سلبية الدور الأميركي في إدلب

2020.03.10 | 23:01 دمشق

dwryt_amyrkyt.jpg
+A
حجم الخط
-A

رفضت الولايات المتحدة منذ البداية ما يسمى "مناطق خفض التصعيد" التي أقرت في محادثات أستانا في مايو 2017، فقد اعتبرت الولايات المتحدة أن هذه المحادثات تعد بديلا لمفاوضات جنيف كما أنها رفضت اعتبار إيران كـ"ضامن". فقد أشار بيان وزارة الخارجية الأمريكية: "إلى أن الأنشطة الإيرانية في سوريا لم تساهم إلا في العنف، ولا توقفه، ودعم إيران الثابت لنظام الأسد قد أدى إلى استمرار البؤس في سوريا".

لكن بنفس الوقت لم تقدم الولايات المتحدة على أية استراتيجية بديلة في سوريا يمكن لها أن تشكل بديلا لمفاوضات أستانا، بالعكس من ذلك إذ تكشف معركة إدلب الحالية مدى سلبية إدارة ترامب في التعامل مع الكارثة الإنسانية في إدلب، فالرئيس ترامب يشعر أن الاستثمار في سورية قضية خاسرة بكل الأحوال، ولذلك وعلى الرغم من بدء الحملة العسكرية قبل أسابيع إلا أنه لم يبد أي اهتمام بالقيام بأية إجراءات لوقف العملية العسكرية الروسية في الشمال السوري، فقد صرح أحد كبار مسؤوليه أن الولايات المتحدة ليست شرطي العالم، في نموذج نادر في انعدام القيادة الأمريكية في وقت الأزمة حيث مصير الملايين من السوريين في الشمال على المحك، فقد انسحبت الولايات المتحدة من الملف السوري نهائيا لتصبح مجرد مراقب يبدي ملاحظاته التي لا يستمع لها أحد في الكثير من الأحيان.

ورغم محاولة تركيا استجرار الدعم الأمريكي عبر إرسال الوفود وتكرار المكالمات الهاتفية بين الرئيسيين التركي أردوغان والأمريكي ترامب، لكن وكما هو واضح من السلبية الأمريكية أن الولايات المتحدة لا تشعر أنها مضطرة للقيادة أو التدخل في النزاع السوري رغم الضغوط الإنسانية الكبيرة، وهو ما وضع تركيا في موقف صعب للغاية حيث أيا من الولايات المتحدة أو روسيا بنى الثقة الضرورية معها لاحترام الحد الأدنى من مصالحها في سورية، وهو ما يبشر أن العلاقات التركية - الروسية أو التركية – الأمريكية مرشحة أكثر للتباعد والتصعيد وهو ما يعني أن تصاعد ملفات اعتقدنا أنها في طريقها للحل من مثل قضية اللاجئين السورية في تركيا وأوربا التي ربما تشهد تصعيدا كبيرا مع محاولة الآلاف من النازحين السوريين العبور من الآراضي التركية إلى أوروبا مجدداً.

يجب أن تفكر الإدارة الأمريكية في الملف السوري من منظور أبعد من تحمل التكاليف الهائلة للكارثة الإنسانية في سورية وتنظر إلى الحل النهائي للمسألة السورية من باب استعادة التوازن الاستراتيجي الإقليمي الذي سيزداد سعيره ما دامت إيران قادرة على ضم محور كامل لها يبدأ من العراق وسورية ولبنان وغير قادرة على إعادة التوازن عبر حل سياسي يضمن الانتقال الكامل للسلطة في سورية إلى مؤسسات ديمقراطية منتخبة، وهو ما يتقاطع مع ما أشار له وزير الخارجية بومبيو في تغريدته على التويتر أن النظام السوري لن ينتصر في النهاية دون ذكر لأية إجراءات يمكنها أن تقنع تركيا أن صراعها اليوم مع النظام السوري سيحظى بدعم الولايات المتحدة.

هل ستدعم الولايات المتحدة تركيا في معركتها ضد روسيا داخل الأراضي السورية؟

السؤال اليوم هل ستدعم الولايات المتحدة تركيا في معركتها ضد روسيا داخل الأراضي السورية، وماذا سيكون موقف الناتو بعد أن طلبت تركيا مراراً منه تفعيل المادة الخامسة لكن دون جدوى وبقيت الولايات المتحدة في موقف الإدانة دون الانتقال إلى موقف الدعم العسكري، ليس هناك أية مؤشرات أن إدارة ترامب ستقوم بتوتير علاقتها مع روسيا لصالح تركيا فترامب لم يظهر أي تعاطف مع الطرف التركي على حساب الطرف الروسي، ولذلك على تركيا أن لا تتوقع الكثير من إدارة ترامب.

وعلى الرغم من رمزية الإشارة في زيارة كل من السفير جيفري مبعوث الولايات المتحدة للمعارضة السورية والسفيرة كرافت مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، بالرغم من رمزية زيارتهما المشتركة إلى داخل الأراضي السورية وزيارة مخيمات المهجرين هناك، إلا أن هذه الزيارة بالتأكيد لن تعدو المفعول الرمزي إلى الضغط العسكري الضروري الآن من أجل وقف العملية العسكرية للنظام وروسيا على إدلب، لكنه بكل تأكيد ربما يحمل مؤشرات تصعيد أمريكي في الملف السوري إذا استطاعت تركيا إقناع الإدارة الأمريكية أن القوة العسكرية وحدها كانت القادرة على إقناع الأسد ومن خلفه روسيا بإعادة تغيير حساباتهما وأن تركيا جادة في استخدام القوة العسكرية الكاملة لجيشها في ضمان المنطقة الآمنة، لكن عليها أن تحظى بدعم أمريكي وأوروبي.

الرئيس ترامب الآن مشغول بالانتخابات الرئاسية القادمة بشكل كلي وكما أثبتت الأحداث فإنه لا يملك رؤية للسياسة الخارجية أو تصور للقيام أو الإمساك بأي ملف وإكماله من الملف الكوري إلى الملف النووي الإيراني إلى الملف السوري فعلينا دوما تخفيض التوقعات من إدارة ترامب وربما ننتظر الانتخابات القادمة علها تفرز تغييرا في البيت ألأبيض.