icon
التغطية الحية

كيف تخلت "الإدارة الذاتية" عن مشروع الفيدرالية؟

2019.02.17 | 14:02 دمشق

مؤتمر صحفي لما يسمى "المجلس التأسيسي لنظام الاتحاد الديمقراطي" شمال سوريا (فيسبوك)
الحسكة - باز بكاري - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

فرض قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب؛ القاضي بالانسحاب من سوريا، قواعد جديدة للعبة في سوريا، خاصة فيما يتعلق بمصير المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرق البلاد، فالقرار الأمريكي المفاجئ والمتزامن مع تصعيد تركيا لتهديداتها بشن عملية عسكرية تستهدف "قسد"، جعل التكهن بمصير المنطقة صعباً جداً.

فالإدارة الذاتية أصبحت اليوم أمام خيارات محدودة، في مواجهة انسحاب الحليف الذي كان يؤمن لها الحماية من أي هجوم ترك ، قد يذهب بكل ما اكتسبته طوال السنوات الماضية، بالرغم من التأكيدات الأمريكية أنها لن ترحل دون ضمان عدم استهدافها، وفي المقابل تطرح روسيا الخصم اللدود للولايات المتحدة الأمريكية عودة النظام للانتشار في المنطقة خاصة على الحدود بين تركيا وسوريا، مناطق نفوذ الإدارة الذاتية.

في خضم ذلك تتحرك قيادات الإدارة الذاتية على الصعيد الدبلوماسي لتحقق تحالفات جديدة تحميها من التهديد التركي، ومن ضمن الخيارات المطروحة أمام الإدارة الذاتية القبول بالعرض الروسي، القاضي بعودة النظام، وفق لخريطة طريق توصل الطرفين إلى توافق بضمانة موسكو.

في غضون ذلك، نشرت صحيفة الشرق الأوسط، ما سمَّتها بنود خريطة الحل، والتي تضمنت أحد عشر بنداً مقدمة من الإدارة الذاتية للجانب الروسي لتطرحها على النظام، البنود الأحد عشر- بالرغم من أن الإدارة الذاتية قالت إنها ليست دقيقة في كل تفاصيلها، لكنها تدل على أن طرح الإدارة الذاتية يتضمن اعترافاً متبادلاً بين النظام والإدارة بحيث يضمن الأول انتشاره في كامل المناطق التي تسيطر عليه قوات الإدارة الذاتية، في مقابل حماية الطرف الثاني من أي هجوم تركي، وأيضاً من الملاحظات التي جاءت على البنود المنشورة، أنها لم تتطرق لفكرة الفيدرالية التي كانت قد أعلنتها الإدارة الذاتية قبل سنوات.

هل الوثيقة المنشورة صحيحة؟

رياض درار الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية، وفي تصريح خاص بموقع تلفزيون سوريا قال إنه "بالنسبة لخريطة الطريق التي نشرتها الشرق الأوسط قريبة من الصحة، ما عدا البند الذي يتعلق بذكر اسم الرئيس بشار الأسد، نحن لم نتطرق إلى ذكر الشخص، ولم نتحدث عن مركز الرئاسة في هذه الورقة".

وتابع درار "الوثيقة صحيحة من حيث المبدأ، وقد تقدمنا بهذه الوثيقة التي هي خريطة طريق، للوسيط الروسي، وهو بدوره قدمها لدمشق، لذلك نحن بانتظار أن يكون هناك رد على هذه الوثيقة، لأنه لم يأت رد حتى الآن".

من جانبه أكد القيادي في الحزب اليساري الكردي وعضو ممثلية الإدارة الذاتية في إقليم كردستان فتح الله حسيني، وفي تصريح خاص لموقع تلفزيون سوريا أكد أن "مناقشة المقترح مع الجانب الروسي تمت في اجتماع عقد مؤخرا في موسكو، وقد توصل الجانبان الكردي والروسي إلى صياغة هذا المقترح من أجل طرحه للتفاوض مع النظام السوري للوصول الى تسوية سياسية بين الجانبين الأساسيين في المعادلة السورية".

التخلي عن فكرة الفدرالية

يقول الصحفي الكردي علي نمر في حديثه لموقع تلفزيون سوريا "تمّ التخلي عن فدرالية روج آفا قبل ثلاث سنوات، أيّ قبل وجود أثر؛ أو مجرد تفكير لهذه البنود، والحديث عنها بالاسم لا يعني إقرارها قانونيّاً، وبالرجوع إلى مواد العقد الاجتماعي يظهر جليّاً أن طرح المفهوم كان اجتهاداً، ولم تتم دراسة حالة المكونات وتمثيلهم السياسي جيداً التي تعتبر أهم عوامل نجاح المفهوم في حال تطبيقه، لذلك رغم تبيان ذلك في العقد الاجتماعي فإن ما طبق وما قيل على لسان ممثلي الإدارة كان متناقضاً، لذلك هي الآن أكثر مرونة في تناولها؛ أو طرحها لمختلف التسميات".

بدوره يؤكد رياض درار تخلي الإدارة الذاتية عن فكرة الفدرالية قائلاً "كما تلاحظ حين نتحدث عن الإدارة الذاتية فنحن نتحدث عن صيغة اللامركزية في المشروع، وليس مشروع الفدرالية، لأنه بالفعل نحن لم نعد نتحدث عن الفدرالية، بعد أن تبنينا مشروع اللامركزية الديمقراطية في مؤتمر مجلس سوريا الديمقراطية الثالث".

صمت أمريكي

"بكل تأكيد الإدارة الذاتية ما زالت جزءاً من سوريا كخريطة وكجغرافيا وسيادة، لذلك فإن الجانب الأمريكي لن يكون في موقف مضاد للمفاوضات لأنه بالنهاية لم يطرح أحد مسألة تقسيم سوريا ليكون الأميركي داعما للجغرافيا التي يسيطر عليها الكرد وشركاؤهم، ويكون الروسي داعماً للجغرافيا التي يسيطر عليها النظام، في ظل توافق روسي أمريكي". يقول عضو ممثلية الإدارة الذاتية في إقليم كردستان.

من جانبه يوضح درار أن التنسيق بين الإدارة الذاتية وواشنطن محصور في العمليات القتالية ضد تنظيم الدولة، ولا يوجد تدخل أمريكي في التحركات السياسية للإدارة قائلاً "الشراكة والتحالف مع قوات التحالف بما فيها الفرنسية والأمريكية، كانت حول قتال داعش، ولم ننسق في مسألة الانسحاب الأمريكي، بالإضافة إلى أنهم لا يتدخلون في طريقة إدارتنا لمشروع الحل السياسي، كوننا لم نُدعَ للتفاوض لا في جنيف، ولا في أستانا، ولا في أي موقع آخر، ومن حقنا أن نطرح بالأسلوب الذي نراه مناسباً مشروع الحل السياسي".

هل سيحمي الاتفاق مع النظام المنطقة من أي هجوم تركي؟

يقول درار "نحن ما زلنا نؤكد، أننا نريد علاقات طيبة مع الجار التركي، وأن يكون بيننا حسن جوار، ونحن لم نعتد عليه ولا نهدد أمنه القومي، بشكل من الأشكال، ولذلك فنحن في هذه الحالة، عندما نتقدم بالحل السياسي، مع النظام السوري، نحن مثلنا مثل بقية الأطراف التي تسعى أيضاً للحل السياسي عبر التفاوض".

ويكمل الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية حديثه "لا نعتقد أن تفاهمنا مع السلطة في دمشق، سيحول دون تدخل الأتراك، هذه قضية مرجعها إلى الأتراك أنفسهم، وتصورهم للمسألة في سوريا، لكن علاقتنا هنا ستكون شكلاً من أشكال التنسيق السوري- السوري، وأي اعتداء على الحدود السورية، قبل التنسيق وبعد التنسيق، سيكون اعتداء على دولة جارة أولاً، ثانياً سيكون تجاوزاً لحقوق وسيادة البلد الجار".

موسكو ضامن حيادي أم منحاز؟

وعن مدى حيادية الجانب الروسي في اتفاق يجمع حليف موسكو أي النظام ، مع طرف سوري آخر يقول الصحفي علي نمر  "هذه ليست مشكلتهم، وإنما مشكلة دول أصدقاء المعارضة (عرب، وأجانب) الذين خذلوها، وتنازلوا عنها، بالنهاية لا يمكن الاتفاق على أيّة مبادرات دون توافقات وتنازلات من الطرفين، وعلى الإدارة الذاتية التخلص من حالة التخبط في التصريحات المتناقضة، والتفكير الجدي بالحلول الوسط منعاً من حدوث تجربة عفرين ثانية في شرق الفرات، والانتصارات التي حققتها قوات سوريا الديمقراطية على تنظيم الدولة الإسلامية على الأرض عسكريّاً، يجب أن يتوّج بانتصار سياسيّ أيضاً" وفق تعبيره.

أما عن قبول النظام بطرح الإدارة الذاتية أو رفضه فيجد الـ "نمر" أن " كلا الطرفين موافقان على الطرح، لكن كل طرف يتجنب إبداء الموافقة منذ المفاوضات الأولى التي جرت بينهما، وعملياً في قياس قوة البنود كمكسب لكليهما، أعتقد لا اختلاف، خاصة في النقاط المرتبطة بالسيادة الوطنية من وحدة الأراضي السورية والجيش، باقي النقاط ليست جوهرية وهي في الأصل حق طبيعي من حقوق الشعب الكردي كونها ثاني قومية في البلاد، وفي ظل التوازن الدولي الجديد، تتوفر فرصة تاريخية جدية لوضع حد لسياسات إنكار الوجود، والظلم الذي لحق بهم. من هنا، فإن على النظام والمعارضة معاً، أن يَعُوا تماماً أنه لا يمكن حل أزمات المنطقة حلاً حقيقياً، دون تأمين حل ديمقراطي عادل لهذه القضية، والاعتراف المتبادل بالحقوق، لذلك هي حق وليست منيّة من أحد".

كلمات مفتاحية