icon
التغطية الحية

"تكريزة" رمضان في برلين.. عادة رمضانية تخفف مرارة الغربة

2022.03.30 | 06:39 دمشق

5555.jpg
شارع العرب في وسط العاصمة الألمانية برلين (تعديل: تلفزيون سوريا)
برلين ـ سامي جمعة
+A
حجم الخط
-A

يحل شهر رمضان المبارك هذا العام على المسلمين في ألمانيا بحلّة مختلفة عما كان عليه بالعامين المنصرمين، بعد تخفيف السلطات قيود وباء فيروس كورونا (كوفيد-19)، التي غيبت أجواء وعادات استقبال الشهر الكريم بسبب التباعد الاجتماعي وحالات الإغلاق المتكررة ومنع التجمع داخل المنزل الواحد إلا لعدد محدود من الضيوف وبشروط خاصة.

 ويزدحم شارع العرب وسط برلين، قبيل شهر رمضان هذا العام، بالمتسوّقين وبما لذ وطاب من الأطعمة والحلويات والمأكولات بمختلف أشكالها وأصنافها وألوانها.

أبو محمود القادم من بلدة حوش عرب في القلمون، يقول لـ “تلفزيون سوريا"، كانت أجواء رمضان والعادات الاجتماعية تخفف عنا الكثير من آلام وصعوبات الغربة، معتبراً أنها "جزء من أساسيات حياتنا".

وأضاف، أن تفشي فيروس كورونا حرمنا من التجمعات العائلية ومع الأصدقاء، وشهر رمضان هو شهر اللّمة العائلية، وأنا اليوم في شارع العرب لشراء حاجات "تكريزة رمضان" على أن يتبعها زيارة تسوق قبل بدء الشهر الفضيل".

و"التكريزة" كما يصفها أبو محمود هي رحلة يقوم بها الأقارب والأصدقاء والجيران إلى الحدائق العامة، وهي أشبه بـ "سيران" جماعي مع تحضير مختلف أنواع الأطعمة والمأكولات، وذلك لصعوبة التجمع خلال رمضان، لأن العبادات تأخذ الحيز الأكبر من الوقت.

ويضيف أبو محمود أن التكريزة تبدأ في النهار وغالباً ما تجتمع العوائل في حدائق برلين الكبرى مثل حديقة “treptower park"، أو في حديقة “gesundbrunnen park" وتنتهي قبل المغيب بالعودة إلى منازلهم.

يجتمع في هذه النزهة الأقارب جميعهم أو تقتصر على الأسرة الصغيرة، كنوع من المحافظة على تقاليد الآباء والأجداد في سوريا، وللتأكيد على صلة الرحم والقربى كعادة مقدسة وتزداد أهميته في بلاد الاغتراب أكثر منه في البلد، على حد تعبير اللاجئ السوري.

الحلويات تتربع على عرش الموائد الرمضانية

في شارع العرب في حي "Sonnenallee Neukölln" تفوح روائح السمن العربي، إضافة إلى روائح الخبز الساخن والتوابل المختلفة ودخان الأراجيل، ولكن لمحال الحلويات الشرقية النصيب الأكبر من الروائح الزكية وطريقة عرض الحلويات على الواجهات تجعل منها تحفة فنية وتشد الزبائن لشراء ما لذ وطلب، وكما قال محمد القادم من مدينة تل أبيض في الرقة "العين تأكل قبل الفم".

ويقول محمد، الذي يعمل في أحد محال الحلويات الشهيرة في برلين، على الرغم من ارتفاع أسعار الحلويات مع بدء الحرب في أوكرانيا، بسبب غلاء المواد الأولية، فإن ذلك لم يؤثر كثيرا على حجم المبيعات مقارنة مع مبيعات الأعوام السابقة.

شارع العرب في برلين (تلفزيون سوريا، مواقع التواصل)

 

وأضاف في حديثه لـ "تلفزيون سوريا" أن الناس تتوق للتقاليد الرمضانية حتى تشعر وكأنها في سوريا.

وأشار إلى أن محال الحلويات الشرقية تعتمد بشكل رئيس على المكسرات كـ“الفستق الحلبي واللوز والجوز والصنوبر" والمحشية بأشهى أنواع الجبن والقشطة، والتي يتم تحضيرها بأجود أنواع السمن البلدي مثل الوربات بالقشطة، إسوارة الست وزنود الست، والبقلاوة، وكول و شكور، والبلورية.

"تكريزة" لوداع شعبان واستقبال رمضان

لكل بلد إسلامي تقاليده وعاداته الخاصة في استقبال شهر رمضان المبارك فالعادات في بلاد الشام تختلف عنها في مصر أو بلدان الخليج العربي أو تركيا، ويصف محمد العادات في مدينة دمشق حيث كان يعمل في أحد محال الحلويات في حي الميدان وسط دمشق أنه كان لمدينة دمشق تقليد خاص بها أطلق عليه اسم "تكريزة رمضان".

وبحسب محمد فإن هذا التقليد انتشر في بعض المدن السورية الأخرى أيضاً، وهي عادة متبعة لدى معظم الأسر السورية، حيث يقومون بها لتوديع شهر شعبان واستقبال شهر رمضان بفرح وسرور واجتماع الأقارب والمعارف.

ويقول اللاجئ السوري إن "التكريزة" في سوريا عبارة عن نزهة جماعية يتم فيها تحضير وتناول مختلف أنواع الأطعمة، ويمارس الرجال الألعاب الشعبية قبل أن ينصرفوا في رمضان للعبادة من صلاة التراويح والنوافل وترتيل القرآن الكريم.

ويشير المؤرخ للتقاليد الشامية، منير كيال، في كتاب "يا شام" الصادر عام 1984 أن "من عادات الدماشقة القيام بما يسمى "تَكْريزة رمضان"، حيث يقومون قبل حلول شهر رمضان بيوم أو بيومين بسيارين (نزهات) الغوطة الشرقية أو مناطق الربوة والشادروان والمقسم والمنشار والغياض".

ويذكر المؤرخ أن الشباب يتحلقون حول شاب تبرع بوصلة غناء من الميجانا أو العتابا وأبو الزلف، وبعض المنولوجات الشعبية.