icon
التغطية الحية

"لحم الفقراء" يقترب من سعر الموز ويهدد الأمن الغذائي السوري

2021.11.15 | 05:49 دمشق

"لحم الفقراء" يقترب من سعر الموز ويهدد الأمن الغذائي السوري
بطاطا (إنترنت)
دمشق- خاص
+A
حجم الخط
-A

رغم انخفاض بعض أسعار الفواكه والخضراوات، إلا أن بعضها ظل يحافظ على وتيرة ارتفاع سعره، في حين لا توجد في الأسواق أي فاكهة أو خضراوات يقل سعرها عن 1000 ليرة سورية، وهو سعر لا يناسب معظم السوريين اليوم.

وساهم ارتفاع أسعار الخضراوات والفاكهة في سوريا، بجعلها بعيدة المنال عن شريحة واسعة من الأسر التي باتت مهددة بعدم قدرتها على تأمين مصادر الغذاء المهمة، في حين يتجه البعض لشرائها بالحبة تبعاً للحاجة اليومية.

ووصل سعر كيلو البطاطا إلى 2500 – 2600 ليرة للمالحة نوع أول، وهي لا تزال قليلة في السوق، وتباع الأنواع قليلة الملوحة والمبردة بسعر 2200 ليرة، وهو سعر غير مناسب أيضاً، حيث يصل سعر 2 كيلو بطاطا الذي بالكاد يكفي أسرة إلى 4400 ليرة دون باقي تكاليف الطهي، بينما متوسط أجرة الموظف الحكومي في اليوم 2500 ليرة، وفي القطاع الخاص بين 5000 ليرة – 10000 ليرة سورية.

مبررات

وكانت مبررات ارتفاع أسعار البطاطا في الأشهر الماضية، وهي غذاء أساسي بالنسبة للسوريين، أنه لا يوجد إنتاج محلي جديد ولا استيراد من مصر طوال العام، وسط تضرر الزراعة بشكل عام لأسباب الجفاف والمناخ، على أن يبدأ إنتاج عروة جديدة منتصف هذا الشهر.
ومن غير المتوقع أن يساهم إنتاج العروة الجديدة بخفض الأسعار كما هو منتظر، حيث أكد عضو لجنة تجار ومصدري الخضراوات والفاكهة بدمشق أسامة قزيز الشهر الماضي، أن العروة الجديدة للبطاطا قد لا تخفض الأسعار أكثر من 200 ليرة للكيلو.

وهناك عروتان رئيسيتان في سوريا للبطاطا، ربيعية وهي الأكثر كماً، وخريفية وهي الأقل من حجم الإنتاج والجودة، وأي إنتاج خارج تلك العروتين هو قليل جداً وغير مؤثر.

الموز انخفض والبطاطا لم تنخفض!

ولكونها من أهم مكونات غذاء السوريين، أُطلق على البطاطا اصطلاحاً أسماء مثل "لحم الفقراء، فاكهة الفقراء"، كونها كثيرة الاستهلاك ورخيصة الثمن وتحوي قيمة غذائية عالية، لكنها باتت اليوم تقارب سعر الموز الذي كان الشهر الماضي يباع ما بين 5 آلاف ليرة سورية للبناني و10 آلاف ليرة سورية للصومالي المهرب، إلا أن سعره وصل حالياً إلى نحو 2900 ليرة سورية للمستورد من لبنان.

ورغم صدور قرار رسمي بوقف تصدير البطاطا منذ أيلول الماضي وحتى آذار المقبل إلا أن أسعارها لم تنخفض، بينما يستمر التهريب إلى لبنان منذ سنوات سواء للبطاطا أو غيرها من خضراوات سورية نتيجة ارتفاع سعر مثيلاتها في لبنان، حيث أكد مصدر مسؤول في "الجمارك" عام 2019 أن البطاطا السورية تغزو معظم أسواق لبنان، مشراً إلى أنه من الصعب ضبط طريق التهريب الذي يتم عبر منطقة القصير، والذي تكثر عبره عمليات تهريب المحاصيل الزراعية كالبطاطا والبصل والبندوروة واللوز، ويسجل يومياً دخول نحو 10 أطنان من البطاطا المهربة من سوريا وأحيانا يصل إلى 25 طنا.

أسوأ عام

وأكد عدد من المزارعين في محافظة درعا للموقع آذار الماضي، أن موسم زراعة البطاطا لهذا العام (العروة الربيعية حينذاك) هو الأسوأ منذ عام 2011، بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض سعر المبيع، ما اضطر عدداً من المزارعين لعدم جني محصولهم وتركه تحت التراب.

وأشار مزارعون حينذاك إلى ما ترتب عليهم من غلاء في المحروقات وفقدان الأسمدة والمبيدات الحشرية وغلاء البذار المقترن بالدولار وغلاء أجور صيانة المعدات الزراعية، وفقدان اليد العاملة بسبب هجرة الشباب المتكررة، ولذا تنذر كل هذه الأسباب بتوقف زراعة بعض الخضراوات.

وبالنسبة لباقي الخضراوات، لا يزال كيلو الخيار النوع الأول بنحو 2000 ليرة، والبندورة بنحو 1000 ليرة، والكوسا بـ 1800 ليرة، والباذنجان بـ1000 ليرة، وأسعار هذه الخضراوات تنافس الفواكه بل قد تفوق سعرها أحياناً، حيث وصل سعر كيلو الكرمنتينا أو البرتقال إلى 1200 ليرة، والتفاح الجيد إلى 1800 ليرة بينما ينخفض للأقل جودة إلى 1000 ليرة.

لماذا لحم الفقراء؟

في مؤتمر منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) عام 2005، أقرت المنظمة أن البطاطا تمثل غذاءً أساسياً في طعام سكان العالم، مشيرةً إلى الدور الذي تلعبه البطاطا في توفير الأمن الغذائي والحد من الفقر، وأكدت على الحاجة إلى بعث الوعي العام بالعلاقة القائمة بين الفقر، والأمن الغذائي، وسوء التغذية، والإسهام المحتمل للبطاطا في القضاء على الجوع.

وأرسلت منظمة الـ(فاو) ما خلصت إليه إلى الأمين العام للأمم المتحدة بهدف جعل الجمعية العامة للأمم المتحدة تعلن عام ٢٠٠٨ سنة دولية للبطاطا، لتقر الدورة الستون للجمعية العامة مخرجات مؤتمر (الفاو) فعلاً، وأقرّت أن البطاطا غذاء أساسي في الوجبة الغذائية لسكان العالم، مشيرةً إلى ضرورة تركيز اهتمام العالم على الدور الذي يمكن أن تؤديه البطاطا في توفير الأمن الغذائي، وهو عكس ما يحدث في سوريا اليوم.