icon
التغطية الحية

روسيا تسعى لتوسيع نفوذ قواتها البحرية في البحر المتوسط

2023.09.19 | 14:56 دمشق

سفن حربية روسية في ميناء طرطوس السوري
سفن حربية روسية في ميناء طرطوس السوري
The Wall Street Journal - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

في الوقت الذي تتنافس فيه الولايات المتحدة مع روسيا على تحقيق نفوذ أكبر في إفريقيا، تسعى موسكو لفتح طريق لسفنها الحربية في أحد موانئ ليبيا على المتوسط، بما أن ذلك سيوسع من نفوذها البحري ضمن الحديقة الخلفية لحلف شمال الأطلسي.

التقى ضباط روس رفيعو المستوى، بينهم نائب وزير الدفاع يونس-بيك ييفكوروف، بأمير الحرب الليبي خليفة حفتر، خلال الأسابيع الماضية، وذلك لمناقشة حقوق السفن الروسية على المدى البعيد بالرسو في المناطق التي يسيطر عليها حفتر شرقي ليبيا، وذلك بحسب ما أعلنه مسؤولون ومستشارون ليبيون. ولقد طالب الروس بالوصول إلى ميناء بنغازي أو طبرق، وفقاً لما ذكره المسؤولون في ليبيا، بما أن كلاً منهما لا يبعد عن اليونان وإيطاليا سوى مسافة تقل عن 645 كيلومتراً.

هذا، ولقد أتت المناقشات مع حفتر حول الوصول إلى الموانئ في الوقت الذي أخذ فيه الكرملين يسعى لتعميق نفوذه في إفريقيا في مناورة تفوق بقدراتها ما تفعله الولايات المتحدة التي تضغط على الدول الإفريقية لتنضم إلى الحلف الغربي في عزله لروسيا بسبب غزوها لأوكرانيا.

نفوذ فاغنر خارج روسيا

يتحرك الجيش الروسي والقطعات العسكرية الموالية للكرملين لتتولى السيطرة على الوحدات والأصول العسكرية الموجودة في إفريقيا والتي تعود لمجموعة فاغنر الرديفة للجيش، وذلك عقب وفاة مؤسس المجموعة، ييفغيني بريغوجين، خلال الشهر الماضي، فقد أقام هذا الرجل نفوذاً في ست دول بعضها يقع في الشرق الأوسط والباقي في إفريقيا، حيث نشر ستة آلاف مقاتل ليؤمنوا خدمات أمنية للقادة السياسيين في تلك المناطق، مقابل إطلاق يدهم في الوصول إلى موارد مهمة في البلد.

من المتوقع أن تزور ليبيا بعثة دبلوماسية وعسكرية أميركية مشتركة في أواخر هذا الشهر بهدف الضغط على حفتر ليقوم بطرد مرتزقة فاغنر، ولتشجيعه على توحيد قواته مع القوات التي تخضع لسيطرة الفصائل المناهضة له. وتأمل الولايات المتحدة أن تتمكن من إنشاء منطقة عازلة بسبب تصاعد الاضطرابات في منطقة الساحل التي شهدت طفرة في الأنشطة الجهادية وسلسلة من الانقلابات التي أطاحت بالحكومات هناك، بحسب ما ذكره أشخاص اطلعوا على أهداف تلك الزيارة.

ومن المتوقع لمايكل لانغلي وهو رئيس القيادة الأميركية في إفريقيا وريتشارد نورلاند وهو المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا أن يلتقي كل منهما بحفتر وعبد الحميد الدبيبة الذي يترأس حكومة الوفاق الوطني في طرابلس الواقعة غربي البلاد.

بيد أن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية رفض التعليق على الموضوع، كما لم ترد القيادة الأميركية في إفريقيا على طلب التعليق على الأمر.

 

حفتر يرتدي قبعة حمراء وهو الشخص الذي يسيطر على شرقي ليبيا

 

روسيا تغير قواعد اللعبة مع الغرب

يبدو بأن التوسع الروسي في إفريقيا حول موقف الغرب إلى موقف دفاعي في بعض أجزاء تلك القارة، إذ خلال فترة الصيف، حاولت الولايات المتحدة أن تضع حداً للأزمة في نيجيريا، لكنها أخفقت في ذلك، بما أن الطغمة الموالية لروسيا قد تسلمت مقاليد الأمور هناك. كما أثار الانقلاب العسكري في النيجر الذعر في القلوب، بما أن سحر الاستراتيجية الأميركية الساعية للتخلص من المقاتلين الإسلاميين في المنطقة قد انقلب على الساحر، إلا أن أحد الضباط القادة في سلاح الجو الأميركي أعلن بأن الولايات المتحدة ستواصل التحليق بمسيراتها ضمن عملية مكافحة الإرهاب في النيجر.

وحول ذلك يعلق كاميرون هادسون، وهو قائد سابق للأركان لدى البعثة الأميركية الخاصة إلى السودان، فيقول: "يتخذ الروس اليوم وضع التوسع العدواني، ولهذا تحاول الولايات المتحدة أن تحتفظ" بنفوذها في إفريقيا.

يرى محللون بأن التقدم الروسي قد يسمح لموسكو أن تسيطر على ممرات مهمة في مجال الطاقة، وبوسع هذه المصادر أن تتحول إلى بديل عما يصلها من أوروبا. كما يتيح ذلك للكرملين أن يوسع مواجهاته مع الغرب على مستوى العالم.

يذكر أن ليبيا كانت أول عملية تنفذها فاغنر في إفريقيا، ولقد كان حفتر من أهم الشركاء لهذه المجموعة في المنطقة، إذ تم فرز 1200 مقاتل لفاغنر إلى مقار حفتر، بينها قاعدة جوية استخدمت كمركز عبور إلى دول إفريقية أخرى.

 

بريغوجين يتحدث إلى نائب وزير الدفاع

 

المصالح الروسية في ليبيا

ذكر المسؤولون الروس لحفتر الذي يسيطر جيشه الوطني الليبي على شرقي ليبيا، بأن الوصول إلى مينائي بنغازي أو طبرق يتيح لسفنهم الحربية التزود بالوقود إلى جانب تزويدها بالمؤونة وإجراء عمليات إصلاح عليها، وذلك بحسب ما أورده مسؤولون ومستشارون ليبيون.

يشتمل هذان المينآن على بنية تحتية يمكنها أن تلبي المتطلبات الروسية، إلا أنه لم يتضح بعد إن كانت موسكو ترغب بتطوير المقار حتى تقوم بفرز جنودها إلى هناك، وكذلك الأمر بالنسبة لإرسال الذخائر إلى المستودعات وتخزين بقية المستلزمات.

في الوقت الذي لا يمثل فيه طلب روسيا بالرسو في شرقي ليبيا أي خطر مباشر على الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، ما يزال بعض المحللين يخشون من أن تصل الأمور بموسكو إلى توسيع نفوذها هناك.

يذكر أن حلف شمال الأطلسي يتعقب التحركات البحرية الروسية عن كثب بحسب ما أورده الناطق الرسمي باسم الحلف، ديليان وايت، وقال: "زاد حلف شمال الأطلسي من وجوده في البحر المتوسط، وشمل ذلك نشر مجموعة حاملات طائرات أميركية" وذلك منذ أن غزت روسيا أوكرانيا.

في الوقت الذي بوسع السفن التجارية فيه أن تصل لمختلف موانئ العالم من دون أن تبرم الدول عقوداً بشأن ذلك على المدى البعيد، يتطلب وصول السفن الحربية عقد اتفاقيات ثنائية، إذ تختلف حقوق الرسو الدائمة عن إقامة قواعد عسكرية متكاملة، بما أن ذلك يستلزم بالعادة وجود سلطة قضائية مستقلة في دولة ذات سيادة.

ذكر الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي بأنه لا توجد لديه أي معلومات حول ما دار من نقاش بين حفتر والمسؤولين الروس بخصوص الوصول إلى الموانئ، إلا أن نظام القذافي كان قد عرض على الروس في عام 2008 الوصول إلى الموانئ ذاتها، بيد أن روسيا رفضت العرض في ذلك الحين، كما لم يتضح بعد ما إذا كان حفتر يعتزم الموافقة على العرض الروسي بخصوص رسو السفن الحربية الروسية في أحد الميناءين، بما أنه يتعرض لضغط أميركي حتى يقطع علاقاته مع روسيا، ثم إن الكرملين لم يرد عندما طلب منه التعليق على الموضوع.

 

   

رئيس حكومة الوفاق الوطني عبد الحميد الدبيبة بعد ترجله من الطائرة

 

يذكر أن روسيا التي تسيطر على ميناء طرطوس السوري شرقي المتوسط، قد نشرت هناك طرادات الصواريخ الموجهة التي تعرف باسم سلافا وذلك فور بدء غزوها لأوكرانيا في شباط 2022، وفسرت الدول الأوروبية عملية النشر هذه بأنها محاولة لترهيب حلف شمال الأطلسي.

بدأت أحداث العنف في ليبيا منذ انتفاضة عام 2011 التي تمكنت من الإطاحة بالديكتاتور معمر القذافي الذي حكم ليبيا لفترة طويلة، إلا أن الفصائل المسلحة والقوى الأجنبية أخذت تتنافس على السلطة هناك منذ ذلك الحين، ثم اندلعت في ليبيا حرب أهلية في عام 2019، ومايزال البلد مقسماً بين الفصائل في الشرق والغرب.

 

روسيا والقارة السمراء: علاقة قديمة ومصالح بعيدة الأمد

تتمتع روسيا بنفوذ على حفتر، بما أنها توفر الحماية لأمير الحرب هذا من الفصائل المدعومة تركياً والموجودة في غربي ليبيا. وخلال الاجتماع مع حفتر، وافق ييفكوروف على مساعدته عبر تزويده بقطع التبديل وعمليات الإصلاح والتدريب المخصص لأسطوله الجوي الروسي القديم، وذلك بحسب ما أفاده بعض من حضروا ذلك الاجتماع.

يعتبر شرقي ليبيا نقطة عبور مهمة أمام الطيران الحربي الروسي القادم من روسيا أو سوريا متوجهاً إلى قلب إفريقيا. ولهذا يرى مسؤولون أميركيون وروس وغربيون سابقون وحاليون بأن نشر مرتزقة فاغنر في مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى لم يكن ممكناً دون الوصول إلى قاعدة حفتر الجوية. كما دخلت موسكو في مفاوضات أيضاً بخصوص إقامة قاعدة جوية لها في جمهورية إفريقيا الوسطى وذلك بحسب ما أعلنه مستشار أمني في تلك الدولة.

بيد أن الاضطرابات في منطقة الساحل جُيّرت بسرعة لصالح روسيا، إذ في النيجر، عرضت فاغنر المساعدة على قادة الانقلاب، وفي تشاد، تواصل قوات المرتزقة التابعة لتلك المجموعة مساندتها للثوار المناهضين لنظام محمد ديبي. أما في السودان، فقد شرعت فاغنر بالتعاون مع الفريق محمد حمدان دقلو وهو قائد لإحدى الميليشيات تسبب باندلاع حرب أهلية في السودان عندما اشتبك مع الجيش.

 

المصدر: The Wall Street Journal