توقفوا عن مديح الجولاني

2023.06.16 | 07:31 دمشق

توقفوا عن مديح الجولاني
+A
حجم الخط
-A

الحديث عن الواقع الخدمي والأمني في مناطق سيطرة المعارضة الممتدة من أرياف اللاذقية وحماة وصولاً إلى ريف حلب الشرقي حديث ذو شجون، لأن الواقع محزن ومأساوي فنحن نتحدث عن مناطق خرجت عن سيطرة النظام منذ سنوات ومن المفترض أن تكون نموذجاً نتباهى به أمام العالم، وجود كتلة بشرية في منطقة يساوي عدد سكانها عدد سكان الكثير من دول العالم ومع وجود حدود ومعابر مع تركيا يعني أن هناك نافذة مهمة لأجل تصدير ما ينتج في الشمال للعالم من خلال تركيا. المقارنة بين الأوضاع الأمنية والخدماتية في إدلب ونظيرتها في شمال شرقي حلب دائما تذهب لصالح الوضع في إدلب، الحديث عن ضبط الوضع من قبل سلطة واحدة وجهة واحدة تطبق القانون وتحاسب الناس وعن جهة واحدة تقدم الخدمات بالتأكيد أفضل وهذا ما نفتقده في أرياف حلب، تحدثت سابقا عن أسباب تردي الخدمات في أرياف حلب (كيف يمكن أن يعود مليون سوري للشمال) لكن بعيدا عن الأسباب تعالوا ننظر إلى ما جرى في إدلب وكيف وصلت الأمور إلى ما هي عليه؟

المقارنة هنا كأننا ودون أن ندري نقول لقادة الجيش الحر في أيام عزه وحضوره لماذا لم تفعلوا مثل الجولاني؟ لماذا لم تقمعوا المدنيين وتنتهكوا الحرمات.. لماذا لم تمارسوا الغدر!

الجولاني وجماعته في طريقهم لإحكام سيطرتهم على إدلب فعلوا كل أنواع الجرائم والموبقات الثورية، هل يمكن أن ننسى ما فعلوه بمعرة النعمان على سبيل المثال؟ حين قمعوا المظاهرات وقتلوا المدنيين والضباط المنشقين واقتحموها بالدبابات كما فعل النظام تماماً، وحصل مثل هذا في الكثير من المدن والقرى على مدار عمر الثورة، كما كان الجولاني سيد المزاودات السلفية يكفر الجيش الحر ويدوس علم الثورة ويهاجم الديمقراطية بوصفها كفراً. لذلك فالمقارنة هنا كأننا ودون أن ندري نقول لقادة الجيش الحر في أيام عزه وحضوره لماذا لم تفعلوا مثل الجولاني؟ لماذا لم تقمعوا المدنيين وتنتهكوا الحرمات.. لماذا لم تمارسوا الغدر!

الجولاني قدم نفسه للدول كسلطة أمر واقع يمكن الاعتماد عليها والتعامل معها، حيث إنه قدم خدمات أمنية كبيرة عبر تصفية خلايا صغيرة لمهاجرين سلفيين كثر سواء بيديه أو عبر إعطائه إحداثيات وجودهم لدرونات التحالف الدولي لتتكفل بهم، وهو بهذا ضرب عصفورين بحجر واحد، تخلص منهم كمنافسين محتملين وقدم أوراق اعتماده للدول المؤثرة والموجودة في السماء والأراضي السورية الممزقة. وتغير خطابه السلفي التكفيري بشكل كبير لدرجة تبني علم الثورة والحديث باسم الثورة وكأنه واحد من أبنائها الذين ضحوا لأجلها. توقف العمليات العسكرية الواسعة في السنوات الأخيرة بعد التفاهمات الدولية منح الجولاني وجماعته فرصة لإحكام قبضتهم على الاقتصاد الناشئ في مناطقهم حيث أسسوا الكثير من الشركات التي تسيطر فعليا على موارد المنطقة وتتحكم بتجارتها وإن بأسماء وواجهات وهمية لكن من يعرف الوضع في الداخل يدرك أن كل شيء تحت سيطرتهم. هذا التحكم عمل وفرة مالية جيدة لأجل تنفيذ بعض المشاريع الخدمية كالطرقات والتوسع العمراني لمنطقة استقبلت مئات الآلاف من المهجرين قسرياً مما جعل المقارنة مع أرياف حلب تنتهي دائما لصالح مناطق الجولاني، وهي صحيحة إلى حد ما لكن ما لا يجب أن ننساه جميعا هو ماضي هذه الجماعة ونشأتها، هذا فخ يجب أن نبتعد عنه لأجل مستقبل مناطقنا ومستقبل الثورة.

مؤخراً كثر الحديث عن تواصل جماعة الجولاني مع جماعة مظلوم عبدي في منطقة الجزيرة السورية وظاهر هذا التواصل تنسيق اقتصادي لكنه قد يتحول لاحقاً إلى تنسيق أمني وهذا يعني أن الجولاني بدأ اللعب بالنار

هناك خيط رفيع بين رفض كل قوى الثورة لشيطنة إدلب ووصفها بالإرهاب كما يفعل إعلام نظام الأسد ومعه الإعلام الروسي والإيراني وبين الترويج لحسن إدارة الجولاني للمدينة، الجولاني ونتيجة لتوقف العمل العسكري بات يحاول التمدد خارج مناطقه وحاول بالفعل أن يدخل ريف حلب الشمالي بعد أن قام بالاعتداء على المنطقة قبل أشهر ولكن محاولته فشلت فشلاً ذريعاً نتيجة الرفض الشعبي له ونتيجة المواجهة العسكرية مع الفصائل وأيضاً تدخل الجيش التركي والذي رفض أن يكون الجولاني موجوداً في اعزاز، مؤخراً كثر الحديث عن تواصل جماعة الجولاني مع جماعة مظلوم عبدي في منطقة الجزيرة السورية وظاهر هذا التواصل تنسيق اقتصادي لكنه قد يتحول لاحقاً إلى تنسيق أمني وهذا يعني أن الجولاني بدأ اللعب بالنار. لأن جماعته هشة أكثر مما يتوقعه البعض وكل مظاهر القوة هذه مجرد فقاعة قد تتبخر نتيجة اقتتال - صراع داخلي ضمن الدائرة الضيقة أو أن مسيرة تريد أن تمارس هوايتها باصطياد الخارجين عن القانون.. أيهما أقرب؟