فايروس النظام الإيراني

2020.02.24 | 23:01 دمشق

52489692_303.jpg
+A
حجم الخط
-A

وكأنّ ما يصدّره النظام الإيراني من طائفية وميليشيات شيعية مسلّحة وقتل ودمار لم يكن كافياً حتى هذه اللحظة، إذ تحوّلت إيران ولاسيما مدينة قم إلى مصدّرة لفايروس كورونا أو ما بات يعرف باسم (كوفيد-١٩) إلى عدد كبير من دول المنطقة من بينها أفغانستان والعراق والبحرين والكويت والإمارات ولبنان وعُمان، وحتى إلى دول بعيدة مثل كندا لتصبح إيران بذلك ثاني أكبر مصدر لخطر فايروس كورونا بعد الصين، لاسيما فيما يتعلق بتسارع وتيرة انتشار الفايروس فيها لناحية الأرقام والرقعة الجغرافية وعدد الوفيات، أو لناحية طريقة إدارة النظام لهذه الازمة المستجدّة. 

على إثر ذلك، اتّخذت لائحة طويلة من الدول عدداً من الإجراءات تراوحت بين إغلاق الحدود، ووقف إرسال/ استقبال الرحلات من وإلى إيران، أو وقف استقبال/إخضاع المسافرين القادمين لإيران لعملية حجر صحي تستغرق حوالي ١٤ يوماً، وشملت هذه اللائحة كلاًّ من: تركيا، أفغانستان، باكستان، تركمانستان، أذربيجان، العراق، الكويت، البحرين، الإمارات، السعودية، الأردن، قطر، عُمان، وربما دول أخرى أيضاً.

وتعكس هذه الإجراءات فضلاً عن العدد الكبير من الدول المنخرطة بها خوفاً من أن يكون النظام الإيراني قد أخفى بالفعل المعلومات الحقيقيّة عن مدى انتشار الفايروس في إيران لا سيما أنّ بعض هذه الدول كان قد أعلن عن وجود إصابات لديه

النظام كان قد أعلن عن فايروس كورونا فقط خلال الأسبوع الماضي، علماً أنّ أولى الحالات المكتشفة في البلاد تعود إلى تاريخ يصل إلى ١٣ شباط

قادمة من إيران قبل أن تعلن السلطات الإيرانية نفسها عن وجود الفايروس في البلاد. علاوة على ذلك، تعكس هذه الإجراءات عدم وجود ثقة بقدرة النظام الإيراني على إدارة أزمة من هذا النوع في حال تفشى الفايروس بشكل خطير في البلاد.

النظام كان قد أعلن عن فايروس كورونا فقط خلال الأسبوع الماضي، علماً أنّ أولى الحالات المكتشفة في البلاد تعود إلى تاريخ يصل إلى ١٣ شباط. وفقاً لآخر الأرقام الرسمية توفي ١٢ إيرانيا فقط من أصل ٤٧ حالة إصابة بالفايروس، لكن أحمد أمير أبادي النائب عن مدينة قم، وهي المدينة التي بدأ الوباء بالانتشار انطلاقاً منها، قال إنّ هناك أكثر من ٢٥٠ إيرانيا قيد الحجر الصحي وأن هناك ٥٠ توفوا في المدينة وأنّ وفاتهم تعود إلى تاريخ ١٣ شباط، مشيراً إلى فشل السلطات في التعامل بنجاح مع الفايروس.

النظام الإيراني لديه تاريخ طويل من الكذب والخداع وسوء الإدارة والتسويف، وقد تسبب مؤخرا بعدد كبير من الكوارث للشعب الإيراني لعل أبرزها المساهمة في انتشار مرض الإيدز في سكان قرية بأكملها، ومقتل عدد كبير من الإيرانيين إثر مراسم دفن قاسم سليماني، وإسقاط الطائرة الأوكرانية أيضاً وقتل جميع ركابها ومحاولة التستّر على ذلك من خلال افتعال وبث الأكاذيب.    

ويُعتقد أنّ النظام الإيراني ارتكب أخطاءً فادحة من الممكن أن تعتبر أفعالاً إجراميّة في التعامل مع فايروس كورونا، فهو قد تستّر بداية على المرض ولم يعلن عنه أو عن الحالات التي يتعامل معها إلاّ الأسبوع الماضي مع تزايد عدد موتى جرّاء الفايروس. النظام الإيراني قرر تأجيل الكشف عن حجم انتشار الفايروس على الأرجح كي لا يؤدي ذلك إلى هلع ينجم عنه تدنّي نسبة المشاركة في الانتخابات بشكل يؤدي إلى تقويض سلطته وشرعية هذه السلطة.

بمعنى آخر، قرر النظام أن يغامر بأرواح الناس لكي يضمن موقعاً قوياً في السلطة، وعندما فشل في

السلطات الإيرانية ارتكبت جريمة أخرى عندما لم تُخضع منذ البداية المدن المصابة لإجراءات إغلاق وعزل، وتركت الأمور كما هي

ذلك وأظهرت النتائج أنّ نسبة الذين شاركوا في الانتخابات الآن هي الأقل على الإطلاق منذ الثورة الإيرانية، بدأ النظام الإيراني باستخدام الفايروس بشكل معاكس كحجّة لتبرير انخفاض أعداد المشاركين، وبدأت أرقام الإصابات التي يتم الكشف عنها حينها تتضاعف بشكل سريع.

السلطات الايرانية ارتكبت جريمة أخرى عندما لم تُخضع منذ البداية المدن المصابة لإجراءات إغلاق وعزل، وتركت الأمور كما هي لا بل إنّها لم تلغ التجمّعات الكبيرة إلا متأخّرة، وفي كثير من الأحيان تركتها على حالها كما هو الوضع فيما يسمى الزيارات للأضرحة والمقامات والأماكن الشيعيّة المقدّسة في إيران. فضلاّ عن ذلك، لم تشرح السلطات الإيرانية بشكل قاطع كيفية وصول الفايروس إلى مدينة قم، ولم تقم بتطبيق إجراءات للكشف عن المصابين في مطاراتها ما أدى إلى انتشار الفايروس في البلدان المجاورة.

طريقة تعامل النظام الإيراني مع الفايروس والتي تفتقد إلى أدنى مقوّمات الكفاءة تشي بوجود كارثة كبرى على الطريق ما لم يتم احتواء الموقف سريعاً. وعوضاً عن الانشغال بهذا الأمر، يحاول النظام الإيراني استغلال الكارثة الإنسانية للوم الولايات المتّحدة، تماماً كما فعل في مسألة الطائرة الأوكرانيّة. لكن قد يكون للشارع رأي آخر، فنسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة تعطي مؤشراً على فقدان الأمل لدى شرائح واسعة من الشعب الإيراني بهذا النظام، وليس من المستبعد أن تقوّض الأزمة الحالية المرتبطة بانتشار الفايروس من مزيد من شرعيته لتفتح المجال أمام سيناريوهات أسوء للنظام مستقبلاً. 

كلمات مفتاحية