icon
التغطية الحية

حميميم بعد 5 سنوات.. "حصن منيع" للروس و"جنة" لا يدخلها السوريون

2020.09.15 | 17:53 دمشق

hmeimim-airbase-e1569671420910.jpg
موسكو - طه عبد الواحد
+A
حجم الخط
-A

في مثل هذه الأيام منذ خمس سنوات كان العسكريون الروس يضعون اللمسات الأخيرة على خطة إرسال مجموعة من القوات الجوية الروسية لدعم النظام في سوريا "بناء على طلب رسمي منه". وعلى الرغم من توسعة القاعدة الجوية في حميميم، وكذلك البحرية في طرطوس، خلال السنوات الماضية، وتشييد بنى تحتية متكاملة، وتوفير كامل متطلبات الإقامة للعسكرين فيهما، فضلاً عن حصانة كالتي تمنح للدبلوماسيين حصلوا عليها بموجب الاتفاقيات مع النظام، إلا أن المسؤولين الروس يتجنبون دوما وصف "طرطوس" و"حميميم" على أنها "قواعد عسكرية".

وفي إجابته على سؤال حول تلك القواعد خلال برنامج "على الهواء مباشر مع بوتين" صيف عام 2018، أصر الرئيس الروسي على أنها ليست قواعد، وقال: "بالنسبة لوجود قواتنا في سوريا، أكرر هي عبارة عن نقاط ارتكاز، واحدة في ميناء طرطوس البحري، والثانية جوية في حميميم... أود لفت انتباهكم أنني لم أطلق على نقاط الارتكاز تلك تسميات أخرى، لم أسمها قواعد".

الآن وبعد خمس سنوات، تُقر وسائل الإعلام الحكومية الروسية، أن "نقاط الارتكاز" تلك التي رفض بوتين تسميتها "قواعد عسكرية روسية في سوريا"، تحولت -لا سيما القاعدة الجوية في حميميم- إلى "حصن" روسي على المتوسط، و"مدينة مستقلة ذاتيا" على الأراضي السورية، خاضعة تماما للسيادة الروسية.

اقرأ أيضاً: قاعدة حميميم.. مركز الثقل الروسي في سوريا وشاهد على إذلال الأسد

"تمتلك عدة مستويات من الدفاعات الجوية، وأكثر من طوق أمني في محيطها، تقنيات ومنشآت حديثة، مدينة عسكرية مجهزة"؛ هكذا وصفت وكالة الأنباء الحكومية الروسية "ريا نوفوستي" قاعدة حميميم في تقرير نشرته مؤخراً تحت عنوان "نحن هنا لفترة طويلة - إلى ماذا حولت روسيا قاعدتها في سوريا".

 

 

وقالت الوكالة إن "القاعدة أصبحت نموذجية وليس فقط بالنسبة للعسكريين الروس، بل وتسترشد دولا أجنبية بخبرة روسيا في بناء مثل تلك المرافق". ولم يفت الوكالة التذكير بأن النظام منح موسكو مساحة 8 هكتارات إضافية، أكدت أنها "ستُستخدم لبناء مركز صحي (نقاهة) للعسكريين الروس".

ويشير التقرير إلى أن القوات الروسية بدأت تشييد "قاعدة حميميم" على أساس مطار الباسل بالقرب من اللاذقية، ويوضح أن "تأهيل المطار المدني لعمل الطيران الحربي تطلب تشييد بنى تحتية جديدة، وإدخال معدات وتقنيات لعمل المدرجات، وتشييد مبان سكنية للعسكريين. ولتنفيذ هذه الأعمال نقلت روسيا مئات آلاف الأطنان من مختلف الحمولات".

ولم تعد مهام القوات الروسية عبر قاعدة حميميم تقتصر على طلعات للمقاتلات الروسية في الأجواء السورية، بل وتحولت إلى "محطة" توقف لرحلات متجهة إلى أفريقيا. هذا ما كشف عنه الخبير العسكري فيكتور موراخوفسكي، الذي قال في حديثه عن زيارة أجراها مؤخرا إلى حميميم: "المنشآت الرئيسية أُعيد بناؤها من جديد، وتم إصلاح وتوسيع المدرجات. وهي الآن قادرة على استقبال طائرات ثقيلة، حتى القاذفات الاستراتيجية".

وأضاف: "وليس أقل أهمية أن حميميم تُستخدم بمنزلة محطة توقف مؤقت، للرحلات إلى مناطق أخرى في العالم، إلى أفريقيا على سبيل المثال". وإذ لم يوضح الخبير الروسي طبيعة تلك "الرحلات إلى أفريقيا" إلا أن الحديث يدور على ما يبدو عن رحلات جوية إلى ليبيا أشارت لها وسائل إعلام، وقالت إن روسيا قامت خلالها بنقل عتاد لدعم الجنرال خليفة حفتر، فضلا عن نقل مرتزقة من مناطق النظام إلى ليبيا لدعمه، عبر رحلات جوية من حميميم، وفق ما ذكرت تقارير إعلامية.

 

 

للحديث عن الإجراءات الأمنية ومنظومة حماية قاعدة حميميم، خصصت الوكالة في تقريرها فقرة بعنوان "الحصن المنيع"، أشارت فيه إلى نشر منظومات دفاع جوي متنوعة، بينها "إس-300" و "إس-400"، و"بانتسير" و "تور إم"، لتقول إن هذه المنظومات معا قادرة على تدمير أي هدف معادٍ، حتى الدرونات والقذائف، على بعد 250 كم عن القاعدة.

أما منظومة ضمان أمنها عبر البر، فهي عبارة عن حزامين أو طوقين، واحد خارجي، تنتشر فيه وحدات من قوات النظام إلى جانب عسكريين روس، وداخلي متاخم لحدود القاعدة، تنتشر فيه قوات روسية فقط، ولا يسمح للسوريين بدخوله، وهو ما أكده موراخوفسكي، حين قال إنه "لا يُسمح للأجانب بدخول الطوق الداخلي".

 

5ace8e0d146e7123008b4621.jpeg
منظومات S-400 الروسية في قاعدة حميميم (إنترنت)

 

ويبدو أن الروس لا يثقون بالسلطات السورية حتى في موضوع تزويد العسكريين الروس في القاعدة بالمواد الغذائية. إذ يؤكد موراخوفسكي أنه "تمت تهيئة ظروف مريحة للغاية في القاعدة من وجهة نظر الدعم اللوجستي"، ويقول إن "العسكريين الروس يتناولون بشكل رئيسي وجبات طعام من منتجات مستوردة"، أي يتم إحضارها من روسيا، أما المواد الغذائية المحلية "تتم إضافتها إلى وجبات الطعام، لكن تحت رقابة صحية صارمة" على حد قوله.

 

 

وأشار الخبير الروسي إلى "قطعة أرض جديدة خصصتها الحكومة السورية لروسيا في اللاذقية" ورجح أنها "ستكون مخصصة في المقام الأول لبناء مجمع صحي طبي". وفي روسيا يطلق هذا الوصف غالباً على المنتجعات السياحية التي تجمع بين الاستجمام والرعاية الصحية. وبعد وصفه ساحل اللاذقية بأنه "جنة" وأن "السياح يتوافدون عليه حتى من الإمارات العربية"، قال إن "السكان المحليين على الأرجح لن يتمكنوا من الإقامة في ذلك المجمع، إذ لديهم كل الفرص لقضاء العطلة على الشاطئ"، وأن المجمع "سيكون مخصصا للعسكريين الروس فقط".