icon
التغطية الحية

في رابع أيام الزلزال المدمّر.. هل فات أوان العثور على ناجين آخرين؟

2023.02.09 | 19:37 دمشق

زلزال سوريا
زلزال سوريا.. استمرار البحث عن ناجين تحت الأنقاض (الخوذ البيضاء)
إسطنبول - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

مع دخول الزلزال المدمّر في سوريا وتركيا يومه الرابع ومرور أكثر من 80 ساعة، تتضاءل الآمال في العثور على مزيد من الناجين تحت أنقاض المباني المدمّرة بفعل الزلزال، الذي خلّف - في حصيلة غير نهائية - دماراً هائلاً وعشرات آلاف الضحايا ومئات آلاف المشرّدين.

وتشير التقارير الإخبارية إلى أنّ الوقت ضاق جدّاً أمام فرق الإنقاذ للعثور على المزيد من الناجين في تركيا، رغم مدّها بالعديد من فرق الإنقاذ الدولية، وضاق أكثر في مناطق شمال غربي سوريا، التي يكافح فيها الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) وفق إمكانياته المتاحة وبمشاركة الأهالي فقط، في عمليات البحث، وسط أجواء جويّة سيئة تزيد من تعقيد عمليات الإنقاذ.

الوضع في سوريا

يُتوقع أن يرتفع عدد الضحايا بشكل كبير بعموم المناطق التي ضربها الزلزال المدمّر في سوريا، إذ ما تزال مئات العائلات عالقة تحت الأنقاض، في ظل ظروفٍ سيئّة على صعيد الطقس ووسائل الإنقاذ.

وتعاني مناطق شمال غربي سوريا حيث أودى الزلزال المدمّر بحياة آلاف الضحايا، من نقص كبير وحاد في المعدات والدعم لإنقاذ العالقين الذين كانت صرخاتهم، حتّى يوم أمس، تُسمع طلبا للمساعدة.

وكان الدفاع المدني السوري قد ناشد أكثر من مرّة، جميع المنظمات الإنسانية والجهات الدولية بضرورة تقديم الدعم المادي ومساعدة المنظمات التي تواصل الاستجابة للكارثة ومساعدة ضحايا الزلزال بشكل عاجل، ولم تدخل أية مساعدات إلى الآن.

اقرأ أيضاً.. دول عربية ترسل قوافل نفط ومساعدات للنظام السوري.. ماذا عن الشمال؟

الوضع في تركيا

نقلت صحيفة "الغارديان" البريطانية شهادات عمّال إنقاذ وسكّان مدينتين في الجنوب التركي، شكوا من تأخّر وصول فرق الإنقاذ إلى المناطق المنكوبة، ما أدّى إلى تضاؤل الأمل في العثور على أحياء، خاصةً مدينة كهرمان مرعش، حيث سويت العديد من مبانيها بالأرض، يقول بعض العمّال: إنّهم "يشمون رائحة الجثث في أثناء الحفر ورفع الركام".

وقال أحد السكّان في بلدة بازارجيك - الواقعة فوق مركز الزلزال المدمّر - في كهرمان مرعش، إنهم شعروا بالمرارة من المدة التي استغرقها عمّال الإنقاذ للوصول، ومعظمهم وصلوا صباح أمس الأربعاء، أي بعد يومين من الزلازل.

وأضاف أوفوك أكغون -أحد عمال الإنقاذ-: وصلت صباح اليوم، تم انتشال الناس من تحت الأنقاض، بعض الجثث تجمّدت من البرد.. لا أعتقد أن هناك أملا في العثور على ناجين آخرين"، في حين أفاد شهود عيان بأنه حتى صباح الثلاثاء، كانوا "يسمعون أصواتاً وصرخات من تحت الأنقاض تطلب المساعدة، ثم حل الصمت".

وتشير الصحيفة إلى أنّ مدينة أنطاكيا بولاية هاتاي جنوبي تركيا، مدمّرة بالكامل تقريباً، وغارقة في سحابة كثيفة من الغبار بسبب الآليات التي تعمل على إزالة الأنقاض، مضيفةً أنّه "على مد النظر هناك مبان منهارة كلياً أو جزئياً، حيث يقول السكّان (أنطاكيا انتهت)".

اقرأ أيضاً.. مئات الجثث في ساحة مشفى أنطاكيا.. ما مصير مجهولي الهوية؟ | فيديو

اقرأ أيضاً.. صور الأقمار الصناعية تظهر الدمار في مدن جنوبي تركيا

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد زار منطقة كهرمان مرعش المنكوبة، أمس، وأقرّ بوجود بعض المشكلات في الاستجابة المبدئية للكارثة، لكنه ذكر أن العمليات عادت لطبيعتها، موضحاً: "في اليوم الأول شهدنا بعض المشكلات لكن في اليوم الثاني واليوم الوضع تحت السيطرة".

مراحل عمليات الإنقاذ

تشمل عمليات الإنقاذ وانتشال جثث الضحايا والعالقين تحت الأنقاض، عدة مراحل متتالية:

  • تحديد المناطق المنكوبة، وتقييم وتقدير أخطار المباني المدمّرة.
  • تقييم المباني المنهارة التي من المرجّح أن يكون بداخلها ناجون.

في هذه المرحلة تٌستخدم الكاميرات عن طريق إدخالها عبر فجوات الركام، كما يُستخدم التصوير الحراري لتحديد أماكن الناجين، ومعدات صوت متخصّصة باكتشاف أضعف الأصوات على عمق أمتار قليلة، فضلاً عن تعاون الأهالي في تحديد أماكن الناجين على وجه السرعة.

كذلك تعدّ الكلاب المدرّبة فعالة للغاية - عن طريق حاسة الشم - في الكشف عن ناجين، كما يُمكن استخدام أجهزة الكشف عن غاز "ثاني أوكسيد الكربون" للعثور على ناجين فقدوا الوعي، لأنّ كثافة هذا الغاز تعني أنّ هناك شخصا ما زال يتنفّس.

  • اختيار الآليات والمعدات التي يجب استخدامها في رفع الأنقاض، وتحديد أفضل طريقة لـ تحييد الركام وإنقاذ الناجين وإخراجهم بشكل آمن.
  • تجنّب حدوث أضرار خلال عمليات الإنقاذ.
  • المرحلة الأخيرة هي إسعاف الناجين ونقلهم إلى المشافي والنقاط الطبية.

الجدير بالذكر أنّ أكثر صعوبة تواجه فرق الإنقاذ في تركيا و"الخوذ البيضاء" في سوريا الآن - عدا قلّة المعدات والآليات - هي انخفاض درجات الحرارة وتساقط الثلوج، الأمر الذي يعرقل أعمال البحث والإنقاذ التي يكون الزمن فيها عاملاً مهمّاً.

إلى متى يمكن للأشخاص البقاء على قيد الحياة تحت الأنقاض؟

يقول خبراء الزلازل والكوارث الطبيعية، أنّ الساعات الـ72 الأولى حاسمة للعثور على ناجين تحت الأنقاض، إذ يمكن إنقاذ أكثر من 90% منهم في هذه المهلة، ومع انتهاء اليوم الرابع من وقوع كارثة الزلزال المدمّر في تركيا وسوريا، هل مِن أمل في العثور على ناجين؟

أفادت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية - نقلاً عن خبراء - أنّ مدة بقاء الشخص على قيد الحياة تحت الأنقاض يمكن أن تصل إلى أسبوع وأكثر، لكن ذلك يعتمد على إصاباتهم وظروف الطقس ومكان وجودهم تحت الأنقاض، ويعدّ الوصول إلى الهواء والماء من العوامل الحاسمة في بقاء الأشخاص أحياء.

وأضاف الخبراء أنّه "من النادر عادة العثور على ناجين بعد اليوم الخامس إلى السابع من وقوع الزلازل، ومعظم فرق البحث والإنقاذ غالباً ما توقف جهودها بحلول ذلك الوقت. لكن، هناك العديد من القصص لأشخاص نجوا بعد مرور سبعة أيام من وجودهم تحت الأنقاض. وهذه حالات نادرة جداً وغير عادية، للأسف".

ويشير أطباء الطوارئ إلى أنّ الحالة العقلية تؤثّر أيضاً على بقاء الأشخاص على قيد الحياة تحت الأنقاض، مردفين: "الأشخاص المحاصرين بجوار الجثث، والذين ليس لديهم اتصال بالناجين الآخرين أو المنقذين، قد يفقدون الأمل"، فيما شدّد عمّال الإنقاذ على أن النجاة ترجع عادة إلى "الإصرار"، موضحين: "الأمر يتعلق بالإرادة، فالبعض يستسلم لحبسه تحت الأنقاض ويرى ذلك مصيره، وآخرون لا يكفّون عن المحاولة".

أمثلة عن ناجين من تحت الأنقاض بعد أسابيع وشهر!

رغم أنّ الأمم المتحدة عادةً ما تُوقف عمليات البحث والإنقاذ بعد خمسة إلى سبعة أيام من وقوع الكارثة، وذلك في حال عدم العثور على أحياء لمدة يوم أو يومين، إلّا أنّ البعض تمكّنوا من البقاء غلى قيد الحياة لمدة أطول، وصلت في بعض الحالات إلى نحو شهر.

في جمهورية هايتي وبعد إعلان السلطات انتهاء عمليات البحث عن ناجين من زلزال مدمّر ضرب البلاد، عام 2010، نجا رجل قضى 12 يوماً تحت أنقاض متجر، كما عُثر على رجل آخر كان على قيد الحياة بعد 27 يوماً من الزلزال، وأُنقذت فتاة بعد 15 يوماً كانت خلالها تحت الأنقاض.

وأفادت شبكة "BBC" البريطانية، أنّه خلال الزلزال وموجات "تسونامي" التي ضربت اليابان، عام 2011، عُـثِرَ على شاب وجدته البالغة من العمر 80  عاماً على قيد الحياة، بعد أن ظلا تحت الأنقاض مدة 9 أيام.

وفي أيار 2013، انتُشلت امرأة من أنقاض مصنع في بنغلاديش، بعد 17 يوماً من انهياره، حيث سمعها أحد العمّال تصرخ: "أرجوك أنقذني" واستخدموا أجهزة الكشف بالصوت والصورة لتحديد موقعها بالضبط.

كذلك أنقذ فتى (15 عاماً) ظل لـ5 أيام تحت أنقاض مبنى تهدّم بسبب زلزال نيبال، وكان آخر ضحية تُنتشل بعد وقت طويل من وقوع الكارثة، كما أُنقذت امرأة (40 عاماً)، من تحت أنقاض مطبخها في كشمير، عام 2005، بعد أكثر من شهرين على وقوع زلزال في المنطقة، وقال الأطباء حينها: إنّ "نجاتها كانت معجزة بعد بقائها في هذه المساحة الضيقة التي لا تسمح لها بالحركة".

فرص الأمل في العثور على ناجين؟

يقول خبراء في إدارة الكوارث إنّه "لا يوجد بروتوكول لتحديد سقف عمليات الإنقاذ والبحث عن ناجين تحت الأنقاض، لكنّ هذا السقف يتضاءل بعد مرور ثلاثة أيام من وقوع الكارثة، رغم أنّ بعض الناس تمكّنوا من البقاء على قيد الحياة لمدة أطول".

وبحسب "لجنة الإنقاذ الدولية" فإنّ النجاة بالأساس تعتمد على ما يحدث لحظة الكارثة، إذا يقول جولي ريان - منسق في اللجنة - إنّ "الوضع المثالي أن يوجد منفذ للأكسجين وبعض المياه لدى الضحية العالقة تحت الأنقاض"، مضيفاً أنّ "بقاء الشخص عالقاً في مساحة ضيّقة يبدّد الأمل في إنقاذه، مع مرور الوقت".

وتشير التقديرات إلى أنّ قلة فقط من الأشخاص المحاصرين تحت الأنقاض يمكنهم البقاء على قيد الحياة لمدة طويلة خلال الزلازل، وأنّ أوّل 72 ساعة تعدّ حرجة، لأنها توفّر أعلى الفرص للعثور على ناجين، ومع ذلك يتعيّن على السلطات في البلد المتضرّر من الكارثة، اتخاذ القرار الصعب: (متى يتوقّف البحث عن ناجين؟).

متى يتوقّف البحث عن ناجين تحت الأنقاض؟

تقول تقديرات خبراء الكوارث، إنّ متوسط الوقت عادةً في توقّف البحث عن ناجين تحت الأنقاض، يتراوح بين خمسة إلى سبعة أيام، ويعتمد ذلك على عوامل عدّة مثل: (الطقس، الهزات الارتدادية، مدى سرعة وصول فرق الإنقاذ والمعدات).

لكن تقديرات خبراء آخرين في الزلازل تشير إلى أنه يمكن للأشخاص البقاء على قيد الحياة مدة 13 يوماً، في حال توفّر لهم الماء، وأكثر من ذلك إذا توفّر لهم الطعام، مشيرين إلى أنّه في ظل حالة الطقس البارد والانخفاض الكبير في درجة حرارة الجسم، غالباً يفقد الكثير من العالقين حياتهم.

تشير التقارير إلى أنّ بعض فرق الإنقاذ الدولية بعد أن تفقد الأمل في إنقاذ المزيد من الناجين خلال الـ48 ساعة (تصفها بالذهبية)، تلتزم بما يُعرف بـ"قاعدة الأربعة للبقاء على قيد الحياة"، التي تفترض بقاء المحاصرين تحت الأنقاض أحياءً (مدة 4 دقائق من دون هواء، 4 أيام من دوء ماء، 4 أسابيع من دون طعام)، ولكن هذه القاعدة غير دقيقة بالنسبة لـ خبراء الكوارث.

بالعموم يبقى اتخاذ قرار وقف عمليات البحث والإنقاذ "قراراً صعباً"، لكنّه ضروري لأنّه يسمح بتركيز الموارد على رعاية الآلاف من الناجين الآخرين، فضلاً عن عمليات التعافي والمساعدات في إزالة الأنقاض، خاصةً مع اتساع رقعة المناطق المتضرّرة بشكل كبير جدّاً، كما هو الحال الآن في تركيا وسوريا، ولكن إلى الآن لم يصدر هذا القرار بعد.

يشار إلى أنّ جهورية هايتي - دولة في جزر الكاريبي - شهدت، عام 2010، زلزالاً مدمّراً بقوة تجاوزت الـ7 درجات على "مقياس ريختر"، وأودى بحياة أكثر من 250 ألف شخصاً وشرّد أكثر من ثلاثة ملايين، بحسب تقديرات "الصليب الأحمر الدولي"، وبعد تسعة أيام أعلنت السلطات، انتهاء مرحلة البحث والإنقاذ مع تضاؤل فرص العثور على المزيد من الناجين.