icon
التغطية الحية

خلال أشهر أصبحت قيمتها 24 ملياراً.. صعود شركة "غيم ستوب"

2021.02.04 | 06:07 دمشق

20210130_fnp502.jpg
إيكونوميست- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

لم يكن أحد قد سمع بشركة غيم ستوب قبل أسبوع ربما، تلك الشركة المتخصصة بألعاب الفيديو التي توسعت بشكل كبير. فقد يتذكر جيل الألفية زيارته لهذا المتجر في صغره، برفقة الوالدين اللذين يصطحبان أبناءهما إلى تلك المتاجر، ولكن اليوم لا أحد يمكنه أن يدعي عدم معرفته بهذه الشركة التي ارتفع سعر سهمها في السوق من بضع دولارات في عام 2020 ليصل إلى القمة بعد تجاوز سعر السهم الواحد 350 دولاراً في السابع والعشرين من شهر كانون الثاني الماضي، ما جعل قيمة تلك الشركة التي كانت تقل عن 200 مليون دولار في نيسان من عام 2020 ترتفع لتصبح وسطياً 24 مليار دولار.

وقد تصدر هذا الصعود الصاروخي كل الصفحات الأولى للجرائد والصحف، وانتقل منها إلى شاشات القنوات المتخصصة بالمال بل نوقش أيضاً في أروقة السلطة. إذ طرح السيد جيرومي بويل رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، كثيرا من التساؤلات حول الصعود المذهل لتلك الشركة وذلك في أحد المؤتمرات الصحفية. في حين ذكرت جين ساكي، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، بأن جانيت يالان وزيرة الخزانة الأميركية كانت تتابع عن كثب تلك التطورات والأحداث.

 

ولكن لم كل هذا الهرج والمرج؟

ربما لأن القصة بحد ذاتها محيرة، إذ ثمة القليل من العبرة في أن شركة غيم ستوب كانت قيمتها أقل بكثير في العام المنصرم مما هي عليه اليوم. ففي شهر آب المنصرم، بدأ رايان كوهين، وهو المدير السابق لشركة تشيوي، وهو متجر لبيع أطعمة الحيوانات الأليفة عبر الشابكة، بجمع أسهم كبيرة. وفي شهر تشرين الثاني، تحول إلى ناشط، وأخذ يكتب للمجلس ويحثه على الاستثمار في التجارة الإلكترونية، فأعجب المجلس بخطته، وعرض عليه الانضمام إلى المجلس هو وثلة من زملائه السابقين، كما أعجب المستثمرون بفكرته أيضاً. وبحلول اليوم الحادي عشر من شهر كانون الثاني، أي في اليوم الأول له كعضو في ذلك المجلس، تضاعفت قيمة 12.9% من الأسهم التي اشتراها ذلك الرجل.

أما بقية الأسهم التي جعلت منه مليارديراً فهي أكثر غموضاً وغرابة، إذ غذت نوبة الجنون هذه على ما يبدو مجموعات المستخدمين على r/wallstreetbets وهو منتدى على  Reddit أصبح لديه اليوم أكثر من أربعة ملايين متابع. حيث قام هؤلاء المستثمرون في قطاع التجزئة بسحب الأسهم والمراهنة بمبالغ عالية على ارتفاع سعر سهم غيم ستوب. وهنا يشير بعض رواد المنتدى إلى أسباب أساسية مثل دخول السيد كوهين، وذلك لتبرير ظهور تلك المراهنات، إلا أن معظمهم تحدثوا عن رغبة مقيمة تسعى لربط ذلك بالمستثمرين في المؤسسات الذين استبعدوا وبكل ازدراء شركة غيم ستوب.

غير أن هذه الشركة التي تبيع بالتجزئة تحولت إلى هدف لمن يشترون الأسهم المؤقتة والذين أخذوا يقترضون أسهمها ثم يبيعونها، ليشتروها لاحقاً، بسعر أرخص. فتحولت تلك لتجارة رائجة، وهكذا أصبحت القيمة الإجمالية للحصص المؤقتة في غيم ستوب أكبر من رأسمال الشركة في السوق وذلك في أواخر شهر كانون الثاني. بيد أن المستثمرين في قطاع التجزئة أرادوا للحصص المؤقتة أن تخسر المال، وهذا ما فعلوه. إذ بدأ تجار التجزئة الصاعدين بالظهور عندما اضطر من يتحكمون بالأسواق إلى بيع ما راهنوا عليه للتحوط من ارتفاع الأسعار وذلك عبر شراء الأسهم. كما اضطر أصحاب الأسهم المؤقتة إلى شراء الأسهم بعد تكبدهم لخسائر تقدر قيمتها بمليارات الدولارات. ثم دفعت التغطية الشاملة لسوق الأسهم المزيد من المستثمرين للتزاحم على ذلك القطاع. وبذلك أصبحت شركة غيم ستوب الوحيدة في أميركا التي تم تداول أسهمها إلى أعلى درجة وذلك بحلول 26 من كانون الثاني، إذ بلغ حجم التداول فيها ما حققته أكبر خمس شركات تقانة عملاقة مجتمعة. وبذلك ارتفع سعر السهم لأكثر من الضعف في اليوم التالي، وتزاحمت الحشود القادمة من أسواق أسهم مؤقتة أخرى أيضاً، إذ ارتفعت أيضاً أسعار أسهم شركة amc وهي عبارة عن سلسلة دور عرض للسينما، ونوكيا وبلاك بيري، التي اشتهرت في السابق بإنتاجها للهواتف النقالة.

ومن نواح عديدة تبدو الضجة التي رافقت تلك الحركة رائعة ومثيرة للاهتمام مثلها تماماً. إذ بالنسبة للأسهم المؤقتة التي خسرت الرهان، كان ارتفاع أسهم غيم ستوب غاية في الأهمية. إلا أن الحافظات الاستثمارية لمعظم المستمرين لم تتأثر بحركة السعر. بل ظهرت عوضاً عن ذلك ردة فعل تمثلت بموجة حيرة بل حتى ذعر اجتاحت وول ستريت ووصلت إلى من يقومون بإدارة البلاد، وهذا بحد ذاته يعبر عن حالة كبيرة من القلق عاشها من يتداولون الأسهم الأميركية.

 

الخوف من الفقاعة

إذ على مدار أشهر، قلق المستثمرون حيال ظهور فقاعة محتملة ضمن سوق الأسهم، وانعكس ذلك القلق على تقييماتهم الكبيرة لأسهم الشركات التقنية، والارتفاع المذهل الذي حظيت به أسهم شركة تيسلا، التي تقوم بتصنيع مركبات كهربائية. وثمة سبب آخر للقلق وهو ضخامة ما عرضه المستثمرون في مجال التجزئة. ففي افتتاحية صحيفة بلومبيرغ، حذر محمد العريان، المدير السابق لصندوق سندات بيمكو، من أن نوبة الجنون التي أصابت أسهم غيم ستوب ستكون فاتحة لتقلب مالي على نطاق واسع، ولاختلال السوق حسب وصفه. فيما تحلى السيد بويل بهدوء أكبر، حيث أشار إلى أن نقاط ضعف الاستقرار المالي بمجملها معتدلة عموماً، غير أن الأسهم أخذت ترتفع وتهبط في 27 من كانون الثاني، إذ يومها هبط مؤشر الأسهم الأميركية s&p 500 بنسبة 2.6%.

وهكذا أصبح على المستثمرين المحترفين المواكبين لتقلب حركة السوق أن يراقبوا ما يفعله العامة من الناس، مع متابعتهم في الوقت ذاته للمخاطر التقليدية التي تفرزها حالة الخوف من التضخم أو تعثر أرباح الشركات. فقد أبلت شركة آبل بلاء حسناً في عام 2020، وساعدها في ذلك تفشي الجائحة التي زادت من الإنفاق على الإلكترونيات. إلا أن نفقات سلاسل التوريد العالية قللت من الأرباح لدى شركتي تيسلا وفيس بوك، والتي حذرت من أن الرياح قد تجري بما لا تشتهي السفن لديها وذلك عبر الإعلانات التي تنشر من خلالها مشاريعها التجارية وأعمالها. كما أن تباطؤ الأرباح الآتية من الشركات العملاقة في سوق الأسهم الأميركية لابد وأن يخلق أمام المستثمرين ما يهابونه فعلاً.

المصدر: إيكونوميست