عقد من الثورة نحو سوريا الجديدة

2021.03.17 | 05:55 دمشق

1615817510345.jpg
+A
حجم الخط
-A

الانتصار في جوهره أمل، والهزيمة في جوهرها يأس، ومع تمام عشر سنين من عمر هذه الثورة العظيمة التي كانت تتجلى حقيقتها للعالم كله يوماً إثر يوم بأنها ثورة أمل وأن حرب النظام وحلفائه ورعاته والصامتين عنه، على الرغم من ضراوة هذه الحرب ووحشيتها هي حرب يائسة، وقد أيقن أصدقاء هذا النظام قبل أعدائه أنه لا أمل له في النجاة.

الشعب السوري هو شعب الجبارين فعلاً، وقلما روى لنا التاريخ نموذجاً قريباً من السوريين بأنفتهم وكبريائهم وحبهم للحياة، والأهم عشقهم للحرية وتوقهم لامتلاك مصيرهم.

ومن الأمور العجيبة والمثيرة للإعجاب بالوقت نفسه أن يجتمع على هذا الشعب ما اجتمع عليه من أسباب الموت والإحباط والخذلان ثم تراه إلى اليوم يطلق أهازيج الحرية ويلحن أغاني الحياة في مديح الحرية، وعلى رغم ما اجتمع عليه من الأعداء والقتلة ابتداء بنظام بلده مروراً بإيران وعشرات الميليشيات الإرهابية والطائفية والانفصالية وليس انتهاء بروسيا؛ ما تزال إرادته بل عزيمته على الانتصار راسية كالجبال لا يثنيه عنها تقصير شقيق أو خذلان صديق.

نعم الثورة صنعت الشعب السوري من جديد وأشاعت روح الشجاعة والحرية في النفوس، ولها كل الفضل في خلق سوريا الجديدة

السوريون الذين عبروا عن وعيهم العميق بفساد هذا النظام وعمالته وإرهابه من خلال الثورة السورية العظيمة وملاحمها المتتابعة، واجههم النظام بجرائم تصغر دونها جرائم النازية كما عبر رئيس اللجنة المستقلة من أجل العدالة الدولية والمحاسبة السيد ستيفن راب، وكان أشد ما يحزّ في نفوس أبناء سوريا الثائرة هو وقوف بعض أبناء وطنهم مع النظام المجرم، اليوم هذا النظام المشؤوم والمطبوع على سفك الدماء؛ حتى هؤلاء القلة الذين ساندوه وكذلك من صمت خوفاً من بطشه وبقي في أماكن سيطرته "أشبه برهينة"، لم يسلموا من بطشه وحربه عليهم حتى بلقمة العيش، وقد ضجروا من فشله وفساده وانقلبوا عليه، وتجرأ كثير من الصامتين على رفع الصوت ضده، لدرجة مطالبته بالرحيل.

 نعم الثورة صنعت الشعب السوري من جديد وأشاعت روح الشجاعة والحرية في النفوس، ولها كل الفضل في خلق سوريا الجديدة التي تتبلور يوماً بعد يوم والتي سنعيشها قريباً وتكون لأطفالنا خير وطن.

أقدر تقديراً عالياً كل هؤلاء الذين يسخّرون حياتهم لصون ثورة الشعب السوري وتضحياته، ولإحقاق العدل تجاه الجريمة المستمرة بحق هذا الشعب وما قدمه من تضحيات خلال ثورته العظيمة رغم تطاول السنين. كما أقف إجلالاً أمام جهود جميع أبطالنا على مختلف جبهات الميدان والمجتمع والسياسية والصحة والخدمة، مؤكداً أن الحرية تستحق النضال من أجلها، وتستحق صونها.

خطابنا اليوم لا بد أن يكون بعيداً عن الشعارات وقريباً من الواقع، بعيداً عن الأحلام وقريباً من الأهداف، بعيداً عن التمنيات وقريباً من الإمكانات. خطاباً يتجنب المزاودة والإقصاء والتشكيك والتخوين، ويؤمن بحق الجميع في تقديم رؤاهم وتصوراتهم.

نريد اليوم أن نعطي الأولوية للخطوات المدروسة والمنظمة والقائمة على استبيانات واستطلاعات وتجارب وأوراق عمل حقيقية ودراسات علمية ومبادرات للتكتلات والأحزاب والتجمعات الوازنة والمؤثرة، مع الأخذ بعين الاعتبار أولوية الشباب والأجيال الجديدة وحقها بالتمثيل والحضور السياسي.

اليوم أدعو الشباب السوري والأجيال الجديدة إلى الانخراط في العمل الثوري والسياسي والمدني في كل مكان، في الداخل والخارج، في المهاجر والمنافي، صحيح أن أحلك الليل آخره، ولكنه آخره على كل حال، وقد شارفت جهودنا على أن تؤتي أكلها، واقتربت آمالنا من التحقق في أرض الواقع، علينا أن نصب الخبرات التي تراكمت لدينا خلال السنوات لتكون عوناً لنا في متابعة الطريق نحو النصر والحرية والسلام، نحو سورية المستقبل، نحو سوريا الجديدة.

كلمات مفتاحية