قيصر الذي أطال عمر الإدارة الذاتية

2020.06.15 | 00:00 دمشق

aasadadkjkjklh10.jpg
+A
حجم الخط
-A

لولا قانون قيصر، لجرى تفكيك "الإدارة الذاتية الديمقراطية" التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، بعد أن فقدت عوامل وجودها ومبرراته، خاصة بعد نجاح العملية العسكرية التركية الأخيرة؛ في المنطقة الحدودية السورية الواقعة شرقي نهر الفرات، وتقاسم عدة دول بينها سوريا، مناطق واسعة كانت تحت نفوذ تلك الإدارة.

نظام الأسد الذي خرجت "الإدارة الذاتية الديمقراطية" من تحت عباءته قبل عشر سنوات، وكانت بمنزلة حديقته الخلفية، التي وفرت له ثروات المنطقة الاستراتيجية، ومنحته الفرصة للتفرغ للخطر الوجودي الذي كان يتهدده في معاقله الرئيسية، يريدها اليوم أيضاً ولكن لسبب مختلف، فهي ستكون بمنزلة الرئة التي سيتنفس من خلالها؛ من الحصار المطبق الذي سيتم فرضه عليه بموجب قانون قيصر، وهو ما لن يتمكن من الحصول عليه، إذا ما قام بتفكيك الإدارة ومتابعة رفع علمه على بقايا مناطق نفوذها، حيث ستتعرض هذه بدورها للحصار باعتبارها جزءاً من "سوريا الأسد"، وستتحول إلى عبء عليه، ولن يبقى له بذلك أي منفذ يمنع خنقه.

يريد الأميركيون بدورهم بقاء إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي، التي وفرت لهم موطئ قدم على الأرض السورية، وكانت بمنزلة الخزان البشري؛ الذي وفر لهم المقاتلين مجاناً تقريباًـ لقتال تنظيم "الدولة"، وبعد أن كانت مناطق الإدارة بمنزلة ملعب نظام الأسد، وقد شهدوا ذلك بأعينهم طوال سنوات، يريدون الآن حرمانه منها وتوجيه الضربة القاصمة عبرها، فقد أدركوا أهميتها بالنسبة إليه ويعتبرونها بمنزلة "اليد التي توجعه"، والتي سيسعون للإمساك بها بقوة وإيذائه عبرها.

وهكذا تقاطعت المصالح الأميركية مع مصالح نظام الأسد، في الإبقاء على "الإدارة الذاتية"، وأبعد من ذلك، تقاطعت مصالحهما في تطعيم تلك الإدارة وتغطيتها بقشرة المجلس الوطني الكُردي، كلٌّ منهما لأسبابه الخاصة، ولعل أحد الأسباب المشتركة بينهما في هذا الشأن، هو عمل كلاهما على تحقيق هدفه دون منغصات، النظام في التنفس عبر المنطقة والأميركان في حصاره منها، وهنا يصبح إرضاء الأتراك أولويةً للطرفين، ويكون ذلك من خلال تأمين ممر آمن لإخراج حزب العمال الكُردستاني من المنطقة، وتغيير شكل الإدارة بطريقة تجعلهم يعيدون النظر، أو يؤجلون عملية عسكرية جديدة في المنطقة.

بناءً على ذلك، ورغم أن مفاوضات "توحيد الصف الكُردي" بين المجلس الوطني الكُردي وحزب الاتحاد الديمقراطي ضرورة كُردية، فإنها ستبقى تراوح مكانها، وقد بدأت المطبات تظهر بالفعل بعد بداية سريعة، تحدثت عن توافقات كبيرة أثارت لغطاً أكبر، وكلما أُزيل أحد العوائق من طريقها فسيظهر آخر، وحتى إذا توصل الطرفان إلى اتفاق الحد الأدنى، فلن يجري تنفيذه بطريقة مفيدة، بل سيعمد حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يلعب عادةً على كل الحبال ويراهن على عامل الوقت؛ إلى وضع العصي في العجلات، بحيث لن يحصل المجلس الوطني الكُردي؛ مقابل الرضا بلعب دور اللاعب الذي لا بد منه لاستمرار اللعبة، سوى على بعض الرشى الشخصية، وذلك كلما ارتفعت أصوات أنصاره المتذمرة.