تزداد السواحل التونسية أهميةً كبيرة كوجهة رئيسية للمهاجرين غير النظاميين الذين يسعون للوصول إلى أوروبا، حيث انطلق قرابة 24 ألف مهاجر من تلك السواحل نحو إيطاليا في الفترة ما بين شباط ونيسان من هذا العام.
ويُعزى الارتفاع في تفضيل المهاجرين السواحل التونسية إلى استمرار العنف في ليبيا، مما يدفعهم للبحث عن طرق أخرى آمنة للوصول إلى أوروبا.
وتواجه السلطات الأوروبية صعوبة في مواجهة تدفق المهاجرين، في حين يترك الأشخاص الذين يسعون للهروب من الفقر والعنف آثاراً مأساوية على سواحل البحر الأبيض المتوسط.
"اعتدتُ اصطياد البشر"
وشهد الصياد التونسي أسامة دبيبي هذه الآثار، إذ إن شباكه لا تصطاد الأسماك فقط، ولكن أيضاً جثث المهاجرين، إذ إنه اعتاد سحبَ البشر من البحر مثل سحب الأسماك، وذلك في حديث له مع موقع (BBC).
"في بعض الأحيان أعثر على الجثث بدلاً من الأسماك، كنت خائفاً جداً عندما حدث ذلك لأول مرة، لكنني بدأت في التعود على ذلك، وبعد فترة من الزمن، أصبح سحب البشر بالشباك مثل سحب الأسماك".
ويشرح الصياد البالغ من العمر 30 عاماً أنه في وقت قريب، تمكن من انتشال 15 جثة لمهاجرين من الماء خلال فترة زمنية قصيرة تبلغ ثلاثة أيام:
"في إحدى المرات، وجدتُ جثة رضيع. ما ذنب هذا الرضيع؟ بدأت بالبكاء، البالغون عاشوا وشهدوا الحياة، ولكن ما الذي شهده هذا الرضيع من هذه الحياة؟".
وبعد تجربته في الصيد لسنوات عديدة في صفاقس، يقول دبيبي إن معظم الصيادين الذين كانوا يلقون شباكهم جنباً إلى جنب باعوا قواربهم لمهربي البشر، وعلى الرغم من العروض المغرية التي قُدّمت له، فإنه يرفض بيع قاربه، خوفًا من أن يكون سبباً في غرق أحدهم.
تعكس السواحل التونسية أيضًا مأساة الهجرة غير الشرعية، حيث توجد مقابر جديدة أنشئت لاستيعاب الضحايا الذين يسقطون من جراء الكوارث البحرية، إلا أن السلطات التونسية تخطط لإقامة مقبرة خاصة بالمهاجرين فقط.
تضاعف الهجرة إلى إيطاليا
وفيما يتعلق بالحصيلة المأساوية للهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط، تم انتشال أكثر من 200 جثة لمهاجر من الماء خلال فترة زمنية لا تتجاوز أسبوعين هذا العام، ومن المعروف أن أكثر من 27 ألف شخص فقدوا حياتهم في البحر منذ عام 2014، في حين يعتقد أن العدد الفعلي أعلى من ذلك بكثير.
تواجه السلطات الصحية في تونس تحديات كبيرة في التعامل مع الأعداد المتزايدة من الوفيات، إذ تتعامل أحياناً مع 250 جثة تتطلب التخزين، لذا تأخذ عينات من الحمض النووي للجثث من أجل أن يتعرف إليها أقاربها، وذلك قبل أن يقوموا بدفنها.
تعد زيادة وصول المهاجرين إلى إيطاليا بنسبة تفوق ثلاثة أضعاف مقارنة بالعام الماضي، مؤشراً واضحاً على التحديات المستمرة التي تواجهها الدول الأوروبية.
وتعهدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في أثناء زيارة المنطقة الشهر الماضي، بتقديم حزمة مساعدات تبلغ قيمتها مليار يورو، على أن يتم تخصيص 10 في المئة منها لمكافحة تهريب البشر.