icon
التغطية الحية

داء اللشمانيا في مخيمات الشمال السوري.. ندبات يعمّقها نقص المساعدات والمشاريع

2024.05.28 | 06:15 دمشق

آخر تحديث: 28.05.2024 | 06:15 دمشق

اللشمانيا تغزو مدن وبلدات شمال غربي سوريا - تلفزيون سوريا
اللشمانيا تغزو مدن وبلدات شمال غربي سوريا - تلفزيون سوريا
إدلب ـ عدنان الإمام
+A
حجم الخط
-A

يعد داء اللشمانيا أو ما يعرف محليًا بـ"حبة السنة" من أكثر الأمراض التي تؤرق قاطني المخيمات في شمال غربي سوريا، خاصةً بعد أن تضاعفت أعداد المصابين في العامين الماضي والحالي، نتيجة توافق العديد من الظروف البيئية والمجتمعية التي زادت من فرص انتشاره وخاصة لدى الأطفال.

وبحسب منظمة "MENTOR Initiative" المتخصصة بعلاج اللشمانيا، جرى تسجيل ما لا يقل عن 5500 إصابة، خلال شهر واحد، في مراكزها المنتشرة من جرابلس حتى جسر الشغور بما بما في ذلك المخيمات.

وللحد من انتشار المرض، أطلقت المنظمة حملة لرش المبيدات الحشرية لمكافحة حشرة ذبابة الرمل التي تتسبب في مرض الليشمانيا، حيث استهدفت المناطق الموبوءة مثل عفرين وبعض المناطق الجبلية في إدلب، إذ تعتبر هذه المناطق موطناً للحشرات بسبب ارتفاعها وانتشار الأعشاب فيها.

إصابات اللشمانيا تتصاعد

الدكتور حسن القدور، أحد المشرفين في المنظمة، قال لموقع "تلفزيون سوريا"، إن العام الماضي والحالي سجل تضاعفاً في حالات الإصابة باللشمانيا، بسبب تزايد أعداد الأماكن المهدمة نتيجة الزلزال، وسكن بعض الأهالي قرب الأنقاض التي تنتشر فيها القوارض والكلاب الشاردة وذبابة الرمل، فضلاً عن مشكلات الصرف الصحي وسوء التغذية.

وأضاف أن كل هذه الظروف أسهمت وكانت بيئة خصبة لانتشار وارتفاع أعداد المصابين.

وأوضح أن المراكز التابعة للمنظمة تعاني حالياً اكتظاظاً بالإصابات، حيث يتراوح عدد الحالات الأسبوعية بين 30 و50 حالة لكل مركز. أما في منطقة عفرين، فقد ارتفع المعدل إلى نحو 150 حالة أسبوعياً. وتعد الفترة من الشهر الخامس إلى الشهر العاشر فترة نشاط ذبابة الرمل، حيث يكون الإنسان عرضة للإصابة باللشمانيا، وتبدأ الأعراض في الظهور بعد ذلك.

وبالنسبة للعلاج، أكد القدور أنه متوفر ولا يوجد نقص، لكن الأعداد الكبيرة من المصابين تجعل السيطرة على الوضع صعبة. وأخطر أنواع اللشمانيا هي الحشوية، لأنها قاتلة إذا لم تُعالج. وقد تم تسجيل نحو 80 إصابة بهذا النوع من اللشمانيا الحشوية منذ بداية هذا العام.

تحذير من انتشار اللشمانيا الحشوية

الدكتور زهير قراط، مدير صحة إدلب، قال لموقع "تلفزيون سوريا" إن أعداد الإصابات تزداد في فترات الصيف من كل عام، بسبب تكاثر ذبابة الرمل المسؤولة عن نقل المرض.

وأوضح أن الكثافة السكانية وانتشار الصرف الصحي والقمامة وتوقف بعض مشاريع الإصحاح والمياه عند بعض المنظمات، كلها ظروف أسهمت في تضاعف أعداد المصابين بداء اللشمانيا.

وأضاف: "شهدنا مؤخراً انتشار اللشمانيا الحشوية وهي خطيرة وتسبب الوفاة إذا لم يتلق المصاب العلاج".

وعن مدى توفر العلاج، قال القراط: "العلاج متوفر بنوعين، الحقن في مكان الإصابة أو الحقن العضلي، لكن الاحتياج كبير ولا يغطي كل المناطق".

ظروف المخيمات تعزز الإصابات

في مخيم التح الواقع شمالي مدينة إدلب، تجاوزت أعداد المصابين بداء اللشمانيا أكثر من 20 حالة تشمل الأطفال والكبار في السن.

وقال مدير المخيم، عبد السلام اليوسف، إن المخيم عبارة عن برك ممتلئة بالمياه العادمة ويفتقر إلى خدمات ترحيل القمامة وسحب الجور الفنية، مما يجعله بيئة خصبة لانتشار هذا الداء.

وأضاف أن المخيم بحاجة إلى تفعيل عيادة متنقلة لمتابعة الحالات المصابة، حيث لا يوجد مركز طبي أو عيادة متنقلة تزور المخيم، حيث يضطر المصابون لتحمل عناء ومصاريف الانتقال إلى مراكز العلاج في معرة مصرين أو مدينة إدلب.

كما أوضح أن الوضع الإنساني في المخيم متردٍ، خاصة مع توقف المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى الحدودي. ويضطر أهالي المخيم للعمل في الحقول الزراعية بأجور متدنية بسبب غياب فرص العمل، ومع صعوبة تأمين المياه بسبب ارتفاع تكاليفها، يلجأ العديد منهم إلى استخدام الحمامات المشتركة، مما يزيد من خطر الإصابة باللشمانيا.

"نصف عائلتي مصابة بداء اللشمانيا"

عبد الزراق أيوب، المقيم في مخيم التح شمالي إدلب، قال لموقع "تلفزيون سوريا"، إنّ نصف عائلته مصابة بداء اللشمانيا.

وأضاف: "لدي ستة أطفال، ثلاثة منهم مصابون باللشمانيا، ولا أستطيع متابعة علاجهم بسبب بُعد المراكز الصحية عن المخيم. لقد أصبح المخيم بؤرة لانتشار الأمراض نتيجة انتشار النفايات والمياه العادمة في شوارع المخيم".

وأعرب الأيوب وكثير من سكان المخيم عن مخاوفهم من ازدياد أعداد الإصابات بعد توقف العديد من مشاريع النظافة والمياه في المخيمات.

حفرت اللشمانيا ندبات عميقة لن تمحى على وجه أمل كلاوي (45 عاماً)، المقيمة في مخيم عطاء الرحمة بمنطقة كللي شمال إدلب. وتقول كلاوي: "بالنسبة لي، مستقبلي ضاع، لكني أخشى أن يتشوه وجه أطفالي ويفقدوا مستقبلهم، وخاصة البنات منهم، مجتمعنا لا يرحم". مشيرة إلى أن أقرب نقطة طبية تبعد 10 كم عن المخيم، ومع ذلك فإن العلاج كان مقتصراً على المعقمات فقط، ومنذ فترة حتى بدأت ابنتها تتلقى حقناً علاجية.