icon
التغطية الحية

سكان مخيم اليرموك بدمشق يبيعون عقاراتهم بأسعار "بخسة" وناشطون يحذرون

2023.09.11 | 09:16 دمشق

مخيم اليرموك في دمشق ـ رويترز
مخيم اليرموك في دمشق ـ رويترز
دمشق ـ جوان القاضي
+A
حجم الخط
-A

يشهد مخيم اليرموك جنوبي العاصمة دمشق حركة بيع وشراء للعقارات التي رممها أصحابها أو غير المرممة، وصفت بـ "الجيدة"، وسط لجوء أغلب الناس لبيع منازلهم بسبب ارتفاع تكاليف الترميم، عدا عن انعدام الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء وهاتف وصرف صحي.

وقالت مصادر محلية من داخل المخيم لموقع تلفزيون سوريا "هناك عدد كبير من سكان المخيم اضطروا لبيع ممتلكاتهم من منازل ومحال لعدم قدرتهم على ترميمها أو استثمارها في الوقت الراهن"، مضيفةً، أنه في المقابل هناك آخرون أصلحوا منازلهم وسكنوا بها كحل لمشكلة ارتفاع الإيجارات في العاصمة دمشق.

ارتفاع تكاليف ترميم المنازل في سوريا

المصادر تحدثت عن توقف بعض أصحاب المنازل عن الترميم لارتفاع كلفته من جراء الانهيار الاقتصادي لسعر صرف الليرة مقابل الدولار، وكذلك رفع حكومة النظام الدعم عن المحروقات والذي تسبب بارتفاع أسعار أغلب السلع ومنها مواد الإكساء.

وبينت المصادر أن عمليات البيع تحدث لمنازل مهدمة ومرممة على السواء، موضحةً أن سعر المنزل المرمم يختلف عن سعر مبيع المنزل غير المرمم أو المهدم، ويلعب موقع المنزل سواء على شارع عام أو قريب منه دوراً في تحديد سعره، وبينما تباع المنازل التي تكون ضمن حارات بعيدة عن الشارع العام بأسعار رخيصة، تُسعر المنازل التي موقعها مميز بسعر جيد وفقاً لذات المصادر، التي أكدت أنَّ حركة البيع "جيدة".

وعليه، اضطر ضياء (طلب عدم ذكر اسمه كاملا) وهو من سكان المخيم إلى بيع منزله الواقع بالقرب من ساحة الريجة كما هو "مهدم والأنقاض بداخله"، بـ 50 مليون ليرة نتيجة عدم قدرته على إزالة الأنقاض ومن ثم ترميمه. ويقول في حديثه لموقع تلفزيون سوريا "منزلي بيسوى أكثر من 100 مليون لكني بعته لحاجتي لشراء منزل في إحدى ضواحي ريف دمشق حيث تتوفر الخدمات الأساسية للحياة".

في المقابل رفض أحمد، 38 عاماً (طلب عدم ذكر اسمه كاملا)  وهو من سكان المخيم بيع منزل عائلته الواقع في حارة داخل المخيم رغم عدم قدرة العائلة على الترميم "نتيجة تسعيره بسعر بخس من قبل تجار العقارات والسماسرة"، كما قال للموقع، مؤكداً أن هناك بعض السماسرة يستغلون حاجة الناس وانعدام قدرتهم على الترميم لشراء منازلهم بأسعار رخيصة.

ويوضح الرجل الثلاثيني "أنَّ هناك أكثر من 10 آلاف عائلة تسكن في مختلف مناطق المخيم سواء في منازل مرممة بشكل جيد، أو في منازل تم ترميمها بأدوات بسيطة لناحية تسكير الأبواب والنوافذ بالنايلون والكرتون".

من جهته، قرر خالد علي، بيع منزله بعد فقدانه القدرة على المتابعة في ترميمه، قائلاً: "منذ أكثر من 4 أشهر وأنا أرمم منزلي الذي تعرض لسرقة كل محتوياته من بلاط ونوافذ وأبواب وسيراميك"، مضيفاً أنه دفع كلفة البلاط والسيراميك والكهرباء ما يقارب الـ 16 مليون ليرة، عدا عن دفع الرشاوى لعناصر المفرزة الأمنية المسؤولة عن المخيم كي يُدخل هذه المواد.

ويملك خالد منزلا ومحلا ضمن المخيم قرر بيعهما بعد ارتفاع كلفة إعادة الترميم من جراء موجة الغلاء التي حصلت بعد رفع حكومة النظام الدعم عن المحروقات في بداية شهر آب الفائت، "وقفت الترميم وأنتظر حصولي على سعر مقبول كي أبيع"، قال خالد.

ناشطون يحذرون من بيع المنازل في مخيم اليرموك

وحتى حزيران الفائت، عاد نحو 4 آلاف شخص إلى مخيم اليرموك، على حد قول الأونروا، في حين حصلت 8 آلاف أسرة أخرى على إذن بالعودة خلال الصيف.

وذكرت الأونروا أن العائدين يعانون من "نقص الخدمات الأساسية ومحدودية وسائل النقل والبنية التحتية العامة المدمرة إلى حد كبير"، ويعيش بعض العائدين في منازل من دون أبواب أو نوافذ.

وفي شهر حزيران الفائت حذر ناشطون فلسطينيون سكان مخيم اليرموك من التخلي عن منازلهم أو محالهم التجارية ومن استغلال التجار لظروفهم الصعبة، في ظل ارتفاع أسعار العقارات بشكل كبير ضمن معظم المناطق.

وأوضح الناشطون أن العقارات في المخيم تشهد زيادة يومية في قيمتها، وأن من يبيعها الآن سيندم لاحقاً، لعدم قدرته على شراء عقار آخر بالسعر نفسه أو أقل، سواء في المخيم أو خارجه، وفقاً لـ"مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا"، التي ذكرت نقلاً عن أحد الحقوقيين من دون ذكر اسمه "أن سعر المتر المربع في المخيم سيرتفع بشكل كبير خلال الأشهر المقبلة وأنه سيصبح أغلى من سعر المتر المربع في بعض مناطق دمشق وريفها".

ورغم ادعاء محافظة دمشق في وقت سابق عملها على إعادة الخدمات الأساسية للمخيم، إلا أنه ما زال يفتقر للمياه والكهرباء والصرف الصحي وأسواق الخضر وحتى الخبز، إذ لا يوجد أفران تعمل في المخيم، كما رصد موقع تلفزيون سوريا وأكد ذلك عدد من سكان المخيم.

وقال أحمد الذي رفض بيع منزله، "إنَّ المخيم لا يفتقد فقط للخدمات الأساسية، إنما يفتقد للناس والحركة داخل المخيم إذ يعيش من عاد إليه داخل بيوتهم من جراء عدم عودة الحياة لشوارع المخيم التي تفتقد الكهرباء والزفت ومليئة بالحفر والردم".

ويشرح أن المخيم يعاني أيضاً من السرقات، إذ تعرضت منازل عدة للسرقة منذ أشهر، فضلاً عن البطء من قبل حكومة النظام في إحياء المخيم وفقاً لأحمد، الذي قال للموقع "هناك تلكؤ من قبل محافظة دمشق في إزالة الأنقاض وفتح الشوارع والطرقات وإصلاح شبكات الصرف الصحي المليئة بالأتربة وتوصيل الكهرباء". 

يذكر أن مخيم اليرموك تعرض لحصار قوات النظام والميليشيات المساندة لها بتاريخ 18 من تموز 2013، رافقه قطع الماء والكهرباء بشكل كامل عن كل أحياء ومنازل المخيم، ومنعت إدخال المواد الغذائية والطبية وغيرها من المواد الضرورية للحياة.

واستعاد النظام السوري السيطرة على المخيم في العام 2018، وسمح لعدد قليل من سكانه بالعودة بعد حصولهم على موافقات أمنية، وما زال يعاني العائدون إلى المخيم من سوء الخدمات الأساسية، وعدم توافر البنى التحتية التي تمنع عودة مزيد من الأهالي.