icon
التغطية الحية

"جرائم ضد الإنسانية".. سوريون يتحدثون عن الانتهاكات في سجن "المايا" الليبي

2022.01.20 | 18:30 دمشق

78fb632d4fe63dfac2fb2fc2258fede0d83a8423.jpeg
أكد أحد المهاجرين السوريين الذين خرجوا من سجن "المايا" وجود 18 طفلاً سورياً مع أمهاتهم - يورو ميد
إسطنبول - متابعات
+A
حجم الخط
-A

نقل موقع "مهاجر نيوز" عن مهاجرين سوريين خرجوا أخيراً من مركز احتجاز "المايا"، غربي العاصمة الليبية طرابلس، تحدثوا عن فظاعات ارتكبت بحقهم وبحق آخرين، وسقوط ضحايا وجرحى من دون أن يتمكن أحد من معرفة مصيرهم.

وأكد المهاجرون وجود أطفال في مركز الاحتجاز، كما شهدوا على عدة وفيات هناك، منها ما هو مرتبط بسوء التغذية أو إطلاق النار أو الضرب.

ومركز "المايا"، 27 كلم غربي طرابلس، هو سجن أو مركز احتجاز جديد نسبياً، افتتحته السلطات الليبية لاحتجاز المهاجرين الذين تعترضهم في البحر، ويشرف عليه جهاز أمني يعرف باسم "جهاز دعم الاستقرار"، شكله رئيس الوزراء السابق، فايز السراج، للمساعدة في حفظ الأمن في العاصمة، لكن مهمات الجهاز اتسعت خلال السنوات الماضية لتشمل إدارة مراكز احتجاز المهاجرين.

ووفق "مهاجر نيوز"، أكدت مفوضية اللاجئين في ليبيا علمها بوجود ذلك السجن، وأن نحو ثلاثة آلاف مهاجر محتجزون داخله، لكنها قالت إنه لا يقع ضمن نطاق صلاحياتها، كونه لا يدار من قبل جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية.

تعذيب وأمراض وحرمان من الطعام والعلاج

أحمد، أحد المهاجرين السوريين الذين وصلوا إلى ليبيا مطلع تشرين الأول الماضي بهدف عبور البحر المتوسط للوصول إلى أوروبا، اعتقلته السلطات الليبية، وأمضى ثلاثة أشهر في سجن "المايا" وخرج قبل نحو ثلاثة أسابيع.

يقول إنه "منذ اللحظة الأولى لدخول السجن بدأ التعذيب"، مضيفاً "لم يسمحوا لنا بالتواصل مع أحد، حتى مع أهالينا، وكانوا يقولون لنا إن خروجنا من هناك مرهون بزيارة السفارة أو أي من المنظمات الدولية التي يمكن أن تكفلنا".

وأوضح المهاجر السوري أن القائمين على السجن عرضوا عليه، مع مهاجرين آخرين، دفع المال مقابل إطلاق سراحه، وبشرط أن يتم التواصل مع الأهالي عبر سمسار وليس عبر المهاجرين أنفسهم، مشيراً إلى أن "العذاب النفسي لنا ولأهلنا كان شديداً، والآن خرجت من ذلك السجن وأريد للعالم أن يعرف ما الذي حصل معنا هناك".

ووفق أحمد فإن "الظروف الصحية معدومة داخل السجن، والمراحيض غير صالحة للاستخدام، وتفيض معظم الأوقات على المعتقلين، كما أن الجرب والأمراض الصدرية، خاصة السل، منتشر بين المهاجرين".

وأشار إلى أن "السعال شائع جداً في العنبر الذي كنا فيه، معظمهم كان يبصق دماً بعد السعال، أما الجرب فحدث ولا حرج، يمكنك مشاهدة العفن يحيط بالبقع الجلدية المصابة".

وعن طعام المعتقلين داخل السجن، قال أحمد إن القائمين على السجن "كانوا يعطوننا خبزة وقطع جبن في الصباح فقط، جميع الموجودين هناك خسروا الكثير من أوزانهم، بعضهم باتت عظامهم ناتئة من تحت جلدهم"، مضيفاً أن "الرعاية الصحية شبه معدومة، إلا للحالات القصوى كالجروح والكسور، أما باقي الحالات فلا أمل لها بالعلاج".

وأكد أحمد على أنه "لا يمكن أن يكون الجهاز المشرف على ذلك السجن جهازاً نظامياً، بينهم أطفال بالكاد يبلغون 15 عاماً، كانوا يقتحمون العنبر وبأيديهم أسلحة، يضربون ويعذبون ويشتمون من دون أن يكون لديهم أي رادع"، مشيراً إلى أنه "كان بينهم أشخاص من جنوب السودان ومصريون، كانوا جميعاً يتفننون بضربنا".

18 طفلاً سورياً مع أمهاتهم

ووفق ما أكد عدد من المهاجرين الذين خرجوا من ذلك السجن لموقع "مهاجر نيوز"، فإن عدة حالات وفيات وقعت هناك، كانت إحداها لرضيع من أم أفريقية، توفي بعد ولادته بساعات نتيجة البرد وانعدام البنى التحتية في السجن، واستمرت المأساة مع وفاة الأم بعده بأيام، نتيجة الإهمال وسوء التغذية.

عبد الله، أحد المهاجرين السوريين الذين خرجوا من سجن "المايا" الأسبوع الماضي، أكد لموقع "مهاجر نيوز" وجود أطفال هناك، بينهم 18 طفلاً سورياً مع أمهاتهم، و28 امرأة مغاربية، وأكثر من 200 طفل وامرأة من أصول أفريقية، موضحاً أنهم "جميعهم محتجزون في عنبر آخر، لكننا نسمع أصواتهم وصراخهم وبكاء الأطفال واستجداء الأمهات للحصول على بعض الطعام للصغار".

أمضى عبد الله نحو ثلاثة أشهر في سجن "المايا"، وشهد وفاة طفل وأمه، كما شهد وفاة مهاجر مصري قبل خروجه بيوم واحد، موضحاً "نحاول أن نقدم للمتوفين جميع المراسم والشعائر المناسبة، كنا نصلي عليهم ثم يأتي المسلحون ويأخذون الجثث، لا أعلم إلى أين".

وفيات متعددة

كما شهد عبد الله، الذي جاء من لبنان قبل إلقاء القبض عليه ووضعه في سجن "المايا"، على ضرب مجموعة من المهاجرين الأفارقة بشكل مبرح، مشيراً إلى أنهم "حاولوا الهرب، لكن أمسك بهم المسلحون وبدؤوا بضربهم بقضبان حديدية، قتل أحد المهاجرين على الفور، في حين تم نقل أربعة إلى المستشفى وهم بحالة حرجة جداً".

من جانبه، شهد المهاجر السوري أحمد على حادثة إطلاق نار باتجاه مجموعة من المهاجرين الأفارقة، موضحاً "حاولوا الهرب أيضاً، فأطلق المسلحون النار عليهم بشكل مباشر، قتل سبعة منهم وأصيب 12 آخرون، تركوا الجرحى على الأرض ينزفون ومنعونا من مشاهدة ما حصل بعد ذلك، ولا أعلم إلى أين أخذوهم".

ووفق رواية المهاجرين الذين خرجوا من ذلك السجن أخيراً، فإن حالات الوفاة متعددة هناك، معظمها مرتبط بسوء التغذية، وهذا إن تم التثبت منه يشكل إنذاراً حقيقياً حيال الأوضاع المأساوية التي يعيشها المهاجرون في تلك المراكز، خاصة التي لا يمكن لمفوضية اللاجئين أو أي منظمة أخرى زيارتها، وفق "مهاجر نيوز".

دعوات لإدانة الدول الداعمة لخفر السواحل الليبي

من جانب آخر، دعت ثلاث منظمات حقوقية أوروبية غير حكومية "المحكمة الجنائية الدولية" في لاهاي لإدانة الدول الأوروبية الداعمة لخفر السواحل الليبي، مطالبة المنظمة بـ "استنكار جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية" المرتكبة ضد المهاجرين المحتجزين في ليبيا، بمساهمة غير مباشرة من السلطات الإيطالية والمالطية.

وأشارت المنظمات إلى أن "التعذيب والاضطهاد والاغتصاب والاحتجاز التعسفي، والكثير من الانتهاكات الأخرى، يبدو ذكرها أمراً اعتيادياً عند الحديث عن حال المهاجرين في ليبيا، لا سيما المحتجزين منهم في سجون لمدة قد تستمر لأشهر أو سنوات".

واعتبرت المنظمات، وهي "UpRights" الهولندية و "Strali" الإيطالية و "Adala for all" الفرنسية، أن إيطاليا ومالطا "تتحملان جزءاً من المسؤولية عن الانتهاكات المرتكبة بحق المهاجرين في ليبيا، التي يمكن تصنيفها جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، لأنها تُرتكب في أماكن احتجاز تديرها ميليشيات تخضع إلى حد ما لسيطرة حكومة طرابلس في سياق نزاع مسلح".

 

 

ودعت المنظمات إلى إجراء تحقيق، ومقاضاة جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة، والتي يمكن أن تشمل مواطنين مالطيين، مثل المسؤول الحكومي نيفيل غافا، الذي سهل عودة المهاجرين إلى ليبيا.

وأكدت المنظمات الحقوقية الأوروبية أن "الجرائم المرتكبة ضد المهاجرين وطالبي اللجوء يجب التحقيق فيها بوصفها جرائم حرب، بموجب المادة 8 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وبوصفها جرائم ضد الإنسانية بموجب المادة 7".