البث المباشر
قام صحفيون من صحيفة التايمز بتجربة أجهزة تستخدم لسرقة السيارات بعد تكرر حوادث سرقتها بشكل كبير في المملكة المتحدة، فخرجوا بالتجربة الآتية، حيث كتب أحد الصحفيين عما فعلوه فقال:
سطع ضوء الليد على جهاز الاستقبال الصغير في يدي بلون أزرق، وعندما انزلقت يدي الأخرى خلف مقبض باب السيارة انتفضت المركبة وكأن الروح عادت إليها من جديد.
سمعت صوت طقطقة قفل الباب، وأخذت أنوار المؤشرات تشتعل وتنطفئ، وسمعت صوت أزيز مرايا السيارة التي تطوى وهي تنفتح لتتخذ السيارة وضعية القيادة.
قفزت إلى السيارة، وهي من نوع رانج روفر موديل 2015، وأمسكت بجهاز الاستقبال وقربته من المقود، وفي الوقت ذاته دست على دواسة الفرامل بقدمي وضغطت على زر التشغيل والإيقاف.
أضاء نور عدادات السيارة، وبعيد لحظات معدودة، سرت بعيداً وأنا أقود السيارة من دون أن أفكر في مفتاحها.
في غضون أقل من عشرين ثانية، وعبر الاستعانة بجهاز تقوية سعره عشرة آلاف جنيه إسترليني، تمكنت من اختراق تلك السيارة الفارهة وقيادتها وكأن مفتاحها كان في جيبي.
إن سهولة ما يعرف "بالسرقة من دون مفاتيح" تعتبر أحد الأسباب التي أدت لزيادة كبيرة في سرقة عدد كبير من السيارات المركونة على الرصيف في أثناء نوم أصحابها. أي أن المشكلة أكبر من مجرد سرقة سيارة رانج روفر، فقد تضررت من جراء ذلك عشرات السيارات من العلامات التجارية الشهيرة والتي تعتمد على تقنية لا يستخدم معها سائقها أي مفتاح، والتي تقول عنها الجهات المصنعة بإنها ماتزال تلاقي رواجاً لدى المستهلك.
أجرت صحيفة التايمز تحليلاً لبيانات المكتب الوطني للإحصاء تبين لها من خلاله سرقة سيارة واحدة كل ثلاث دقائق وخمسين ثانية خلال العام الماضي، ليصل مجموع السيارات المسروقة خلال العام نفسه إلى 135526، وهذا العدد هو الأعلى من نوعه خلال عقد من الزمان.
صنع جهاز التقوية الذي استخدمه لسرقة السيارة في منطقة صناعية ببلغاريا، وهو مؤلف من قطعتين: مكرر إشارة حجمه بحجم الآيباد، ومستقبل إشارة حجمه بحجم هاتف النوكيا القديم.
وعند استخدام القطعتين معاً، يعمل الجهاز على تضليل السيارة وجعلها تعتقد بأن مفتاح السيارة عن بعد موجود في الجوار، وهذا ما يجعل الأبواب تفتح والسيارة تدور.
يعمل لصوص السيارات المزودين بهذا الجهاز ضمن ثنائيات، حيث يقوم اللص الأول بمسح مقدمة السيارة، أي الباب الأمامي، بوساطة المكرر على أمل التقاط إشارة المفتاح، في حين يقف اللص الثاني بجوار باب السائق بانتظار ضوء الليد الأزرق حتى ينطلق معلناً العثور على الإشارة.
مكرر الإشارة
لغرض عملية السرقة التي نفذناها، تواطأ معنا غاريث بروكس المدير الإداري لشركة Ghost Installations إذ قام بمسح الباب الأمامي بغية التقاط إشارة مفتاح السيارة، وعن ذلك يقول: "كما ثبت لنا فإنه يمكن تحريك السيارة في غضون أقل من عشرين ثانية، بيد أن أصحاب تلك السيارات ليست لديهم أدنى فكرة عما يحدث قطعاً، وذلك لأن معظم تلك السرقات تحدث في الليل، لكننا سمعنا عن أشخاص ركنوا سياراتهم الفارهة وتوجهوا إلى أحد المطاعم فوجئوا عند عودتهم باختفاء سياراتهم، وفي تلك الحالة، يكون اللص قد وضع جهاز المكرر في حقيبة ظهره ثم توجه إلى المطعم وجلس هناك وخلال تلك الفترة يبحث شريكه في الخارج عن الإشارة بواسطة جهاز الاستقبال ثم يقود السيارة بعيداً عن المكان".
مباشرة يتجه نحو ثلثي السيارات المسروقة إلى "ورشات بيع قطع السيارات" حيث يجري تفكيك السيارة وخاصة قطع الغيار الغالية فيها، لتباع عبر الإنترنت، فيما يجري تحميل سيارات أخرى ضمن حاويات للشحن ونقلها خارج البلد.
جاغوار لاند روفر، تلك العلامة التجارية التي تعرضت لسلسلة من السرقات خلال الأعوام الماضية، عرضت آلاف الجنيهات الإسترلينية لتمويل عمليات البحث التي ينفذها جهاز الشرطة في الموانئ البريطانية بهدف التوصل إلى تلك العصابات الإجرامية.
تؤكد شركة جاغوار لاند روفر بأن هذا النوع من السرقة لا يمكن أن يتم إلا عندما تكون السيارة من موديل عام 2015، أي مع تلك السيارات التي لا تتمتع بميزة تكنولوجيا مفتاح النطاق العريض للغاية، الذي بدأ تركيبه في تلك السيارات منذ عام 2018، وتقول هذه الشركة بإن المملكة المتحدة لم تسجل أي عملية سرقة لهذا النوع من السيارات التي تعتمد على هذه التقنية منذ أن جرى استخدامها.
يعتقد أن غالبية السيارات المسروقة تشحن إلى دول خاضعة لعقوبات مثل روسيا وسوريا وإيران بما أن هذه الدول تعاني من نقص في قطع الغيار، كما أن ظهور هذه الموديلات الجديدة من السيارات أدى إلى ازدهار السوق السوداء هناك.
مبرمج المفاتيح
تحتاج السيارات المسروقة التي لابد من إعادة تشغيلها مستقبلاً إلى عناية يوفرها جهاز ثان، إذ في جيبي الخلفي وضعت مبرمجاً للمفاتيح سعره 1500 جنيه إسترليني يوضع في منفذ جهاز تشخيص الأعطال في السيارة الموجود عند مستوى قدمي السائق عادة.
أوقفت السيارة وقرفصت عند باب السائق، وحددت موقع هذا الجهاز، ثم أوصلت جهازي الصغير به، إذ يبدو هذا الجهاز عبارة عن حلقة للمفاتيح، ثم أخرجت مقصاً من حقيبة ظهري.
أحد اللصوص أثناء عملية السرقة
بمبلغ يعادل 20 جنيهاً إسترلينياً، اشتريت مفتاحاً خالياً من النتوءات، (يباع كمفتاح احتياطي مشروع عبر أمازون) وهذا المفتاح يصبح جاهزاً للبرمجة بمجرد إخراجه من علبته.
أمسكت بالمفتاح ووضعته فوق مبرمج المفاتيح، وبعد مرور بضع ثوان خرج منه صوت تنبيه، يشير إلى اقتران هذا المفتاح الجديد بالسيارة، فدخلت السيارة وأغلقت بابها، ويالفرحتي! سمعت صوت صرير أقفال السيارة، وأخذت مؤشراتها تضيء وتنطفئ، وفتحت مراياها، أي صار بوسعي الآن أن أفتح السيارة وأقفلها وأشغلها وكأنها ملكي.
غالباً ما تركب لوحات تسجيل مستنسخة على السيارات المسروقة، وهذه اللوحات هي عبارة عن نسخة يكتب فيها رقم مركبة أخرى من النوع نفسه، مع تاريخ الصنع واللون، ما يتيح للسارقين قيادة السيارة من دون أن يتبين من أنها مسروقة.
بيع المسروقات عبر السوشال ميديا
تباع الأجهزة الإلكترونية التي بوسعها سرقة مجموعة واسعة من السيارات عبر تطبيق تيليغرام، وقد عثرت صحيفة التايمز على مجموعة من تلك المجموعات تحوي أكثر من 500 عضواً، وبائعاً واحداً يعرض أجهزة وفيديوهات تشرح طريقة استخدامها في سرقة السيارات، وعلى رأسها سيارات مرسيدس وليكزس وماسيراتي وألفا روميو.
وفي إحدى الرسائل التي نشرها البائع على المجموعة طلب من الزبائن إرسال تعليقاتهم الإيجابية على البضاعة حتى يستخدمها البائع في الإعلان عن بضائعه.
وفي رسالة أخرى من التاجر نفسه سأل إن كان أي عضو في المجموعة يرغب بأن يبيع هو أيضاً بضاعته في كندا، وتعرض هذه المجموعة أيضاً إعلانات لسيارات مسروقة معروضة للبيع.
هذا وتعرض للبيع طائفة أخرى من الأجهزة التي بوسعها سرقة سيارات عبر فيس بوك، على الرغم من أن من يعرضونها يزعمون بأنها تعرض بصورة قانونية بما أن أصحابها أضاعوا مفاتيحها.
وهذا ما جعل جيني سيمز وهي نائب رئيس قيادة الشرطة في ميرسيسايد وهي أيضاً رئيسة مجلس القيادة الوطنية لجهاز الشرطة المتخصص بجرائم السيارات، تدعو لفرض حظر على بيع تلك الأجهزة، إذ تقول: "للأسف تسببت زيادة استخدام تقنية تشغيل السيارة من دون مفاتيح لتطور الأجهزة التي يستغلها المجرمون، ولقد تعاونا عن كثب مع الحكومة في البحث عن الطرق التي تستخدم بها عملية التسجيل لمنع بيع أجهزة مثل المكررات من دون مفاتيح وأجهزة تشويش الإشارة في المقام الأول. وذلك لأن معظم تلك الأجهزة لا تخدم أي غرض مشروع، ولهذا نعتقد بأنها تدخل في معظم عمليات سرقة السيارات في المملكة المتحدة، وخاصة في السنوات القليلة الماضية. إذ إن إلغاء الوصول إلى تلك الأجهزة لابد أن يكون أحد عناصر معالجة مشكلة سرقة السيارات، ولكن علينا أن نتوقع الأثر الكبير الذي سيخلفه ذلك".
وعن ذلك علقت الناطقة الرسمية باسم شركة جاغوار لاند روفر بالقول: "نريد أن نطمئن عملاء الشركة من أن هذا الفيديو لا يمثل الخطر الحالي المتعلق بأساليب سرقة السيارات، إذ تظهر بيانات الحواسيب الوطنية لدى جهاز الشرطة بأن أحدث برمجيات الأمان التي قدمناها أثبتت فاعليتها الكبيرة في مواجهة أحدث طريقة لسرقة وحدة التحكم بالسيارة وذلك مع سرقة 0.2% من سيارات رانج روفر الجديدة وسيارات رانج روفر سبورتس الجديدة منذ كانون الثاني 2022، وسنواصل العمل على التصدي لكل أساليب السرقة المعروفة، كما نحث أي عميل لشركتنا على التواصل مع جهة البيع المرخصة لضمان تزويد مركبته بأحدث برمجيات الأمان".
كيف تحمي نفسك؟
قفل المقود: أفضل طريقة لإبعاد اللصوص عن سيارتك تتمثل بالطريقة القديمة لقفل مقود السيارة، وذلك لصعوبة تحريكها بعد ذلك، بخلاف عملية القفل بواسطة المزلاج المفرد للباب والتي ترى قوات الشرطة بأنه بوسع اللصوص فتحها عبر إدخال أداة من الزاوية والعمل على دفع ذلك المزلاج.
حقيبة فاراداي: من الطرق المهمة لحماية سيارتك التي تعتمد تقنية الفتح من دون مفاتيح، استخدام حقيبة فاراداي التي تمنع إرسال إشارة المفتاح واستقبالها كونها لا تستطيع اختراق المادة.
جهاز التعقب: قد تستفيد الشرطة عن تركيبك لجهاز تعقب في سيارتك حال سرقتها، لأن هذا الجهاز يشتمل على تحديد الموقع الجغرافي وحلول تعقب المركبة، وبعض تلك الأجهزة تركب بشكل احترافي، لتقوم أنت بدفع اشتراك سنوي مقابل تركيبها، في حين تباع أنواع أخرى في الأسواق، وبعض بوليصات التأمين تشترط تركيب جهاز تعقب في السيارة.
مانع الحركة: معظم السيارات الحديثة مزودة بمانع حركة، ولكن شركات التأمين تطلب تركيب جهاز إضافي لأن اللصوص يعرفون مكان الجهاز الأصلي وكيفية تعطيله، أما جهاز مانع الحركة الخفي فلا يسمح بتحريك السيارة إلا بعد إدخال الرمز الشخصي PIN إما عبر الضغط على أزرار المقود وفقاً لمجموعة فريدة من الحركات أو عبر أزرار لوحة العدادات.
المصدر: The Times
