تنتشر بين الأطفال في دمشق أعراض حادة من السعال القوي وارتفاع الحرارة وضيق التنفس، في ظاهرة أقلقت كثيرا من الأسر، في حين أكدت مصادر طبية، أن المشافي العامة والخاصة لاحظت ازدياداً كبيراً في مراجعة أو إسعاف الأطفال نتيجة إصابتهم بفيروس تنفسي خطير وخاصة بين حديثي الولادة، الذين احتاجوا فيها للعناية المركزة وأقنعة التنفس.
وأكدت عدة أسر للموقع، أن أطفالهم يعانون من الأعراض السابقة بشكل حاد، ومنذ مدة طويلة تجاوزت الثلاثة أسابيع، حيث لا يستجيب الأطفال للأدوية المهدئة للسعال أو خافضات الحرارة خاصة في بداية الإصابة، وبعضهم يصاب بضيق تنفس خاصةً في الليل بشكل يشابه أعراض الإصابية بفيروس كورونا، لكن هذه المرة الانتشار الأكبر بين الأطفال.
وبدورهم، أشار مدرسون في العاصمة دمشق، إلى انتشار الأعراض بشكل كثيف وسريع بين الطلاب، مؤكدين زيادة حالات الغياب بين طلاب المرحلة الابتدائية مؤخراً بسبب ما يعانون من أعراض حادة، رغم أن الفترة الحالية هي فترة امتحانات والتغيب فيها عن المدرسة لا يكون سوى للحالات المرضية الشديدة.
وأكد أطباء في جولة للموقع بدمشق، ازدياد مراجعة الأهالي للعيادات نتيجة إصابة أطفالهم بسعال حاد وحرارة، وبشكل لافت على غير العادة، حتى اصطف العشرات على عيادات الأطباء المعروفين.
وفي متابعة لصفحات فيس بوك، لوحظ كثرة استغاثة الأهالي ضمن المجموعات الطبية وعلى صفحات بعض الأطباء، للحصول على توصيف دقيق لما يجري، والحصول على أسماء أدوية فعالة، ما دفع أحد أشهر أطباء الأطفال في دمشق، ويدعى فراس النميري لتقديم شرح حول القضية عبر صفحته على فيس بوك.
وأكد النميري عبر صفحته على "فيس بوك"، أن بعض الأطفال تصيبهم حالة اختناق ليلاً من شدة السعال، مشيراً إلى توجه معظم الأطفال للحصول على بخاخات الربو وجلسات الرذاذ، نافياً أن يكون الفيروس المنتشر بين الأطفال هو فيروس كورونا، خاصة وأنه قام بطلب أخذ مسحات للأطفال المصابين والنتائج كانت سلبية.
ماهية الفيروس وسبب أعراضه الشديدة
وأكد الطبيب، أن الفيروس المنتشر حالياً هو فيروس يدعى الفيروس المخلوي التنفسي (RSV) ويسبب التهاب قصبات شعرية أو التهاب شعب هوائية عند الأطفال.
وأوضح الطبيب أن الفيروس هو ذاته فيروس الكريب العادي، لكنه يسلك سلوكاً غريباً هذا العام، علماً أنه فيروس موسمي يصيب الأطفال في كل عام لكن ليس بهذه الشدة، مرجعاً شدة الإصابة إلى الإغلاقات التي حدثت العام الماضي تلافياً من انتشار كوفيد-19، والتي حدت بدورها من انتشار فيروس كورونا وفيروسات أخرى، ولم يكوّن حينذاك الأطفال المناعة اللازمة من متحور الفيروس السنوي.
وبحسب النميري، بمجرد تخفيف الإجراءات، وجد الفيروس التنفسي مجموعة كبيرة من الأطفال المعرضين للإصابة بالعدوى، وهو ما أدى إلى حدوث طفرات مفاجئة في أوقات غير متوقعة، وتحول الفيروس، الذي كان يمكن التنبؤ بالإصابة به في وقت محدد من العام، إلى فيروس يمكن أن يُفاجئ المستشفيات والعائلات في أي وقت من السنة.
وأكد طبيب الأطفال، أن تفشي الفيروس في المدارس بين الأطفال أدى إلى اكتظاظ المستشفيات عن آخرها بالمرضى ونقل العدوى إلى الأطفال الرضع ووضع العائلات في حالة تأهب لعمل جلسات رذاذ بشكل مستمر ضمن المشافي.
ونصح الطبيب بإعطاء الأطفال المصابين بالمرض جلسات رذاذ وسوائل وتلقيهم الراحة، محذراً من أن أعراضه قد تتطور "بشكل مخيف" ما يسبب مضاعفات رئوية في حال لم تتم معالجته بشكل دقيق وفوري وخاصة لدى الأطفال الرضع.
ورغم تقليل النميري من خطورة الفيروس، إلا أن أطباء آخرين حذروا في حديثهم للموقع منه، مؤكدين أن الفيروس خطير جداً على الرضع وقد يودي بحياتهم، بينما قد يفضي بالأطفال ضعيفي المناعة إلى المشافي وغرف العنايات المشددة، وحذروا من أن الإنفلونزا الموسمية قاتلة أيضاً لضعيفي المناعة بشكل عام، والخطورة هذه المرة تكمن في انتشار فيروس كورونا إلى جانب الإنفلونزا القوية.
وحذّرت تقارير طبية من أن الفيروس المخلوي التنفسي (RSV) يتشابه بالأعراض إلى حد كبير مع كوفيد 19، لكن الخطر يكمن في أن الإصابة بالفيروس المخلوي التنفسي يضعف المناعة وزيادة احتمال الإصابة بكوفيد 19 بالنسبة للأطفال والبالغين. وقد يحدث هذان النوعان من العدوى معاً، مما قد يؤدي إلى زيادة شدة مرض كوفيد 19.