icon
التغطية الحية

قصة فلبينية أنقذت غيرها من العاملات المنزليات خلال حصار حمص

2024.01.04 | 19:23 دمشق

ئءؤر
صورة تعبيرية عن إخراج العاملات الفلبينيات من مدينة حمص إبان حصارها
Medium - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

قبعت ألما غوياو في المقعد الخلفي لسيارة أجرة متداعية في الوقت الذي كانت تسمع فيه أصوات إطلاق نار متواصلة من بندقية رشاشة على مسافة قريبة منها. وأثناء القيادة بسرعة في شوارع المدينة المقفرة، ناور السائق ليبتعد عن معارك دارات بالبنادق والرشاشات بين جنود النظام وقوات المعارضة.

كانت غوياو التي تعود أصولها للفلبين تعمل خادمة في سوريا طوال فترة امتدت لأكثر من عامين عندما اندلعت الثورة في عام 2011، إذ كغيرها من مئات الفلبينيات، كانت بحاجة للعمل خارج بلدها حتى تكسب المال الذي لا يتوفر في بلدها الفقير، ولذلك هنالك أكثر من مليون فلبيني يعملون في مختلف دول العالم حتى يرسلوا الأموال لذويهم وأهلهم في بلدهم.

تعلمت غوياو اللغة العربية بعدما عاشت في مدينة حمص وعملت بها، وأصبحت تعرف المنطقة تمام المعرفة أثناء تأديتها لمهامها التي كلفها بها أرباب عملها وخلال تواصلها مع غيرها من أبناء جلدتها الفلبينيين، وبعد عام على اندلاع الثورة في سوريا، قررت البقاء في البلد مثلها مثل غيرها من العاملات الفلبينيات.

تمنت تلك النسوة للاضطرابات أن تنتهي، ولكن بالنسبة لمن كن يعشن في مدينة حمص، بات الوضع مختلفاً، لأن المدينة بحلول مطلع عام 2012 أضحت مركزاً لأشرس المعارك في ظل قصف مدفعية النظام ودباباته، في حين سيطرت قوات المعارضة على مساحات شاسعة من المدينة.

شهدت حمص أشنع الأعمال الوحشية في النزاع السوري، كما عاشت أشد حروب العصر الحديث رعباً، إذ وصل النزاع إلى أسوأ مراحله هناك في شهر شباط، خلال الفترة التي باتت تعرف اليوم بحصار حمص، وفي تلك الفترة بالتحديد قتلت قوات النظام المراسلة الأجنبية الأسطورية ماري كولفن.

 

تكريم العاملة المنزلية الفلبينية ألما غوياو التي أنقذت كثيراً من بنات بلدها وأخرجتهن من حمص إبان الحصار

 

في خضم تلك المعمعة، أدركت غوياو بأن عليها الرحيل من هذا البلد، فبدأت في أواخر عام 2011 بإجراء زيارات للسفارة الفلبينية بدمشق وذلك حتى تساعد غيرها من العاملات المقيمات في حمص على الخروج من سوريا، لأن بعض الفلبينيات الصغيرات بالسن اللواتي كن يعملن في مدينة حمص المحاصرة لم يكن يتحدثن العربية، ولهذا بات من الصعب عليهن العثور على طريقة للخروج منها.

إلا أن غوياو تمكنت من جلبهن من الأماكن التي يعملن فيها، وأمنت لهن سيارات أجرة، وتفاوضت على الطريق الذي يمر بين حواجز مختلفة، ورافقتهن إلى السفارة الفلبينية وأمنت لهن طريقاً آمناً حتى يعدن إلى بلدهن.

ثم خططت للخروج من سوريا والعودة إلى بلدها بعد أن تخرج أكبر عدد ممكن من زميلاتها، وعندما أرسلت حكومة الفلبين فريقاً متخصصاً بعمليات الإخلاء ليساعد المواطنات الموجودات هناك وليعيدوهن إلى بلدهن، اعتقدت غوياو بأنها أنجزت مهمتها على أكمل وجه، إلا أنها كانت مخطئة.

إذ بسبب انعدام الاستقرار في حمص، أجبر النظام السوري فريق الإخلاء الفلبيني على البقاء في العاصمة دمشق، ولذلك لم يعد بوسع هذا الفريق إخراج الفلبينيات العالقات في حمص، إلا أن غوياو بدلاً من أن تقبل بعرض العودة الذي قدمته لها حكومة بلدها، قررت الرجوع إلى المدينة والتطوع بالبقاء في سوريا لتساعد أكبر عدد ممكن من بنات بلدها على العودة إلى وطنهن.

كانت غوياو قد أنقذت أكثر من 12 امرأة من تلك المدينة، ولكن بحلول شباط 2012، تغير الوضع كلياً هناك، إذ بدأ حصار حمص، وأصبح العالم بأسره يتابع أخبار المدينة وهي تهوي نحو الجحيم جراء القصف المتواصل وقتال الشوارع والإعدامات وحالات الاغتصاب الممنهجة. ولذلك سافرت غوياو بمفردها في سيارة أجرة لتصل إلى ذلك الكابوس أكثر من عشر مرات وهدفها العثور على فلبينيات وإخراجهن من تلك المدينة.

صورة تعبيرية عن إخراج العاملات الفلبينيات من مدينة حمص إبان حصارها

 

تعليقاً على ما فعلته، قال العضو السابق في الكونغرس الفلبيني، والكن بيلو: "قامت (غوياو) برحلات كثيرة من هذا النوع بواسطة سيارة أجرة، ورافقت النساء بنفسها، أي أنها دخلت منطقة الخطر وخرجت منها أكثر من مرة، ولهذا نعبر لها عن عميق امتناننا".

يعود الفضل لغوياو، وهي أم لطفل وحيد، في إنقاذ 25 فلبينية من مدينة حمص، ولهذا عندما عادت إلى بلدها قلدتها وزارة الخارجية جائزة تليق بها.

وعنها يقول بيلو: "إنها بطلة حقيقة كونها تولت مهمة إنقاذ يتألف فريقها من شخص واحد فقط".

 

المصدر: Medium