icon
التغطية الحية

"عنف المستوطنين".. تزايد الاعتداءات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين

2021.12.19 | 07:01 دمشق

untitled.jpg
مستوطنون إسرائيليون كانوا يرشقون منازل في قرية بورين الفلسطينية بالحجارة، الضفة الغربية المحتلة، 6 تشرن الثاني/نوفمبر 2021 (منظمة ييش دين)
تلفزيون سوريا - خالد خليل
+A
حجم الخط
-A

تشهد حالات عنف المستوطنين الإسرائيليين بحق الفلسطينيين ارتفاعاً ملحوظاً، وسط غضب فلسطيني وإدانات وتحذيرات أممية من هذه "الظاهرة الخطيرة" ضد المدنيين العزل، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً داخل الحكومة الإسرائيلية ذاتها.

كان آخرها، فجر الجمعة الماضي، عند اقتحام مجموعة من المستوطنين منزلا لعائلة فلسطينية في قرية "قريوت" قرب نابلس والاعتداء بالضرب المبرح على رب الأسرة، الذي يبلغ من العمر 61 سنة، ما أدى إلى تكسير أضلعه وتحطيم أثاث منزله.

وتشهد الضفة الغربية توترات أمنية متصاعدة بعد مقتل مستوطن الخميس الماضي بالقرب من نابلس، وتشن قوات الاحتلال حملة مداهمات واسعة اعتقلت من خلالها عدداً من الفلسطينيين، ورافقتها أعمال انتقامية من قبل المستوطنين.

وتتنوع اعتداءات المستوطنين ما بين الاعتداء الجسدي أو على الممتلكات، بما في ذلك حالات قتل، لدرجة أنها تحولت إلى ظاهرة باتت تُعرف باسم "عنف المستوطنين"، ينفذها مستوطنون يهود يقيمون في مستوطنات غير قانونية مقامة على أراضي الضفة الغربية المحتلة لترهيب الفلسطينيين.

 وذكر تقرير للأمم المتحدة، الشهر الماضي، أن العام الحالي شهد أعلى مستويات عنف مسجلة في السنوات الأخيرة وحوادث أكثر خطورة، في اعتداءات مستوطنين إسرائيليين على السكان الفلسطينيين الذين غالباً ما يقطنون في قرى وبلدات محاذية للمستوطنات في الضفة الغربية.

غضب فلسطيني

في غضون ذلك، يطالب ناشطون فلسطينيون بإحياء عمل "اللجان الشعبية" لإحباط اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية.

ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" عن مسؤول كبير في حركة فتح أن اللجان الشعبية بدأت العمل في بعض القرى القريبة من نابلس، بالتزامن مع عمليات المداهمة الإسرائيلية.

وفي هذا السياق دانت السلطة الفلسطينية "إرهاب المستوطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة في عام 1967 ضد الشعب الفلسطيني الأعزل".

ودعت السلطة في بيان لها، أول أمس الجمعة، المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف "إرهاب المستوطنين" ومحاسبة الحكومة الإسرائيلية التي تشجعهم وتحميهم.

كما دعت حركة "فتح" الفلسطينيين إلى "التوحد والدفاع عن أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم ضد الإرهاب الذي يمارسه المستوطنون وجيش الاحتلال الإسرائيلي".

وبدورها دعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إلى تصعيد "جميع أشكال المقاومة" ضد إسرائيل.

عربياً، دعت جامعة الدول العربية، المجتمع الدولي للتحرك العاجل لوقف إرهاب المستوطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مطالبة بمحاسبة حكومة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمها بحق الشعب الأعزل.

Untitled_3.jpg
مستوطنون يهاجمون فلسطينيين بالقرب من نابلس في أعقاب حادثة مقتل المستوطن، 17 كانون الأول/ديسمبر 2021 (منظمة ييش دين الإسرائيلية)

 

تحذير أممي

وفي هذا السياق، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء ارتفاع معدل العنف الموجه من قبل المستوطنين الإسرائيليين تجاه الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.

وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، في الأشهر العشرة الأولى من عام 2021، كان هناك 410 اعتداءات من قبل المستوطنين ضد الفلسطينيين (302 ضد الممتلكات و108 ضد الأفراد)، منها أربعة حالات قتل.

وفي آخر تحديث للإحصائية، سجلت الأمم المتحدة 450 اعتداءً إسرائيلياً على الفلسطينيين، كان 118 منها ضد الأفراد، وذلك لغاية 6 من كانون الأول/ديسمبر الحالي.

أي بمعدل أكثر من اعتداء في اليوم الواحد.

وبحسب الأمم المتحدة هناك زيادة في حالات "عنف المستوطنين" مقارنة بالعام السابق (358 في عام 2020 بكامله) و335 في عام 2019.

وحملت الأمم المتحدة، في تقرير نشرته الشهر الماضي، الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن هذه الظاهرة.

وجاء في التقرير، الذي أعده خبراء في مجال حقوق الإنسان تابعون للأمم المتحدة، أن الحكومة الإسرائيلية، وجيشها، لم تفعل سوى القليل للحد من هذا العنف وحماية الفلسطينيين المحاصرين، وتقف مكتوفة الأيدي ولا تتخذ أي إجراء لمنع العنف.

وأضاف، بل بدلاً من ذلك، فإنها ترد على العنف المرتبط بالمستوطنين بإصدار أوامر للفلسطينيين بمغادرة أراضيهم.

وأعرب الخبراء عن قلقهم إزاء "فشل إسرائيل، التي تمارس الاحتلال، في ممارسة التزاماتها الجوهرية بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، بما في ذلك المادة 27، لحماية السكان الرازحين تحت الاحتلال".

وشدد تقرير الخبراء على أن الارتفاع المتزايد في عنف المستوطنين ليس أمراً عرضياً، وإنما يأتي نتيجة دعم الدولة العميق الذي تقدمه إسرائيل للمشروع الاستيطاني غير القانوني.

وفي هذا السياق، تشير تقارير حقوقية من داخل إسرائيل إلى أن الحكومة تتعمد إخفاء الإحصائيات والبيانات الملموسة عن ظاهرة التطرف اليهودي وعنف المستوطنين، الأمر الذي يساعد في تأجيج سرديات إنكار هذه الظاهرة،

في المقابل، وثقت منظمة "ييش دين" (هناك قانون)، الإسرائيلية اليسارية غير الحكومية، 540 حالة عنف من قبل المستوطنين منذ 2018 حتى حزيران/يونيو من هذا العام، نحو نصفها كان عنفاً جسدياً.

قلق إسرائيلي

وعلى المستوى الإسرائيلي تشهد الحكومة والمعارضة جدلاً واسعاً حول ظاهرة "عنف المستوطنين"، لا سيما بعد انتقاد وزير الأمن الداخلي عومر بار ليف أعمال المستوطنين في الضفة الغربية، خلال لقائه مسؤولة أميركية.

وقال الوزير الإسرائيلي، خلال لقائه مساعدة وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، فيكتوريا نولاند، الأسبوع الماضي، إن إسرائيل تأخذ ظاهرة عنف المستوطنين "على محمل الجد".

 

وتأتي تصريحات بار ليف تجاوباً مع قلق المجتمع الدولي بشأن هذه المسألة، لا سيما بعد أن أبلغته نولاند، بأن الخارجية الأميركية تراقب عنف المستوطنين المتزايد.

وتعرض الوزير الإسرائيلي لانتقادات لاذعة من الأوساط السياسية اليمينية والدينية في الائتلاف الحكومي والمعارضة على حد سواء.

وقالت وزيرة الداخلية الإسرائيلية، أيليت شاكيد، في تغريدة على حسابها في موقع "تويتر"، موجهة كلامها لبارليف "أنت مرتبك، المستوطنون هم ملح الأرض".

وأضافت شاكيد، المحسوبة على اليمين الديني المتطرف، "ما يجب أن يصدمنا هي الحوادث اليومية التي يتم فيها إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة على اليهود، لمجرد أنهم يهود".

 

وبالرغم من الانتقادات رفض وزير الأمن الداخلي التراجع عن تصريحه، مشدداً في قوله إن "هناك عنفاً شديداً من المستوطنين في الضفة الغربية".

ورد بار ليف على منتقديه عبر تغريدة له في "تويتر"، "أفهم أن الأمر صعب بالنسبة لبعضكم، ولكن الحكومات الأجنبية مهتمة بالموضوع، لذا أوصي أولئك الذين يجدون صعوبة في ذلك، شرب كوب من الماء".