icon
التغطية الحية

حزن يتفشى.. طفل من بين كل ثلاثة ما يزال مشرداً بسبب الزلزال

2024.02.06 | 12:30 دمشق

dvd
مخيم لمتضرري الزلزال في ولاية هاتاي التركية - رويترز
Save the Children- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

خسر طفل واحد من بين كل ثلاثة أطفال بيته في الزلزالين المدمرين اللذين ضربا تركيا وسوريا قبل عام، وما يزال هؤلاء يعيشون في مراكز إيواء مؤقتة، في حين يعاني الأطفال في كل من تركيا وسوريا من القلق وغيره من الأمراض النفسية منذ وقوع الكارثة وذلك بحسب منظمة "أنقذوا الأطفال".

خلّف الزلزالان المدمران اللذان وقعا في شهر شباط الماضي وما أعقبهما من هزات ارتدادية في تركيا سوريا أكثر من 56 ألف قتيل، وشردا الملايين وتضرر بسببهما نحو 6.2 ملايين طفل.

ففي تركيا اضطر 2.4 مليون شخص تقريباً، بينهم 660 ألف طفل إلى النزوح من منازلهم والعيش في مساكن مؤقتة سواء في الخيام أو في غرف ضيقة بالكاد تتسع لسيارة. وبعد مرور عام على الكارثة، ينتظر أكثر من 761 ألف إنسان بينهم 205 آلاف طفل العودة إلى بيوتهم.

في الوقت الذي تحاول فيه السلطات التركية أن تنقل الناس إلى مناطق سكنية رسمية، ما يزال نحو نصف النازحين البالغ عددهم 355 ألفاً يعيشون في أماكن نزوح غير رسمية وغير منظمة تضم خياماً وغرفاً صغيرة مصنوعة من البلاستيك والمعادن، وهي صغيرة جداً لدرجة أن مساحتها لا تتجاوز 3x7 أمتار

أما في سوريا، فإن الأطفال الذين نجوا من الزلزال يواجهون اليوم أزمة اقتصادية وتصعيداً في النزاع، إلى جانب الدمار الذي لحق بالمدارس والمراكز الصحية، ولهذا حرم الآلاف منهم من المأوى والغذاء، ناهيك عن تعليق معظم المساعدات التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي للمناطق المتضررة بسبب الزلزال.

 

الحزن المتفشي بين الأطفال

يعاني الأطفال أيضاً في فهم كل ما حصل بسبب التأقلم مع الواقع الذي عليهم تحمله، إذ بعد وقوع الزلزال، ذكر 85% من الأطفال الذين أصيبوا بإعاقات في سوريا أنهم يعانون من مصاعب في التفاعل مع أهلهم وأصدقائهم ومعلميهم وغير هؤلاء وذلك بسبب التجربة التي تعرضوا لها عند وقوع الزلزالين.

ثم إن 70% من المشاركين في دراسة شملت خمس مناطق سورية يسيطر عليها النظام تحدثوا عن الحزن الذي تفشى بين الأطفال، كما ذكروا بأن هنالك نحو 30% من الأطفال صاروا يعانون من الكوابيس وصعوبة الخلود إلى النوم وذلك بحسب التقييم الذي أجرته منظمة أنقذوا الأطفال.

وفي أربع مناطق متضررة من الزلزال في تركيا، تحدث نصف الأهالي (أي نحو 51%) عن تغيرات طرأت على نفوس أطفالهم وسلوكياتهم عقب الزلزالين، وقد أظهر 49% من هؤلاء الأطفال مؤشرات تدل على أنهم مصابون بالقلق، في حين أبدى 21% منهم سلوكاً عدوانياً، وذلك بحسب المسح الذي أجرته منظمة أنقذوا الأطفال.

تحدثنا أصلي البالغة من العمر تسع سنوات، والمقيمة مع أهلها في خيمة بالقرب من أديامان بتركيا، فتقول: "عمري تسع سنوات، أعيش في خيمة مع أمي وأبي، فقد وقع الزلزال ودُمر بيتنا... في بعض الأحيان تصبح الخيمة دافئة جداً أو باردة جداً.. وهذا ما يجعلها سيئة، كما أن الحمامات أقيمت في الخارج، ولهذا أريد أن أعود لبيتي، وأتمنى لو لم يمت جدي وجدتي".

اكتشف التقييم الذي أجرته منظمة أنقذوا الأطفال أن 60% من العائلات التي تعيش في مناطق نزوح رسمية وغير رسمية في تركيا يعانون في تأمين المواد الصحية الأساسية، إذ ذكر من يعيشون في الأحياء الأربعة الموجودة ضمن مناطق نزوح غير رسمية بأنهم ليس لديهم ما يكفي من الماء وذلك بحسب ما أوردته هيئة الأمم المتحدة.

في الوقت الذي تمكن فيه معظم النازحين من إرسال أولادهم إلى المدرسة من جديد في تركيا، عانى 30% من الأهالي بسبب التكاليف المترتبة على ذلك، وذلك بحسب تحليل أجرته منظمة الصحة العالمية.

90% من الشعب السوري بحاجة لمساعدة

زاد خلال هذا العام في سوريا عدد من أضحوا بحاجة لمساعدات إنسانية بنحو 1.5 مليون نسمة، و45% منهم أطفال، وهذا يعني أن المجموع 16.7 مليون نسمة، أي تقريباً 90% من السكان أضحوا اليوم بحاجة للمساعدات وتعتبر هذه النسبة الأعلى منذ بدء الحرب في سوريا قبل 13 عاماً.

اضطر معظم الأطفال في سوريا إلى النزوح من بيوتهم لأكثر من مرة في معظم الأحيان، ولهذا يعيش الآلاف منهم في خيام مؤقتة ومخيمات للنازحين برفقة ذويهم الذين يكافحون حتى يؤمنوا لهم ما يكفي من طعام ومياه نظيفة وملابس تدفئهم.

 

تخبرنا مرح التي تبلغ من العمر 12 عاماً وتعيش في مخيم في الشمال السوري بعدما نزحت في البداية بسبب النزاع ثم بسبب الزلزالين، فتقول: "هربنا من القصف والقذائف والزلازل، فقد تدمرت المدرسة.. بسبب الزلزالين والقصف، ولم يعد هنالك أي نور، بل ساد الظلام، ولم يعد بمقدورنا أن نرى السبورة.. ثم إنها تسقط كلما كتب المعلم عليها شيئاً، أي إنها تحولت إلى مكان مريع".

بعد مرور سنة عليها بلا مدرسة، تمكنت مرح من أن تتسجل في مدرسة تدعمها منظمة شريكة لمنظمة أنقذوا الأطفال، وعن ذلك تقول: "أصبح الوضع أحسن الآن لأنني أدرس وأخرج مع أصدقائي، وأتعلم، إذ بسبب الزلزال والقصف توقفت عن الدراسة وعن الذهاب إلى المدرسة طوال عام تقريباً".

لا مؤشرات على التعافي في سوريا

أما رشا محرز المديرة الإقليمية لمنظمة أنقذوا الأطفال في سوريا، فتقول: "تحارب سوريا أزمة وراء أزمة، إذ أتى الزلزال عقب النزاع، وهنالك الأزمة الاقتصادية، والآن أصبح عدد المحتاجين الذين ينبغي علينا أن ندعمهم كبيراً جداً، ولا توجد أية مؤشرات على التعافي حتى الآن، ولهذا فإننا بحاجة ماسة لمزيد من التمويل حتى نؤمن احتياجات الأطفال، بيد أن التمويل وحده لم يعد يفي بالغرض، إذ عاماً إثر آخر، أصبحنا نرى الوضع الإنساني يتدهور إلى مستويات متدنية جديدة، ولهذا ينبغي علينا أن نحشد جهودنا من جديد لندعم الأطفال هم وعائلاتهم على إعادة بناء ما خسروه، وعلى العيش بسلام وأمان".

حياة الأطفال لم تعد كما كانت

أما ساشا إيكاناياكي، وهي المديرة الإقليمية لمنظمة أنقذوا الأطفال في تركيا، فتقول: "لم يعد الحديث عن الزلزال يتصدر عناوين الصحف والأخبار، إلا أن آثاره ما تزال ملموسة هنا في تركيا، لكننا على طريق التعافي، غير أن الواقع يكشف بأن هنالك طفلا واحدا من بين كل ثلاثة أطفال تضرروا بسبب الزلزال ما يزالون يعيشون في خيام ومستوعبات ضيقة وصغيرة للغاية، ثم إن ما تدمر ليس المساكن فحسب، بل الحياة كما كان يراها هؤلاء الأطفال، ولهذا تعمل منظمة أنقذوا الأطفال بجد بالتعاون مع السلطات المحلية على دعم الأطفال ليواصلوا تعليمهم وليحصلوا على الخدمات الأساسية، لكن الاحتياجات ما تزال عالية، ولذلك ينبغي على المجتمع الدولي ألا ينسى تركيا".

هذا وتعمل منظمة أنقذوا الأطفال في تركيا منذ عام 2013، لذا عندما ضرب الزلزال هذا البلد، كانت هذه المنظمة من أوائل المنظمات التي قدمت الألبسة والمياه والأغذية للعائلات المتضررة، كما تعاونت مع ثماني منظمات شريكة في تركيا لدعم أكثر من 317 ألف نسمة. وقدمت مساحات آمنة للتعليم، ولوازم مدرسية وتدريباً للمعلمين حتى يساعدوا الأطفال على مواصلة تعليمهم، وبنت بيوتاً وقدمت الدعم النفسي ووزعت اللوازم الأساسية على الناس.

بقيت منظمة أنقذوا الأطفال تدعم الأطفال في سوريا منذ عام 2012، كما أنها تساعد النازحين بسبب استمرار النزاع والأزمة الاقتصادية، وقد كانت على استعداد لتقديم الاستجابة للزلزال في غضون 48 ساعة، إذ بدأت بتزويد الناس بالمراتب (الفُرُش) والألبسة والأغذية ووقود التدفئة في ظل الشتاء القارس. وبفضل شبكة المنظمات الشريكة التي تتعاون مع منظمة أنقذوا الأطفال في شمال غربي سوريا، تمكنت المنظمة من أن توسع وبشكل سريع من إمكانيات توفير المأوى الآمن وتقديم مزيد من المواد الأساسية والدعم النفسي لمعظم الفئات المهمشة والأطفال الذي يعانون من ضعف شديد، وبينهم أطفال لم يرافقهم ذووهم أو انفصلوا عنهم، كما قدمت المنظمة المساعدة لـ665.900 إنسان بينهم نحو 350 ألف طفل تضرروا بسبب الزلزال.

المصدر: Save The Children