icon
التغطية الحية

لماذا تدعم الجزائر التطبيع العربي مع النظام السوري؟

2021.11.25 | 05:19 دمشق

660232726.jpeg
أنطاكيا - فراس فحام
+A
حجم الخط
-A

أعلن وزير الخارجية الجزائري "رمطان لعمامرة" في العاشر من الشهر الجاري، أن بلاده التي ستستضيف قمة الجامعة العربية في آذار المقبل، تبحث عن توافقات عربية من أجل استعادة النظام السوري لمقعد في الجامعة العربية.

الموقف الجزائري ليس جديداً، إذ أكد وزير الخارجية الجزائري السابق "صبري بوقادوم" مطلع 2020، أن تجميد عضوية النظام السوري في الجامعة العربية "خسارة لكل الدول الأعضاء".

وكانت الجزائر إلى جانب العراق، قد تحفظت على قرار تجميد عضوية النظام السوري في الجامعة العربية عام 2011، على خلفية استخدام العنف ضد المتظاهرين السوريين.

ورحبت الجزائر مؤخراً بزيارة وزير الخارجية الإماراتي "عبد الله بن زايد" إلى العاصمة دمشق قبل عدة أسابيع، ودعت لاستعادة العلاقات العربية مع النظام السوري.

 

السياسة التي تنتهجها الجزائر بخصوص الملف السوري، تحكمها أولويات ومحددات أساسية:

1- الصراع الجزائري – المغربي وسياسة المحاور

تخوض الجزائر منذ عقود صراعاً مع جارتها المغرب، من أجل مصير "الصحراء الغربية"، حيث دعمت الجزائر "جبهة البوليساريو" في إعلان "الجمهورية العربية الصحراوية" عام 1976، في حين أن المغرب تنظر لـ "الصحراء الغربية"، على أنها جزء من أراضيها، وتبدي موافقتها على منحها نوعاً من الحكم المحلي لكن تحت عباءة الدولة المغربية.

وتتمتع الصحراء الغربية بأهمية استراتيجية كبيرة، حيث تشير التقديرات إلى وجود فائض كبير من الغاز والفوسفات في تلك الصحراء، إضافة إلى ميناء "الداخلة" على المحيط الأطلسي، الذي تعمل المغرب على استثماره ليكون مركزاً لاستقبال السفن الدولية والأوروبية، ويعطي هذا الميناء من يسيطر عليه، حضوراً وتأثيراً أكبر في المشهد الأفريقي عموماً.

وفي آواخر عام 2020 اعترفت الولايات المتحدة الأميركية بالسيادة المغربية على "الصحراء الغربية"، كجزء من تفاهم واسع يشمل تطبيع العلاقات الإسرائيلية – المغربية، مما دفع الجزائر للبحث عن التموضع ضمن محور يتيح لها دعم موقفها في الصراع مع المغرب على النفوذ في أفريقيا.

ودعمت إيران بشكل منفرد قرار الجزائر في آب 2021، المتضمن قطع العلاقات مع المغرب.

وتعتقد الجزائر أنه ومع عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية، تستطيع تشكيل محور يضم أيضاً العراق ولبنان، بهدف التصدي للمحور الآخر الذي تتموضع المغرب ضمنه، على أمل توسيع الاعتراف بالدولة التي أعلنتها "جبهة البوليساريو" في "الصحراء الغربية"، بالإضافة إلى أن الجزائر تسعى للتقارب مع إيران في مواجهة محور "التطبيع"، من بوابة الملف السوري.

2- الشراكة مع روسيا

في الثالث والعشرين من حزيران 2021، أعرب رئيس أركان الجيش الجزائري "السعيد شنقريحة"، عن دعمه للدور الذي تلعبه روسيا في سوريا، وذلك خلال زيارة له إلى العاصمة موسكو، ولقائه وزير الدفاع الروسي "سيرجي شويغو".

التصريحات الجزائرية هذه ما هي إلا تجسيد لعمق الشراكة الجزائرية – الروسية، منذ حقبة الاتحاد السوفييتي.

الإعلان عن الشراكة الاستراتيجية بين البلدين عام 2001، كان بمنزلة نقطة تحول مهمة، تبعتها اتفاقيات عديدة، أبرزها صفقة التعاون بين البلدين في آذار 2006، بقيمة 6.3 مليارات، وتسوية الديون الجزائرية البالغ قيمتها 4.6 مليارات، مقابل عقود تسليح جديدة للجيش الجزائري.

ومنذ عام 2017، أبرمت الجزائر عقود تسليح عديدة مع روسيا، حصلت من خلالها على منظومات دفاع جوي، وطائرات حربية من طرازات مختلفة، وقد سربت وسائل الإعلام الروسية في تشرين الثاني 2020، خبر توقيع الجزائر لعقد شراء 14 طائرة من طراز سوخوي 57، مقابل ملياري دولار أميركي.

وفي تشرين الثاني من العام الجاري، أجرت روسيا والجزائر مناورات عسكرية في منطقة البحر المتوسط، أي بعد مرور عامين كاملين على تدريبات عسكرية شبيهة بين جيشي البلدين عام 2019.

وتنظر الجزائر إلى روسيا على أنها مصدر لإمدادها بالسلاح لتحقيق التوازن مع المغرب بشكل أساسي، التي تعتمد على عقود التسليح الأميركية، بالمقابل فإن الجزائر تعطي موسكو مرتكزاً مهماً لتعزيز النفوذ على الساحل الأفريقي.

ويبدو أن التصعيد بين الجزائر وفرنسا، قد دفع بالعلاقات الجزائرية – الروسية إلى الأمام أيضاً، حيث أتت المناورات العسكرية الأخيرة بين الطرفين في البحر المتوسط في أعقاب توترات بين الجزائر وباريس، تطورت إلى استدعاء السفير الفرنسي في الجزائر، ومنع الطائرات الفرنسية من التحليق في الأجواء الجزائرية، وتصعيد كلامي من رؤساء البلدين.

وتعمل الجزائر وروسيا على التفاهم حول حصة تصدير الغاز إلى السوق الأوروبية، لتجنب الدخول في منافسة مضرة للطرفين، فالدولتان من ضمن أبرز أعضاء منتدى الدول المصدرة للغاز، وأهم مصدرين للغاز الطبيعي المتدفق إلى الدول الأوروبية.

الموقف الجزائري عموماً، سواء على صعيد التمسك بدور النظام السوري، أو العمل على توثيق التحالف مع روسيا وما يترتب عليه من انعكاسات على السياسات الخارجية الجزائرية، يؤكد أن النظام العميق في الجزائر لا يزال مسيطراً على مفاصل القرار، رغم الحراك الشعبي المستمر منذ سنوات، وانتخاب رئيس جديد خلفاً لـ "عبد العزيز بو تفليقة"، إذ إن محددات السياسية الخارجية التقليدية لم تتغير كثيراً، أي أننا أمام سلطة محسوبة على معسكر الأنظمة العربية العسكرية القلقة من ثورات الربيع العربي.