icon
التغطية الحية

شتاء قارس على اللاجئين السوريين في لبنان مع غياب الدعم الأممي

2022.12.27 | 20:28 دمشق

ئءؤر
أحد مخيمات سهل البقاع اللبناني
iNews - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

يتمنى أحمد إسماعيل أحمد أن يعود إلى بلده سوريا، إلا أن بيته في مدينة الرقة تحول إلى مركز للفظائع والأهوال عندما سيطر ما يعرف بتنظيم الدولة على تلك المدينة وجعل منها عاصمة له في عام 2014.

وفي العام التالي، توجه هذا الرجل البالغ من العمر 64 عاماً مع عائلته نحو الحدود وقطعها بحثاً عن الأمان في لبنان، ولكن بعد مرور سبع سنوات على ذلك، عاد ليعاني في تأمين لقمة العيش من جديد، ولكن السبب هذه المرة هو اعتماد اللاجئين على المساعدات الدولية، وحول ذلك يقول أحمد: "كنا نعمل خلال الصيف في الحصاد وكان بوسعنا تأمين احتياجاتنا، ولكن في الشتاء من الصعب جداً العثور على عمل، ولهذا يساورنا القلق تجاه القادم من الأيام".

يقيم أحمد مع أسرته في مأوى هو عبارة عن خيمة ذات أرضية إسمنتية، وخيمته هذه واحدة من بين آلاف الخيم في مخيمات سهل البقاع اللبناني الذي يبعد عن الحدود السورية مسافة 16 كم.

رسالة مفاجئة

أحمد واحد من بين لاجئين سوريين كثر تضاعفت مصائبهم عندما تلقوا رسالة نصية من قبل المفوضية العليا للاجئين تبلغهم من خلالها بأنه ابتداء من شهر كانون الثاني، ستتوقف المنظمة عن إرسال مساعدات مالية شهرية لهم.

Wissal, mother-of-seven, stands with her daughter outside her tented home near Marj, Lebanon. She worries about affording food now she will no longer receive vital cash support from the UN (Photo: Rosabel Crean)

الأم وصال برفقة ابنتها خارج خيمتهما في مخيم بمنطقة المرج بلبنان

كان برنامج المساعدات النقدية يكفل حصول  فرد من أفراد الأسرة على 500 ألف ليرة لبنانية، والتي أصبحت قيمتها تقل عن 10 جنيهات إسترلينية (أي ما يعادل 12 دولاراً) حسب مؤشرات السوق، وذلك حتى يقوم هؤلاء اللاجئون بسد النفقات الأساسية اليومية، مثل نفقات الطعام وبدل الإيجار، ما يعني بأن الأسرة المكونة من خمسة أفراد لا يمكنها أن تؤمن سوى احتياجاتها الأساسية بمبلغ يعادل 50 جنيهاً إسترلينياً (ما يعادل نحو 60 دولاراً) في الشهر.

ويعلق أحمد على ذلك بقوله: "لم نتوقع أن يحدث كل ذلك، وذلك لأن وضعنا صعب جداً"، ثم يتكئ بيده على العارضة الخشبية التي تمسك بالمشمع الذي يقوم مقام سقف رقيق بالكاد يرتفع بضعة سنتمترات فوق رأسه، ويتابع شكواه بالقول: "نحن اللاجئين، نعيش هنا بلا كرامة، إذ لم تعد لدينا قيم هنا وكل ما نفعله نلام عليه، ولهذا نتمنى أن نعود إلى بلدنا، لكن ذلك غير ممكن حالياً".

Children are among the most vulnerable, as refugee families in Lebanon struggle to put food on the table as prices rise (Photo: Rosabel Crean)

أطفال في أحد مخيمات اللاجئين بلبنان

ضغوط تعاني منها ميزانية المفوضية

تعتبر مفوضية الأمم المتحدة للاجئين الجهة الأساسية المسؤولة عن نحو 1.5 مليون نازح سوري دخلوا لبنان منذ بداية الحرب في عام 2011.

إلا أن 96% من الأسر اللاجئة تعاني من انعدام الأمن الغذائي، ويشكلون بعضاً من أفقر التجمعات في لبنان الذي يعاني من أزمة داخلية، لدرجة أن وضعه لم يعد يخوله لاستيعاب تلك الأسر وحل مشكلاتها.

تعتبر المنظمات الدولية شريان الحياة الأساسي للبلد الذي يؤوي أكبر عدد من اللاجئين بالنسبة لكل مواطن على مستوى العالم، ولكن على الرغم من ذلك، تعاني ميزانية المفوضية من ضغط كبير ما أجبرها على قطع دعمها.

وحول ذلك علقت نادين مظلوم الناطقة باسم المفوضية بقولها بأن برنامج المفوضية في لبنان ممول بنسبة 50% فقط، وترى بأن ميزانية المفوضية لعامي 2022 و2023 تجاوزت 500 مليون دولار، وتضيف: "لقد أجبرتنا الضغوطات التي تعاني منها ميزانيتنا على اتخاذ قرارات صعبة مع عدم تمكننا من دعم كل من هم بحاجة للمساعدة".

Seventy-two people live in the ten tents which form one of the refugee camps outside the village of Marj, in Lebanon?s Bekaa valley (Photo: Rosabel Crean)

أحد مخيمات اللاجئين في منطقة المرج بسهل البقاع اللبناني

ولذلك، أصبحت المفوضية تولي الأولوية للعائلات "التي تعتبرها بأنها الأشد تضرراً وضعفاً من الناحية الاقتصادية" مع استمرار برامج المساعدات الأخرى.

ولكن بما أن ثلاثة أرباع الشعب اللبناني باتوا يعيشون في فقر اليوم، لذا فقد زاد الطلب على المساعدات الأجنبية بشكل متسارع، وحول ذلك تعلق مظلوم بالقول: "من المتوقع أن تتزايد احتياجات اللاجئين الضعفاء والمجتمعات اللبنانية المضيفة في ظل الظروف الحالية للأزمة الاجتماعية-الاقتصادية الحادة التي يشهدها لبنان. ولكن بسبب الظروف الأخرى التي يعيشها اللاجئون على نطاق واسع في مختلف بقاع العالم، وبالرغم من التبرعات السخية التي يقدمها المانحون لنا، نتوقع للتمويل ألا يكفي لتلبية الاحتياجات المتزايدة خلال السنة المقبلة".

Mayada Hassan hugs her daughter Yasmine, as they sit in the entrance to their tented home in a refugee camp near Marj, Lebanon (Photo: Rosabel Crean)

ميادة حسن، 36 عاماً، برفقة ابنتها ياسمين، في مخيم اللاجئين بلبنان

خلال السنوات الثلاث الماضية، تعرض لبنان لما وصفه البنك الدولي بأسوأ ركود اقتصادي شهده العالم.

أزمة اقتصادية وتضييق 

وقد تسببت تلك الأزمة بتأزم علاقة الدولة المضيفة مع السوريين، حيث يحرم القانون اللاجئين من مزاولة أعمال يتربحون من خلالها، كما توقفت الحكومة عن تسجيل الوافدين الجدد في عام 2015، وكثيرون باتوا يعتبرون اللاجئين عبئاً، وهكذا استطاع السياسيون اللبنانيون تحويل اللاجئين إلى كبش فداء وهم سعداء بذلك.

وصل الأمر لذروته في شهر تشرين الأول الماضي، عندما أعلنت الحكومة عن برنامج العودة الطوعية للاجئين إلى سوريا، بالرغم من تحذيرات المنظمات الحقوقية حول مخاطر تلك العودة.

إذ أعلنت منظمة العفو الدولية أن السلطات اللبنانية "تعرض اللاجئين السوريين لخطر القمع والانتهاكات البشعة، على الرغم من علمها بذلك".

يذكر أن الحرب السورية تسببت باجتثاث 13.3 مليون سوري من جذورهم، حيث تحول كثيرون منهم إلى نازحين في الداخل، كما فارق 500 ألف سوري الحياة خلال تلك الحرب، ثم تحول النزاع إلى قتال في الشمال السوري. ولهذا السبب، مايزال كثيرون يعتقدون بأن لبنان بلد آمن بوسعهم الإقامة فيه على الرغم من أن مواطنيه يمضون أيامهم على الدور المخصص للحصول على الخبز.

أساسيات تتحول إلى رفاهيات

وصلت تلك الرسالة النصية المفاجئة لميادة حسن وزوجها لتخبرهم بأنهم سيخسرون 2.5 مليون ليرة لبنانية تأتيهم كمساعدات. وللرد على ذلك، توجهت ميادة إلى مكتب المفوضية في لبنان وتقدمت بطلب للحصول على مساعدة خاصة لابنتها ياسمين التي لم يتجاوز عمرها السنتين، بما أنها تعاني من سوء في التغذية.

تخبرنا ميادة بأن الأمر احتاج منها أن تزور المكتب ثلاث مرات خلال أسبوع واحد قبل أن تحصل على المساعدة والتي كانت في النهاية عبارة عن غالون واحد من الوقود المخصص للتدفئة.

وبما أن التضخم وصل إلى نسب مرتفعة، لذا فقد تحولت الأساسيات مثل الوقود إلى رفاهيات، وعن ذلك تقول ميادة وهي تحتضن ابنتها ياسمين: "علي أن أوفر في المازوت، ولهذا لا أسمح للمدفأة أن تسرب سوى بضع قطرات منه، إلا أن الدفء لن يعم الخيمة تماماً، ولهذا تظل يداي باردتين على الدوام"، إذ عندما تنظر إلى يديها لا بد أن تلاحظ التقرحات وجلدها الأحمر.

يبدو أن كل عام بات أصعب من الذي قبله، حسبما ذكرت ميادة، والآن مع وجود هذا الضغط المالي الجديد لا بد أن تظهر ضغوط أخرى سيعاني منها زوجها عند بحثه عن عمل.

ولكن على الرغم من المصاعب، ماتزال ميادة تنعم بحياة سعيدة مع زوجها الذي تعرفت إليه في المخيم قبل عشر سنوات، ولذلك تواسي نفسها بالقول: "على الأقل أنا وزوجي وأولادي نتمتع بصحة جيدة".

المصدر: iNews