لم يكن الفتى السوري عمر علوان يعلم قبل أن يغادر سوريا أنه سيصبح يوماً ما حديثاً لوسائل الإعلام الهولندية، لكن فرصة اقتنصها في أثناء إقامته في أحد مراكز اللجوء غيرت حياته وفتحت له أبواب الشهرة السينمائية إلى درجة أن واحداً من أفلامه بات حالياً مرشحاً للمشاركة في التصفيات الأولى لجائزة الأوسكار العالمية.
عمر (17 عاماً) المنحدر من مدينة دير الزور غادر البلاد نهاية عام 2015 هرباً من الحرب المندلعة في سوريا منذ عام 2011، ويقيم حالياً في مدينة أووس قرب مدينة دينبوس جنوبي هولندا.
ويقول عمر الذي يدرس كمساعد طبيب أسنان لموقع تلفزيون سوريا "في شهر نيسان من عام 2017 جاء مخرج هولندي إلى مركز الإيواء الذي كنت أسكن فيه بمدينة نايميخن وكان يبحث عن طفل سوري ليشارك في فيلم هولندي قصير حول حياة الأطفال اللاجئين في مراكز الإيواء".
ويضيف عمر "نجحت من أصل 350 طفلاً في إقناع المخرج للعمل معه في الفيلم الذي كان اسمه A kiss قبلة (..) المخرج الإيراني (نيما محقق) ومساعده (سامان أميني) كانا لاجئين في السابق وكانا يريدان الإضاءة على حياة الأطفال اللاجئين والصعوبات التي يواجهونها في مراكز الإيواء".
ويلعب عمر دور الطفل "عبدي" بطل الفيلم وهو يتيم الأم يعيش مع أبيه وأخته في مركز إيواء بانتظار الحصول على تصريح الإقامة، وخلال إقامته في مركز الإيواء يقوم عبدي بدور "الأم" حيث يقوم بالطبخ إضافة إلى رعاية أخته وسط خلافات مع والده الذي لا يهتم بشؤونهما.
ويقع عبدي في الفيلم بحب فتاة أفغانية تعيش في مركز الإيواء منذ تسع سنوات إلا أنها لا تهتم به في بداية الفيلم لكنها تحبه فيما بعد قبل أن يقرر والدها العودة إلى أفغانستان.
وعن شعوره والصعوبات التي واجهها خلال تصويره أول مشهد في حياته، يقول عمر "في البداية ارتبكت أمام الكاميرا خلال تصوير أول مشاهدي في الفيلم لأني لم أقف أمام الكاميرا في حياتي (..) لكن الأمور سارت بشكل جيد جداً فيما بعد".
ويضيف عمر "تلقيت نصائح وتوجيهات خلال البروفات التحضيرية للفيلم وخلال تصوير الفيلم من قبل المخرج ومساعده وهذه النصائح ساعدتني كثيراً لأخرج أفضل ما عندي".
فيلم "لا تتردد"
أما الفيلم الثاني الذي شارك فيه عمر فهو فيلم Do not hesitate "لا تتردد" ويتحدث الفيلم عن ثلاثة جنود هولنديين وجدوا أنفسهم وحدهم خلال "مهمة سلام" في الشرق الأوسط خرجت عن السيطرة بعد أن علقت سيارتهم في حفرة على طريق ترابي في أثناء قيامهم بدورية في بلد مجهول وهناك يلتقي الجنود بالطفل "خليل" -الذي يؤدي دوره عمر- بعد أن يطلق أحد الجنود النار على ماعز تعود ملكيته لخليل الذي غضب منهم لكنهم حاولوا تعويضه وسط تصاعد للأحداث وتوتر وترقب يستمر طوال الفيلم.
ويقول عمر الذي يقوم بالتدرب حالياً في عيادة طبيب أسنان في مدينة لاهاي لموقع تلفزيون سوريا إن "المخرج شريف كورفر (وهو من جذور عربية) بحث كثيراً عن طفل ليؤدي دور خليل لكنه لم يجد ما كان يبحث عنه لأن الدور كان صعباً جداً بحسب ما قال لي"، مضيفاً "خضعت لاختبار صعب قبل الموافقة علي حيث طلب مني المخرج أن أقوم بإقناع شخص كان موجوداً في الغرفة بالخروج منها ونجحت في ذلك".
و"بدأ تصوير الفيلم في شهر أيلول من عام 2019 في جزيرة كريت اليونانية واستمر التصوير لمدة شهر ونصف" بحسب عمر الذي قال إنه كان "يتحدث في الفيلم باللهجة الديرية".
ترشيح للأوسكار وإشادة كبيرة
تم ترشيح الفيلم الذي يعرض في دور السينما منذ بداية تشرين الثاني للمشاركة في التصفيات الأولى لجائزة "أوسكار" أفضل فيلم دولي في النسخة الـ 94 التي ستقام في 27 آذار من العام المقبل.
ولاقى فيلم "لا تتردد" إعجاباً واسعاً من وسائل الإعلام الهولندية لا سيما مشاركة عمر علوان فيه التي حظيت بإشادة كبيرة.
وعن مشاريعه الجديدة، يقول عمر إنه شارك أخيراً في مسلسل هولندي لكنه لم يتم عرضه بعد، "كما سأشارك في تصوير فيلم هولندي جديد اسمه the hunter's son ابن الصياد وهو من إخراج ريكي راينكي وسيتم تصوير الفيلم في ثلاث دول هي فرنسا وآيسلندا وبلجيكا"، بحسب ما قال عمر.
وفيما إذا كان عمله في التمثيل يؤثر سلباً على دراسته يقول عمر "لا يؤثر ذلك كثيراً لكن في بعض الأحيان يؤثر على دوامي في المدرسة كما حصل معي خلال عملي في فيلم لا تتردد حيث كان يجب أن أداوم في المدرسة لكن مدير أعمالي نسق مع المدرسة التي وافقت على السماح لي بالمشاركة في الفيلم على أن أقوم بأداء واجباتي المدرسية ثم أقوم بإجراء الامتحانات"، من جانبها معلمة عمر نيللي كرونين أشادت به وقالت "لقد عمل بجد فعلاً".
أما فيما إذا كان يطمح لدراسة التمثيل في المستقبل، فيقول عمر "ما زلت حائراً في دراسة التمثيل بأكاديمية التمثيل في أمستردام أو إكمال دراستي في طب الأسنان لأصبح طبيب أسنان لكني سأسعى للمواصلة في المسارين".
ويضيف اللاجئ السوري الذي يعيش مع عائلته "سأحاول مواصلة التمثيل حتى أصل إلى العالمية إن شاء الله".
مخرج فيلم "لا تتردد" شريف كورفر أشاد بقدرات عمر وقال "لقد جاء إلى هولندا كلاجئ من سوريا (..) وهو يجيد اللغة الهولندية مما جعل العمل معه أمراً سهلاً جداً.. وتحدث عمر في الفيلم بلهجة عربية محلية".
ويضيف المخرج في تصريحات صحفية له "إن عمر كممثل لا يعرف الخوف ولقد بذل كل جهده وهذه هي ميزة الممثلين الشباب (..) إنهم قد ينسون أنفسهم تماماً في مشهد ما أمام الكاميرا"، مشيرا إلى أن عمر "اكتشاف للفيلم حقاً".