icon
التغطية الحية

على ظلال الحرب في غزة.. المستوطنون يتوعدون بـ "نكبة كبرى" في الضفة

2023.10.28 | 06:17 دمشق

آخر تحديث: 28.10.2023 | 16:29 دمشق

على ظلال الحرب في غزة.. المستوطنون يتوعدن بـ "نكبة كبرى" في الضفة
مستوطنون إسرائيليون ملثمون ويقف إلى جانبهم جنود من الجيش الإسرائيلي، الضفة الغربية المحتلة (الصحافة الإسرائيلية - فلاش 90)
 تلفزيون سوريا ـ خالد خليل
+A
حجم الخط
-A

توعد مستوطنون متطرفون في الضفة الغربية المحتلة الفلسطينيين بـ "نكبة كبرى" جديدة في محاولة لإرهابهم وتهديدهم بتكرار ما فعلته العصابات الصهيونية قبل إعلان "قيام إسرائيل" في عام 1948، بالتزامن مع الرد الانتقامي الإسرائيلي على قطاع غزة.

تداول ناشطون فلسطينيون وشبكات إخبارية محلية في الضفة، الخميس، صوراً لمناشير "تهدد بطرد الفلسطينيين إلى الأردن" وضعها مستوطنون على مركبات المزارعين الفلسطينيين في قرية "دير إستيا" جنوبي نابلس شمالي الضفة الغربية.

جاءت تلك المنشورات التي تتوعد الفلسطينيين بالقتل والتهجير والطرد في نص مكتوب باللغة العربية وعليها علم إسرائيل.

وتأتي هذه التهديدات في ظل الحرب الشاملة التي تشنها إسرائيل المدعومة من الغرب بطريقة غير مسبوقة على قطاع غزة منذ ثلاثة أسابيع والتي أودت بحياة أكثر من 7 آلاف فلسطينيي عشرات الآلاف بين جريح ومفقود، وفقاً بيانات وزارة الصحة في غزة.

كتب المستوطنون في المنشور المتداول: "أردتم الحرب فانتظروا النكبة الكبرى"، موجهين خطابهم إلى الفلسطينيين ويصفونهم بـ "أهالي العدو" في إشارة إلى حركة حماس التي شنت هجوماً مباغتاً على مستوطنات الجنوب في 7 تشرين الأول/أكتوبر الجاري.

وأضافوا، "لديكم آخر فرصة للهرب إلى الأردن بشكل منظم.. سنطردكم بقوة من أرضنا المقدسة التي كتبها الله لنا".

وختموا المناشير بالقول: احملوا حمالتكم فورا وارحلوا من حيث أتيتم، إننا لآتون.

الحرب تمتد إلى الضفة الغربية

في 7 تشرين الأول/أكتوبر أطلقت فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة عملية "طوفان الأقصى"، رداً على اعتداءات الاحتلال والمستوطنين على الشعب الفلسطيني ومقدساته، أسفرت عن مقتل نحو 1400 إسرائيلي وأسر أكثر من 200 آخرين.

 شكل هجوم حماس المفاجئ صدمة لإسرائيل وحلفائها في الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الذين تقاطر زعماؤهم لدعم الحرب الشاملة والمستمرة حتى اليوم، التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة.

جندت إسرائيل كل طاقاتها للحرب على غزة، لأن ما قبل 7 أكتوبر ليس كما بعده وفقاً لتصريحات إسرائيلية رسمية وعموم المراقبين، فالهجوم المباغت لم تشهده إسرائيل في تاريخها.

على الرغم من أن إسرائيل تعلن أن هدفها من الحرب القضاء على حماس إلا أنها تطبق قواعد الحرب أيضاً في الضفة الغربية وقواتها تطلق النار مباشرة من دون الرجوع إلى قواعد وأساليب الاشتباك مع الفلسطينيين مثلما كانت في أيام التوتر الاعتيادية.

امتدت الحرب إلى الضفة الغربية الخاضعة لسيطرة جنود الاحتلال ومستوطنيه، وشنت إسرائيل عمليات عسكرية واسعة النطاق في الضفة شارك فيها سلاح الجو.

كما أطلقت إسرائيل يد المستوطنين، الذين كانوا من أهم مسببات الحرب الحالية، عبر تسليحهم وتجنيدهم للقتال فيما تطلق عليه إسرائيل "الحرب على البيت".

وسجلت في الأيام الماضية، العديد من حوادث إطلاق مستوطنين يرتدون الزي العسكري النار على فلسطينيين في الضفة.

في اليوم السابع من الحرب وثقت صحيفة "هآرتس" إطلاق مستوطن النار من مسافة صفر على فلسطيني جنوبي الخليل في الضفة الغربية.

لقطة من توثيق حادثة إطلاق النار على فلسطيني جنوب جبل الخليل يوم الجمعة
لقطة شاشة من فيديو يوثق حادثة إطلاق النار من قبل مستوطن على فلسطيني جنوبي الخليل، 13 تشرين الأول/أكتوبر 2023 (نشرتها هآرتس)

ما الفرق بين الضفة والقطاع

على عكس قطاع غزة المحاصر الذي يشكل أهمية أمنية بالنسبة لإسرائيل فإن الضفة الغربية المحتلة لها رمزية دينية لدى اليهود المتشددين (الحريديم) الذين قطعوا أوصالها بالمستوطنات والبؤر الاستيطانية، فالضفة في الموروث الديني هي أرض مملكتي "يهودا والسامرة" قبل نحو ثلاثة آلاف عام.

وتطلق إسرائيل على الضفة الغربية رسمياً اسم توراتياً "يهودا والسامرة" بعد احتلالها في حرب 1967، وهي أرض محتلة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية يسكنها نحو 700 ألف مستوطن معظمهم من التيار الديني المتشدد على عكس مستوطنات غلاف غزة التي يسكنها مستوطنون ذوو ميول اشتراكية ويسارية.

يذكر أن قطاع غزة خال من المستوطنات بعد تطبيق رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق آرييل شارون في عام 2005 خطة "فك الارتباط" (الانفصال) عن القطاع وسحب المستوطنين منه، ولكن القطاع تحيطه مستوطنات الغلاف ويعيش حصاراً خانقاً منذ عام 2007، ولكنه يشكل مصدر قلق أمني لإسرائيل.

تسليح المستوطنين وتجنيدهم

تشكل الحرب الحالية وحالة الصدمة التي تلقتها إسرائيل من جراء الهجوم المفاجئ فجر السبت (7 أكتوبر) من جهة، والدعم الغربي المطلق لإسرائيل من جهة أخرى، فرصة للمستوطنين المتطرفين لإطلاق العنان لجرائمهم بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم.

خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من الحرب، قتلت قوات الاحتلال أكثر من 100 فلسطيني في الضفة الغربية، في ظل أجواء مشحونة وغليان يقودها قادة المستوطنين للتحريض ضد فلسطينيي الضفة.

بموازاة ذلك، يقود وزير الأمن القومي (أي وزير الداخلية) اليميني المتطرف إيتمار بن غفير بنفسه وبشكل علني مهمة توزيع السلاح على المستوطنين ويطالبهم بقتل "الأعداء".

ويظهر بن غفير في مقاطع فيديو ينشرها على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي وهو يوزع بيديه السلاح على المستوطنين، ويدعوهم لحمل السلاح.

هذه ليست المرة الأولى التي يطالب فيها بن غفير "المثير للجدل" بتسليح المستوطنين عقب أي عملية ينفذها الفلسطينيون ضد إسرائيل ومستوطنيها.

يعرف بن غفير داخل إسرائيل بميوله الفاشية تجاه العرب، وهو تلميذ "مائير كهانا" الفاشي المتطرف الذي تصفه تل أبيب وواشنطن بأنه "إرهابي".

تجنيد الحريديم في القتال

في 20 تشرين الأول/أكتوبر، ذكرت "يديعوت أحرونوت" أن آلاف اليهود المتشددين يبادرون للتطوع في الجيش الإسرائيلي

وقالت الصحيفة إنه مع بدء الحرب مع قطاع غزة تقدم نحو 3 آلاف من اليهود المتشددين بطلبات للتطوع في القتال ضد الفلسطينيين.

يشار إلى أن اليهود المتشددين والمعروفين في إسرائيل باسم "الحريديم" (الأرثوذكسية اليهودية) يرفضون التجنيد الإلزامي في الجيش، وقبل الحرب كانت الأحزاب الحريدية تدفع نحو سن تشريع "دراسة التوراة" الذي يقضي بأن دراسة الشباب المتدين للتوراة توازي الخدمة العسكرية.

كما أن إعفاء "الحريديم" من الخدمة كان أمراً مثيراً للجدل المستمر في إسرائيل منذ عقود، ولكن مع ذلك هناك نحو 1200 جندي فقط من "الحريديم" يخدمون في صفوف الجيش الإسرائيلي الذي يتجاوز قوامه الـ 140 ألف جندي نظامي.

1
شباب إسرائيليون من التيار الديني المتشدد "الحريديم" يصطفون أمام شعبة للتجنيد في الجيش الإسرائيلي (يديعوت أحرونوت)

دور المستوطنين في الحرب

في الشهور الأخيرة، ازدادت اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية بما فيها حوادث القتل لدرجات غير مسبوقة، وسط تحذيرات أممية وحقوقية من هذه الظاهرة الخطيرة.

وقبل يومين من الحرب الحالية، حذّر المرصد "الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان، ومقره جنيف، في بيان من الارتفاع الحاد في عنف المستوطنين الإسرائيليين في الأراضي الفلسطينية، معتبرا أنه "يجري بغطاء سياسي من الحكومة".

واتهم المرصد حكومة الاحتلال الإسرائيلي بتسهيل هذه الهجمات، عندما قال البيان "إن هناك غيابا شبه تام لتدابير المساءلة والعقاب".

وأرجع المرصد ارتفاع عنف المستوطنين إلى "الخطاب التحريضي لوزراء اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية".
من جانبها، حذرت الأمم المتحدة في تقرير جديد، قبل شهرين، من تصاعد اعتداءات المستوطنين منذ بداية العام الجاري، أي بالتزامن مع تشكيل حكومة نتنياهو، التي توصف بأنها "الأكثر يمينية وتطرفاً في تاريخ إسرائيل".

ورصدت الأمم المتحدة خلال هذا العام 591 حادثة متصلة بالمستوطنين أدت إلى سقوط قتلى وجرحى من الفلسطينيين، أو تسببت بأضرار في الممتلكات أو كليهما.

وتضم الحكومة بين أعضائها عددا من المستوطنين بينهم الوزير بن غفير، ووزير المالية زعيم حزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش.

وكان من اللافت، استخدام الولايات المتحدة لأول مرة مصطلح "إرهاب" للتعبير عن أعمال المستوطنين ضد الفلسطينيين، بدلاً من مصطلح "عنف" كما جرت العادة في السابق.

الإرهاب اليهودي

أكثر من ذلك، حذرت العديد من التقارير الإسرائيلية ومسؤولون كبار في إسرائيل، مناهضون لحكومة اليمين، في الشهور الأخيرة، من تنامي خطر عنف المستوطنين إلى درجة وصف ممارسات المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة بأنها "أعمال إرهابية".

في نهاية حزيران/يونيو الماضي، اتهم مسؤولون أمنيون في إسرائيل حكومة نتنياهو بتوفير الحماية للمستوطنين ومنع إجراءات الحد من اعتداءاتهم بحق الفلسطينيين، بحسب "هآرتس".

وقال مسؤولون إسرائيليون، لصحيفة "هآرتس"، إن الحكومة تعطل جهود الأجهزة الأمنية للتعامل مع "الجريمة القومية" التي يرتكبها المستوطنون ضد الفلسطينيين في الضفة، في إشارة إلى أعمال العنف التي ترتكبها عصابة "شبيبة التلال" المتطرفة.

وتعليقاً على تصاعد اعتداءات المستوطنين في الضفة، حذر زعيم حزب "المعسكر الرسمي"، بيني غانتس (يشغل حالياً وزيراً في مجلس الحرب)، قائلاً "نشهد ظهور إرهاب قومي يهودي خطير يتمثل في حرق المنازل والمركبات وإطلاق نار".

واتهم غانتس حكومة نتنياهو بدعم المتطرفين اليهود بقوله، "دعم أعضاء الحكومة هؤلاء المتطرفين وصمة لن تمحى، وخطر على أمننا".

كذلك، استخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق (زعيم المعارضة)، يائير لابيد، وصف الإرهاب عند الحديث عن عصابة "شبيبة التلال"، اليمينية المتطرفة والمسؤولة عن تنفيذ هجمات ضد الفلسطينيين.

وقال لابيد، إن هؤلاء الشبان "يمارسون الإرهاب اليهودي".

المستوطنون الرعاة

انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة المستوطنين الرعاة الذين تجندهم الجمعيات الاستيطان بهدف الاستيلاء على أراض في الضفة الغربية المحتلة، عبر إنشاء "بؤر استيطانية رعوية".

ويقول الفلسطينيون إن "البؤر الرعوية" هي خطة إسرائيلية الهدف منها ضم (فرض السيادة) مناطق شاسعة من الضفة المحتلة.

وطبقاً للقانون الدولي، فإن المستوطنات في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، غير شرعية ووجود المستوطنين فيها غير شرعي.

تحتل إسرائيل القدس الشرقية والضفة الغربية ومرتفعات الجولان السوري، منذ حرب 1967، وتواصل بناء المستوطنات وتقدم تسهيلات وحماية خاصة للمستوطنين في الأرض الفلسطينية.

وتعتبر الأمم المتحدة الاستيطان الإسرائيلي أنشطة غير قانونية وتطالب من دون جدوى بوقفها، محذرةً من أن ذلك يهدد مبدأ حل الدولتين.

يتوزع نحو 700 ألف مستوطن إسرائيلي في 146 مستوطنة كبيرة و140 بؤرة استيطانية عشوائية (غير مرخصة من الحكومة الإسرائيلية) بالضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، بحسب بيانات لحركة "السلام الآن" الحقوقية الإسرائيلية.

عصابة "شبيبة التلال"

تعدّ عصابة "شبيبة التلال" مجموعة استيطانية دينية متطرفة وتكفيرية، يقدر تعداد أفرادها بالآلاف، يعيشون في بؤر استيطانية وخيام على قمم جبال الضفة للاستيلاء عليها وتوسيع الاستيطان.

يعود تاريخ تأسيس العصابة إلى 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، عندما أعطى وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك أرييل شارون الضوء الأخضر لتأسيس "شبيبة التلال".

ويؤمن أتباع هذه العصابات، وهي صاحبة فكرة البؤر الاستيطانية ومشاريع الاستيطان الرعوي، بـ"أرض إسرائيل الكبرى"، إذ يعتبرون الفلسطينيين دخلاء ويجب طردهم من البلاد للحفاظ على "يهودية الدولة".