icon
التغطية الحية

روسيا ونظام الأسد: تفاهم على إدارة الإسكان وتشاركية في الأرباح

2020.12.20 | 10:39 دمشق

photo_2020-10-31_22-40-56.jpg
إسطنبول ـ فؤاد عزام
+A
حجم الخط
-A

بعد توقيعها على مذكرة التفاهم مع إيران حول تبادل المعلومات والخبرات في مجال الإسكان، صدّقت حكومة النظام، قبل أيام على مذكرة تفاهم مماثلة كانت وقعتها وزارة الإسكان مع نظيرتها الروسية على هامش المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين في تشرين الثاني الماضي، وتهدف بحسب محللين إلى تشجيع شركات عالمية على المشاركة في إعادة الإعمار وتمكين روسيا وإيران من إدارة قطاع العقارات.

ولا تتضمن مذكرة التفاهم بين روسيا والنظام، بنودا تتعلق بعقود لتنفيذ مشاريع إسكان، وركزت على قضايا الإشراف وإدارة قطاع الإسكان من خلال التعاون في مجال التشريعات القانونية والدراسات الفنية والمناقصات الدولية، وتطوير التدريب والتأهيل، بحسب ما أوردته وزارة الإسكان لدى النظام على صفحتها في فيس بوك، في حين ذكرت صحيفة البعث التابعة للنظام أن قطاع العقارات في سوريا يحتاج إلى نحو 111 مليار دولار، وهذا المبلغ الضخم لا تستطيع روسيا وإيران تأمين نسبة ضئيلة منه في ظل عجز اقتصادهما، ولأنهما تريدان ثمن حمايتهما النظام دون توظيف أموال.

مذكرة التفاهم للإشراف على قطاع الإسكان

ويرى الدكتور مهيب صالحة عميد كلية إدارة الأعمال "سابق "‏ لدى ‏الجامعة العربية الدولية "AIU " أن النظام وروسيا وإيران يراهنون على أن تزحزح الدول الغربية والعربية موقفها حيال إعادة الإعمار والحل السياسي باتجاه المشاركة في تقاسم الكعكة وبصفة خاصة نصفها المتعلق بالبناء والإسكان والخدمات الأساسية التي يسيل لعاب شركات المقاولات عليها.

ويقول الدكتور صالحة لموقع تلفزيون سوريا إن قطاع العقارات هو المورد الوحيد المتاح حالياً للنظام للمساومة عليه مع حلفائه مشيرا إلى أن مذكرتي التفاهم مع كل من روسيا وإيران تندرجان في إطار التحضير لتفاهمات مرحلة إعادة الإعمار.

اقرأ أيضا: وعد جديد بسكن بديل لمهجري "ماروتا ستي" في دمشق بعد 4 أعوام

ويتفق الباحث الاقتصادي رضوان الدبس مع هذا الرأي ويقول إن مذكرة التفاهم هدفها تشجيع الدول الإقليمية والدولية على تغيير رأيها والمشاركة في إعادة الإعمار، بيد أن الدبس يشير إلى هدفين آخرين للمذكرة، الأول هو التمهيد لتمكين روسيا وإيران من قطاع الإسكان في مرحلة لاحقة بهدف استكمال السيطرة على اقتصاد البلاد في إطار دفع جزء من ثمن حفاظهما على بقاء النظام ومنعه من السقوط. والثاني هو التسويق الإعلامي بهدف الاستهلاك الداخلي بمعنى طمأنة الأهالي بأن هناك حلفاء سيقدمون مساعدات للأهالي.

ويقول رضوان الدبس لموقع تلفزيون سوريا إن مذكرات التفاهم بشكل عام هي غير ملزمة قانونيا وتختلف عن الاتفاقيات التي تتضمن عقودا واتفاقيات، بحيث وقع النظام مع كل من إيران وروسيا خلال السنوات السابقة عشرات مذكرات التفاهم في مناح مختلفة، ولم ينفذ شيئا منها حتى الآن.

ويعول النظام ومن خلفه روسيا وإيران على قطاع العقارات لاستقطاب رؤوس أموال رجال الأعمال وشركات تبحث عن فرص استثمارية مربحة ومضمونة، إلا أنه من غير المتوقع في المدى المنظور نجاح تلك المساعي في ظل رفض الولايات المتحدة والدول الأوروبية المشاركة في إعادة الإعمار وربط ذلك بالحل السياسي.

بضع آليات روسية للبناء مقابل المشاركة في الأرباح

وخلافا لإيران التي استحوذت على عشرات العقارات في دمشق وضواحيها خصوصا بالشراء المباشر أو الاستيلاء بالقوة من خلال أذرع سورية، فإنه لم يسجل لروسيا نشاط في مجال العقارات على الأرض سوى استحواذها على قطعة أرض بموجب وثيقة نشرتها روسيا وتتعلق بموافقة النظام على نقل ملكية قطعة أرض ومساحة مائية في محافظة اللاذقية إلى روسيا، من أجل إنشاء مركز طبي للصحة والتأهيل لفرق الطيران الروسي، إضافة إلى عقد وقع منذ سنتين مع شركة ستروي اكسبيرت الروسية ويتضمن شراء 144 آلية هندسية لمشاريع البناء بالتقسيط حيث لم يتم توريد سوى 11 آلية منها حتى الآن، إذ استقبلت باحتفال حظي بتغطية إعلامية كبيرة، حيث ركز وزير الإسكان في حكومة النظام سهيل عبد اللطيف خلال الاحتفال على أن العقد يندرج في إطار " التشاركية " في المشاريع.

ويقول المحلل الاقتصادي الدكتور زكريا ملاحفجي لموقع تلفزيون سوريا إن التشاركية تعني أن أي عقد يتم في إطارها هو بالشراكة بين الجانبين، وهي موضوع حساس وخطير أيضا لأنه يختلف عن الاستثمار أو المساعدات أو تنفيذ مشروع مقابل قيمة محددة.

ويرى المحلل السياسي المختص بالشؤون الروسية الدكتور سامر الياس أن روسيا تريد اللحاق بركب إيران التي سيطرت على مبان في دمشق القديمة وخلف الرازي، وتعمل بجد على إنشاء "ضاحية جنوبية" لدمشق من داريا إلى السيدة زينب ولكن ليس لروسيا فائض من الأموال لتستثمرها في سوريا وقد تكون تراهن على شراكات مع شركات تطوير عقاري من منطقة الخليج العربي.

روسيا تريد ثمن حمايتها النظام أولا وليست فاعل خير

ووضعت روسيا أسس علاقاتها الاقتصادية مع النظام بعناوين صاغها نائب رئيس الوزراء السابق ديمتري روغوزين وهي أن روسيا لن تدخل الاقتصاد السوري بصفة "فاعل خير" أو "دولة مانحة"، بلا مقابل، وأنها لا تنوي التساهل فيما يخص مصالحها وأرباحها. وأنّ سوريا بلد غنيّ بلا حدود، وتوجد فيها ثروات باطنية، وهي ذات موقع جغرافيّ فريد، وللشركات الروسية حقّ تطوير مشاريع اقتصادية ضخمة في سوريا، ولا سيما في ظل وجود العسكريين الروس الذين سيبقون في سوريا للحفاظ على السلام والاستقرار، بحسب تعبيره.

اقرأ أيضا: بعد تدميره لها.. النظام ينوي إنشاء ضاحية نائية في عين الفيجة

ولا تعطي روسيا دون مقابل وإن أعطت جزءا مما أخذته من سوريا فإنه يندرج في إطار المساعدات فعلى الرغم من استحواذها على ثروات البلاد من غاز وفوسفات واستئجار مرفأ طرطوس وحميميم وعقود اقتصادية طويلة الأجل، فإنه في ذروة أزمة الخبز التي تعصف بالبلاد انبرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وبشكل استعراضي ولافت للحديث خلال استقباله وزير خارجية النظام فيصل مقداد يوم الخميس 17 من الشهر الحالي بأن بلاده صدرت 100 ألف طن من القمح إلى سوريا كمساعدات إنسانية منذ بداية العام الحالي، أي بمعدل ما يستهلكه السوريون من الخبز لمدة 14 يوما على اعتبار أن متوسط احتياجاتهم من القمح 6850 طن يوميا مع العلم أن روسيا كانت رفضت قبل مدة تنفيذ 6 عقود لتصدير القمح.

النظام يحدد 26 منطقة للتطوير العقاري

ويبلغ عدد مناطق التطوير العقاري التي حددها النظام بـ 26 منطقة 18 منها على أراضي الدولة و8 على أراض خاصة بمساحة إجمالية تبلغ 4233 هكتارا لإسكان نحو 800 ألف نسمة بينما توجد منطقتان قيد الإحداث بريف دمشق وحلب و9 مناطق قيد الدراسة موزعة على محافظات ريف دمشق وحلب وحمص وحماة بينما تم الإعلان عن أربع مناطق محدثة من قبل الوحدات الإدارية في حماة وحمص وريف دمشق وحلب.

وتتضمن تلك المناطق أراضيَ تتبع لشركات صناعية يجري إعداد صكوك قانونية لحلها كشركة الصناعات المعدنية (بردى) وعقارات شركة غراوي، والشركة الخماسية في منطقة القابون المتاخمة للعاصمة إضافة إلى مناطق السكن العشوائي التي دمر النظام معظمها ولا سيما في مناطق بساتين الرازي التي خصها بالقانون رقم 66 للتطوير العقاري، ومناطق القابون وجوبر بدمشق.

اقرأ أيضا:"ماروتا سيتي".. أحلام الإعمار ووعود السكن البديل

وطرح النظام إقامة مشروعين سكنيين وتجاريين ضخمين في تلك المناطق هما ماورتا سيتي وباسيليا سيتي بموجب قانون أصدره لهذه الغاية ويعرف بالمرسوم رقم 10 الذي وسّع نطاق المرسوم 66 لجهة تشريعه مصادرة أملاك المهجرين سواء كانوا نازحين أو لاجئين، إذ عدت "هيومن رايتس ووتش" القانون بأنه يوفر إطاراً رسمياً لإحالة ملكية الأراضي إلى النظام كما وصفته ألمانيا بمرسوم الغدر، إذ اقترحت بعيد صدوره في نيسان من العام قبل الماضي، هي وتركيا على الأمم المتحدة باسم 40 دولة العمل على إلغاء القانون.

وبحسب معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث (UNITAR) فإن الحرب في سوريا دمرت بشكل كلي نحو مئتي ألف مبنى سكني وتعد محافظة حلب من أكثر المدن التي طالها الدمار حيث وصل عدد المباني المدمرة فيها إلى نحو 36 ألف مبنى، تلتها الغوطة الشرقية بـ 35 ألف مبنى مدمر في حين جاءت في المرتبة الثالثة مدينة حمص التي دمّر فيها 13778 بناء، ثم الرقة 12781 بناء مدمراً، ومن ثم حماة 6405 أبنية، ودير الزور 6405 أبنية، بالإضافة لمخيم اليرموك 5489 بناء.