icon
التغطية الحية

قصة حلواني سوري تذوق البيت الأبيض والرئيس كارتر حلوياته

2021.04.13 | 06:58 دمشق

img_1612.png
فويس أوف أو سي- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

ظل أصحاب المشاريع التجارية من المهاجرين العرب الذين يحملون الجنسية الأميركية يقدمون شيئاً من ثقافتهم عبر الأطعمة والألبسة بل حتى من خلال الشيشة على مدار سنين طويلة.

ولهذا نجد من لديه استعداد لقطع ساعات بالسيارة بغية الاستمتاع بالنكهة الأصلية للكنافة والبقلاوة والعوامة العربية التقليدية وكذلك الأمر بالنسبة للبوظة العربية.

وهذا ما فعله ماهر نخال صاحب محل لو ميراج للحلويات في منطقة باتت تعرف باسم منطقة العرب الصغيرة في مقاطعة أورانج بكاليفورنيا، والذي أخذ يبهج كل من يقصده قاطعاً مسافات طويلة وكذلك أبناء وأهالي تلك المنطقة بأصناف متنوعة من الحلويات التي تعود أصولها لبلده سوريا، وذلك على مدار عدة سنوات.

وعن ذلك يقول ماهر: "لست بحاجة للسفر إلى سوريا لترى ثقافتها، إن كان بوسعك المجيء إلى منطقة العرب الصغيرة. إذ لست بحاجة للذهاب إلى دمشق حتى تتناول الشاورما، إذ لدينا شاورما هنا. وإن كنت ترغب بتناول البقلاوة فلدينا بقلاوة لذيذة هنا".

 

 

وماهر نخال ينتمي لمجتمع الأعمال السوري الذي بدأ يتشكل قبل عقود في تلك المنطقة بعد ظهور جامع ومدرسة إسلامية قبالة شارع بروكهيرست.

وقد ساعد المجتمع الإسلامي في مقاطعة أورانج، وهي منطقة إسلامية مقدسة مخصصة للعبادة، على إطلاق سلسلة من المشاريع التجارية ضمن الجزء الذي بات يوصف بأنه غير مقدس ومتهالك وذو مستوى متدن ضمن مدينة أناهايم بكاليفورنيا.

إذ في الوقت الذي نجد فيه مسجداً في غاردن غروف، نجد كثيرا من المشاريع التجارية التي تعود لأميركيين من أصول عربية، مثل مشروع سوق الطيبات، وقد فتحت أبوابها في ذلك الشارع من تلك المدينة. حيث قام هؤلاء التجار بترميم الجزء المتهالك من المدينة فحولوه إلى مقصد ثقافي من دون أن يحصلوا على أية مساعدات من قبل بلدية المدينة، إذ تمت عمليات الترميم بجهود أصحاب المشاريع التجارية من المسلمين والمسيحيين على حد سواء.

وعلى مدار عقود طويلة ظل بعض أصحاب تلك المشاريع التجارية وأبناء هذه الجالية التي يقدمون خدماتهم لها يطالبون ولاة الأمر في تلك المدينة بالاعتراف بجهودهم وذلك عبر تعليق لوحات تعريفية عن هذه المنطقة التي تحولت إلى مركز ثقافي مزدحم يضم مختلف أنواع الأطعمة والمطابخ، والذي بات يعرف باسم منطقة العرب الصغيرة أو ليتل آرابيا.

 وعن ذلك يقول ماهر : "لا بد لذلك أن يخدم الجالية العربية، كما سيخدم الآخرين في هذه المنطقة أيضاً، ولهذا أتمنى أن يعلقوا لافتة للمكان".

الحلويات- جواز سفر إلى أميركا

تعلم ماهر هذه الصنعة عندما كان صبياً بعمر الخامسة عشرة وذلك عندما كان يعمل في مخبز بسوريا، ومنذ ذلك الحين خصص جلّ حياته للخبز، وعن هذا يقول: "أعمل في مجال الخبز منذ عام 1979".

وبعد تطوير مهاراته في هذا المضمار، أصبح ماهر الطاهي التنفيذي في فندق لو ميريديان بدمشق وبقي في عمله هذا لمدة سنتين، ويحدثنا عن تجربته هنا فيروي لنا الآتي: "أتى جيمي كارتر لزيارة سوريا، ولم يكن حينئذ رئيساً، حيث أتى بغرض الزيارة فقط، وتذوق الحلويات التي صنعتها، فأعجب بها أيّما إعجاب، ثم حمل معه بعض البقلاوة عندما سافر إلى القدس".

وأضاف ماهر بأن كارتر أرسل له كتاب شكر على الحلويات التي صنعها.

ثم أصبح ماهر وهو صبيّ يحلم بالسفر إلى الولايات المتحدة بعدما تزوجت شقيقته وانتقلت للعيش في أميركا، وهذا ما شرحه لنا بقوله: "في ذلك الوقت، كنت أحلم بالسفر إلى الولايات المتحدة ولهذا سألت شقيقتي عما هو مطلوب حتى أتمكن من السفر إلى هناك، فأخبرتني أنني يجب أن أكون صاحب مهنة".

واقترحت عليه أخته أن يمارس مهنة الخبز.

 

ويعلق ماهر على ذلك بقوله: "عندما أخبرتني بذلك، ذهبت من فوري إلى أحد المخابز وبدأت أخبز، حيث حددت هدفي بالخبز وعشقت هذه المهنة، لدرجة أنها أصبحت تحتل قلبي وتسري في دمي، ولهذا السبب نجحت في عملي".

وهكذا، وبعد عمله كطاهٍ تنفيذي، سافر ماهر إلى كاليفورنيا في مطلع تسعينيات القرن الماضي ليحقق حلم طفولته، فعمل لدى محال الحلويات هناك قبل أن يقيم مخبزاً له في واشنطن، وهذا ما يعلق عليه ماهر بالقول: "كنا نبيع البقلاوة للبيت الأبيض".

ثم انتقل ماهر إلى كاليفورنيا بعد العمل في واشنطن، وفي أوائل الألفية الثالثة افتتح متجراً خاصاً به سمّاه: لو ميراج باستري، في منطقة ليتل آرابيا بمدينة أناهايم.

لو ميراج باستري والحلم الأميركي

يخبرنا ماهر أنه كافح كثيراً في البداية حتى يحصل على متجر، لكنه في نهاية الأمر حقق هدفه بافتتاح مشروعه الخاص والذي استطاع أن يوسعه بمساعدة زوجته وأسرته، وذلك لأن عمله لم يقتصر على المخبوزات فحسب، بل أيضاً بدأ يقدم خدمات الإطعام عبر تقديم وجبات سورية، واستمر على هذا المنوال حتى اليوم.

وتعليقاً على ذلك يخبرنا فرحان عثماني صهر ماهر بما يلي: "تتعرض المشاريع التجارية لأوقات عصيبة في بداياتها، لكنها تستعيد نشاطها ببطء ورويداً رويداً، لتستمر في العمل، ولهذا أجدنا بنعمة كبيرة، إذ لا يفصل بيننا وبين مخبز بورتوس سوى كيلومترات قليلة، ولكن لدينا من يقصدنا من الزبائن بشكل خاص. قصارى القول إن كل مشروع تجاري يعيش حالات عسر ويسر".

هذا وقد أنشأ فرحان مؤخراً موقعاً إلكترونياً لمخبز لو ميراج بعدما خسر عمله خلال فترة تفشي الجائحة، وهو يحاول اليوم أن يسوّق لهذا المشروع إلكترونياً عبر وسائل التواصل الاجتماعي. كما أخذوا يبيعون الحلويات التي يصنعونها عبر الشابكة، وعلى ذلك يعلق فرحان بالقول: "قلب ماهر أطيب قلب، كما أنه يعشق ما يقوم به، وقد تعلمت منه كثيرا من الأمور".

وفرحان ليس الشخص الوحيد من بين أقرباء ماهر الذين يقومون بمساعدته في مشروعه التجاري، إذ يقوم ابن خالته محمود عثمان بمساعدته أيضاً، وذلك عبر الاهتمام بالجوانب المالية لذلك المشروع، وهنا يحدثنا السيد محمود فيقول: "إن المهارات التي يتمتع بها ماهر تجعل من مشروع لو ميراج مختلفاً ومتميزاً عن غيره بكثير وذلك بسبب الخبرات المتنوعة التي يمتلكها ليس فقط فيما يتصل بحلويات الشرق الأوسط، بل أيضاً فيما يتعلق بالحلويات الفرنسية والإيطالية".

وأضاف بأن ماهر قد قام مؤخراً أيضاً بإطلاق خط البوظة السورية وبيعها، بما أنها الشيء الذي لطالما حلم بالقيام به منذ فترة بعيدة.

 

ويعلق محمود على ذلك بالقول: "البوظة مميزة للغاية، وتتم صناعتها بطريقة فريدة، إذ تطرَق جميع المواد مع بعضها، أي أنها لا تشبه البوظة العادية الموجودة هنا".

ويخبرنا محمود بأن هذا المشروع التجاري تضرر بسبب الجائحة كغيره من المشاريع الأخرى، إلا أنه ذكر بأن الموقع الإلكتروني الجديد مع تطبيقات توصيل الطلبات مثل أوبر إيتس قد ساعدتهم على الاستمرار.

كما أشار السيد محمود إلى عشق ماهر لعمله وذلك عندما قال: "بوسعك أن ترى كم يحب عمله، وإنني لا أخبرك بذلك لأننا أقرباء، لكنني زرت كثيراً من الأماكن، ولهذا أجد حلوياته هي التي تعبّر من خلال طعمها عن أصالة أكثر من غيرها، كما أن نكهتها هي الأقرب لحلويات الشرق الأوسط".

 

المصدر: فويس أوف أو سي