icon
التغطية الحية

طهران قلقة من حدود الرد الانتقامي الأميركي .. ماذا تقول الصحف الإيرانية؟

2024.02.01 | 19:05 دمشق

طهران قلقة من حدود الرد الانتقامي الأميركي .. ماذا تقول الصحف الإيرانية؟
الرئيسان الأميركي جو بايدن والإيراني إبراهيم رئيسي (تعديل: تلفزيون سوريا)
إسطنبول ـ ضياء قدور
+A
حجم الخط
-A

مع مرور الوقت، يكتسب رد الولايات المتحدة على مقتل وإصابة عدد كبير من جنودها مؤخراً بغارة بطائرة مسيرة على قاعدة عسكرية في الأردن أهمية خاصة في إيران يوماً بعد يوم، لا سيما أن الرئيس الأميركي بايدن كان قد وعد بالانتقام وأطلق مجموعة من الاتهامات المباشرة ضد طهران ومسؤوليتها في تزويد المتورطين بالأسلحة المناسبة.
وبالتزامن مع إعلان انسحاب كتائب حزب الله من المشهد وإعلانها وقفا مؤقتا لاستهداف القواعد الأميركية، والرد العاجل على ذلك من البنتاغون بأن الأفعال أمضى من الأقوال، من المهم أن نلقي نظرة سريعة على ما جاءت به الصحف الإيرانية من تحليلات، ووضعها ضمن سياقها في المشهد الجديد.

"المنشآت البحرية الإيرانية وشخصيات حساسة في العراق وسوريا"

في تقرير نشرته صحيفة "ستاره صبح" الإيراني تحت عنوان "رد أميركا المحتمل على مقتل جنودها"، أشارت الصحيفة إلى أن خيارات الرد المقدمة إلى وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) هي مهاجمة المنشآت البحرية الإيرانية في المياه الإقليمية و"الأشخاص التابعين لإيران في سوريا والعراق"، مضيفة أن الرد الأميركي، الذي يمكن أن يبدأ خلال يومين من تاريخ إعطاء بايدن الضوء الأخضر لمثل هذه العملية العسكرية، سيكون على الأرجح على شكل موجة ضد مجموعة من الأهداف.

ومن جهته أوضح المحلل الإيراني أكبر مختاري، ماجستير العلاقات الدولية، بمقال على صحيفة "هم وطن" الإيرانية تحت عنوان "هل ستهاجم أميركا إيران؟" أن الولايات المتحدة، كقوة عظمى خماسية الأبعاد، لا يمكنها أن تظل صامتة أمام مقتل جنودها في منطقة الشرق الأوسط وفي أي مكان في العالم؛ لأن عدم وجود رد فعل يؤدي إلى إضعاف الردع العسكري، وبمرور الوقت سيؤدي ذلك إلى توقف الحكومات الأخرى عن أخذ التهديدات الأميركية على محمل الجد، بحسب وصفه.
ويعتبر مقتل ثلاثة جنود أميركيين وجرح وإصابة عشرات آخرين حدثاً غير مسبوق، لم تشهده إدارة بايدن منذ بداية صعودها للسلطة في الولايات المتحدة.

وحول احتمالية مهاجمة الولايات المتحدة لأراضٍ إيرانية، يعتقد مختاري أنه للإجابة على هذا السؤال لا بد من النظر إلى سلوك إيران المستقبلي في الأيام المقبلة.

وأشار مختاري إلى أن الحرب الإقليمية الكبرى ستكون لها تكاليف على واشنطن وحلفائها في المنطقة، لا يمكن مناقشة أبعادها الدقيقة، موضحاً أنه لو كانت إدارة ترامب في السلطة لتجنبت اشتداد حرب إقليمية كبرى.

استفزاز طهران لتسريع برنامجها النووي

رغم إشارتها لما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين في المخابرات الأميركية بأنه لا يوجد دليل على أن إيران أمرت بالهجوم الأخير على القوات الأميركية، بينت صحيفة "دنيا الاقتصاد" الإيرانية أن بايدن يمكن أن يقرر ملاحقة الموردين الرئيسيين للطائرات من دون طيار والصواريخ، بما في ذلك ربما داخل إيران، وهو ما يشكل خطراً أكبر بكثير، بحسب الصحيفة الإيرانية.

وأوضحت الصحيفة أن هدف بايدن الأول قد يكون أعضاء الحرس الثوري الإيراني، الذين يتمركز العديد منهم في سوريا والعراق.
وحذرت الصحيفة أن كيفية تنفيذ بايدن لهذه الهجمات، يمكن أن يفتح جبهة أخرى ضدها مع عدو أقوى بكثير ويستفز طهران لتسريع برنامجها النووي.

هل يتدخل حزب الله؟

في مقال بعنوان "خطر الحرب بين إيران وأميركا: سطحي أم عميق؟!"، أشار الدكتور صلاح الدين هرسني على صحيفة "جهان صنعت" إلى أن بايدن لا يستخدم ضغوط الجمهوريين كذريعة لشن حرب عنيفة مع إيران.
وأضاف: أن الرأي العام في الولايات المتحدة غير مستعد لقبول مثل هذه الحرب، لاسيما مع انخراط حليف واشنطن الاستراتيجي بالمنطقة، إسرائيل، بالحرب ضد قطاع غزة.

وحذر هرسني من أنه إذا أراد بايدن الدخول في مرحلة حرب مكثفة رداً على تصرفات إيران، فإنه سيفتح جبهة جديدة ضد إسرائيل من جنوبي لبنان مع حزب الله، خاصة وأن الآمال بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى حماس في أدنى مستوياتها، بحسب وصفه.

وتحت عنوان "استنفار في الولايات المتحدة"، نقلت صحيفة "أرمان ملي" الإيرانية عن صحف أميركية أن بايدن أعلن أن الانتقام مؤكد، وطلب من مستشاريه إعداد خطط للرد على "المقاومة" في المنطقة.
وقدمت بعض وسائل الإعلام الإيرانية تحليلات مختلفة حول نوعية الرد الأميركي وحتى إمكانية الاشتباك مع إيران.
وتحت عنوان "الأزمة في المنطقة ليست بعيدة عن الأذهان"، كتب الصحفي الإيراني قاسم محب علي في الصحيفة ذاتها: "من المرجح أن تكون مجموعات المقاومة العراقية هي محور الهجمات الأميركية، مرجحاً أن هذا هو السيناريو القوي بالنظر إلى أن قواعد الأميركيين في الخارج تعرضت للهجوم".
وفي الوقت نفسه، لم تستبعد الصحيفة على لسان كاتبها أن يكون هناك احتمال ضعيف بأن الأميركيين يريدون تدمير بعض المنشآت الإيرانية.

تدخل سويسري

في صفحته على منصة "إكس" كشف الصحفي الإيراني مصطفى نجفي في صحيفة شرق الحكومية، أن الولايات المتحدة أرسلت في أعقاب اغتيالها قاسم سليماني عام 2020 رسالة عبر سويسرا مفادها إذا استجبتم سنهاجم عدة أجزاء من إيران.
وأضاف نجفي: والآن، وحتى قبل الهجوم الأميركي المتوقع، تدخلت سويسرا حتى لا ترد إيران، موضحاً أن الأهداف الأميركية المعلنة للهجوم تحدد التزام إيران أو خيارها للانتقام.

قلق من الانتقام الأميركي.. تحركات صورية لها دلالات رمزية

في أعقاب التطورات الأخيرة، أعلنت وكالة "رويترز"، اليوم الخميس 1 شباط/فبراير، في تقرير خاص نقلاً عن مصادرها، مغادرة كبار قادة الحرس الثوري الإيراني و"العشرات من الضباط المتوسطين" في هذه المؤسسة العسكرية الأراضي السورية.

ونقلت وكالة الأنباء هذه عن خمسة مصادر لم تذكر أسماءها أن الحرس الثوري الإيراني خفض إرسال قادته إلى سوريا في أعقاب الهجمات القاتلة المنسوبة إلى إسرائيل في الأسابيع الأخيرة.

ووفقاً للتقرير، فإن خطة الحرس الثوري الإيراني تتمثل في استخدام "قوات الميليشيات الشيعية المتحالفة معه" للحفاظ على موقعه في سوريا.

وفي ذات السياق، نفت قناة "الميادين"، المدعومة من إيران، الأنباء التي تداولتها "رويترز" وادعت أن طهران طلبت من قادتها عدم اصطحاب عوائلهم معهم فقط.

ونفى الصحفي الإيراني مصطفى نجفي على حسابه على منصة "إكس" هذا الخبر أيضاً، وادعى وجود تغييرات في بروتوكولات الحماية والرعاية، وأقر بإجراء تغييرات فيما يتعلق بكبار القادة الإيرانيين على أساس مؤقت فيما يتعلق بسفرهم وانتشارهم.

وأكد نجفي أنه خلافاً لهذا التقرير، وبسبب تصاعد التوترات، يتم إرسال مزيد من المستشارين؛ ولكن ببروتوكولات وأساليب جديدة، بحسب وصفه.

وفي تحرك مفاجئ آخر، أعلنت قناة "صابرين نيوز"، المدعومة إيرانياً، اليوم تعليق عملها حتى إشعار آخر، من دون ذكر أي تفاصيل أخرى، وذلك في أعقاب زيارة سرية لقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى العراق هذا الأسبوع.

وينظر بعض المحللين والمراقبين إلى هذه المعلومات والأنباء الحديثة على أنها تسريبات تهدف للسيطرة على التوتر الحالي الذي أصبحت على رأس جدول الأعمال بعد التصعيد الأخير غير المسبوق ضد قاعدة الأردن.

في حين ينظر محللون آخرون إلى أنها معلومات يتعمد النظام الإيراني تسريبها في الوقت الحالي للتنصل من تداعيات أفعال وكلائه، وتحصين الحرس الثوري الإيراني وإيران عن المساءلة وتمكين حالة الإنكار للنظام الإيراني بشكل منطقي، وبالتالي إبعاد شبح الضربات الأميركية المحتملة على المصالح والأراضي الإيرانية قدر الإمكان.