icon
التغطية الحية

عودة تركيا لسياستها التقليدية تقلص مساحة التعاون مع روسيا.. كيف انعكست في سوريا؟

2024.02.11 | 08:03 دمشق

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يظهر قبل اجتماع مع الرئيس التركي على هامش قمة قادة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند في 16 سبتمبر 2022. (تصوير ألكسندر ديميانشوك / سبوتنيك / وكالة الصحافة الفرنسية)
بوتين ينتظر الرئيس التركي على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون - AFP
إسطنبول ـ فراس فحام
+A
حجم الخط
-A

ظهرت مؤشرات عديدة قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة شهر أيار/ مايو 2023 على ما يشبه استدارة تركية جديدة في السياسة الخارجية، وزيادة التعاون مع الشركاء ضمن حلف شمال الأطلسي "ناتو"، وتطوير التعاون الاقتصادي مع دول الاتحاد الأوروبي، حيث وافق مجلس النواب التركي في آذار/ مارس 2023 على انضمام فنلندا التي تمتلك حدودا طويلة مع روسيا إلى حلف شمال الأطلسي، بالتوازي مع خوض أنقرة مفاوضات جادة مع الغرب لرفع العقوبات عن قطاع الصناعات الدفاعية، وإتمام صفقة شراء طائرات F16 ومستلزمات لتحديث سلاح الجو التركي.

بعد فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بولاية رئاسية جديدة، ازدادت المؤشرات على عودة تركيا لسياسة خارجية تقليدية باتت فيما يبدو تنعكس على العلاقات التركية الروسية، إذ ألغى الرئيس الروسي بوتين في مطلع شباط/ فبراير الجاري زيارة كانت مرتقبة إلى تركيا، وتم تأجيلها بشكل مبدئي إلى شهر أيار/ مايو من العام الحالي.

زيادة التقارب التركي مع الغرب على حساب روسيا

في حزيران/ يونيو 2023 أرسل الجيش التركي كتيبة خاصة إلى كوسوفو من أجل المساهمة في فض الاشتباك بين الصرب والألبان، لتفويت الفرصة على إذكاء روسيا لنزاع جديد في الخاصرة الأوروبية يسهم في حرف الأنظار عن الحرب في أوكرانيا.

ومع تكليف فريق اقتصادي جديد متناغم مع الأسواق الغربية والمعايير الأوروبية ممثلاً بنائب الرئيس جودت يلماز، ووزير المالية محمد شيمشك، وإدارة للمصرف المركزي، التزمت البنوك التركية بشكل أكبر بالعقوبات الغربية المفروضة على روسيا، وبات كثير من البنوك التركية منذ منتصف كانون الثاني/ يناير الفائت يمتنع عن قبول التحويلات المالية القادمة من روسيا، كما قيدت الحكومة التركية كثيراً من عملية تسجيل الشركات لصالح رجال الأعمال الروس، وازدادت حالات إلغاء الإقامة في تركيا للمواطنين الروس.

في شهر كانون الثاني/ يناير الفائت توصلت تركيا إلى تفاهم مع إيطاليا لزيادة التعاون في مكافحة الهجرة قبالة السواحل الليبية المطلة على أوروبا، كما دخلت أنقرة في محادثات مع اليونان للتوصل إلى اتفاقية حول مكافحة الهجرة غير الشرعية، حيث تعتبر عملية إغراق أوروبا بموجات الهجرة انطلاقاً من الأراضي الليبية من أهم الأوراق التي تستخدمها روسيا وحلفاؤها الليبيون المحليون من أجل الضغط على أوروبا.

في نهاية كانون الثاني/ يناير الفائت أخطرت وزارة الخارجية الأميركية الكونغرس بالموافقة على بيع طائرات f16 إلى تركيا، كما أعلنت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الموافقة على الصفقة، وذلك بعد أيام قليلة من موافقة تركيا على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي.

واستأنفت كندا بيع الأسلحة إلى تركيا، كما أقرت كل من السويد وفنلندا آليات للتعاون مع تركيا بخصوص مكافحة حزب العمال الكردستاني.

انعكاس فتور العلاقات الروسية التركية على سوريا

في آواخر كانون الثاني/ يناير الماضي أعلن المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا ألسكندر لافرنتييف عن توقف مسار التطبيع بين تركيا والنظام السوري "إلى حد ما" منذ نهاية عام 2023، موضحاً أنه لا لقاء قريبا بين الرئيس أردوغان والأسد.

ومنذ انتهاء الانتخابات الرئاسية التركية في أيار/ مايو 2023، نفت الرئاسة التركية أن يكون هناك نية لعقد لقاء بين الرئيس التركي وبشار الأسد.

ومع جمود مسار التفاوض الرباعي الذي ترعاه روسيا وإيران، ويهدف إلى عودة العلاقات بين أنقرة ودمشق، انعقدت الجولة 21 من مسار أستانا الخاص بتنسيق النشاط الميداني في شمال غربي سوريا، مما يشير إلى تمسك أنقرة بهذا المسار وعدم موافقتها على استبداله بالمسار الرباعي.

ومن البداية، كانت الاستجابة التركية لمطالب روسيا من العوامل الأساسية التي دفعت باتجاه إطلاق مسار التطبيع بين تركيا والنظام السوري، حيث كانت أنقرة تبحث عن إنجاز مشاريع تتعلق بالطاقة، بالتوازي مع انزعاج الجانب التركي من تجاهل الولايات المتحدة الأميركية لمخاوف أنقرة المتعلقة بدعم واشنطن لحزب العمال الكردستاني.

ومنذ منتصف عام 2023 حتى مطلع العام الحالي، وسع الجيش التركي من عمليات مكافحة الإرهاب في شمال شرقي سوريا، وباتت الطائرات التركية تنفذ ضربات ضد قيادات حزب العمال الكردستاني في عمق دير الزور والحسكة، وتركز على البنية التحتية مثل منشآت الغاز والنفط، من دون اعتراض أميركي، الأمر الذي دفع قائد قوات قسد مظلوم عبدي نهاية عام 2023 إلى انتقاد ضعف الموقف الأميركي حيال الهجمات التركية على شمال شرقي سوريا، مشيراً إلى أنها تفقد الأكراد الثقة بالأميركان.

وعلى الرغم من المتغيرات التي تمر بها السياسات التركية، من غير المتوقع حصول قطيعة مع الروس، أو السماح بتدهور العلاقات إلى درجة كبيرة، بحكم المصالح الاقتصادية التي تربط الطرفين، ونظراً لحاجة الجانبين للتنسيق الميداني والسياسي في سوريا وليبيا، لكن يمكن القول إن ما يحصل يعبر عن تباين المصالح بين الطرفين.