عن أعلام العشيرة.. وإعلامها

2022.07.10 | 06:54 دمشق

أورفا
+A
حجم الخط
-A

ما حصل في أوروفا من اعتداء الشباب الأتراك على موكب عرس أحد أنباء عشيرة (عنزة) لا بد أن يثير سؤالاً كبيراً حول تبعاته الجدية على وجود السوريين في بلد يعيش- كما معظم دول العالم- واقعاً اقتصادياً صعباً، وانتخابات قادمة أقحمت اللاجئين بالعموم في خضمها كورقة قوية بين الخصوم، ولكن ما هو أخطر من ذلك والذي يجب التوقف عنده ملياً هو السجال السوري بين المحرضين ممن يرون أن من حق السوري أن يمارس كل طقوسه كما لو أنه مواطن تركي خالص، وبين العقلاء الذين يرون أن مزيداً من الهدوء والانضباط في سلوك الضيوف قد يخفف من تبعات الصدامات الكثيرة بين السوريين والأتراك.. على الأقل ريثما تنتهي فترة استثمار وجودهم الطويل.

العقلاء من داخل العشيرة يرون أن ما حصل لا يرقى لأن يكون من فعل أبناء العشائر ولا من عاداتهم وأخلاقهم، وحذروا من الخطر الذي قد تسببه هكذا أفعال والتي قد تطول السوريين جميعاً في تركيا وبهم ما يكفيهم من جور وظلم واستفزازات من المعارضة التركية التي تسخرهم لخدمة مصالحها الانتخابية.

وتساءل أحدهم عن غياب سلطة الشيوخ ودورها في هكذا مناسبات على اعتبار أننا نتحدث عن عشيرة ولها راية، والراية استفزاز كبير في بلد ينتصر حد التعصب لبيرقه ويرفض أي راية أخرى وهذا حق لا ينازعهم  به أحد، وزاد في الطين بلة العبارات العربية التي كتبت على السيارات الفاخرة وهذا أيضاً له ما له في قلوب الأتراك المشحونين بكراهية اللغة، ويرون أن هؤلاء لم يعودوا لاجئين فصورة اللاجئ خارج هذا الإطار الغارق في الرفاهية والبذخ.

وتساءل أحدهم عن غياب سلطة الشيوخ ودورها في هكذا مناسبات على اعتبار أننا نتحدث عن عشيرة ولها راية، والراية استفزاز كبير في بلد ينتصر حد التعصب لبيرقه ويرفض أي راية أخرى وهذا حق لا ينازعهم  به أحد

خارج أسوار العقل سنرى سجالات مثيرة للاشمئزاز من بعض السوريين الذين يرون أن هذا أبسط حقوقهم في التعبير عن عاداتهم وثقافتهم، وأن مثل هذه الأصوات المزعجة تصدر عن الأتراك في أعراسهم خصوصاً في مدينة أورفا حيث الخليط العربي التركي المتشابه، والبعض ذهب حتى الشتيمة وأنها ليست سوى (غيرة) تركية لا أكثر وهؤلاء كأنهم يعيشون في كوكب آخر لا يسمعون ولا يرون أبعد من الخيمة المنصوبة في عقولهم.. أليس كلاماً غوغائياً كهذا يخرج القلة المتعاطفة مع السوريين إلى الشريحة الكبرى التي باتت تعتبرهم سبب مصائب بلدهم وأن عليهم العودة إلى ديارهم، وهناك بإمكان أبناء العشيرة ممارسة كل ما يرونه حقاً داخل حدودهم إن استطاعوا؟.

ناشطون ممن منّ عليهم الممول بمنابر لا تخضع لأي معيار مهني وأخلاقي يحرضون السوريين بطرق غير مباشرة من خلال مفاهيم تصلح لأن تمارس في بلادهم ولم يمارسوها كالحرية وحقوق الإنسان، وآخرون يقولون لهم لا يستطيع أحد إعادتهم بالقوة إلى بلادكم فخذوا مجدكم في التباهي وافتعال المصائب، وهؤلاء لا بدّ أنهم ينتمون إما لاستثمار البلاء أو مدفوعين من جهات لها المصلحة في تشويه صورة السوري الضيف والتحريض عليه، ومنابرهم تلك لا تستطيع أن تدير حواراً مع الأتراك المستثارين حول عادات السوريين وطرق حياتهم،وما هي القواسم التي يمكن أن تجمع بين الشعبين ريثما تنتهي محنة الضيف التي بالتأكيد طالت وخرجت عن أصلها.

الأدوار الغائبة هي من هؤلاء الذين صاروا ناطقين باسم السوريين وثورتهم وخيباتهم، وهي القوى السياسية والإعلامية والمثقفين، وهؤلاء لا يفعلون ما يمكن أن يقوم به مختار قرية في التوفيق بين عائلتين أو زوجين فأين هؤلاء مما يحصل في كل حي ومدينة تركية، وهم من تقع عليهم مسؤولية تركيز الخطاب للسوريين في أنهم يعيشون مرحلة فاصلة وجودية على هذه البقعة من الأرض خصوصاً أن العالم يذهب باتجاه التقوقع والعنصرية، وينظرون بعقولهم إلى خصوصية الحالة التركية التي باتت ساخنة وترى في السوريين أحد أسباب ضيق الحال والبطالة والفقر.. ولهذا لا  ترفعوا أعلام العشيرة في غير مكانها.