icon
التغطية الحية

في خطوة استباقية.. بشار الأسد يحاول نزع الفتيل في الساحل السوري

2023.09.29 | 16:50 دمشق

آخر تحديث: 29.09.2023 | 16:50 دمشق

زيارة بشار الأسد وعقيلته لدار أيتام لقتلى النظام في اللاذقية
زيارة بشار الأسد وعقيلته لدار أيتام لقتلى النظام في اللاذقية
تلفزيون سوريا - نوار الشبلي
+A
حجم الخط
-A

زار رئيس النظام السوري "بشار الأسد" وعقيلته "أسماء"، أمس الخميس، الساحل السوري في خطوة استباقية بعد تصاعد الاحتجاجات في الآونة الأخيرة ضده في الجنوب السوري، في محاولة لامتصاص غضب الشارع الذي يعد من أشد الموالين لسلطته. 

وخلال جولته في مدينتي اللاذقية وطرطوس، زار الأسد مدرسة لأبناء قتلى النظام في طرطوس وشاركهم احتفالية عيد المولد النبوي، كما شارك في إحياء هذه المناسبة في جامع عمر بن الخطاب في مدينة اللاذقية. 

أهداف زيارة الأسد للساحل والخوف من تصاعد رقعة الاحتجاجات 

وتأتي زيارة الأسد هذه لحاضنته الشعبية الأكبر والأشد ولاءً، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد تدهوراً اقتصادياً وتململاً وتذمراً من قبل المواطنين، تحول إلى غضب شعبي واحتجاجات في الجنوب السوري، بعد إصدار قرارات متتالية في رفع أسعار المحروقات والمواد الغذائية، في أعقاب زيادة لأجور العاملين والموظفين في مؤسسات الدولة، الذي اقترن بارتفاع أسعار السلع بشكل جنوني.

حيث أثقل تردي الأوضاع المعيشية كاهل الشعب السوري، الذي ضاق ذرعاً بما يجري ليبدأ الانفجار في وجه سلطة النظام وحكومته في السويداء والجنوب، كما شهد الساحل السوري وقفات احتجاجية في آب/أغسطس الماضي، ترافقت مع حملة غير منظمة على وسائل التواصل الاجتماعي حملت تذمر وسخط المواطنين على قرارات الحكومة وعدم المبالاة بوضع الشعب واتخاذ إجراءات تحد من أطماع "حيتان" السوق، وفساد المسؤولين.  

يقول الصحفي والمحلل السوري "عدنان عبد الرزاق" إن لهذه الزيارة جملة من الوظائف والأهداف التي يحاول بشار الأسد إرسالها، والتي أولها زيارة دار أيتام "لأولاد القتلى الذي لقوا مصرعهم خلال مواجهتهم الثورة السورية، حيث يحاول بشار الأسد وزوجته العزف على وتر عائلات القتلى الذين هم بالنتيجة سوريون، وذلك للمتاجرة بجراح آل القتلى على أنه آوى بنيهم ويعتني بهم". 

ويرى عبد الرزاق أن لزيارة الأسد للساحل هدفاً آخر يتعلق "بسحب فتيل الاحتقان أو أزمة محتملة وانتفاضة متوقعة يمكن أن يخرج بها أهلنا في الساحل السوري لأنهم يعانون كما يعاني سوريو الداخل سواء في السويداء أو غيرها، خاصة بعد خروج بعض الأصوات المحقة التي سلطت الضوء على تجاوزات أو فساد هذه العصابة الحاكمة". 

ويضيف "من المتوقع أن يلتقي الأسد خلال زيارته للساحل السوري عددا من الشخصيات الاجتماعية الوازنة ذات البعد الروحي والديني والمكلفة بإخماد أي ثورة متوقعة في الساحل السوري".  

كما يعتبر عبد الرزاق أن "السبب الرئيسي الذي ذهب به الأسد إلى الساحل هو بمناسبة عيد المولد النبوي، حيث يريد أن يسوق أنه الرئيس المؤمن المهتم بالمناسبات الدينية، كما يريد أن يناغي مشاعر بعض السوريين، ولكن كما يرى الجميع في الخارج قبل الداخل أنه فقد مهارته في استخدام هذه الأدوات والطرائق التي استخدمها طيلة فترة الثورة السورية". 

لقد اعتاد الأسد على امتصاص غضب مواليه في الشارع الساحلي دون المحافظات الأخرى، ودون اتخاذ إجراءات جدية في معالجة الأسباب وإيجاد الحلول له. 

ففي آب/أغسطس الماضي، زار الأسد مناطق الحرائق في محافظة اللاذقية، ومحطة جديدة لتوليد الكهرباء في مدينة بانياس بمحافظة طرطوس، والتي جاءت أيضاً في أعقاب غضب وتململ شعبي من الواقع المعيشي المزري الذي وصلت إليه البلاد، وسوء توفر الخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء. 

كما قامت أسماء الأسد في العام الماضي، بزيارة لقرى ريف اللاذقية من بينها قرى تعرضت للحرائق خلال العامين الماضيين، والحديث بشكل مباشر مع المواطنين، زعماً من النظام أن وجودها للوقوف على مشكلاتهم ولتقديم التعويضات لهم من قبل جمعيتها المعروفة باسم "الأمانة السورية للتنمية". 

الأسد يسوّق زيارته للصين في الساحل السوري 

وفي خطوة هي الأولى في محاولة الأسد "للاتجاه شرقا" لكسر عزلته الدبلوماسية بعد أن جمدت لجنة الاتصال العربية الاتصال معه، توجه رئيس النظام إلى الصين لحضور افتتاح دورة الألعاب الآسيوية يوم السبت الماضي، وذلك في أول زيارة له إلى الصين منذ 20 عاماً، حيث تضمنت توقيع مذكرة تفاهم لتعاون البلدين. 

ويربط عبد الرزاق بين زيارة الأسد للصين وبين زيارته للساحل، حيث يشير إلى أن الأسد "يحاول أن يسوق أن هذه الزيارة ستعيد تعويمه أو تسويقه دولياً، في حين أن هذه الزيارة هي أكذوبة وحالة تضليل لأن دعوة بشار الأسد إلى الصين جاءت ضمن دعوات أخرى لقادة بمناسبة افتتاح دورة الألعاب الاسيوية التي تستضيفها". 

وبتابع "حاول الأسد استثمار تلك الزيارة بأن خرج من المدينة المستضيفة للدورة إلى بكين العاصمة، ومحاولته التقاء بعض المسؤولين الصينين نظراً لأنه حشد فريقاً حكومياً وخاصاً كبيراً (قطاع الأعمال) ليقول إن ثمة علاقة مقبلة مع الصين، ويحاول عبر منظومة إعلامية تدور في فلكه أن يروج أنه يريد التوجه شرقاً وأن ثمة ما لديه أن يبيعه وأن يؤجره وهو ما فاض عن ذلك، للحليفين الإيراني والروسي سواء موانئ بحرية أو حتى ثروات أو طرق برية نظراً للحلم الصيني البحري أو إعادة طريق الحرير".

ويشير إلى أن بشار الأسد يحاول "اغتنام اللحظة بعد زيارة الصين بأن يزور الساحل السوري ليوئد ملامح ثورة متوقعة ويسوّق للعالم الخارجي أنه لا يزال رئيسا للبلاد وهو يتنقل ويقف على احتياجات الشعب السوري". 

وتشهد محافظة السويداء جنوبي سوريا انتفاضة شعبية احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية والسياسية، حيث يطالب الأهالي بالتغيير السياسي وفق القرار الأممي 2254، معتبرينه مدخلا لتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، ويخشى النظام من اتساع رقعة الاحتجاجات إلى الساحل السوري.

الأمر الذي أعاد للأذهان اندلاع الشرارات الأولى للثورة السورية، ولكن هذه المرة بشعلة ابتدأت من السويداء التي بقيت بعيدة عن الحراك الشعبي لأعوام، وانفجرت مؤخرا باحتجاج على الغلاء ليرتفع سقف مطالبها ليصل إلى رحيل الأسد والعيش بكرامة.