icon
التغطية الحية

زيارة النواب الأميركيين للشمال السوري في السياق.. ماذا بعد؟

2023.08.29 | 10:32 دمشق

آخر تحديث: 30.08.2023 | 13:30 دمشق

زيارة النواب الأميركيين للشمال السوري في السياق.. ماذا بعد؟
زيارة فرينش هيل للشمال السوري - تلفزيون سوريا
إسطنبول - عبدالله الموسى
+A
حجم الخط
-A

طلب عضو مجلس النواب الأميركي فرينش هيل من إدارة الرئيس جو بايدن سياسة واضحة وأكثر فعالية للوصول إلى حل في سوريا، ودعم حلفاء الولايات المتحدة في شمال شرقي وشمال غربي سوريا مع التركيز بشكل مباشر على مواجهة نظام بشار الأسد. وجاء ذلك في حديثه لتلفزيون سوريا بعد عودته من زيارة الشمال السوري يوم أمس برفقة زميليه بن كلاين وسكوت فيتزجيرالد، وبدعوة من المنطمة السورية للطوارئ.

بعد عقد.. عودة أميركية لإعادة التوازن

وجاءت زيارة أعضاء الكونغرس للشمال السوري بعد انقطاع 10 سنوات تغيرت فيها ملامح المنطقة، والإدارة الأميركية التي تعاقب عليها ترامب والآن بايدن، واستعاد النظام سيطرته على مساحات واسعة من خلال الهجمات الكيماوية والبراميل المتفجرة بمساعدة روسية وإيرانية، وهي النتيجة المتوقعة لعدم تلبية إدارة أوباما مطالب السناتور الأميركي جون ماكين عندما زار المكان ذاته عام 2013 والتقى قادة الجيش الحر في سياق جهوده للضغط على إدارة أوباما لإنشاء منطقة آمنة في الشمال السوري وتسليح الثوار بأسلحة نوعية لمواجهة النظام وإجباره على الجلوس إلى طاولة المفاوضات التي كان يعدها حينذاك وزير الخارجية الأميركي جون كيري.

وخلال السنوات العشر الماضية غيرت واشنطن من تعاطيها مع سوريا وبات بالنسبة لها ملفاً أمنياً، فاقتصرت جهودها على محاربة تنظيم الدولة في شمال شرقي سوريا مع حلفائها قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وهذا التوجه الأمني تبناه وصممه وأداره منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك، دون خطوات ملموسة من الكونغرس والخارجية الأميركية تجاه قضية الشعب السوري.

عضو مجلس النواب الأميركي ورئيس المجموعة المعنية بشأن سوريا في الكونغرس فرينش هيل، الذي وقف بحزم ضد التطبيع مع النظام السوري، ودعا لإنقاذ المدنيين من الحرب؛ توّج حراكه الداعم للشعب السوري بقانون الكبتاغون الذي أعاق صادرات النظام من السموم التي بلغت عشرات مليارات الدولارات، ويدفع مع زملائه بقانون مناهضة التطبيع مع النظام السوري.

هذا الحراك التشريعي تحت قبة الكبيتال أعاد الملف السوري إلى الطاولات الأميركية وأعاد التوازن مع مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض الذي استفرد بالملف السوري وأحاله إلى ملف أمني بحت.

"سوريا بحاجة إلى قيادة أميركية"

وقال هيل في حديث مع تلفزيون سوريا: "من الطرق المتبعة لإحلال السلام في سوريا، التطبيق الصارم لاستراتيجية محاربة الكبتاغون لمنع وصول التمويل اللازم لبشار الأسد، وتلك خطوة في غاية الأهمية".

وانتقد هيل وزير الخارجية أنتوني بلينكن الذي اتخذ موقفاً بعدم تأييد التطبيع العربي مع النظام السوري، دون خطوات تمنع حدوث ذلك، وتابع النائب حديثه: ينبغي لبلينكن أن يعزز موقفه هذا، وذلك عبر قطع التمويل عن الأسد، ودعم العقوبات على الأسد وعائلته لما يفعلونه بالشعب السوري مع تعزيز التواصل مع عموم السوريين الذين يعانون الأمرين بسبب النظام، وأن يتم تحميله كامل المسؤولية مع الدفع نحو حل سياسي".

وتحدث هيل عن "أهمية التعاون مع الدول الأعضاء في الجامعة العربية ودول المنطقة للتوصل إلى حل سياسي في سوريا، وكيف يمكن دفع الناس في شمال غربي سوريا وهم يحاولون العيش في ظل إرهاب الأسد والمتآمرين معه أي روسيا وإيران، فهذه المنطقة منطقة معقدة، لكنها بحاجة إلى قيادة أميركية".

وتبرز أهمية زيارة نواب الكونغرس للشمال السوري في السياق، حيث أثمر قانون الكبتاغون حديث العهد بتجميد تجارة النظام به بنسبة كبيرة أفقدته عشرات مليارات الدولارات وأجبرته على تعويم الليرة السورية ما أدخل البلاد في حالة من التدهور المضطرد وأثارت عليه نقمة غير مسبوقة من الطائفة العلوية.

وعلى الصعيد الإقليمي، ورغم أن قانون مناهضة التطبيع لم ير النور، إلا أن التطبيع العربي الاندفاعي قبل أشهر دخل في حالة سبات، وفشلت جلسة الدول المطبعة في القاهرة قبل أيام في التوصل إلى نقاط تفاهم مع النظام السوري وفق نهج "خطوة بخطوة" الأردني.

سبات في التطبيع وتياران أميركيان في الملف السوري

وعلى الصعيد المحلي، سبقت الزيارة عقوبات أميركية على فصيلي "فرقة الحمزة" و"فرقة السلطان سليمان شاه" المدعومين من تركيا، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، ويعرقل ذلك الإعفاءات الأميركية من العقوبات للشمال السوري والذي أقرته الخزانة الأميركية في أيار 2022.

يشير ما سبق إلى وجود تيارين في واشنطن لكل منهما مقاربة مختلفة للملف السوري، فالأول المتمثل بمجلس الأمن القومي وبريت ماكغورك يدفع باتجاه شيطنة المعارضة ومناطق سيطرتها مقابل دعم "قسد"، في حين تكافح المنظمات السورية في أميركا للدفع باتجاه تحصيل حقوق السوريين من خلال قوانين "قيصر" والكبتاغون" و"مناهضة التطبيع" والضغط على الخارجية الأميركية للوقوف ضد تمييع الحل السياسي والتمسك بقرار مجلس الأمن 2254.

كان التوقف لمدة ساعة في شمال حلب بمثابة إشارة إلى الدعم الكبير في الكونغرس للمعارضة ضد النظام السوري، وأوضح النائب فرينش هيل أنها كانت جزءاً من رحلته إلى المنطقة والمشاورات التي أجراها هذا العام مع دبلوماسيين وشركاء آخرين في إسرائيل والأردن والعراق ومصر والمملكة العربية السعودية وإيطاليا "لتناول مبادرة الجامعة العربية لتطبيع العلاقات مع الأسد ومناقشة الوضع الراهن".

ولا يمكن تفسير الجمود بين العرب والأسد بتعنت الأخير فقط، بل تلعب هذه الجهود الدبلوماسية والتشريعية في واشنطن دوراً رادعاً للزعماء العرب الذين حاولوا مناكفة الولايات المتحدة التي تسعى لإبقاء الأسد معزولاً، وترفض التطبيع المجاني معه على أقل تقدير.

وأعرب العاملون الإنسانيون والسياسيون والإعلاميون الذين التقوا الوفد الأميركي يوم أمس عن تقديرهم للزيارة الأميركية، وأكدوا على ضرورة تكرار هذه الزيارات في المستقبل لإعادة العلاقة مع المعارضة السورية بشكل مباشر ودعم تطلعات الشعب السوري.

ومن المرجح أن تفتح هذه الزيارة إلى الشمال السوري الباب لمثيلاتها في المستقبل، بعد النجاح الذي حققته في الوصول إلى منطقة حرب مهددة من النظام وروسيا وإيران و"داعش"، وتتطلب ترتيبات أمنية دقيقة ومكثفة.

وقالت المنظمة السورية للطوارئ في بيان بعد الزيارة: "إن جلب وفود من الكونغرس لمشاهدة الواقع في المنطقة والالتقاء بالناس على الأرض هو خطوة أساسية في رفع مستوى الوعي حول الجرائم التي يرتكبها نظام الأسد وحليفه. نأمل أن تتمكن هذه الرحلة من معالجة الأوضاع الإنسانية وحالات حقوق الإنسان الأليمة التي تؤثر على حياة الشعب السوري من خلال الدعوة إلى سياسات هادفة وفعالة للتخفيف من معاناتهم ومحاسبة نظام الأسد.

وقال معاذ مصطفى، المدير التنفيذي للمنظمة: "نحن بحاجة إلى القيادة الأميركية الآن أكثر من أي وقت مضى مع استمرار الاحتجاجات ضد نظام الأسد في السويداء والمدن الأخرى.. توفر هذه الزيارة فرصة كبيرة لتعزيز سياسة الولايات المتحدة وموقفها ضد نظام الأسد الإجرامي، الذي يواصل ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب مع الإفلات من العقاب وسط تزايد جهود التطبيع في المنطقة وخارجها".