icon
التغطية الحية

سوريون "أيتام" بحكم قانون اللجوء الألماني

2023.12.30 | 07:12 دمشق

آخر تحديث: 30.12.2023 | 11:24 دمشق

لاجئون في ألمانيا ـ رويترز
لاجئون في ألمانيا ـ رويترز
برلين ـ سامي جمعة
+A
حجم الخط
-A

أسست معظم الدول الأوروبية وبشكل خاص ألمانيا نظاما اجتماعيا مميزا بعد التطور الذي حققته على مستويات الحياة المختلفة، ويولي هذا النظام أهمية خاصة للأطفال وللنساء، ولذلك أنشأت مكتبا لرعاية الشباب والنساء يعرف باسم (Jugendamt und Familienratsbüro)  هو بالنسبة للكثير ضمانة لحماية الفئات المستضعفة في المجتمع، لكنه رمز لليتم والحرمان بالنسبة للاجئ السوري عبد الكريم.

وصل عبد الكريم "12 عاما" إلى ألمانيا مطلع العام 2022، وبقي باقي أفراد أسرته في بلدة القورية بدير الزور شرقي سوريا، وبعد رحلة استمرت قرابة أربعة أشهر وصل إلى برلين، ويقول لموقع تلفزيون سوريا "كنت أسمع أن من يصل إلى ألمانيا فقد وصل إلى الجنة.. لكن الجنة هناك في سوريا مع أمي وأبي.. لا نفعل شيئا هنا سوى النوم في الساعة التاسعة والاستيقاظ في السادسة وكأننا عساكر".

بملامح غابت عنها ابتسامة الطفولة، يروي عبد الكريم معاناته لـموقع تلفزيون سوريا، "أفكر كل يوم بأي طريقة للعودة إلى أمي، فالعيشة هنا لا تطاق، أعيش مع عدد من الأفراد من بلدان مختلفة وحتى اليوم لا نستطيع التواصل لأن لكل واحد لغة مختلفة ولم نتقن اللغة الألمانية بعد، وتم توزيع الأطفال الذين ينحدرون من نفس البلد في أقسام مختلفة من السكن لتفادي المشاكل بحسب تبرير القائمين على السكن، حيث يتكتل أبناء البلد الواحد ضد الآخرين في حال بقوا معا".

لم شمل الأطفال "غير المصحوبين" في ألمانيا

كلّفت السلطات الألمانية أحد الموظفين لمتابعة إجراءات عبد الكريم كما يتم عادة مع باقي الأطفال الواصلين بمفردهم إلى ألمانيا، حيث يتولى رعايتهم والاهتمام بالتزامهم بالدوام على دورات الاندماج لتعلم اللغة، وكذلك المواعيد الحكومية التي يطلب منهم عدم تفويتها.

غياب أمل لم شمل الأسرة هو أكبر عوامل إحباط عبد الكريم وانعدام الأمل بالنسبة له ولغالبية من معه، وحول هذه النقطة يقول الناشط الألماني فلوريان ميتسلدر لموقع تلفزيون سوريا: "تعتمد إمكانية التقدم بطلب لم شمل الأسرة على حالة الإقامة، حيث يجب وجود تصريح إقامة على الأقل، ومع ذلك، يجب أيضاً تلبية المتطلبات الأخرى، أما في حالة الأطفال فسوف يتم تسجيل اللاجئين، الذين وصلوا إلى ألمانيا دون سن الثامنة عشر ومن دون أهلهم، كلاجئين قاصرين "غير مصحوبين" (umF/unbegleitete minderjährige Flüchtlinge) اللاجئون القصّر تطبق عليهم إجراءات لجوء مختلفة عن تلك التي تطبق على البالغين في ألمانيا.

ويضيف ميتسلدر: "عند إتمام إجراءات اللجوء بنجاح، أي منحهم صفة لاجئ، أو حصولهم على الاعتراف بحق اللجوء، يحق للاجئين غير المصحوبين بذويهم جلب آبائهم وأشقائهم القاصرين إلى ألمانيا في بعض الأحيان، ولكن الذي يحصل أن الوصي يبقى هو من يتابع شؤون الأطفال دون إعطائهم حق اللجوء حتى بلوغهم سن الثامنة عشر وهو ما يحرمهم من فرصة لم شمل ذويهم".

ويلفت ميتسلدر أنه وبحسب قرار محكمة العدل الأوروبية، "من المهم أن يكون مقدم طلب لم الشمل قاصرا في الوقت الذي تقدم بطلب اللجوء، من غير المهم بلوغ سن الرشد (18 عاما) خلال إجراءات اللجوء أو إجراءات لم شمل الأسرة، لا يزال بالإمكان التقدم للم شمل الوالدين".

قوانين لجوء "قاسية"

لا يهتم مصطفى غنام "22 عاما"بكل هذه التفاصيل القانونية، لأنه وصل قبل نحو ست سنوات وكان في السادسة عشر من عمره، لكن لم يتم منحة صفة اللجوء بعد أن تجاوز الثامنة عشر من عمره، فهو اليوم معني بالبحث عن فرصة عمل ليتمكن من كفالة أحد أفراد أسرته بعد أن حرم من حقه في لم شملهم عندما كان قاصرا.

وتبدو قصة سالم الشعّار أكثر مأساوية من سابقيه، فعندما وصل إلى ألمانيا كان في 17 من عمره، لذلك لم يتم اعتماد زواجه، ومما زاد الطين بلة أن زواجه لم يكن مسجلا رسميا، يقول سالم لموقع تلفزيون سوريا: "أصبح عمر ابنتي ميريان قرابة عامين وأنا لم أتمكن من لم شمل عائلتي، رعم أنني أوكلت محاميا في قضيتي، لكن للأسف القوانين ظالمة وقاسية في الكثير من الأحيان".

وبالعودة إلى عبد الكريم الذي حاولنا أن نخفف عنه آلام الشوق للأهل والعائلة بلفت نظره إلى إيجابيات الوصول إلى ألمانيا، فكان رده: "نعم هنا يوجد تعليم ومكان دافئ للإقامة ووجبات طعام بانتظام، لكن كل هذا لا يغني عن لحظة أعيشها مع إخوتي وأهلي.. حتى الماء لم أشعر بطعمه منذ أن تركت القورية.. أريد ان أعود بأي طريقة".

الجدير بالذكر أن عدد السوريين الذين تم تجنيسهم في ألمانيا عام 2022 بلغ ما مجموعه 48 ألف سوري، وقد هاجر السوريون الذين يبحثون عن الحماية بشكل أساسي إلى ألمانيا بين عامي 2014 و2016، وهم الآن يلبون متطلبات التجنيس بشكل متزايد وأبرزها المهارات اللغوية المطلوبة ومصدر كافٍ للدخل.

ومؤخرا، كشفت وكالة الهجرة واللجوء الاتحادية في ألمانيا إن 325 ألف شخص قدموا طلبات لجوء في ألمانيا منذ بداية العام 2023 وحتى تشرين الثاني الماضي، ما يمثل زيادة بنسبة 60.3 في المئة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

وقالت الوكالة، في بيان لها إن غالبية الطلبات جاءت من مواطني عدة دول هي: سوريا 97 ألف طلب، وتركيا 56 ألف طلب، وأفغانستان 50 ألف طلب، والعراق 11 ألف طلب، وإيران 9 آلاف طلب، وجورجيا 8 آلاف طلب، وروسيا 8 آلاف طلب.