icon
التغطية الحية

طلاب إدلب يستقبلون العام الدراسي في ظل الفقر وكورونا وقلة الدعم

2020.10.29 | 05:57 دمشق

atfal_adlb_ystqblwn_am_drasy_jdyd_-_tlfzywn_swrya.jpg
إدلب - سونيا العلي
+A
حجم الخط
-A

استقبل الأطفال في إدلب العام الدراسي الجديد، في وقت تشهد فيه البلاد انتشاراً لجائحة كورونا وتزايداً في أعداد المصابين بالوباء، وموجة الفقر والغلاء الذي يجعل أولياء الطلاب عاجزين عن تأمين حاجة أبنائهم الأساسية من ملابس وقرطاسية، وكل ذلك في ظل الدمار الذي حل بالمدارس وأثاثها، ونقص اللوازم المدرسية من كتب وقرطاسية، إلى جانب قلة الدعم المادي، وتقصير الجهات المسؤولة، والمنظمات الداعمة لقطاع التعليم، إضافة لازدحام المدارس بشكل كبير، واستمرار بعض النازحين بالسكن في المدارس نظراً لعدم توفر أماكن بديلة. 

افتتاح المدارس في ظل كورونا

قال مشرف مجمع تربية إدلب، عبد الله العبسي، لموقع تلفزيون سوريا: "اتبعت محافظة إدلب نظام التعليم عن بعد خلال الفصل الثاني من العام الدراسي الماضي، وأيضاً خلال فترة الدراسة الصيفية، خوفاً من تفشي فيروس كورونا في المنطقة، وكانت آلية التعليم تلك عبر مجموعات واتسآب أنشأها المعلمون بمشاركة أهالي الطلاب في المرحلة الابتدائية، ويقوم المعلمون من خلال تلك المجموعات بشرح الدروس للطلاب وتكليفهم بالوظائف".

وأشار إلى أن عدم توفر مقومات التعليم عن بعد من هواتف محمولة وكهرباء وإنترنت، حرمت الكثير من الطلاب من الاستفادة من هذه الآلية.

وفتحت المدارس أبوابها في إدلب بتاريخ 26 من شهر أيلول/سبتمبر الفائت، رغم تفشي فيروس كورونا في المنطقة، وأوضح العبسي أن الغاية من ذلك هي أن يتمكن الطلاب من تعويض ما فاتهم، وتم اعتماد الخطة الدراسية والإجراءات اللازمة لمنع انتشار الوباء بين الطلاب داخل المدارس، من خلال العزل والتباعد المكاني، بحيث يجلس طالب واحد في المقعد، مشيرا إلى تقسيم الطلاب إلى أفواج وفئات من أجل توفير العزل اللازم، فضلاً عن تعقيم المدارس باستمرار، وتوفير الكمامات.

ويبين العبسي أن عدة معوقات تواجه العملية التعليمية في إدلب منها إيقاف الدعم الأوروبي لقطاع التعليم بالشمال السوري المحرر منذ سنة، مما أثر بشكل سلبي على المدارس، وخلق تحديات كبيرة تواجه الطلاب والمعلمين، إلى جانب نقص الكتب والمقاعد والتدفئة.

أم مروان (44 عاماً) نازحة من مدينة معرة النعمان إلى مدينة إدلب، لا تريد أن تضيع فرص التعليم على أولادها الثلاثة بعد أن فتحت المدارس أبوابها لاستقبال الطلاب، لكن خوفها عليهم من وباء كورونا يشكل هاجساً لديها وعن ذلك تقول: "لم يحظ أبنائي بتعليم جيد سواء في مدينتنا أو بعد النزوح، حيث كنا نخاف عليهم من قصف طيران النظام وحليفه الروسي الذي طال عدداً كبيراً من مدارس المحافظة، أما بعد النزوح فأصبحنا نعاني من اكتظاظ المدارس وقلة المعلمين الأكفاء، ليكتمل المشهد بوباء كورونا الذي يزداد انتشاراً يوماً بعد يوم".

الطبيب أسامة العمر من مدينة خان شيخون يتحدث لتلفزيون سوريا عن الآثار المحتملة لعودة الطلاب إلى المدارس، وكيف يمكن أن تتسبب في مزيد من الانتشار لفيروس كورونا قائلاً: "تعاني إدلب من كثافة سكانية كبيرة وضعف في القطاع الصحي، مما يشكل صعوبة للسيطرة على الوباء". مؤكداً أن الطلاب في مدارسهم قد يخالطون أطفالاً مصابين أو مخالطين لمصابين في أسرهم، مما يؤدي لانتشار العدوى بين الطلاب، ونقلها إلى أفراد أسرهم وتسجيل إصابات بين كبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة.

وينصح الطبيب بإلزام الطلاب والكوادر التعليمية بارتداء الكمامات، ومنع التجمعات وتعقيم الصفوف، لتفادي العدوى قدر المستطاع.

غلاء القرطاسية وجه آخر للمعاناة

يشتكي أولياء تلاميذ في إدلب من عجزهم في ظل الفقر والغلاء وندرة فرص العمل، لتأمين احتياجات أبنائهم من ملابس وقرطاسية كالدفاتر والأقلام وحقائب المدرسة. 

محمد الغنوم من مدينة بنش بريف إدلب أب لأربعة أبناء في سن المدرسة يتحدث لتلفزيون سوريا بالقول: "لم أتمكن من تأمين المستلزمات المدرسية لأبنائي بسبب غلاء أسعارها، وعدم تناسبها مع قدرتي الشرائية".

ويؤكد الغنوم أنه تفاجأ بداية الدوام المدرسي هذا العام بارتفاع أسعار اللوازم المدرسية بشكل جنوني، وتضاعفها عن أسعار العام الماضي، مما جعله يقتصر على شراء اللوازم الأساسية، والاستغناء عن كثير من الأشياء.

مدرسون يعملون بشكل تطوعي

انقطاع الدعم عن معظم مدارس إدلب أثر بشكل سلبي على كثير من المدرسين الذين يعملون بشكل تطوعي نظراً لانقطاع الرواتب.

علي الشيخ إبراهيم (35 عاماً) مدرس للغة العربية من مدينة سراقب، لم يقبض راتباً لقاء تدريسه منذ العام الدراسي الماضي. يوضح لتلفزيون سوريا ذلك بقوله: "كنت أحصل على راتب 120 دولارا أميركيا شهرياً، ولكن بعد توقف الدعم عن قطاع التعليم توقف راتبي".

يوضح المدرس أن منظمة "كومنكس" كانت قبل إيقاف الدعم توقع عقوداً لمنح المعلمين رواتب خلال الأشهر التسعة التي يقومون بالعمل فيها خلال الفصلين الدراسيين الأول والثاني، أما خلال العطلة الصيفية التي تبلغ ثلاثة أشهر فلا يتلق المعلمون أي رواتب.

وتابع "رغم تمسكي بمهنة التدريس، وعدم رغبتي بالتخلي عنها، إلا أن حاجتي للمال دفعتني للعمل في مخبز خلال ساعات الليل لتأمين مصروف أطفالي في ظل غلاء المعيشة".

التعليم أصبح من الكماليات في ظل الفقر

النزوح المستمر والفقر، وتوجه الشباب والأطفال نحو سوق العمل لتأمين مصدر رزق لهم، كلها أسباب غذت تسرب الكثير من طلاب إدلب من مدارسهم، تزامناً مع غياب القانون الإلزامي الذي كان يجبر الطلاب على إكمال دراستهم ضمن مرحلة التعليم الأساسي.

مدير التربية في إدلب حسن الشوا، تحدث لموقع تلفزيون سوريا بالقول: "من أسباب التسرب المدرسي في إدلب، عدم استقرار السكن والمعيشة، والظروف الأمنية كالقصف والتهجير، إلى جانب قسوة المعيشة التي جعلت أولويات الاحتياجات اليومية تتقدم على التعليم، فضلاً عن اليتم وحرمان كثير من الأطفال من أحد الأبوين بسبب القصف أو كليهما".

ويبين الشوا أن آخر إحصائية للمتسربين كانت بنسبة 40 بالمئة، حيث بلغ عدد الطلاب المتسربين قبل موجة النزوح الأخيرة 200 ألف طالب.

الطالب أيمن العوض (15عاماً) نازح من بلدة حاس إلى مخيم كفرلوسين بريف إدلب الشمالي يرفض العودة للمدرسة، بسبب حاجة أسرته للأجر اليومي الذي يحصل عليه من عمله في ورشة لتصليح السيارات، وعن ذلك يقول: "لم نعرف من حياتنا سوى الحرب والدمار، وعلينا أن نتساعد ضمن الأسرة لتأمين قوت يومنا، فلا جدوى من التعليم في ظل الحرب".

يكافح أهالي الطلاب في الشمال السوري، ولو على حساب احتياجات معيشية أخرى، لضمان استمرار تعليم أبنائهم، متحدين دمار المدارس، والنقص الفادح في المستلزمات التعليمية، وضعف التمويل المقدم لهذا القطاع الأكثر أهمية، فضلاً عن ارتفاع وتيرة انتشار جائحة كورونا في الشمال السوري.