابق، أعلن المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية أن فرنسا بصدد إرسال قوات خاصة إلى مدينة منبج، بهدف منع تقدم القوات التركية إلى هناك. وفي البداية، أعلنت مؤسسة الرئاسة الفرنسية رفضها لهذه التصريحات. حيث نقلت صحيفة "لوريون لوجور" عن المكتب الإعلامي للرئاسة الفرنسية، أن "فرنسا لا تخطط لأي عملية عسكرية في شمال سوريا خارج مظلة التحالف الدولي، لمحاربة تنظيم الدولة".

في هذا السياق، صرح السفير الفرنسي السابق في سوريا والمستشار الخاص للشؤون الجيوسياسية في معهد مونتانيي، ميشال دوكلو، لصحيفة لوريون لوجور، أنه "من المؤكد أن ماكرون لا يرغب سوى في زيادة التعزيزات العسكرية في هذه المنطقة (يقصد مدينة منبج، وفقا لمحرر الصحيفة)، ولكن الأكراد بالغوا في تفسير كلمته".

حذر وزير الدفاع التركي، نور الدين جانيكلي، من الغزو الفرنسي لشمال سوريا. وفي حوار تلفزيوني في إسطنبول، ذكّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، من أن عملية "غصن الزيتون" العسكرية ليست غزوا لسوريا، بل تهدف إلى إنقاذ شمال البلاد من حمام الدم. في المقابل، نادت باريس إلى الحوار بين أنقرة وقوات سوريا الديمقراطية بدعم من فرنسا والمجتمع الدولي، إلا أن أردوغان أعرب عن رفضه لهذا المقترح نظرا لأنه لا يقبل بأي وساطة فرنسية.

في هذا الصدد، أفاد دوكلو بأن "الأتراك استغلوا الفرصة لتلقي ضمانات أمنية من وحدات حماية الشعب، مما بدد الشكوك حول استغلال أكراد سوريا كقاعدة لشن هجمات على تركيا". يوم الجمعة الماضي، نشرت وكالة "الأناضول" خريطة توضح مواقع القوات الفرنسية والأمريكية في شمال وشمال شرق سوريا.

أكدت صحيفة "ملييت" التركية أن فرنسا أرسلت 50 عنصرًا من قوات النخبة إلى مدينة منبج. وفي سياق متصل، نقلت صحيفة "فويس أوف أمريكا" تصريحًا أدلى به الناطق باسم وحدات حماية الشعب، خالد عيسى، الذي أوضح أن "فرنسا ستتحمل المسؤولية في عفرين على المستوى العسكري وفي منبج على المستوى الدبلوماسي، وهذا دليل على أنها قررت مساندة حلفائها الأكراد. وفي نهاية المطاف، قررت كل من فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية إرسال الدعم العسكري إلى مدينة منبج".

قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن "الولايات المتحدة الأمريكية ستحاول عزل القُرى الواقعة شرقي الفرات. وبناء على هذا المعطى، نحن نخشى من أن يمتد التواجد العسكري الأمريكي من الضفة الشرقية لنهر الفرات إلى الحدود العراقية، على الرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية أكدت أن الهدف من نشر قواتها هو مكافحة الإرهاب".

في الأثناء، ستحاول الولايات المتحدة الأمريكية بناء العديد من المنشآت في المناطق الواقعة على مستوى الضفة الشرقية لنهر الفرات. وفي هذا السياق، أفاد لافروف بأن "الولايات المتحدة الأمريكية لا تحاول بناء المزيد من المنشآت العسكرية فحسب، بل تعمل على تركيز سلطة موالية لها في هذه المناطق بهدف عزلها عن بقية التراب السوري".

فرنسا في الشرق الأوسط

تلعب فرنسا دورا رئيسيا في قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، حيث يتمركز 900 جندي فرنسي مجهزين بمركبات قتال مدرعة من طراز "في بي سي أي" و"لاف" ومنظومة "ميسترال أطلس للدفاع الجوي".

أصدرت وزارة الدفاع الأمريكية بيانا جاء فيه أن القوة القتالية الفرنسية تتألف من 205 آلاف جندي، من بينهم 30 ألف جندي يشاركون في الوقت الراهن في عمليات مكافحة الإرهاب والعمليات العسكرية. وحيال هذا الشأن، أوردت وزارة الدفاع الأمريكية أن "القوات الفرنسية تشارك في ثلاث عمليات عسكرية رئيسية، ألا وهي عملية سونتينال وعملية باركان، بالإضافة إلى عملية الشمال".

كما تمت الإشارة في هذا البيان إلى أن "عملية سونتينال تهدف إلى مكافحة الإرهاب داخل فرنسا، فيما تشمل عملية باركان منطقة الساحل الأفريقي، بينما تدور عملية الشمال في كل من سوريا والعراق". وتطرق البيان إلى أن "عملية سونتينال تستنزف جهود الجيش الفرنسي، حيث يشارك فيها حوالي 13 ألف جندي يعملون بالتعاون مع أعوان الأمن والشرطة على حماية بلادهم من الهجمات الإرهابية المحتملة، على غرار تلك التي جدت في باريس ونيس. ويسعى الجيش البحري الفرنسي والقوات الجوية الفرنسية إلى حماية المياه الإقليمية والمجال الجوي".

في الحقيقة، تُعتبر عملية الشمال أهم عملية عسكرية فرنسية في الشرق الأوسط. فقد أوردت وزارة الدفاع الفرنسية على موقعها الإلكتروني أن 1100 جندي فرنسي يتمركزون في الوقت الراهن في هذه المنطقة. وقد تم تجهيزهم بأربعة مدافع هاوتزر من طراز "سيزار"، وعشر طائرات مقاتلة من طراز"داسو رافال"، بالإضافة إلى طائرة استطلاعية من طراز "أتلانتيك 2"، وطائرة تزود بالوقود من طراز  بوينغ كيه سي-135"، فضلا عن طائرة إنذار مبكر من طراز "بوينغ إي 3- سينتري"، وسفينة حربية.

في إطار عملية الشمال، تمركزت القوات الفرنسية في كل من بغداد وقطر والكويت، والإمارات العربية المتحدة ولبنان. ومنذ انطلاق هذه العملية، أطلقت القوات الجوية الفرنسية سبعة آلاف طائرة مقاتلة، ونجحت ألف و400 غارة جوية في تدمير حوالي ألفي هدف في كل من سوريا والعراق. كما تم استخدام حاملة الطائرات "شارل ديغول"، التي تحمل على متنها 24 طائرة مقاتلة، في عملية الشمال، علما أن هذه السفينة متواجدة في البحر الأبيض المتوسط منذ سنة 2016. كما تشن فرنسا عمليتها العسكرية في كل سوريا والعراق انطلاقا من شرق البحر الأبيض المتوسط.

أصدرت وزارة الدفاع الفرنسية خريطة كشفت أن الجيش الفرنسي نفذ خمس عمليات عسكرية في أقاليم ما وراء البحار بمشاركة ستة آلاف ومائة جندي، وذلك في العديد من المناطق والمياه الإقليمية بكل من منطقة الشرق الأوسط وغرب أفريقيا، إلى جانب المحيط الهندي وجيبوتي والمحيط الأطلسي، فضلا عن العديد من الجزر التابعة لفرنسا.

شارك سبعة آلاف وخمسون جنديا فرنسيا في عدد من العمليات العسكرية في أقاليم ما وراء البحار بهدف الدفاع عن سيادة بلدهم، في كل من جزر الأنتيل وغينيا وجزيرة لا ريونيون، فضلا عن بولينزيا الفرنسية وكاليدونيا الجديدة. ووفقا لمعطيات صادرة عن الجيش الفرنسي، يشارك أكثر من 30 ألف جندي فرنسي في عمليات عسكرية داخل وخارج التراب الفرنسي.

http://deutsche-wirtschafts-nachrichten.de/2018/05/02/frankreich-stationiert-ueber-tausend-soldaten-syrien/