icon
التغطية الحية

طبول الحرب تقرع في إسرائيل بعد السلام بين إيران والسعودية

2023.05.27 | 12:56 دمشق

آخر تحديث: 27.05.2023 | 12:56 دمشق

مظاهرات ضد حكومة نتنياهو في حيفا وتل أبيب
مظاهرات ضد حكومة نتنياهو في حيفا وتل أبيب
Newsweek- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

في الوقت الذي يستمر فيه التقارب بين السعودية وإيران في المنطقة، تزداد الاضطرابات في إسرائيل التي تتعرض اليوم لتهديدات في الداخل والخارج، وعلى رأسها تلك القادمة من قبل الأطراف الفاعلة التي تدعمها الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

يعلق العميد أمير آفيفي من جيش الدفاع الإسرائيلي على ذلك بقوله: "إيران موجودة في كل مكان، وهذا ليس بجديد، لكن الجديد هو تعاظم احتمال قيام حرب، إذ ثمة فرصة أكبر لقيام حرب شاملة مقارنة بما كان عليه الوضع في السابق، وأعني هنا خلال السنوات العشرين أو الثلاثين الماضية".

اليوم، يشغل آفيفي الذي عمل في السابق لدى قسم المحاسبة والاستشارة لدى مؤسسة الدفاع الإسرائيلية، منصب المدير التنفيذي والمؤسس لمنظمة منتدى الأمن والدفاع الإسرائيلي، ولهذا يحدد لنا طريقتين يمكن من خلالهما للنزاع أن يندلع، وهما إما عبر غارة جوية تشنها إيران أو إسرائيل أولاً.

سيناريوهان للحرب 

وحول سيناريو الحرب الأول يقول آفيفي: "جمعت إيران ما يكفي من القوات لدرجة أنها صارت تحس بأن إسرائيل لم تعد قوية بما فيه الكفاية، لاسيما خلال الشهور الماضية التي قامت خلالها مظاهرات ومشكلات سياسية" ابتليت بها حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وعند دراسة هذه الفرصة، يخبرنا آفيفي بأن المسؤولين الإيرانيين قد يحددون الوقت المناسب لتنفيذ هجوم مبني على تنسيق كبير، وبرأيه سيكون ذلك: "مفاجئاً جداً، لأن الاستعانة بالصواريخ والمسيرات ستتم بسرعة، بما أنها ليست قطعات لدبابات تحتاج أسابيع حتى تصبح على أهبة الاستعداد".

بالنسبة للسيناريو الثاني فإن: "إسرائيل يجب أن تشن هجومها على الإمكانيات النووية" لدى إيران بما أنها بقيت على الدوام تنكر تطويرها لبرنامج نووي بغرض التسلح. غير أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تابع التقدم على المستوى النووي في ظل غياب أي اتفاق نووي ساري المفعول بعدما خرج منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في عام 2018 ولم يتم العمل على إحيائه وسط الخلافات المستمرة بين طهران وواشنطن خلال فترة حكم جو بايدن.

إلا أن آفيفي يرى أن إسرائيل لن تسمح لإيران بالتحول إلى قوة نووية ولهذا فهي على استعداد للتصرف بشكل فردي لتحقيق هذا الهدف، حتى لو ترتب على ذلك تداعيات على نطاق واسع، وهذا ما دفعه للقول: "إن قمنا بذلك بمفردنا، فإن ذلك سيتسبب بقيام حرب إقليمية، إذ من الواضح بأن إيران ستستعين بكل وكلائها، وبذلك ستقوم حرب إقليمية وسيحل الكساد والأزمات على العالم برمته".

بينما تواصل إسرائيل تعويلها على الولايات المتحدة بوصفها حليفة لها، تنجح إيران بإعادة إحياء علاقاتها مع السعودية وغيرها من الدول العربية، وهذا ما جعل نواقيس الخطر تدق في إسرائيل، إذ منذ عام 2019، حققت إسرائيل انتصارات دبلوماسية مهمة عندما بدأت بإحياء علاقاتها مع أربع دول عربية هي البحرين والإمارات والمغرب والسودان، وكان الهدف من سلسلة الاتفاقات التي رعتها إدارة ترامب والتي عرفت بالاتفاقيات الإبراهيمية، هو التقرب أيضاً من السعودية التي تعتبر من أقوى دول المنطقة.

هل خسرت أميركا الشرق الأوسط؟

ولكن بعد تدخل الصين وتوسطها في عقد اتفاق مفاجئ مع الرياض في شهر آذار الماضي يقضي بإحياء العلاقات الدبلوماسية مع طهران بعد ست سنوات من القطيعة، تلاه ترحيب السعودية بعودة النظام السوري إلى الجامعة العربية في مطلع هذا الشهر عقب محادثات رعتها روسيا، يخبرنا آفيفي بأنه بات من الواضح بأن الغرب دخل مرحلة خسارة الشرق الأوسط، إذ يرى بأن السياسات الغربية الساعية لعزل موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا عززت فكرة تقارب الأهداف بين روسيا والصين وإيران في الشرق الأوسط وغيره، وهذا ما دفعه للقول: "أعتقد بأن الحرب الروسية-الأوكرانية والعقوبات القاسية التي فرضت على روسيا قد سرعت دينامية تقارب الشرق مع بعضه وتنسيق الأمور بين دوله لتجاوز العقوبات، وقد نجحت تلك الدول في ذلك حتى الآن، لأنها عندما تنظر إلى الغرب تقول في سرها: "الغرب قوي، ولكن ليست لديه أي رغبة لاستخدام القوة، لذا إن كان بوسعهم قهر العقوبات، فإن الغرب لن يكون مستعداً لاستخدام القوة، ولهذا بوسعهم فعل ما يحلو لهم".

بيد أن الحل الوحيد برأي آفيفي هو تدخل إدارة بايدن وتشكيل تحالف مع إسرائيل والعرب يمثل تهديداً عسكرياً كبيراً لإيران.

في تلك الأثناء يتصاعد التوتر في الداخل الإسرائيلي وعلى الحدود بينما يتواصل العنف بين قوات الأمن الإسرائيلية والفصائل الفلسطينية، التي تدعم إيران بعضاً منها.

فلقد وقعت كبرى الصدامات في قطاع غزة، حيث نجد حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وفي هذه الأثناء، تسبب تراخي سيطرة السلطة الفلسطينية في الضغة الغربية بظهور مجموعات مستقلة أعلنت عن مسؤوليتها عن تنفيذ هجمات ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي.

كما أطلقت صواريخ عبر الحدود مع لبنان، حيث نفذ حزب الله تدريبات واسعة النطاق يوم الإثنين الماضي، بعد مرور أقل من شهر على زيارة وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، لتلك المنطقة الحدودية المتنازع عليها.

نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية واسعة في مطلع هذا الشهر بهدف طرد كبار قادة حركة الجهاد الإسلامي، إلا أن حزب الله يتمتع بإمكانيات متقدمة أكثر، وتشمل ذخائر عالية الدقة، ولهذا تحلت إيران بالحذر حتى الآن وذلك عندما عزمت على عدم تجاوز الخط الذي يفصل بينها وبين الحرب الشاملة برأي آفيفي، إلا أنه يرى بأن طهران قد تتمادى في حال تطور علاقتها العسكرية مع موسكو وعلاقاتها الاقتصادية مع بيجين، إذ يقول آفيفي: "ستحدث حالات كثيرة سنضطر معها لإظهار مدى قوتنا وردعنا، إلا أن مشكلتي هي أن إيران ستمضي بمخططاتها النووية بوجود من خلق فيها الجرأة على ذلك، وبوجود البديل الروسي والصيني أيضاً، إلا أننا نعتبر هذا الأمر مشكلة وجود".

هل تستطيع إسرائيل شن هجوم على إيران؟

غير أن منصور باراتي وهو باحث إيراني متخصص بالشأن الإسرائيلي ذكر بأنه يرى أن الجيش الإسرائيلي ما تزال تنقصه إمكانيات كبيرة لينفذ هجوماً واسعاً على إيران، بالرغم من أنه بوسع القوات الإسرائيلية أن تواصل قصف الحركات المدعومة إيرانياً في المنطقة.

ويعلق باراتي على ذلك بقوله: "بالنسبة لأي هجوم إسرائيلي مباشر على إيران، أرى بأن الترسانة الإسرائيلية ما تزال غير مكتملة، بحسب ما أعلنه مسؤول عسكري لديهم، إذ يبدو أنهم يحاولون تجديد الترسانة وتحديثها وسيواصلون ذلك حتى عام 2024-2025، وبالمقابل، أثبتت إسرائيل بأن المعادلة مختلفة كلياً بالنسبة لوكلاء إيران وشركائها الإقليميين، ولهذا استهدفت تلك العناصر مرات كثيرة".

إلا أنه ذكر بأن تلك الجماعات التي تشمل الجهاد الإسلامي، ما تزال تلعب دورها في الاستراتيجية الإيرانية بما أن الأسلوب الذي اعتمدته إيران لردع أي تهديد إسرائيلي يقوم على مساعدة حركات المقاومة الجديدة التي تهدد وجود إسرائيل.

أما على الصعيد الدبلوماسي، فيرى هذا الرجل بأن التقارب الذي أوجدته إيران في المنطقة يهدف للتصدي لأي حركة تسعى للتطبيع مع إسرائيل.

ويتابع باراتي بالقول: "بالنسبة للعراق وسوريا التي ليست لديها علاقة مباشرة مع إسرائيل، فإن النفوذ الإيراني يعني إغلاق الباب دون إسرائيل، سواء بالنسبة لتطبيع العلاقات أو بخصوص التهديدات الأمنية، وذلك لأن وجود علاقات طيبة مع طهران مكن هاتين الدولتين وغيرهما من العناصر الفاعلة التي لا تمثل دولة من امتلاك منظومة مالية واقتصادية ودفاعية وسياسية تعززها إيران".

ومن حانبها، تواصل إدارة بايدن تشجيع المحاولات الساعية لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، وقد ترأس مستشار الأمن القومي لدى البيت الأبيض، جيك سوليفان، تلك الجهود، بيد أن النتائج التي ستفضي إليها ما تزال غير مؤكدة.

 هذا ولقد قامت العديد من المحطات الإخبارية الإسرائيلية التي استشهدت بمصادر دون ذكر أي أسماء، بنقل أخبار حول مكالمتين هاتفيتين بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ونتنياهو خلال الأسابيع الماضية، حيث ركز كلاهما على تسيير رحلات جوية للمسلمين في إسرائيل لتأدية فريضة الحج في الأراضي المقدسة بمدينة مكة في السعودية، في حين تحدثت منابر إعلامية إيرانية وإسرائيلية أخرى عن تركيز المكالمتين على التطبيع، مع عدم إحراز أي تقدم في هذا الاتجاه، ويعود ذلك لمطالبة السعودية لإسرائيل بتقديم تنازلات لصالح القضية الفلسطينية بعد تبني رئيس الوزراء الإسرائيلي لنهج متشدد إزاء الشعب الفلسطيني.

وفي رد على تقرير إخباري إسرائيلي يتحدث عن أن إدارة بايدن لن تتوسط في المحادثات الإسرائيلية-السعودية إلا بعد تخلي الحكومة الإسرائيلية عن سلسلة الإصلاحات القضائية التي أثارت جدلاً واسعاً، خرج داني دانون المندوب الدائم السابق لإسرائيل لدى الأمم المتحدة، والرئيس الحالي للجناح الدولي لحزب الليكود الذي يتبع له نتنياهو، في انتقاد نادر للولايات المتحدة، حيث غرد على حسابه على تويتر يوم الثلاثاء الماضي، فقال: "نحترم أصدقاءنا في الولايات المتحدة، إلا أننا نحن من يقرر السياسة الإسرائيلية، ثم إن تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية يعتبر مصلحة إقليمية، ولكن ينبغي علينا ألا نعرض علاقاتنا عقب أي تحذير".

ومن جهته، يرى باراتي بأن استراتيجية نتنياهو بخصوص الشأن الفلسطيني-الإسرائيلي كانت لها تبعات متعددة الأبعاد على الطيف السياسي الإسرائيلي، ولهذا يشرح لنا بأن نتنياهو غير قواعد اللعبة كلياً وبذلك لم يعد السلام اليوم أهم أولوية في الانتخابات، لكنه تحدث بالمقابل عن موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي أعاق حل المشكلة أو تحقيق أي تقدم يهدف إلى التوصل لحل قابل للتطبيق بالنسبة لها، ما يعني بأن السلطة الفلسطينية والجماعات المؤيدة للسلام قد خسرت شعبيتها فيما كسبت الجماعات والأحزاب المقاومة المزيد من الزخم والأهمية على الصعيد الأمني.

كما أثرت سياسات نتنياهو على رؤية السعودية لفكرة التوصل الاتفاق سلام.

هل تتوسط بيجين للتطبيع السعودي الإسرائيلي؟

أما عبد الله اللحيدان، وهو أستاذ زائر لدى كلية القيادة والأركان للحرس الوطني السعودي، فيرى بأن: "هنالك تقبلاً في الرأي العام لفكرة إقامة السعودية لعلاقات مع إسرائيل، إلا أن العائق اليوم هو التوصل إلى حل مناسب للقضية الفلسطينية، فالحكومة الإسرائيلية الحالية فيها متطرفون شاركوا في أعمال استفزازية، وهذا ما يصعب على الرأي العربي والإسلامي القيام بهذه الخطوة باتجاه التطبيع".

ومع ذلك، يرى هذا الرجل بأن العلاقات المتينة التي تربط بين الرياض وبيجين وتلك التي دعمتها الرياض مؤخراً بينها وبين موسكو وطهران لا تخالف فكرة قيام علاقات بين السعودية وإسرائيل، بل يمكن أن تسهم في تطور تلك المساعي، وهذا ما دفعه للقول: "إن إقامة علاقات مع الصين وروسيا وإيران لن يعقد إقامة علاقات مع إسرائيل، بل على العكس، سيسهل ذلك لأنه سيخلق حالة توازن بين الشرق والغرب".

ويرى اللحيدان أيضاً بأن الانفتاح الدبلوماسي السعودي اتجه نحو تنويع العلاقات الدولية للسعودية إلى جانب نشر الأمن والاستقرار في المنطقة، إلا أنه يرى بأن حالة التوازن اتضحت بشكل جلي في قرار الجامعة العربية القاضي باستقبال بشار الأسد والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وإلقاء كل منهما لخطاب في القمة العربية التي عقدت بجدة خلال الأسبوع الفائت.

ولكن في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة لترسيخ علاقتها مع السعودية ولتثبيت نفوذها في المنطقة، يشكك اللحيدان بمدى فعالية السياسة الخارجية الأميركية وجهودها في الشرق الأوسط.

وفي الوقت الذي يخبرنا فيه اللحيدان بأن الولايات المتحدة بقيت شريكاً مهماً للسعودية على عدة أصعدة، وعلى رأسها الصعيد الأمني، ذكر بأن التقلبات التي طرأت على السياسة السعودية تعكس مدى تعثر خطا واشنطن في الشرق الأوسط، حيث تحدث عن الدور الأميركي في الربيع العربي وعن تقسيم المنطقة وتفتيتها، بالإضافة إلى القرار الأميركي القاضي بالتوقيع على الاتفاق النووي الإيراني في عام 2015 دون أخذ احتياجات دول الخليج بعين الاعتبار بين باقي التطورات، وهذا ما دفع اللحيدان للقول: "لا شك بأن الولايات المتحدة لم تلعب دوراً إيجابياً في المنطقة منذ أكثر من عشرين سنة".

وأضاف: "لقد فشلت الولايات المتحدة في نشر الأمن والاستقرار في المنطقة".

المصدر: Newsweek