icon
التغطية الحية

لأول مرة.. نظام ربط إلكتروني لسجلات المرضى في مشافي الشمال السوري

2023.10.02 | 13:01 دمشق

لأول مرة.. نظام ربط إلكتروني لسجلات المرضى في مشافي الشمال السوري
إحدى مشافي إدلب (تلفزيون سوريا)
إدلب ـ عمر حاج حسين
+A
حجم الخط
-A

في ظل المعاناة التي تُلقي بثقلها على سكان شمال غربي سوريا، بعد عدة سنوات من الحرب أصبح النظام الصحي المستقر للمرضى ضرورة ملحّة لهم، وعلى إثرها ابتكرت منظمات محلية نظاما صحيا إلكترونيا يحوي سجلا طبيا كاملا لكل مريض، في وقت كان من الصعب توثيق هذه السجلات بسبب حالة عدم الاستقرار من جراء القصف والنزوح للسكان إضافة لإغلاق كثير من المنشآت الطبية التي أصبحت ضمن مناطق سيطرة النظام السوري.

يهدف إنشاء النظام الصحي بالدرجة الأولى إلى بناء قاعدة معلومات طبية كاملة لكل مريض ليصبح هذا النظام حجر الأساس لنظام متكامل يُطبق في كل المنشآت الطبية شمالي سوريا، ليكون معنياً بالدرجة الأولى في كل ما يتعلق بالمنشآت الطبية من التحكم والإدارة الكاملة من خلال مراقبة حركة المواد والاستهلاك ومستويات المخزون، إلى أقل تفصيل في حالة أي مريض داخل هذه المنشآت.

ابتكار المشروع

وللحديث عن تفاصيل هذا النظام، التقى موقع "تلفزيون سوريا" مع أحمد المصري رئيس قسم التحول الرقمي والابتكارات في منظمة الأطباء المستقلين "IDA"

وقال المصري إن نظام الرعاية الصحية الجديد يُرمز بـ "HIMS-2"، ويحتوي على مجموعة من الميزات تمت دراستها بالكامل لتتوافق مع السياق السوري.

وأوضح أنه في البداية قمنا في منظمة IDA على دراسة مجموعة من الأنظمة الصحية العالمية القائمة في عدة دولٍ على رأسهم "ألمانيا وتركيا والسعودية"، وعلى إثرها ابتكرنا نظاماً صحياً يجمع أحدث النقاط من جميع هذه الأنظمة والاستفادة منها، مع تعديلها بما يتناسب مع الوضع الحالي في سوريا.

يوفر النظام الصحي وفقاً لـ “المصري" عدة نقاط أهمها احتواؤه على دليلٍ كاملٍ لجميع سجلات المرضى القديمة والحديثة، ما يمنح الطبيب أن يستطلع جميع البيانات الصحية للمريض والتاريخ المرضي بشكل كامل.

كما يركز النظام الجديد على جميع المعلومات الصحية للمريض بجودة عالية الدقة، بهدف الحد من الأخطاء الطبية، ومعرفة قدر الاستهلاك والحاجة الحقيقية للأدوية.

وأوضح أن نظام "HIMS-2" ساعد منظمتنا في مراقبة أداء الأطباء ومدى خبراتهم في التعامل مع الحالات، والتي ساعد المنظمة والجهات الفاعلة في تحسين جودة الخدمات، كما أنها ساهمت في عدم العبث في التقارير الشهرية المطلوبة من المنشآت الفاعلة على الأرض، والتي تعمل بما يتطابق مع الأنظمة الصحية العالمية كـ “DHES" التابعة لمنظمة الصحة العالمية.

مزايا نظام الرعاية الجديد

وأضاف "المصري" أن نظام الرعاية الجديد قدّم مزايا عديدة للمرضى، منها احتواؤه على تفاصيل شاملة عن الصحة الإنجابية، وتفاصيل كاملة بما يخص الإعاقة وفقاً للمعايير العالمية والتي تتضمن مجموعة من الأسئلة الشاملة تُطرح على المريض لإدخال بياناته ودرجة إعاقته.

ويقوم النظام بتصنيف مستوى أو درجة إعاقة الشخص المريض، كما يمنح النظام المريض إمكانية إضافة جميع التحاليل والصور الشعاعية بشكل تلقائي في مراكز IDA، إذ تُرحل جميع النتائج الصادرة من أجهزة المخابر بشكل مباشر إلى حساب المريض في البرنامج، دون العودة لإدخالها يدوياً، فيما يُسمح للمريض أيضاً إدخال جميع التحاليل من أي مركز طبي لا يتبع للمنظمة.

كما يساعد النظام الجديد في الحد من الازدحام في المراكز الطبية، إذ يمكن للمريض حجز موعدٍ مسبق مع الطبيب وتنظيم دوره في أي مركز طبي، مما ينعكس إيجابياً على الأطباء والمرضى.

ويسمح تسجيل الدور المسبق معرفة جميه معلومات المريض، الذين قاموا بحجز موعد معه، ما يمنح الطبيب معرفة الأدوية التي قد تمنح للمريض مجاناً، وإضافة إلى أسماء الأدوية التي قد يحتاجها المريض وغير المتوفرة في الصيدليات المجانية للمراكز الطبية.

من ابتكر هذا النظام؟

ابتكر هذا النظام بحسب "المصري" قسم التحول الرقمي والابتكار في منظمة الأطباء المستقلين، والذي يحوي على مجموعة من مهندسي البرمجيات حاصلين على شهادات ماجستير ودكتوراه بعدة مجالات تقنية، بالإضافة لمجموعة من مقدمي الخدمات الصحية كـ “أطباء – ممرضين – وتقنيين" من داخل منظمة الأطباء المستقلين وعاملين بمنظمات أخرى.

ويعود على العمل على نظام الربط الإلكتروني إلى عام 2019، في حين لا تزال عملية تطويره سارية إلى اليوم، بحسب المصري.

وأشار إلى أنه على الرغم من تعقيد البيانات الموجودة داخل هذا البرنامج، لكننا استطعنا في القسم الرقمي بتبسيط البيانات وسهولة استخدامه وإمكانية الوصول إليه من قبل المرضى والاختصاصيين، كما وفرنا ميزة الإكمال التلقائي لبعض البيانات المدخلة بالإضافة إلى تصحيحها تلقائيا بما يتناسب مع المصطلحات الطبية المخزنة، بهدف تخفيف الأخطاء التي من الممكن إدخالها للنظام والتأثير على جودة البيانات، مشيراً أن النظام مدعوم باللغتين "العربية والإنجليزية".

واستطرد قائلاً: "استطعنا أيضاً في قسم التحول الرقمي من إنشاء قاعدة بيانات مشتركة بين جميع المراكز الطبية في شمالي سوريا، ما سمح للمريض عرض بياناته واستخراجها بشكل كامل لأي طبيب في مستشفى أو مستوصف قد يتوجه إليه بشكل آني ومن دون اتصال في الأنترنت، الأمر الذي يساعد الأطباء من اتخاذ قرار بشكل سريع وخاصة التعامل مع الحالات الإسعافية.

تقليل استهلاك الورق

يُكمل المصري حديثه مع لموقع "تلفزيون سوريا" أن النظام مستضاف إلكترونياً على سيرفرات "GOOGLE" الأمر الذي يمنح وجود في الخدمة بنسبة 99% دون انقطاع، لافتاً أن هذه الجودة والوجود المتواصل وغير المنقطع قضى تماماً على العمل الورقي وخفض استهلاك الورق لـ “صفر" بالمئة.

يعمل النظام أيضاً على جميع أجهزة المحمول بالإضافة إلى وجود نسخة لأنظمة ويب، إذ يمكن العمل عليه من أي متصفح، الأمر الذي ساهم في تخفيض الكلفة التشغيلية للنظام كـ “شراء كمبيوترات حديثة أو هواتف ذكية"، مما ساهم في تخفيض الكلفة، لافتاً أن النظام أيضاً تم تصميمه بما يتوافق مع جميع أجهزة المخابر الأساسية الموجودة في مركز طبي مشروع، ما وفر أيضاً شراء معدات مخصّصة في هذا الموضوع.

7 ملايين زيارة للنظام

يُشير المصري إلى أن النظام الجديد تم تفعيله في 30 مستشفى من جرابلس إلى إدلب، فيما نعمل على نشره في نقاط طبية أخرى، لافتاً إلى أن عدد المرضى الذين تم تسجيلهم داخل البرنامج وصل إلى مليون مريض، فيما تجاوز عدد الزيارات لهؤلاء المرضى على النظام 7 ملايين زيادة.

وبيّن أن أحد الخطط الاستراتيجية التي تعمل عليها منظمة الأطباء المستقلين هي تعميم هذا النظام على كامل المنطقة والمراكز الصحية في المنطقة، كاشفاً عن مساعٍ حثيثة مع قبل المنظمة مع مجموعة من المنظمات الطبية والإنسانية، لتبني هذا النظام ليكون موحداً بين جميع المراكز على اختلاف تمويلها وتسمياتها.

النظام سهّل عمل الأطباء والمرضى

بدوره رأى الطبيب "محمد عبيد" العامل في مشفى سلقين شمالي إدلب، أن النظام الصحي الإلكتروني الجديد، منح المستشفيات والمراكز الطبية سجلا طبيا لكل مريض، والذي من شأنه أن يساهم في تكوين نواة لنظام طبي یطبق في جميع منشآت المنطقة.

وأوضح "عبيد" أنه يطلع يومياً قبيل دخول المريض على سجله القديم في البرنامج لمعرفة أمراضه والأدوية التي يستخدمها بالإضافة إلى الاطلاع على التحاليل التي أجراها، ما يسهل عليه المعاينة ومحاكاة المريض بطريقة أفضل، ومن ثم أقوم بتحويله إلى صيدلية المستشفى عبر البرنامج للحصول على الدواء، الأمر الذي سهّل فعلياً متابعة المريض.

من جانبه، يقول "محمد المستور" المقيم في مدينة الأتارب غربي حلب، إنه شهرياً يتوجه إلى المشفى للحصول على أدوية والده الذي يعاني من مرض التهاب الكبد، إذ نحصل عليها بالمجان، بعد الاطلاع على ملف والدي في البرنامج من قبل الصيدلاني المناوب لمعرفة آخر دفعة أدوية حصل عليها من المستشفى".

يعد القطاع الطبي في الشمال السوري من أكثر القطاعات التي تعرضت للاستهداف والتدمير خلال السنوات الأخيرة، ولكنه بالوقت نفسه من أثبت لجميع المانحين بأنه واحد من أكثر القطاعات تأثّراً وتحدّياً.

هذه التحديات جعلت القطاع الطبي من أكثر القطاعات تلقياً للدعم الدولي، ومحط اهتمام أولي من قبل منظمات عالمية، نظراً للكثافة السكانية أولاً وتردي الوضع الاقتصادي والمعيشي في المنطقة أخيراً وليس آخراً.