icon
التغطية الحية

قتلى ضباط "الأسد".. حوادث اغتيال أم تصفية من النظام؟

2020.07.07 | 19:20 دمشق

bshar_2.jpeg
مَن الذي يقتل القادة والضبّاط في نظام الأسد؟ (إنترنت)
إسطنبول - سعيد غزّول
+A
حجم الخط
-A

تزايدت خلال الأيام القليلة الماضية، عمليات قتل واغتيال طالت قادة وضبّاطاً في قوات نظام الأسد ومخابراته، وسط أنباء ترجّح بأن المقتولين هم مِن المرتبطين بشكل مباشر في جرائم ارتكبها "النظام" بحق الشعب السوري، خلال السنوات العشر مِن الثورة السورية المستمرة.

أمس الإثنين، تناقلت مصادر إعلامية محلية نبأ مقتل العميد (علي جمبلاط) برصاص قنّاصة في منطقة يعفور بالعاصمة دمشق، و"جمبلاط" هو المرافق والمساعد الخاص لـ"ماهر الأسد" القائد الفعلي لـ"الفرقة الرابعة" وشقيق رأس النظام في سوريا.

وحسب موقع "كلنا شركاء" فإن "جمبلاط" الذي ينحدر مِن مدينة جبلة في ريف اللاذقية، ضالع في العديد مِن الإعدامات الميدانية واقتحام منازل المدنيين بالغوطة الشرقية وفي عموم ريف دمشق، فضلاً عن عمليات قتلِ وتعذيب بحق مدنيين أمام أطفالهم.

ويوم الأحد الفائت، تحدّثت أنباء عن اغتيال العميد في المخابرات الجوية (ثائر خير بيك) - الذي لا يُعرف عنه الكثير -، حيث قتل برصاص مجهولين أمام منزله في منطقة الزاهرة بمدينة دمشق. تزامناً مع مقتل رئيس فرع المخابرات الجوية بالمنطقة الشرقية العميد (جهاد زعل) برفقة عددٍ مِن عناصره - بظروفٍ غامضة - على طريق دير الزور - دمشق.

وحسب مركز أبحاث "مسارات الشرق الأوسط" فإن "الزعل" الذي ينحدر مِن الجولان المحتل، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بميليشيا "الحرس الثوري" الإيراني، وتحديداً مع "الحاج أبو صادق" أحد كبار ضباط الميليشيا، وتسلّم رئاسة فرع الجوية، أواخر 2017، وهي الفترة التي وسّعت فيها الميليشيات الإيرانية مِن سيطرتها على مدينة دير الزور وريفيها الجنوبي والشرقي.

اقرأ أيضاً.. مقتل "الزعل" رئيس فرع الجوية في المنطقة الشرقية والمقرب من إيران

وذكرت شبكات إخبارية أن (نزار زيدان) القيادي في "الفرقة الرابعة" قتل إثر انفجار عبوة ناسفة بسيارته في منطقة وادي بردى ريف دمشق، وذلك بعد أيام مِن اغتيال (بلال بدر رقماني) مسؤول الدراسات - التابع لـ فرع الأمن السياسي - في منطقة جبل الشيخ غربي دمشق، وذلك عبر استهدافه بأسلحة رشّاشة، وهما الضابطان اللذان تبنّت "سرايا قاسيون" عملية اغتيالهما.

وأضافت الشبكات الإخبارية أن العميد (معن إدريس) القيادي في "الفرقة الرابعة" أيضاً قتل، يوم 29 حزيران الفائت، برصاص مجهولين أمام منزله في منطقة "مشروع دمّر" بدمشق، وذلك بعد يومٍ مِن مقتل العميد (هيثم عثمان) الذي ينحدر مِن منطقة القرداحة - مسقط رأس النظام - في ريف اللاذقية، مشيرةً إلى أن سجلّي القتيلين حافلين بالجرائم لـ صالح "النظام".

ومع تزايد وتيرة الاغتيالات تحدّثت مصادر إعلامية عن اغتيال العقيد (سومر ديب) المحقّق في "سجن صيدنايا" سيئ الصيت والمعروف بـ"المسلخ البشري"، أمام منزله في حي التجارة بالعاصمة دمشق، حالة كـ حال الضبّاط الآخرين الذين قتلوا بظروف غامضة.

ونعت صفحات موالية لـ نظام الأسد، يوم 23 حزيران الفائت، مقتل اللواء (سليمان محمد خلوف)، الذي كان يشغل منصب مدير كلية الإشارة العسكرية في حمص، إضافةً لـ مقتل الملازم أول (بشار وفيق عالمة)، دون الإشارة إلى زمان ومكان مقتلهما.

وفي عام 2018، شُيّع مدير سجن صيدنايا العميد (محمود أحمد معتوق)، وسط تكتم "النظام" وعدم نشر خبر وفاته رسمياً، كما أُعلن عن حوادث سير مجهولة وأزمات قلبية، أسفرت عن وفاة اللواء الركن (أحمد خضر طراف) رئيس أركان إدارة المركبات في حرستا، والعقيد (مهند كعدي) المسؤول عن تأمين حماية مطار T4 العسكري شرق حمص، واللواء ركن (أحمد محمود غانم)، ومدير البحوث العلمية في منطقة مصياف بريف حماة (عزيز إسبر)، صاحب فكرة البراميل المتفجرة، والعديد مِن الضبّاط الذين قتلوا بظروف غامضة.

كذلك، قتل ضابطان كبيران لـ قوات النظام في ظروفٍ غامضة بدير الزور هما العميد (عصام زهر الدين) في الحرس الجمهوري، قتل عام 2017، والعميد (جامع جامع) رئيس المخابرات العسكرية في محافظة دير الزور، قتل عام 2013، إضافةً لـ مقتل كبار الضبّاط الذين كانوا يُشكّلون "خلية الأزمة" في دمشق، يوم 18 تموز 2012، إثر تفجير غامض ما تزال أصابع الاتهام تٌشير إلى أن خلفه "النظام" نفسه على خلفيةِ انقلاب كان تسعى إليه الخلية، وقتل في التفجير العماد حسن تركماني معاون "الأسد" للشؤون السياسية ورئيس الخلية، رئيس جهاز الأمن القومي (هشام بختيار)، وزير الدفاع (داوود راجحة)، نائب وزير الدفاع حينها وصهر "الأسد" (آصف شوكت)، وغيرهم.

 

مَن الذي يقتل القادة والضبّاط في نظام الأسد؟

في تصريح لـ موقع تلفزيون سوريا قال المحلل العسكري العميد ركن أحمد رحال إن عمليات الاغتيال المتزايدة بحق قادة وضبّاط نظام الأسد هي "بداية لـ عمليات تصفية بحق بعض الضبّاط الذين انتهت أدوارهم الوظيفية، أو أنهم مِن الذين يملكون معلومات لا تخدم النظام أو لهم تأثير عليه".

وأوضح "رحال" أن "كل مَن تورّط مع نظام الأسد في جرائم ضمن ملّفات معيّنة، فإن إغلاق تلك الملفات يكون بتصفية مَن اشترك بتلك الجرائم، كما حدث مع المشتركين في قتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري - على رأسهم اللواء غازي كنعان رئيس المخابرات السوريّة في لبنان سابقاً - فإن النظام قتلهم جميعاً.

وحسب "رحّال"، فإن "الجرائم التي تورّط بها القتلى مِن ضبّاط نظام الأسد هي جريمتا الكيماوي، وقتل الشعب السوري بشكل عام عبر أوامر القصف وتصفية المعتقلين داخل السجون، إضافةً لـ خط آخر يستدعي تصفية بعض مسؤولي النظام الذي يملكون أموالاً وثروات طائلة جنوها عن طريق تشكيل مافيات تهريب وخطف وإتاوات، خلال الحرب والسنوات العشر مِن الثورة السورية".

وفي معرضِ تصريحه أشار "رحّال" إلى معلومات عن مصادرة أموال تقدّر بنحو "8 مليار دولار" لـ مسؤولين اعتقلهم وزجّهم في السجون وقد يعمل على "تصفيتهم" لاحقاً.

واعتبر "رحّال" أن "جميع المجموعات التي تتبنى عمليات اغتيال قادة وضبّاط نظام الأسد ومنها (سرايا قاسيون، سرايا وطن) كلها عبارة عن خدعة إعلامية وأسماء وهمية تابعة لـ مخابرات النظام مِن أجل التغطية على عمليات التصفية التي ينفّذها بحق مسؤوليه وقادته وضبّاطه، الذين انتهت أدوارهم أو يشكّلون عبئاً عليه".

وتابع "أن ما يجري ليس أكثر مِن صراع داخل أجهزة مخابرات النظام فيما بينها"، مشيراً إلى صراع ضمن أجهزة الأمن ووزارة الدفاع القائمة بين قطبي وحليفي "النظام" روسيا وإيران، وبناء على ذلك يمكن أن تحدث بعض عمليات التصفية ضمن مسألة الولاء لـ أحد هذين القطبين، اللذين يتنازعان أساساً على توسيع نفوذهما في سوريا.

وشدّد المحلل العسكري العميد ركن أحمد رحال على أن "ما يحدث هو عبارة عن صراعات داخل النظام ولـ صالحه، بعيداً عن المتاجرة مِن بعض الموتورين الذين يتبنون تلك العمليات كالعادة"، معتبراً وجود تلك الجماعات التي تتبّنى عمليات الاغتيال "مجرّد خدعة إعلامية يستخدمها النظام للتغطية على جرائمه القذرة".

تكرّرت حوادث الاغتيال بحق قادة وضبّاط وشخصيات قيادية في نظام الأسد مِراراً، إلّا أن وتيرتها زادت مؤخّراً، حيث يرى العديد مِن المحليين السياسيين والعسكريين أن سلسلة تلك الحوادث هي "نتيجة تصفيات تتسبب بها المنافسة بين الأجهزة الأمنية وقادتها، وأحياناً خلافات على بعض الصفقات وعمليات الفساد"، بينما يرى آخرون أن "ما يجري مِن تصفيات داخل النظام تدخل في سياق إعادة تدوير نفسه والتخلص مِن جرائمه، عبر تصفية مرتكبيها ومنفذيها وإنهاء جميع الأدلة التي يمكن أن تدين رأس النظام والمقربين منه - يوماً ما - أمام المحاكم الدولية التي تلاحق جرائم الحرب المُرتكبة في سوريا".