icon
التغطية الحية

قيادة متهورة تودي بحياة لاجئ سوري في كندا وصحيفة تنتقد حكم القضاء الكندي

2022.04.08 | 13:29 دمشق

2022-03-14t165132z_193422660_rc2g2t9ywcp9_rtrmadp_3_ukraine-crisis-canada-stocks.jpg
شارع في تورنتو ـ رويترز
تورنتو صن - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

يستحق اللاجئ مروان شعبو ما هو أكثر من هذا الحكم من قبل النظام العدلي في بلد اللجوء الذي يحبه، فقد هرب هذا الرجل الذي بلغ من العمر 63 عاماً من الحرب في سوريا وبدأ حياة جديدة في كندا برفقة زوجته وابنته، وكان يسعى للم شمل ولديه، حتى يلتقي بأحفاده الذين استقروا كلاجئين في الولايات المتحدة وبريطانيا.

Marwan Chabou was struck and killed by an inattentive driver in Scarborough on Jan. 24, 2018.

اللاجئ السوري مروان شعبو الذي قضى بحادث مروري في كندا

إلا أن تلك الفرصة لم تتح له، إذ كان يعبر الشارع في سكاربورو عندما كانت الإشارة خضراء، في ساعة متأخرة من صباح يوم جميل ومشرق في 24 من كانون الثاني عام 2018، وفي تلك الأثناء اقتربت "هولان هي" من التقاطع بسيارتها الفورد، بعدما خرجت لتوها من اجتماع للأهالي بكنيسة تجمع الراعي الصالح بدائرة بامبورف، وكانت الإشارة ماتزال حمراء لما لا يقل عن 11 ثانية، بيد أنها لم تتوقف، بل تابعت القيادة، فصدمت مروان وأردته قتيلاً، ليصبح ضحية من ضحايا حوادث المرور بين صفوف المشاة في تورنتو خلال ذلك العام.

وقد طالبت هي، 58 عاماً، وهي ربة بيت ومعلمة في مدرسة الأحد، بالبراءة بعد تسببها بالقتل بسبب قيادتها المتهورة، حيث ذكرت أمام المحكمة أنها كانت بحالة أشبه بالحلم، وهي تفكر بصديقتها التي توفيت منذ فترة قريبة بسبب إصابتها بسرطان في المعدة، وتركت ابنها يعاني من مشكلات عقلية ونفسية.

إلا أن القاضي روبرت غولدشتاين رفض دفاعها وأصدر إدانته بحقها في شهر تشرين الثاني الماضي، إذ قال: "ما حدث أكبر من هفوة لحظية في الحكم أو عدم انتباه آني، لأن ما حدث يمثل فترة طويلة من الغفلة، دون محاولة للفرملة، حتى في اللحظة الأخيرة، عندما كان السيد شعبو مايزال في مرمى بصرها مباشرة لبعض الوقت".

وفيما وصفه القاضي بتصريح "تنفطر له القلوب بكل تأكيد" حول الأثر الذي تعرض له الضحية، أعلنت أرملة السيد شعبو، نهى باشور، بأن زوجها كان يسعى جاهداً لمساعدتهم على الاستقرار في حياتهم الجديدة، حيث قالت: "لقد خلق لنا محيطاً ومجتمعاً، وحصل على شهادة للقيادة، واشترى سيارة فكان يأخذنا إلى كل مكان يتعين علينا الذهاب إليه، سواء إلى الكنيسة أو مركز المدينة، أو لعيادة الأطباء، أو لزيارة أصدقاء جدد، وكان يأتينا بكل ما نحتاجه. لقد قدم مروان الكثير من التضحيات من أجلنا، دون تذمر أو يأس".

ولهذا أصبح أبناؤها اليوم يبكون فقد والدهم وخسارة أبنائهم الذين لم يتعرفوا على هذا الجد الرائع، كما أن ابنته التي تعتبر "صغيرة أبيها" أصبحت تعاني على المستوى العاطفي جراء اشتياقها لأبيها العطوف الذي كان يحميها.

وقد كتبت نهى عن ذلك قائلة: "بالنسبة لي، بوسعي أن أقول إن خسارتي كانت الأكبر، لأني فقدت أفضل صديق وحب حياتي ومن كان يساعدني ويدعمني، ولهذا أصبحت وحدتي كبيرة، لأن الفراغ الذي خلفه كبير، إذ أتمنى كل يوم أن أسمع صوت مفاتيحه في الباب، وصوته وهو يناديني: نهى لقد عدت إلى البيت!"

والحق يقال هنا إن هو-لان هي جنت بحق تلك الأسرة إلى حد كبير، إذ لم تكن مسرعة بسيارتها ولا تحت تأثير المخدرات أو الكحول، كما لم تكن تتحدث عبر هاتفها، ولم يسبق لتلك المرأة أن وصلتها أية مخالفة مرورية لتجاوز السرعة، ولكنها قتلت ذلك الرجل الطيب، ولهذا ألا تستحق أن تمضي بعض الوقت في السجن؟

يحكم على المتسبب بالقتل بسبب القيادة المتهورة بالسجن لمدة أقصاها 14 عاماً، وقد قام البرلمان برفع تلك المدة لتصل إلى المؤبد، إلا أن كل ذلك بقي حبراً على ورق، وذلك لأن السائق الذي يقود سيارته بتهور لا يحكم عليه حتى بمدة قريبة من هاتين المدتين.

ولكن على الأقل ذكرت جهة الادعاء ممثلة بباتريك وودز بأنه ينبغي على تلك المرأة أن تسجن لمدة عام وأن تحرم من القيادة لمدة خمس سنوات، في حين طالب محامي الجانية بإيقاف تنفيذ الحكم أو جعله مشروطاً.

إلا أن القاضي غولدشتاين حكم على الجانية بالسجن لمدة سنة ونصف ستقضي ستة أشهر منها تحت الإقامة الجبرية، مع حرمانها من قيادة السيارة لمدة ثلاث سنوات ونصف، وعلق على ذلك الحكم بقوله: "ما فعلته كان غاية في الخطورة، إذ لم تعر أي انتباه وهي تقود سلاحاً  فتاكاً في شوارع المدينة المزدحمة".

بيد أن القاضي يعتبر الجانية أقل السائقين المتهورين خطورة، ولهذا يقول: "من واجب المحاكم حماية العامة من تصرفات السائقين المتهورين، كما أن هنالك حاجة أقل لمنع وإدانة سلوك السائقين الذين يلتزمون بالقانون بطريقة أخرى لكنهم يبدون سلوكيات عابرة أقل خطورة".

وهكذا أزهقت روح، وتشتت أسرة، على يد سائقة غافلة أصبح بوسعها أن تفكر بما اقترفته يداها وهي تنعم بالراحة في بيتها.

 المصدر: تورنتو صن