سياسة "عدم المساعدة" والهجرة إلى أوروبا

2023.06.29 | 08:39 دمشق

آخر تحديث: 29.06.2023 | 08:39 دمشق

سياسة "عدم المساعدة" والهجرة إلى أوروبا
+A
حجم الخط
-A

مع تصاعد عمليات الهجرة عبر قوارب الموت إلى أوروبا تغيرت السياسات الأوروبية تجاه فكرة الهجرة عبر المتوسط مع صعود اليمين المتطرف إلى الحكم في الكثير من العواصم الأوروبية، وتبني سياسات شعبوية تقوم على رفض فكرة المهاجرين ومعاقبة من يقوم بمساعدتهم.

إحدى أهم هذه السياسات اللاأخلاقية وغير الإنسانية هي سياسة عدم المساعدة القائمة على رفض طلبات الإغاثة القائمة من القوارب وترك الأطفال والنساء في القارب لمصيرهم وهو الموت، وهذا ما انعكس في كارثة القارب الأخيرة التي مات فيه ما يقارب أكثر من 500 شخص بينهم الكثير من النساء والأطفال.

فضلا عن سياسة عدم المساعدة هذه تتبنى دول المتوسط وخاصة مالطا واليونان وإيطاليا سياسة تقوم على تمويل الطرف الثالث كي يقوم بمنع الهجرة إلى أوروبا من مثل خفر السواحل الليبي والسماح له بالقيام بالكثير من انتهاكات حقوق الإنسان، سيما أن هذه الدول لن تكون هي المسؤولة عن هذه السياسات.

تسير استراتيجية عدم المساعدة جنبًا إلى جنب مع استراتيجية الاعتماد على طرف ثالث، وهناك الكثير من الأدلة الوفيرة على انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان تقوم على هذه السياسة والتي يمكن أن تصنف بوصفها جرائم ضد الإنسانية

فدول شمال المتوسط لديها مسؤولية تنسيق الإنقاذ والمساعدة في البحر، لكن سياسة عدم المساعدة تقوم على تجاهل طلبات الإنقاذ هذه فأكثر من 20000 مكالمة تم تلقيها العام الفائت من أشخاص في محنة في عرض البحر تجاهلت السلطات المالطية والإيطالية واليونانية هذه المكالمات، ولم ترد السلطات إلا على 413 طلبًا في حين تم تجاهل كل الطلبات الأخرى التي لم تتم مساعدتها. تسير استراتيجية عدم المساعدة جنبًا إلى جنب مع استراتيجية الاعتماد على طرف ثالث، وهناك الكثير من الأدلة الوفيرة على انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان تقوم على هذه السياسة والتي يمكن أن تصنف بوصفها جرائم ضد الإنسانية.

ففي عام 2018، وقعت مالطا وليبيا اتفاقية اتفاقية سرية لاحتواء الهجرة وفي عام 2022، تم اعتراض 24000 شخص في البحر من قبل ما يسمى بخفر السواحل الليبي وعادوا إلى ليبيا. تشمل عدم المساعدة في البحر:

  1.  تجاهل نداءات الاستغاثة وعدم تنسيق الإنقاذ.
  2.  عدم تشجيع عمليات الإنقاذ بالسفن التجارية.
  3. رفض التعامل مع الجهات الفاعلة الأخرى للبحث والإنقاذ.
  4. التعاون مع خفر السواحل الليبي لتسهيل عمليات الصد.

في أغسطس 2022، كان الموت المأساوي للطفلة السورية لوجين التي تركت في عرض البحر بين مالطا ومنطقة البحث والإنقاذ اليونانية، بينما لم تتدخل أي سلطة، مما أدى في النهاية إلى وفاة الطفلة البالغة من العمر 4 سنوات.

يعتبر تحويل الهجرة إلى الخارج ومراقبة الحدود الركيزة الأساسية للهجرة الأوروبية، ففي خطة عمل وسط البحر الأبيض المتوسط التي نشرتها مفوضية الاتحاد الأوروبي في تشرين الثاني (نوفمبر) 2022، تتمثل إحدى الركائز الرئيسية الثلاثة في "اتباع نهج أكثر تنسيقًا في البحث والإنقاذ". تتوقع خطة العمل أيضًا بعض الإجراءات المحددة، مثل إطلاق الفريق مبادرة أوروبا بشأن وسط البحر الأبيض المتوسط؛ وتعزيز قدرات مراقبة الحدود في ليبيا، تونس، مصر؛ زيادة دور فرونتكس في وسط البحر الأبيض المتوسط وفي البلدان الثالثة؛ وإعادة إطلاق مجموعة الاتصال الأوروبية للبحث والإنقاذ.

من عواقب هذه السياسة هي أن العديد من الأشخاص يتم إرجاعهم باستمرار إلى دورة العنف، ويتعرضون لمعاملة غير إنسانية في المراكز

في هذه الاستراتيجية ولتعزيز سلطات البلدان الثالثة لتنفيذ الإعادة القسرية بالوكالة، لعبت بعض الدول الأعضاء مثل إيطاليا ومالطا دورًا حاسمًا. منذ عام 2017، إيطاليا لديها استراتيجية للتخلص من المنظمات غير الحكومية في مجال البحث والإنقاذ وزيادة أنشطة السلطات الليبية.

من عواقب هذه السياسة هي أن العديد من الأشخاص يتم إرجاعهم باستمرار إلى دورة العنف، ويتعرضون لمعاملة غير إنسانية في المراكز. طرق الهجرة تصبح أكثر خطورة مما يؤدي إلى حوادث عنف وموت في البحر. ليبيا وغيرها الدول التي استفادت من هذا الموضوع ليتم الاعتراف بها كعنصر فاعل رئيسي. في السنوات الماضية، كما بروز ظاهرة جديدة تتمثل في تزايد أعداد المغادرين من شرق ليبيا، بشكل رئيسي من مصر وسوريا وبنغلاديش وباكستان، عابرين وسط البحر الأبيض المتوسط من طبرق.

يجب أن نكون واعين لهذه السياسات الأوروبية التي تمثل انتهاكًا لحقوق الإنسان بهدف مقارعتها داخل المحاكم الأوروبية والتركيز عليها بوصفها سياسات غير إنسانية تخالف ما تدعيه معظم هذه الحكومات الأوروبية.