icon
التغطية الحية

صراعات الائتلاف الوطني السوري.. من يحسمها؟

2023.08.25 | 08:39 دمشق

آخر تحديث: 25.08.2023 | 15:27 دمشق

ؤلا
غازي عنتاب - سامر العاني
+A
حجم الخط
-A

طفت الصراعات داخل الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة على السطح، قبيل اجتماع الهيئة العامة المزمع عقده في الأسبوع الثاني من شهر أيلول المقبل، على خلفية الرسائل الإلكترونية المسربة التي تصل تباعا إلى بريد الهيئة العامة.

وقالت مصادر في الائتلاف الوطني لموقع تلفزيون سوريا إن أعضاء من الائتلاف الوطني مقيمون في الداخل السوري بالإضافة إلى عدد من المكونات تضامنوا لوقف ما سمّوها بـ"المهزلة"، معللين تضامنهم بأن ما يجري داخل الائتلاف الوطني "لا يخدم مسار الثورة ولا معاناة المدنيين الذين يعانون في الشمال السوري".

وأضافت المصادر، أن الأعضاء المقيمين في الداخل السوري اعتبروا الرسائل المسربة وإن كانت تحمل مطالب محقة فإن لها دوافع انتخابية وتصفية حسابات لا تعني الشعب السوري.

وكشفت المصادر عن أن "الانقسام وصل إلى ذروته، إذ تخندقت كتلة الرئيس السابق للائتلاف الوطني نصر الحريري في جانب بينما تضامنت باقي كتل الائتلاف في الطرف المقابل".

إثر هذا الانقسام ارتفعت حدة الخطاب من قبل نائب رئيس الائتلاف الوطني ربا حبوش إلى حد التهديد "بكشف المستور" مما دفع بالمكونات إلى التصعيد رفضا لتلك التهديدات.

رسائل مسربة

شكلت الرسائل المسربة حالة رأي عام تجاه القضايا التي تم تناولها، وعلى رأسها طلب وقف التفويضات التي لا ترى كتلة نصر الحريري أنها تعكس حالة الديمقراطية داخل الائتلاف الوطني.

وقالت نائب رئيس الائتلاف الوطني ربا حبوش لموقع تلفزيون سوريا إن إثارة قضية التفويضات في الائتلاف الوطني في هذا الوقت تأتي في سياق زمني طبيعي، فالائتلاف مقبل على انتخابات، ومن الطبيعي أن تثار تلك المشكلة في هذا التوقيت، فلكل حدث وقته الذي نتحدث عن مشكلاته، مضيفة أنه "عندما حصل التطبيع تحدثنا عنه، وعندما يقترب اجتماع اللجنة الدستورية نتحدث عنها، والآن مع اقتراب موعد الانتخابات لا بد من أن  نتحدث عن آلية الانتخابات"

ورأت حبوش أن غياب الشفافية هو السبب الرئيس في تفشي حالت التسريبات التي تواجه الائتلاف في المرحلة الحالية، معتبرة أن الائتلاف الوطني لم يحصن نفسه من خلال مصارحة الشعب السوري بما يجري في الائتلاف الوطني، وأن هناك كثيراً من المطالب الإصلاحية لم يستجب معها الائتلاف الوطني، وهذا ما تسبب في اللجوء إلى الإعلام.

ردود فعل غاضبة

عقب تنامي الخلاف وتتابع الرسائل الإلكترونية التي أرسلها أعضاء كتلة نصر الحريري، كانت مجموعة الهيئة العامة تضج برسائل من أعضاء في الكتلة العسكرية وكتلة مجالس تمثيل المحافظات تطالب بوقف الصراعات لا سيما عبر الإعلام واللجوء إلى الحوار الهادئ.

وكتب عضو الائتلاف الوطني عن كتلة المجالس المحلية للشمال السوري حسين الرعاد رسالة على مجموعة الهيئة العامة في الائتلاف الوطني قال فيها إن "تطلعاتهم كانت الوجود في مؤسسة يكون أفرادها كالجسد الواحد، لكن ما يجري من قبل بعض أفرادها حاليا هو هدم للمؤسسة".

وعزز حديث الرعاد رسالة أرسلها عضو في كتلة الفصائل العسكرية قال فيها: "بالرغم من تأييدي لبعض النقاط التي ذكرها الزملاء الأعزاء الذين تحدثوا في الأيام الأخيرة، ولكن اعتراضي عليهم بأنهم كانوا جزءا من وضع هذه النقاط السلبية التي يعيرون بها المؤسسة وما نطقوا بها إلا عندما أصبحوا خارج الدائرة أو سيخرجون".

وأضاف في رسالته التي وجهها لرئيس الائتلاف السابق نصر الحريري: "قضية تبديل الطرابيش والتفويضات بالتصويت والخلافات مع الدول وزعزعة العلاقة مع الحاضنة الشعبية وتبديد الأموال العامة وغيرها من النقاط أنتم جزء أساسي منها وبرأيي ومع اعتذاري الشديد لمقامكم لا يحق لكم الكلام فيها لأنكم جزء من مشاكل الائتلاف الحالية".

واعتبر أن استخدام أسلوب الإساءة للمؤسسة هو "لصناعة مجد شخصي خلبي يلامس مشاعر الحاضنة الشعبية ومليء بالمراوغة، وابتعاد عن الحقيقة في توصيف الوقائع".

لماذا الآن؟

على الرغم من أحقية المطالب التي وردت في رسائل كتلة رئيس الائتلاف السابق فإن أعضاء في الائتلاف الوطني شككوا بنيّات الكتلة لا سيما أنهم كانوا قادرين على تغيير تلك الآلية خلال توليهم قيادة الائتلاف قبل عامين.

وتساءل عضو في الائتلاف الوطني فضّل عدم ذكر اسمه عن التوقيت الذي طرحت فيه تلك المطالب، نافيا أن يكون قرب الانتخابات هو السبب الرئيسي للمطالبة بوقف التفويضات، لا سيما أنها فترة صراع انتخابي تتعالى فيها الأصوات دوناً عن أي وقت آخر.

وقال عضو الائتلاف في حديث لموقع تلفزيون سوريا إن آلية وصول كتلة نصر الحريري إلى الهيئتين الرئاسية والسياسية سابقا كانت عن طريق التفويضات، وأيضا كان التمديد لبعض منهم قبل عام عن طريق التفويضات، والتصويت وفصل الأعضاء عن طريق التفويضات، كما أن من يطلب إلغاء التفويضات كانوا يفوضون الرئيس السابق في الاستحقاقات.

وأضاف أن كتلة الحريري كانت إحدى الكتل التي صوتت على التعديل الأخير للنظام الأساسي، الذي لم يمنع منح تفويضات بين الأعضاء في أي استحقاق انتخابي أو عند التصويت على أي قرار.

ورأى أنه "ليس من الحكمة أن يقبل أحد من أعضاء الائتلاف الاستحواذ على منصب عبر آلية يرفضها أساسا، ويريد تغييرها"

مَن يحسم الصراع؟

ما زال المشهد ضبابيا أمام أعضاء الائتلاف الوطني فيما يخص منصب الرئاسة، وعلى الرغم من تفاوت الفرص بين المرشحين فإن بعضهم استُبعد من إمكانية الفوز برئاسة الائتلاف لأسباب مختلفة، ولعل أبرز المستبعدين كان الأمين العام الحالي هيثم رحمة بسبب قضايا سابقة تتعلق بنشاطه في ليبيا ومنعه من الدخول إلى عدد من الدول على رأسها الولايات المتحدة الأميركية وبعض دول أوروبا يلي رحمة على قائمة المستبعدين رئيس المكتب الإعلامي الحالي أيمن العاسمي بسبب عدم حصوله على شهادة جامعية تكفي معايير موظف من الدرجة الأولى.

وتشير مصادر من الائتلاف الوطني إلى أن الشروط التي تتوفر في رئيس الائتلاف هو إمكانية تقريبه من الحاضنة في الداخل السوري وهذا لا يتوافر أيضا في عضو الهيئة السياسية "أحمد طعمة" لذلك تم استبعاده أيضا من احتمالية أي فوز في الانتخابات.

من جهته ابتعد رئيس مجلس القبائل والعشائر "جهاد مرعي" عن الصراع الانتخابي بما يشبه الإعلان الضمني عن عدم رغبته في خوض الانتخابات لهذه الدورة، تاركا الباب مفتوحا أمام عضو الائتلاف "هادي البحرة" وهو صاحب الحظوة الأكبر لدى وزارة الخارجية التركية التي يعدّ رأيها الأهم في مسألة الانتخابات، إلا أن المعضلة أمامه عدم قبول عدد من أعضاء الائتلاف بوصوله إلى مقعد الرئاسة.

ويدور حديث داخل أروقة الائتلاف الوطني أن هذا الصراع قد ينتج عنه عدم التوافق على رئيس قادم للائتلاف الوطني وبالتالي فإن فرص التمديد لرئيس الائتلاف الحالي سالم المسلط قد تكون الأكثر والأكبر ضمن هذا الصراع الانتخابي.

يذكر أن دورة الهيئة العامة التي تتم الانتخابات فيها كان من المفترض أن تعقد في الأسبوع الثاني من شهر تموز/ يوليو الماضي إلا أنها تأجلت حتى الأسبوع الثاني من شهر أيلول/ سبتمبر المقبل، وأن الاحتمالات كلها ما زالت واردة إذ إن التوافق لم يتم حتى الآن.