icon
التغطية الحية

تقرير للخارجية الأميركية: الأسد يسعى لتقويض لبنان

2020.12.03 | 16:23 دمشق

rzjoi.jpeg
فورين بوليسي- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

أعربت إدارة ترامب عن قلقها تجاه نظام بشار الأسد الذي يسعى لتقويض الجارة لبنان عبر رفع أسعار تصريف العملات مقابل العملة اللبنانية الضعيفة، إلى جانب زيادة الهيمنة على الحكومة اللبنانية الهشة من خلال حزب الله الذي تدعمه إيران، وذلك بحسب ما خلصت إليه وزارة الخارجية الأميركية وأطلعت الكونغرس عليه في هذا الصيف ثم اطلعت مجلة فورين بوليسي على كل ذلك.

إذ تحت ضغط العقوبات الأميركية والدولية التي فرضت بسبب انتهاكات حقوق الإنسان واستخدام السلاح الكيماوي خلال الحرب السورية التي امتدت لعقد من الزمان تقريباً، ظل نظام الأسد يعتمد على تجيير الأموال من النظام المصرفي اللبناني لصالحه، وتهريب النقد عبر الحدود إلى جانب تهريب الوقود والطحين والقمح حسبما ذكر خبراء، إذ كل تلك المواد يصعب على السلطات اللبنانية منع تهريبها إلى سوريا.

وقد ورد في ذلك التقرير ما يلي: "يواصل نظام الأسد ممارسة نفوذه داخل الحكومة اللبنانية من خلال حزب الله وغيره من الحلفاء السياسيين وذلك لتقويض استقلال لبنان وسيادته. وهذه الهيمنة تهدد استقرار لبنان إلى حد كبير. كما أسهم نظام الأسد بالانهيار الاقتصادي الذي شهده لبنان مؤخراً، وذلك عبر محاولته سحب أكبر قدر ممكن من العملات الأجنبية من السوق اللبنانية، مما جعل الدولار عملة نادرة في لبنان، وأدى ذلك إلى ارتفاع سعر الصرف مقابل الليرة اللبنانية".

فقد شهدت العملة اللبنانية انخفاضاً بقيمتها بنسبة 80% خلال العام المنصرم، وأدى ذلك الهبوط إلى دفع كثير من العمال المهرة وعلى رأسهم الأطباء إلى الرحيل عن البلد.

وحول ذلك يخبرنا السيد نيكولاس هيراس مدير العلاقات الحكومية لدى معهد دراسات الحرب بواشنطن فيقول: "لم يعد الأمر سراً، فالأسد يشير إلى لبنان وإلى النظام المالي اللبناني صراحة ويصفه برئة سوريا. وعندما بدأ الاقتصاد اللبناني فعلياً بالسقوط الحر خلال العام الماضي، أثر ذلك حقاً على قدرة النظام بالحصول على الاحتياطي الخاص به بالقطع الأجنبي".

ولقد حافظ الأسد أيضاً على علاقات وطيدة مع سليمان فرنجية زعيم تيار المردة في لبنان، والذي شغل مقعدين في الحكومة السابقة.

وقبل انتشار الاحتجاجات التي أسقطت الحكومة السابقة في العام المنصرم؛ تعهد رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري بالنأي بلبنان عن الحرب السورية، ذلك النزاع الذي امتد قرابة عقد كامل منذ بداية الربيع العربي في عام 2011.

ثم تم اختيار الحريري لتشكيل حكومة في شهر تشرين الأول الماضي، أي بعد أشهر فقط من استقالة الحكومة السابقة عقب انفجار مرفأ بيروت المدمر الذي تسبب بمقتل مئتي شخص، ولكن الحريري لم ينجح في التعامل مع السياسات الطائفية الحساسة في لبنان، كما أن التفجير لا بد أن يجبر السلطات اللبنانية على إعادة إعمار المرفأ المدمر، في الوقت الذي ما تزال فيه البلاد تعتمد بشكل كبير على الواردات، والبعض يخشى أن يتسبب ذلك بزيادة الضغط على الحكومة لتقوم بطرد أكثر من 1.5 مليون لاجئ موجودين في البلاد، معظمهم نزحوا بسبب النزاع السوري.

وحول هذه النقطة يعلق معاون لأحد أعضاء مجلس الشيوخ بالقول: "قد يكون من الأسهل بالنسبة لبعض السياسيين في لبنان أن يتهموا اللاجئين السوريين بالأزمة الاقتصادية وأن يبدؤوا بالضغط على الناس للعودة فقد كان ذلك أمراً مثيراً للقلق منذ مدة طويلة. إذ كلما زادت الأوضاع في لبنان سوءاً، أصبحت تلك المخاوف أكثر واقعية".

أما الأسد الذي يواجه ضغوطات بسبب العقوبات الأميركية، ويحاول أن يعزز ما تبقى له في ساحة المعركة بسوريا، فقد اتخذ الموقف المعاكس فيما يتصل بالتدخل في لبنان. وهنا تخبرنا حنين غدار وهي عضو في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى فتقول بأن نقص السلع الأساسية ومنها الأدوية سمح لسوريا وإيران بإغراق الأسواق بمنتجاتهما.

وتضيف: "كلما ضعفت قدرة لبنان على الاستيراد، زاد وجود حزب الله في المؤسسات اللبنانية وأصبحت تلك السوق الموازية أقوى. ولابد لإيران وسوريا من أن تستفيدا من كل هذا".

بيد أن إدارة ترامب بموجب حملة الضغوطات القصوى إلى جانب الضغوطات العسكرية والاقتصادية المفروضة على إيران، بدأت بتصنيف جهات ونواب لبنانيين مرتبطين بحزب الله ضمن قائمة العقوبات التي ظهرت خلال العام الماضي، بينهم جمّال ترست بنك.

 وفي تلك الأثناء أصبحت التوقعات الاقتصادية في لبنان أسوأ، وذلك مع هبوط معدل نمو ناتج الدخل القومي في لبنان بحسب تصنيف البنك الدولي إلى حوالي -19% خلال هذا العام. وقد أنحى بنك التنمية باللائمة على السلطات اللبنانية لعدم قيامها بإصلاحات شاملة تسعى لترسيخ استقرار الاقتصاد في البلاد. وفي قمة للدعم عقدت في آب الماضي عقب انفجار بيروت، وترأسها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تم جمع حوالي 300 مليون دولار كتبرعات فورية لمساعدة الشعب اللبناني، إلا أن ماكرون الذي سيستضيف مؤتمراً إغاثياً آخر يوم الأربعاء، أشار إلى أن فرنسا لن تقدم المزيد من المساعدات المالية حتى يقوم لبنان بترتيب بيته السياسي، الأمر الذي ضاعف من الضغوطات المالية المباشرة التي يواجهها لبنان.

وحول هذه النقطة تقول السيدة حنين: "لم يعد لدى المصرف المركزي أي احتياطي، ولهذا أصبحت إيداعات الناس هي التي تستخدم، إذ يقومون بالانفاق من تلك الإيداعات لدعم الأدوية والوقود والقمح. بيد أن تلك الأموال ستنفد من المصرف المركزي في نهاية الأمر، ولن يعود بمقدوره حينها أن يدعم أي شيء".

لكن الضغوطات التي ترتبت على سحب العملة السورية وتلك التي فرضها المجتمع الدولي لم تحفز الحكومة اللبنانية المتهمة بالفساد منذ أمد بعيد على تغيير أساليبها بحسب ما ذكره خبراء في هذا المجال.

ولهذا تقول السيدة حنين: "إنهم يرفضون الإصلاح، فهم يعتقدون بكل غباء بأن إدارة بايدن ستأتي وتنقذهم. إلا أن المجتمع الدولي لا يستطيع أن يهب لإنقاذ لبنان بعد اليوم".

 المصدر: فورين بوليسي