icon
التغطية الحية

شهران من الهدوء تكسره غارات إسرائيلية تحمل رسائل لواشنطن وطهران

2020.11.19 | 16:53 دمشق

f180523kggpo01.jpg
إسطنبول - عبدالله الموسى
+A
حجم الخط
-A

كسرت الغارات الإسرائيلية الكثيفة فجر الأربعاء الفائت، على مواقع استراتيجية للنظام والميليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني، حالة الهدوء التي استمرت منذ منتصف أيلول الفائت، وبالنظر إلى سبب الغارات الذي أعلن عنه الجيش الإسرائيلي والذي لا يحمل هذه الخطورة الكبيرة، فلا بد من النظر إلى دوافع أخرى يبدو أنها سياسية هذه المرة.

عثر الجيش الإسرائيلي ظهر الثلاثاء الفائت على "حقل للعبوات الناسفة، بالقرب من الحدود مع سوريا جنوب هضبة الجولان داخل الأراضي الإسرائيلية"، لكن الصور والتسجيلات التي نشرها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، أظهرت أنها 3 عبوات ناسفة فقط مزروعة على ساتر ترابي، وليست حقلاً للألغام.

 

 

 

 

فجر الأربعاء شنت الطائرات الإسرائيلية غارات مكثفة استهدفت 8 أهداف نوعية لفيلق القدس وقوات النظام، وهي معسكر تابع لإيران ويستخدم كمقر قيادة رئيسي للقوات الإيرانية في سوريا بالقرب من مطار دمشق الدولي، بالإضافة إلى موقع سري تستخدمه إيران لاستضافة شخصيات وبعثات إيرانية رفيعة المستوى ولمكوث مسؤولين من ميليشيا فيلق القدس جنوب شرقي دمشق.

واستهدف أيضاً مقر قيادة الفرقة السابعة جنوبي هضبة الجولان والتي تستخدمها إيران كغرفة نشاطات لتوجيه عناصر فيلق القدس لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل، بالإضافة إلى استهداف بطاريات صواريخ أرض جو متقدمة بعد إطلاقها النار على الطائرات الإسرائيلية الليلة الماضية.

وقال وزير الحرب الإسرائيلي "بيني غانتس"، إن الغارات الإسرائيلية هي رد على زرع عبوات ناسفة في الجولان.

وكشف أدرعي مساء اليوم الخميس أن الوحدة 840 الموجهة من فيلق القدس الإيراني، هي المسؤولة عن زرع العبوات الناسفة وأوضح بأنها "وحدة عملياتية تعمل سراً نسبياً، تأخذ على عاتقها تخطيط وإنشاء بنية تحتية إرهابية، خارج إيران، موجهة ضد أهداف غربية ومعارضة. الوحدة مسؤولة عن زرع العبوات التي اكتشفت يوم أمس وتم تحييدها. كما سبق أن وجهت محاولة مشابهة أخرى في شهر أغسطس الماضي".

ألغام إيرانية من طراز M18A2

بالعودة إلى الألغام التي كانت سبب هذه الغارات، فهي بحسب ما تأكد منه موقع تلفزيون سوريا، إيرانية الصنع ومن طراز M18A2 وسبق أن ظهرت في سوريا في صور نشرها فصيل أجناد الشام في حزيران من عام 2016، في جبهة زيتان بريف حلب الجنوبي، وهي الجبهة التي انتشرت فيها مختلف الميليشيات الإيرانية في محاولة منها للوصول إلى تلة العيس وقطع طريق حلب – دمشق.

 

 

 

 

مركز جسور: 24 غارة إسرائيلية خلال عام 2020

وثق "مركز جسور للدراسات"، 24 غارة جوية نفّذتها إسرائيل على مواقع تابعة للنظام وإيران خلال عام 2020، وكان آخرها قبل غارات الأربعاء قد حصلت في الـ 14 من أيلول الماضي، عندما ضربت إسرائيل مواقع الميليشيات الإيرانية في البوكمال.

وبحسب جسور، لم تعترف إسرائيل سوى بـ 4 ضربات، والتزمت الصمت في العمليات الأخرى، ويندرج ذلك في سياق التكتم الذي اتبعته منذ عام 2013، في ظل صعوبة وضع حد فاصل بين التصعيد غير المرغوب والوقاية المطلوبة.

 

بليبلي.jpg

 

واعتمد سلاح الجو الإسرائيلي خلال تنفيذ العمليات داخل سوريا على طائرات F16 ومروحيات الأباتشي، والطائرات المسيّرة.

ويُلاحظ تركيز إسرائيل على استهداف المنشآت العسكرية مثل مطار T4، ومستودعات التسليح والتصنيع والتذخير، وعربات القتال، وبطاريات الدفاع الجوي، ومباني القيادة، والعربات التي تحتوي على قادة بارزين، مثل العملية التي نفّذتها منتصف نيسان/ أبريل بالقرب من معبر جديدة يابوس عند الحدود السورية – اللبنانية.

وشملت الضربات الجوية مواقع في 8 محافظات وهي، القنيطرة، ودرعا، ودمشق، وريف دمشق، ودير الزور، وحمص، وحماة، وحلب.

ويبدو من الخسائر، التي اعترف النظام بمعظمها، أنّ الضربات تحقق الأهداف المرتبطة بها، أي إلحاق الضرر بالمنشآت العسكرية والأفراد؛ في إطار استراتيجية إسرائيل القائمة على منع إيران من تحويل سوريا إلى قاعدة متقدمة على الجبهة الشمالية، إضافة إلى تدمير البنية التحتية للقطاع العسكري في سوريا.

 

الدوافع الإسرائيلية في الغارات الأخيرة

بالنظر إلى كثافة الغارات فجر الأربعاء والضخ الإعلامي المناسب لها من قبل أدرعي والإعلام الإسرائيلي، وسبب الغارات التي لا تتعدى 3 ألغام ناسفة مضادة للأفراد؛ فيبدو أن إسرائيل بحاجة للتذكير بموقفها من الوجود الإيراني في سوريا وذلك انطلاقاً من اعتبارات سياسية وأمنية.

تحدث كثير من التقارير عن تخوف إسرائيلي من فوز جو بايدن في الانتخابات الأميركية وهو ما حصل، حيث جنت إسرائيل الاستفادة العظمى في عهد دونالد ترامب فيما يتعلق بمسألة فلسطين والقدس والمعاداة الشديدة لإيران.

وكغيرها من الدول، هدأت إسرائيل من غاراتها وشهدت سماء سوريا خلواً من الطائرات الإسرائيلية مدة شهرين وبضع أيام، تزامناً مع انطلاق الانتخابات الأميركية، لكنها وبعد إعلان فوز بايدن، تخوف صناع القرار الإسرائيليون السياسيون والأمنيون والعسكريون من أن تفهم الإدارة الأميركية الجديدة أن إسرائيل غيرت من استراتيجيتها الحادة ضد الوجود الإيراني في سوريا.

حملت غارات الأربعاء الأخيرة رسائل سياسية لبايدن ومن بعده لموسكو التي تعهدت مراراً بإبعاد الميليشيات الإيرانية على الأقل من الحدود الجنوبية، ومن بعد موسكو رسائل للنظام الذي لم تعد إسرائيل كما كانت في السابق، تفصله عن مسؤوليته في السماح لإيران بالبقاء.

أما الرسالة الأهم فكانت لإيران نفسها، بأن الاعتبارات الأمنية بالنسبة لإسرائيل وعدم الإخلال بالتوازنات القائمة من بعد حرب تموز 2006، هي الاعتبارات الأولى والمتقدمة على الاعتبارات السياسية.