icon
التغطية الحية

ثلاثة أهداف للإمارات من التقارب مع النظام السوري

2021.11.11 | 16:16 دمشق

254147177_254507933382194_8982844278686427127_n.jpg
أنطاكيا - فراس فحام
+A
حجم الخط
-A

خطت الإمارات خطوة جديدة وكبيرة في طريق تطبيع العلاقات مع النظام السوري، حيث حطت طائرة وزير الخارجية "عبد الله بن زايد" يوم الثلاثاء الفائت في العاصمة دمشق، بعد مرور ثلاث سنوات كاملة على افتتاح السفارة الإماراتية في سوريا آواخر عام 2018.

وظهرت أولى المؤشرات على انعطافة إماراتية في الملف السوري، منذ أن ضغطت أبو ظبي على فصائل الجبهة الجنوبية التي دعمتها سابقاً من أجل الدخول في التسوية مع روسيا صيف 2018.

ويمكن تحديد جملة من الأهداف السياسية والاقتصادية، التي تسعى الإمارات إلى تحقيقها من خلال التقارب مع النظام السوري.

أسباب سياسية

زيارة "بن زايد" استبقت انعقاد جولة جديدة من المحادثات الاستراتيجية حول الملف السوري، بين مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي "بريت ماكغورك"، والمبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا "ألكسندر لافرنتييف"، وتتزامن مع تشدد أقل من إدارة بايدن تجاه إعادة العلاقات مع النظام السوري، حيث قدمت تساهلات في ملف العقوبات الاقتصادية على دمشق، وتغاضت عن فتح الأردن لمعبر جابر / نصيب قبل عدة أشهر، كنوع من بناء الثقة مع موسكو لدفع التفاهمات إلى الأمام، وتبدو أن عدم معارضة زيارة "بن زايد" تأتي في السياق ذاته.

ورغم إعلان وزارة الخارجية الأميركية "استياءها" من زيارة "عبد الله بن زايد"، لكنها لم تتدخل لمنعها على غرار ما فعلته في زمن إدارة "ترامب"، عندما هددت حينذاك بالعقوبات على أي دولة تنتهك "قانون قيصر".

 

 

تحاول أبو ظبي أن تستفيد من الظرف من أجل توسيع دورها في منطقة الشرق الأوسط من بوابة الوساطة في الأزمة السورية، فهي تمتلك أموالاً يمكن أن تستثمرها في إعادة الإعمار على الأراضي السورية، ويمكن لها أن تقدم للنظام السوري متنفساً اقتصادياً، وهذا يجعلها في موقف تفاوضي مع كل من واشنطن وموسكو.

ضمان دور إماراتي أوسع في سوريا، يتيح لأبو ظبي أيضاً تقوية موقفها في مواجهة بعض الدول المنافسة مثل تركيا وإيران، ويدعم صلاتها مع بلدان أخرى مثل إسرائيل، من خلال تقديم الورقة الاقتصادية للنظام السوري لدفعه باتجاه خفض تأثير إيران تدريجياً على قراره.

أسباب اقتصادية

تشير التقديرات إلى أن استثمارات الإمارات في سوريا بلغت 20 مليار دولار أميركي قبل عام 2011، مما جعلها ثاني بلد عربي من حيث حجم الاستثمارات في الاقتصاد السوري.

وموقع سوريا على البحر المتوسط يجعلها بوابة عبور مهمة إلى السوق الأوروبية، ولذلك أعلنت شركة موانئ دبي العالمية مطلع عام 2019 عن إنشاء ممر من ميناء جبل علي في دبي وصولاً إلى معبر جابر/ نصيب على الحدود الأردنية – السورية، لاختصار المسافة إلى 6 أيام بعد أن كانت تستغرق 24 يوماً.

واتجه "بن زايد" لزيارة الأردن بعد سوريا، والتقى نظيره الأردني "أيمن الصفدي"، وبحث معه تطوير العلاقات والشراكات الاقتصادية، مما يعزز احتمال نقاش تفعيل خط التصدير بين "جبل علي" و "جابر / نصيب".

ملف الطاقة

تلقت طموحات الإمارات بتوريد الطاقة (النفط والغاز) من دول الخليج إلى أوروبا عن طريق البحر المتوسط ضربة موجعة، بعد أن رفضت وزارة حماية البيئة الإسرائيلية في مطلع شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري منح الترخيص لخط نفط يربط بين الإمارات ومدينة "عسقلان" ودول أوروبا.

ويبدو أن القرار الإسرائيلي المفاجئ، دفع أبو ظبي للبحث عن بدائل من بوابة السواحل السورية، خاصة وأن الإمارات ترتبط بعلاقات إيجابية مع روسيا، الأمر الذي قد يتيح لها الاستثمار في منطقة حوض شرق المتوسط من البوابة السورية، لتصبح من ضمن موردي الطاقة إلى السوق الأوروبية التي تعاني من أزمة بسبب الاحتياجات المتزايدة للطاقة.

وفي أواخر عام 2020 انضمت الإمارات بشكل رسمي إلى منتدى غاز شرق المتوسط الذي يضم كلاً من مصر – اليونان – قبرص – الأردن – إسرائيل – إيطاليا، مما أعطى مؤشراً واضحاً على مدى الاهتمام الإماراتي في هذه البقعة الجغرافية الغنية بالغاز والنفط.

تحقيق المكاسب السابقة يفرض على الإمارات تقديم مكاسب سياسية لروسيا، حيث تكافح الأخيرة منذ مدة لتطبيع علاقات النظام السوري مع الدول العربية بهدف إعادة تعويمه دولياً، ويبدو أن أبو ظبي الطامحة لتوسيع دورها السياسي والاقتصادي في المنطقة، ثاني المستجيبين للطرح الروسي بعد الأردن.

وتبقى النتائج التي تسعى الإمارات إلى تحقيقها من تطبيع العلاقات مع النظام السوري مرتبطة بشكل أساسي بالمواقف الدولية ومستقبل التفاهمات حول الملف السوري، خاصة مدى قدرة كل من واشنطن وموسكو على التوصل إلى خطة عمل واتفاق متين حول مصير الحل السياسي النهائي، ورغبة أو قدرة موسكو على ضمان إحداث تغييرات في سلوك نظام الأسد، بما في ذلك خفض النفوذ الإيراني وتأثيره على قرار دمشق، فلا يمكن فهم الموقف الأميركي المتراخي الحالي أنه نهائي، وإنما يمكن أن تتدخل واشنطن في أي لحظة لتعطيل تنفيذ أي تفاهمات بين الإمارات وروسيا والنظام السوري في حال كانت لا تتناسب مع رؤيتها.