icon
التغطية الحية

"شمس الدين بلعربي".. مصمم ملصقات أفلام هوليود الذي رسم أطفال سوريا

2022.10.02 | 01:06 دمشق

فنان
بلعربي بجانب لوحة للنجم العالمي كلينت إستوود (تلفزيون سوريا)
+A
حجم الخط
-A

شمس الدين بلعربي فنان تشكيلي جزائري شاب، متخصص في رسم ملصقات (أفيشات) الأفلام الهوليودية والعالمية على الطريقة التقليدية، أي من خلال فن الرسم وأدواته، وصنّفته السينما العالمية كآخر فنان عربي وأفريقي متخصص في مجال رسم الملصقات الترويجية للأفلام.

وإيضاً، خصصت المدينة السينمائية الأميركية الأشهر في العالم صفحات من كتاب يرصد حياة نجوم السينما العالمية، لنشر قصة مسيرة بلعربي الفنية باللغة العربية، وهي المرة الأولى في تاريخ هوليود وكتابها السينمائي المدوّن كله باللغة الإنجليزية باستثناء مسيرة الفنان الجزائري.

بلبل
بلعربي بجانب عمل للممثل الهوليودي دي كابريو (تلفزيون سوريا)

كما تستعد عاصمة "الفن السابع" لإنتاج فيلم عن حياته ومسيرته الفنية، حيث يتطرق بلعربي في الفيلم لأزمة اللاجئين السوريين بهدف نقل معاناتهم إلى العالم. و"سأهدي هذا الفيلم للضحايا من أبناء الشعب السوري الذي يحتل جزءاً واسعاً من قلوبنا وجوارحنا"، بحسب تعبير شمس الدين في حديثٍ لموقع تلفزيون سوريا.

شمس الدين وحكاية أول الطريق

ينحدر بلعربي (الاسم الفني: chemsou belarbi) من مدينة "عين تادلس- مستغانم" غربي الجزائر. وهو من مواليد 1987.

يروي الشاب الجزائري لموقع تلفزيون سوريا تفاصيل حياته وتعقيداتها، والعقبات التي اعترضت محاولاته الأولى في شقّ طريقه نحو الإبداع الفني التشكيلي؛ تلك العقبات التي بالرغم من هول شدتها إلا أنه تمكّن في نهاية المطاف من تخطيها وبلوغ معظم ما كان يصبو إليه.

يقول بلعربي: "في سن الخامسة كنت أرعى الغنم في قريتي مع خالٍ لي. وفي أثناء عملي في الرعي، كنت غالباً ما ألتقط صفحات الجرائد الملقيّة هنا وهناك. كانت تجذبني فيها صور نجوم السينما، وكنت أطيل التمعّن فيها ثم أرسمها بالعود في الرمال. وحين بلغت السادسة من عمري انتقلت إلى المدينة للالتحاق بالمدرسة. وهناك بدأ المعلمون في اكتشاف موهبتي، وتشجيعي".

الانعطاف الفنّي ومرارة الحياة

العلامة الفارقة التي شكّلت تحديد مصير بلعربي الفني، تمثّلت في هدية قدمتها له زوجة عمه الألمانية "فريت" في عيد ميلاده التالي، وهي عبارة عن كتاب للرسم لعب دوراً مهماً في صبّ جلّ اهتمامه في الرسم. يقول شمس الدين: "منذ ذلك الحين، بدأت أعطي الأهمية لمادة الرسم أكثر من بقية المواد كالرياضيات والفيزياء وغيرها".

اضطر بلعربي إلى ترك المدرسة بسبب فقر أسرته، وقرر امتهان فن الرسم خارجها من خلال العمل في حرفة واجهة تزيين المحال التجارية والديكور. "إلا أن الشارع كان قاسياً جداً معي"، يضيف شمس الدين: "تعرضت للاستغلال من قبل عديمي الضمير الذين امتصوا طاقتي وشغفي بأعمال الفن. كنت أعمل تحت أشعة الشمس الحارقة وأحمل السلالم الحديدية الساخنة نتيجة تلك الأشعة، فتحترق يداي وأنا ما زلت طفلاً ضعيف الجسد والبنية".

شاءت الظروف عد ذلك أن يلتقي بلعربي بأشخاص طيبين اعتنوا به ومدوا له يد العون والمساعدة.

هناااا
من أعمال بلعربي

ويتابع شمس الدين: "كنت أمر بجانب قاعات السينما فأشاهد الأفيشات والصور الضخمة لنجوم الأفلام معلقة عند أبواب القاعة. وكنت كلما أعود إلى المنزل أرسم ما شاهدته علي الورق. المنزل كان أشبه بغرفة صغيرة، وسقفه كان مهترئاً ما تسبّب بإتلاف العديد من رسوماتي بسبب أمطار الشتاء. كنا نعيش في ذلك المنزل جميعنا؛ نطبخ فيها ونأكل ونجلس وننام. وكنت أرسم في وسط هذا الضيق بصبر وجلد".

الانتقال نحو الخارج

ونتيجة تلك الظروف المأساوية، بدأ بلعربي يفكر في إرسال أعماله الفنية إلى خارج البلاد. تواصل بداية الأمر مع فنانين مصريين عبر عناوين بريدهم المدونة في المجلات، "فلم يبخلوا علي بأي شيء، ووجهوني وساعدوني وأمّنوا لي اتصالات مع نجوم وصنّاع أفلام في هوليود"، يفيد شمس الدين .وبناء على ذلك، أرسل جميع رسوماته إلى شركات إنتاج سينمائية عن طريق البريد.

"راح الناس ينعتوني بالمجنون، إلا أني واصلت المثابرة والعمل. ومرت سنوات طويلة تابعت خلالها العمل في الشارع بدون أن أتلقّى أي ردّ من الذين أرسلت إليهم الرسومات. دخلت في مرحلة صعبة للغاية نتيجة تعرضي لمشاكل صحية على أثر عملي في المعامل، ودخلت المشفى وبقيت فيها لنحو ثلاثة أشهر".

هوليود تستجيب

بعد تحسن حالته الصحية نسبياً، بدأت علامات الانفراج تظهر في الأفق حين تلقى بلعربي رسالة من منتج أرجنتيني الجنسية ويعمل بالشراكة مع مؤسسات هوليود الفنية. يقول شمس الدين: "المنتج عرّف بأعمالي في الأوساط السينمائية، ثم بدأت أتلقى طلبات من مخرجين ومنتجين كثر، ورسمت لهم الكثير من ملصقات الأفلام العالمية".

ومن بين الأفلام التي صمّم ملصقاتها، يقول بلعربي: "The News وHonor وGarra Mortal، وغيرها".

هوليود

 مشاريع عمل وتكريم

النجم الهوليودي القدير (الأورغواني- البريطاني) جورج هيلتون/ george Hilton دعا الفنان الجزائري واتفق معه على مشروع عمل مشترك. كما تم تكريم بلعربي من قبل وفد يضم خبراء سينمائيين برئاسة الممثل العالمي الأفريقي الأصل كونت د. بينتون/ Kevin D Benton في حفل كبير، بوصفه "آخر عربي وأفريقي ما زال يصمم ملصقات الأفلام العالمية بالرسم والفن التشكيلي".

بلعربي يرسم أطفال سوريا ولاجئيها

وعن أعماله المتعلقة بثقافة المنطقة وقضاياها، قال بلعربي: "رسمت الكثير عن الثقافة العربية والإسلامية، وتناولت قضية اللاجئين السوريين ومعاناتهم، حيث أنجزت لوحة فنية حملت عنوان (لماذا؟) عن الطفل السوري المبدع محمد نجم،".

لتالب

وأردف: "كما رسمت ملصقاً ترويجياً أولياً لفيلم عن الطفل السوري الغريق إيلان الكردي الذي قذفه البحر إلى أحد شواطئ تركيا. كما رسمت أيضاً عن القضية الفلسطينية في شوارع الجزائر وفي الأوساط الفنية العالمية".

كردي

السينما تخلّد اسم شمس الدين بلعربي

وبحسب شمس الدين، فقد سُجّل اسمه في القاموس العالمي للسينما العالمية  IMDB. كما دُوّنت قصة حياته (باللغة العربية) إلى جانب عمالقة السينما العالمية في كتاب من إصدار هوليود.

ببسي
سيرة بلعربي في كتاب "باكز أوف أميركا"

إضافة إلى ذلك، صنفت مجلة "مؤثرون" الأميركية INFLUENTIAL PEOPLE MAGAZINE الفنان بلعربي كشخصية مؤثرة لعام 2020، ونشرت تقريراً عن مسيرته وعرضت رسوماته على غلافها، وذلك عقب إنجازه ملصق فيلم "باكز أوف أميركا" (BUCKS OF AMERICA) الذي يتناول تاريخ الولايات المتحدة.

يختم الفنان شمس الدين بلعربي حديثه بالقول: "هدفي الرئيس في هذا الفن ليس تجارياً أو مادياً، وإنما لنشر الثقافتين العربية والإسلامية مستقبلاً في الأوساط الفنية العالمية".

9هعغغ
من تصاميم بلعربي