سوريا والسباق الروسي الصيني على مناكفة واشنطن

2023.09.08 | 06:03 دمشق

سوريا والسباق الروسي الصيني على مناكفة واشنطن
+A
حجم الخط
-A

عدة ساحات تسعى فيها روسيا لمناكفة الولايات المتحدة بعد الإحباط الكبير للمشروع الروسي غداة غزو أوكرانيا منذ أكثر من عام، فالخسائر العسكرية وكذلك الأضرار التي لحقت بمنظومة حكم بوتين ليست بالهينة، خاصة بعد أن اضطر للتخلص من أقرب رجاله، يفغيني بريغوجين، بسبب تداعيات ما خلفته الخسائر المعنوية والمادية في أوكرانيا على الروس.

لا تحالف وثيق بين الروس والصينيين يمكن الحكم على قوته ورسوخه، ولكن للطرفين مصالح مشتركة في الإضرار بالنفوذ الأميركي في عدة مناطق من العالم، فالدافع لدى الطرف الأول سياسي، بينما الثاني اقتصادي، وكلا الأدوات لديهما أدوات سياسية بالدرجة الأولى تحركها العناصر أو الدوافع الاقتصادية بأحيان معينة.

دفعت خسائر روسيا في أوكرانيا، موسكو إلى توسيع إطار المواجهة مع الغرب حتى وإن كانت أدوات الصراع متفاوتة القوة في بعض المواقع، إلا أن سخونة المواجهة باتت مؤخرا بدرجة أعلى عما قبل، لا سيما في ظل مساعي روسيا في تعزيز حضورها بدول القارة الإفريقية بخاصة في دول المنطقة الغربية منها، فكانت الانقلابات خير وسيلة لتغلغل روسيا في تلك الدول، إلى جانب تدعيم حضورها من جانب آخر عبر الاتفاقات العسكرية مع بعض الدول التي غاب عنها شبح الانقلابات.

آخر التحركات المزعزعة للاستقرار في آسيا، كانت من خلال الروس، حيث أشارت تقارير غربية إلى أن موسكو طلبت من بيونغ يانغ (عاصمة كوريا الشمالية) إمدادها بالسلاح

أما في آسيا فنجد ما افتعلته الصين تجاه تايوان والتهديدات السابقة التي كانت بمثابة نذر حرب لن تترك للاستقرار في منطقة شرقي آسيا أي حظوة، بالتوازي مع ذلك كانت الصين على موعد مع تجديد خلافها القديم الجديد على مسألة الحدود مع الهند، وهو ما لا يمكن اعتباره إلا استعراض قوة بوجه الولايات المتحدة التي وإن نأت عن رفع مستوى الحدة مع الصين أو روسيا سواء في آسيا أو إفريقيا على التوالي، فإنها تدرك بأن مجابهة هذه المخططات ما زالت تدور في فلك الدبلوماسية، من منطلق القوة والحنكة السياسية لا الضعف أو الميل للتهدئة لانعدام الحلول والخيارات المتاحة.

آخر التحركات المزعزعة للاستقرار في آسيا، كانت من خلال الروس، حيث أشارت تقارير غربية إلى أن موسكو طلبت من بيونغ يانغ (عاصمة كوريا الشمالية) إمدادها بالسلاح، كمحاولة لإنعاش روسيا عسكرياً في أوكرانيا، حيث قد يسافر الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون إلى روسيا للقاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين من أجل إجراء مناقشات حول صفقة محتملة لتزويد موسكو بالأسلحة اللازمة لحربها على أوكرانيا.

مجلس الأمن القومي الأميركي كان قد حذر مؤخرا، من أن مفاوضات الأسلحة بين روسيا وكوريا الشمالية "تتقدم بنشاط" بعد أن زار وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو بيونغ يانغ في يوليو/تموز الماضي، من أجل الحصول على ذخائر عسكرية.

تأتي زيارة كيم المحتملة إلى روسيا، في الوقت الذي تعرب فيه الولايات المتحدة عن مخاوفها المتزايدة بشأن المساعدة العسكرية التي تقدمها كوريا الشمالية لتحركات روسيا العسكرية في أوكرانيا، وهي محطة قد تشكل انتهاكا للعقوبات الأميركية، ما يعني بالتالي بأن عملية إقحام كوريا الشمالية في ملف الصراع "غير المباشر" مع الولايات المتحدة، من قبل روسيا قد بدأت تسلك طريق التصعيد.

في المقابل وبالنظر إلى الحضور الروسي الصيني في الملف السوري وما يتصل به، فإن موسكو تسعى مؤخرا لكسب أنقرة إلى جانبها من خلال استغلال "فزاعة" القوات الكردية في الشمال الشرقي، غير أن تركيا يبدو أنها تدرك بشكل جيد حقيقة المطمح الروسي، وتدرك أيضا في الوقت ذاته عدم قدرة روسيا على مواجهة الحضور الأميركي في شمال شرقي سوريا.

مرارا سعت روسيا لإعادة الحديث حول تجديد اتفاقية أضنة من أجل إغراء تركيا بالتطبيع الكامل مع دمشق، وسحبها في هذا الملف من الضفة الأميركية، وهو أمر لا معنى فعلياً له على الأرض في ظل حضور قوات التحالف الدولي هناك، ووضوح اللهجة الأميركية إزاء تغليب الحل السياسي بكامل آلياته في سوريا.

الحضور العربي في سوريا لن يعني بأي حال من الأحوال خلق قناة اقتصادية داعمة لإيران من بوابة دمشق، وبالتالي إجهاض مخطط بكين في مواجهة السياسة الأميركية في المنطقة

أما الصين لعبت هي الأخرى دورا في التقارب السعودي الإيراني، وهو الأمر الذي راهنت عليه بكين من أجل فك العزلة السياسية عن طهران، وإعادتها للمحيط الإقليمي، بعد ما عانته من آثار العقوبات الأميركية وانسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، وما تلا ذلك من إجراءات مواجهة للنفوذ الإيراني في المنطقة ككل.

ضمن هذا السياق، لا تبدو السعودية بأنها سترمي طوق النجاة لطهران، بخاصة وأن عديد الملفات العالقة ما تزال تنتظر طريقها للمناقشة والبحث الطويل لدى الرياض، وبالمقابل فإن الحضور العربي في سوريا لن يعني بأي حال من الأحوال خلق قناة اقتصادية داعمة لإيران من بوابة دمشق، وبالتالي إجهاض مخطط بكين في مواجهة السياسة الأميركية في المنطقة التي تتحرك فيها طهران وتضرب من استقرارها.